الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة 1310 ه
ـ
في محرّم هذه السنة مات ولدان من أهل محلة أقيول، لأكلهما لب عجو المشمش، لسمّ يوجد فيه يقال له حامض الكيالوس. وفي صفر هذه السنة شرع بتعمير المدرسة الحلوية عن يد لجنة خصوصية بنقود مجموعة من أحكار أراضي التلل خارج باب الفرج، قرب السّهروردي. وكانت تعرف قبلا بمناشر الزبل، وهي من جملة أوقاف الحلوية التي وقفها نور الدين الشهيد، وكانت قبلا تلالا عظيمة كالجبال لا يشتريها أحد بقرش واحد.
فلما كثر الناس بحلب وانتشر الأمان خارج سورها أخذ الناس يشترون كل ذراع مربع من التلل المذكورة من متولي المدرسة بعشرين قرشا. ثم تصاعد السعر حتى بيع الذراع على طريقة التحكير الشرعية بذهبين عثمانيين، فأثرى وقف المدرسة المذكورة وكثرت عقاراته، وعمرت المدرسة ظاهرا وباطنا. ومن هذا التاريخ أخذت محلة التلل بالسعة والعمران حتى أصبحت في هذه الأيام من أجمل محلات حلب وألطفها موقعا وأغلاها قيمة.
وقد أسلفنا ذكرها في الكلام على محلة الصليبة الصغرى من الجزء الثاني.
وفي اليوم الخامس من شهر ربيع الأول حدث في سوق رأس الجسر من مدينة أنطاكية حريق أتى على 65 بناء ما بين دار ودكّان. وفيه أيضا كان ستة أشخاص من السامسونيين يشتغلن في طاحون في جهات كلّز أكلوا نباتا يعرف بالفطر فمات منهم ثلاثة. وفي رجب بوشر بتعمير مستودع لزيت البترول المعروف بالكاز في مدينة إسكندرونة. وفيها حول المكتب الإعدادي الملكي في حلب إلى ليلي فبلغت طلبته نيفا وثمانين. وفيها قبضت الحكومة على رجل يستخرج من قرية قرق مغارة (أربعين مغارة) ملح البارود فصادرته وحبسته.
وفي شعبان- المصادف شباط الرومي- حدث عدة هزات أرضية في حلب والرّها ومرعش والبستان وعينتاب والبيرة. وفيها ارتفع سعر التنباك بسبب دخوله تحت شركة الانحصار، فصار المدخنون بالماربيج يستعملون فيه بدل التنباك حب الرز وعرق السّوس، ويزعمون أنه يغني عن التنباك. فلم يقيموا على ذلك غير القليل ثم عادوا إلى التنباك.
وفي ربيع هذه السنة كانت الأمطار كثيرة غزيرة في جميع الجهات، فكبست السيول بعض المنازل في الرّها وأنطاكية وغيرهما من البلدان، وطغت المياه على سهول العمق فأغرقت كثيرا من قراه، وكان ذلك ناشئا عن ضيق مصائد السمك المبنية في نهر العاصي، المعروفة في أنطاكية باسم (داليان) . وفيه قذف بحر السويدية قرب «الجوليك» حوتا عظيما طوله- عدا رأسه- ثلاثون ذراعا معماريا، فأخذ الأرمن هناك رأسه واستخرجوا منه مقدارا عظيما من الدهن. وفيها وزعت الحكومة على بعض الزراع حب ذرة صفراء وبيضاء أحضرت من أميركا قصد تجربة محصولها فلم تنجح.
وفي صيف هذه السنة في آب منه اشتد الحر في حلب حتى صعد الزئبق في مقياس السنتغراد في الظل الشمالي إلى الدرجة الأربعين. وفيها تواردت الأخبار من الرقّة بأنه فشا في غنم بعض قراها مرض سببه دودة في كبدها تحصل من رعيها حشيشة اسمها البور.
وفيها عاد لدين الإسلام عشيرة فلجلو في قضاء بازارجق، بعد أن صارت إباحية من الطائفة المعروفة باسم قزل باش (الرأس الأحمر) . وفي يوم الثلاثاء 15 جمادى الثانية وصل إلى حلب واليا عليها الحاج عثمان باشا، وهي ولايته الثانية، وكان كسيحا يحمل بين يدي الرجال ويوضع في عربته ويحمل منها إلى محل جلوسه. وهو من أعظم وزراء الدولة عند السلطان عبد الحميد، محبوبا لديه، لأنه هو الذي سعى بقتل بطل تركيا الفتاة مدحت باشا حينما كان محبوسا في الطائف، وعثمان باشا واليا في الحجاز. وكان هذا الوالي في منتهى درجات السخاء إلا أنه أيضا كان في منتهى درجات قبول الرشوة. وفيها نقل مركز قضاء جبل سمعان إلى قرية خان تومان.