الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معسكره ومر بطريقه على جماعة من تلك الجموع أسروا وعجزوا عن الهرب فبرّهم وزوّدهم. وأقام بتدمر يومين وبثّ الخيل ليتعرف أخبارهم فظفرت خيوله بمال منقطع وأقوام فصفح عنهم ورحل نحو أركة ثم نحو السخنة ثم نحو عرض والرصافة والرقة فتلقاه أهلها. ثم نحو حلب فوصل إليها يوم الجمعة لست خلون من شهر ربيع الأول من هذه السنة فقال أبو الطيب يمدحه ويذكر ما جرى: «تذكّرت ما بين العذيب وبارق» «1» .
مسير سيف الدولة إلى الدّمستق في حصن الحدث:
في جمادى الأولى من هذه السنة نهض سيف الدولة إلى الثغر لما ورد عليه من الدمستق وجيوش النصرانية قد نزلوا على حصن الحدث ونصبوا عليه مكايد، وقد أنجدهم ملكهم بأصناف العسكر من البلغر والروس والصقلب في عدد وعدد، فسار سيف الدولة من حلب فلما قرب من الحدث رحل العدو إلى حصن رعبان. وخرج أهل الحدث وأخذوا آلة سلاح العدو وأعدّوه في حصنهم، وعاد سيف الدولة إلى حلب فقال أبو الطيب «ذي المعالي فليعلون من تعالى» «2» .
أقول: ذكر العكبري أن هذه الحادثة كانت في سنة 340 وهو غلط والصواب أنها كانت في هذه السنة وهي سنة 344.
سنة 345 غزو سيف الدولة الروم:
في الحاشية المذكورة ما خلاصته:
أن سيف الدولة غزا من حلب ومعه أبو الطيب، وقد أعدّ الآلات لعبور أرسناس، فاجتاز بحصن الران ثم اجتاز بحيرة سمنين ثم بهنريط. وعبرت الروم والأرمن أرسناس وهو عظيم الجرية والبرد، فسبح الخيل حتى عبرته خلفهم إلى تل بطريق وهو مدينة لهم، فغرق جماعته وأحرق تل بطريق وقتل من وجد فيها. وأقام أياما وعقد بها سمريّات «3» ليعبر السبي
فيها ثم أقفل، فاعترضه البطريق في الدرب بالجيش، وارتفع في ذلك الوقت سحاب عظيم وجاء مطر جود «1» ، ووقع القتال تحت المطر ومع البطريق نحو ثلاثة آلاف قوس، فابتلّت أوتار القسيّ فلم تنفع فانهزم أصحابه. ثم انهزم بعد أن قاتل وأبلى، وعلقت به الخيل فجعل يحمي نفسه حتى سلم.
واتصل بسيف الدولة خبر يانس، سبط الدمستق شمشقيق البطريق، في متابعته الغارة على أطراف ديار بكر وتقديره أنه آمن ببعد سيف الدولة. فسار سيف الدولة في يوم الاثنين لأربع عشرة ليلة خلت من محرّم سنة 345 ولما وصل إلى حرّان لقيته وجوه بني نمير لائذين به وسألوه العفو عن كل شيء كان أنكره عليهم، فأجابهم إلى ذلك وتنكّب طرق الجادة وأخذ على حصن الران إلى حصن الحمة إلى حصن بارقبين، وجميعها له وفي يده، ودخل منه غازيا في يوم السبت لأربع بقين منه. وقد كان البطريق ومن تجمع إليه من البطارقة ورد الدرب للغارة على بلد آمد، فلما أشرف سيف الدولة ولّوا منهزمين ونزل سيف الدولة بشاطئ بحيرة سميساط وخيوله تركض وتأسر وتحرق وتسبي.
ثم سرى في يوم الأحد بغلامين من غلمانه إلى شط أرسناس وسار في أثرهما فنزل ضيعة تعرف بأنحى في لحف «2» حصن زياد. وعادت سريته غانمة سالمة. وبكّر فسار إلى شط أرسناس فنزل على حصن أشوان بإزاء مدينة يقال لها الأشكونية وهي مسكن البطريق وكان أخذ معه سفنا مخلّعة وأطوافا، فلما خيّم بشاطئ النهر يوم الاثنين لليلتين بقيتا من المحرم عبر بعض خيوله سابحة إلى ناحية الأشكونية فسبت وغنمت، وابتدأ بعمل السفن والأطواف ففرغ من عدّة منها في بقية يومه وباكر تعبير «3» الرجال فيها في يوم الخميس، فقصد مدينة تل البطريق فأحرقها وانكفأ إلى أخرى يقال لها أسفوان فألحقها بأختها، وشنّ الغارات في تلك الأطراف، وبلغ ذلك من الروم مبلغا عظيما وعاد إلى سواده وعسكره ظافرا غانما، ورحل يوم السبت لثلاث خلون من صفر فقصد بلدا يقال لها هورى فأحرقه وما اجتاز به من بلاد الروم وسبى وقتل.