الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونبه عليهم بأن كل من وجد في محلته واحد من هؤلاء فعليه أن يدفع للخزينة العامرة 1500 قرش. اه وفي سنة 1244 ولي حلب علي رضا باشا.
مقتل أحمد بك قطاراغاسي:
في هذه السنة (1244) قتل أحمد بك ابن إبراهيم باشا أمير الحاج ووالي حلب سابقا.
وسبب قتله أن الدولة أرادت أن تستعين به على إخضاع عصابة من المتمردين عليها في جهات أرضروم، فكلفته الشخوص إليها مع مائة وخمسين شخصا من أتباعه (على أن تكون النفقة على هذه الحملة من ماله أسوة بغيره من وجهاء البلاد العثمانية الذين كانوا في تلك الأيام يساعدون الدولة على أعدائها فيجهزون إليهم الحملات على نفقاتهم) . ولما ورد هذا التكليف على أحمد بك اعتذر بانحراف صحته وطلب المهلة ريثما تعاوده صحته، وكتب على الفور إلى أخيه مصطفى بك المقيم في استانبول- وهو صاحب رتبة (ميراخور) - كتابا يذكر له فيه خبر هذا التكليف ويستشيره بالسفر إلى أرضروم. وأرسل الكتاب مع ساع خصوصي.
فكتب إليه أخوه في جوابه يحذره فيه من هذه السفرة، ويأمره بأن يماطل بالإجابة على قدر استطاعته. وأرسل له هذا الكتاب مع ساع خاصّ استحثّه على السرعة والاستعجال. ولما وصل الساعي إلى حلب سأل عن منزل أحمد بك فقيل له: هو في الفرافرة. فلما وصل الساعي إليها وقيل له: هذه هي محلة الفرافرة، رأى رجلا عليه سيماء العظمة واقفا بباب منزل فخم يحفّ به الخدم والحشم. فلم يشك بأنه هو صاحب الكتاب فقدمه إليه فتناوله منه وأعطاه جائزته وانصرف. ثم نظر ذلك الرجل في عنوان الكتاب فإذا هو لأحمد بك مرسل إليه من أخيه مصطفى بك. ففضّ ختامه وقرأ ما فيه، وكان هذا الرجل العظيم- الذي وقع الكتاب بيده غلطا- يوسف باشا شريف زاده، الذي كان يتحين الفرص ويرقب الدوائر تدور على أحمد بك الذي كان يوسف باشا لا يشك ولا يرتاب بأنه هو ذلك الواشي الذي كان سببا لاغتيال والده نعمان أفندي، الذي أسلفنا خبر خنقه في حوادث سنة 1238 وقد ظفر الآن يوسف باشا بضالته المنشودة وأيقن بأنه قد نال أمنيته التي هي أخذ الثأر من قاتل أبيه. فأسرع إلى منزل الوالي علي رضا باشا وقدم إليه ذلك الكتاب واستحثه على تقديمه إلى حضرة السلطان ليرى رأيه في أحمد بك
وأخيه مصطفى بك. فما كان من الوالي سوى أن أرسل الكتاب مع ساع خاص إلى السلطان ولما قرأه السلطان استشاط غضبا وأصدر أمره إلى الوالي بقتل أحمد بك وتجهيز رأسه إليه بكل سرعة. ولما ورد هذا الأمر إلى الوالي كان أحمد بك متمارضا قد أقام في قصر بستان المفتي للاستشفاء بطيب هواه، ينتظر من أخيه جوابه عن كتابه وهو غافل عما خبأته له يد الأقدار.
وفي يوم الثلاثاء 27 ذي القعدة من هذه السنة أشاع الوالي أنه يقصد أن يعود أحمد بك. ثم توجه هو وأتباعه إلى بستان المفتي، وكان قد نمي خبر زيارته إلى أحمد بك، فخرج لاستقباله إلى باب القصر وتلقاه بالترحاب، وبعد أن جلس معه جلسة العائد للمريض وحادثه بلطيف عباراته ودعا له بالصحة والعافية نهض للانصراف، وتبعه أحمد بك ليشيّعه، وبينهم هو نازل على الدرج إذ أتته طلقة غدارة وتبعتها ثانية وثالثة فلم تخطىء رصاصاتهما جسمه فوقع قتيلا يتخبط بدمه. فتقدم أحد الرماة إلى جثته الهامدة وحز رأسه وبعد أن حشاه تبنا قدمه إلى الوالي الذي لم يتأخر لحظة واحدة عن إرساله إلى السلطان.
ولما وصل الرأس إلى السلطان أحضر مصطفى بك أخا المقتول وأطلعه على الكتاب وسأله عن كاتبه، فأقر بأنه خط يده، ثم أخرج له رأس أخيه وسأله: هل تعرف هذا الرأس؟
فأجاب: نعم هذا رأس أخي. وفي الحال التفت السلطان إلى الجلاد وأشار إليه بأن يقطع رأس مصطفى بك، فامتثل الأمر وقطع رأسه. ثم وضع الرأسان في كيس من البزّ ودفنا في حفرة واحدة.
وصدر أمر السلطان إلى والي حلب بمصادرة جميع أملاك الأخوين وأموالهما، وأن ينفي كل حالم من أولادهما وأتباعهما. فنفى من يصدق عليه أمر السلطان إلى جهات متعددة، ثم وضع أملاكهما في المزاد العلني فلم يرغب أحد بشرائها إما احتراما لأصحابها وإمّا تشاؤما «1» بها. وكان الحاج بكور آغا كتخدا الآتي ذكره قريبا قفل من بغداد وعزم على التوطن في حلب، وكان في الغاية القصوى من الثراء والغنى، فاشترى جميع أملاك الأخوين المومأ إليهما في حلب وخارجها. وكان من جملة تلك الأملاك الدور الكائنة في محلة الفرافرة، وهي دور عظيمة فخمة، كل دار منها تضاهي محلة لما اشتملت عليه من