الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منع إخراج الذهب:
وفي 15 منه أعلن القائد العام على جيوش الحملة المصرية، المارشال إدمون هنري اللنبي، منع إخراج الذهب من ولايات تركيا المحتلة، وأن من خالف هذا المنع يصادر ذهبه ويجري عليه حكم القانون.
قدوم الحاكم العسكري على حلب:
يوم الأربعاء 17 منه قدم على حلب جعفر باشا حاكما عسكريا على ولاية حلب، فاستقبل على المحطة بحفاوة واحترام، وتعيّن سلفه شكري باشا حاكما عسكريا لمنطقة المدينة المنورة.
وصول الأمير فيصل إلى بيروت:
يوم الأربعاء 29 رجب سنة (1337) ، وفي 19 نيسان سنة (1919) م؛ وصل سمو الأمير الكبير فيصل إلى بيروت عائدا من أوربا، فاستقبله في بيروت وفود البلاد السورية استقبالا حافلا.
قدوم سمو الأمير فيصل إلى حلب:
وفي يوم الأربعاء 12 رمضان منها وصل الأمير فيصل إلى حلب قادما عليها من دمشق بعد عوده من أوربا، وكان خفّ لاستقباله عظماء الحلبيين والموظفين إلى أماكن بعيدة، وزينت له جادات حلب وشوارعها ونصبت له أقواس الظفر، ومشى في موكب استقباله من محطة الشام ألوف من الناس قد انقسموا إلى زمر متعددة، يسير أمام كل زمرة راية نقابة، وتعلو أصوات الجميع لسموّه بهتاف الفرح والمسرة والدعاء له بالفوز والظفر، حتى وصل إلى دار الإمارة المعدّة لنزوله في محلة العزيزية. وفي ثاني يوم من قدومه أقام لسموّه نادي العرب حفلة باهرة حضرها الجمّ الغفير من أهل حلب، وألقى خطابا مسهبا قال فيه ما صورته بالحرف الواحد:
«أيها السادة:
لقد كلّفني عند وصولي أمس بعض الأخوان أن أتكلم كلمتين تتعلق «1» بمصير
الشعب ومستقبله الذي ينبغي معرفته، ولكن ضيق الزمان والمكان أمس حال دون الكلام فأرجأته إلى هذا اليوم. وكنا نود أن يكون الكلام في غير هذا النادي الذي لم يعد إلا للعلم والأدب والخطابة الاجتماعية. إلا أنني اضطررت إلى الكلام فيه إذ لم يتيسر أوسع منه. وإنني أتشرف بالمثول بين يدي قواد الجيش البريطاني، وأمام كافة مندوبي الحلفاء ووجهاء هذه البلدة التي تمثل قسما كبيرا من القطر السوري.
إخواني! لا شك أن كلماتي هذه قد سمع مرارا من فهمي أمثالها. وتكثير الكلام وترديد القول قد أزعجاني فأستميحكم العفو عن كل ما يصدر عني من الخطأ في القول أو اجتناب التصريح بكل ما في ضميري.
أول ما أخاطبكم به- أيها السادة- أني أعلمكم بأنكم اليوم في موقف ربما يعود لكم بالخير وربما يعود عليكم بغيره لا سمح الله. وهذا الأمر هو الذي حدا بي إلى الوقوف في هذا المقام.
ولا بد أنكم سمعتم خطابي في دمشق، ذلك الخطاب الذي أفصحت فيه عن كل ما يختلج بنفسي وعن جميع ما قمنا به من الأعمال إلى ذلك التاريخ. وطلبت الاعتماد من الحضور كافة. فقبلوا جميع ما كلفتهم إياه ومنحوني الاعتماد التام لأتولّى سياسة أمورهم الداخلية والخارجية. وعلى ذلك الاعتماد أنا مثابر في أعمالي.
ولقد كانت أعمالنا إلى هذا التاريخ مقرونة بكل نجاح. وهذا نتيجة آداب الأمة وحسن سلوكها. وإني لأرجو أن تثابر على هذا السير الذي يسمو بها إلى المنزلة الرفيعة.
إن الأمم- وأخصّ منها التي حاربت لنصرة الحرية والمبادىء السامية- هي التي منحتكم حق الحكم والاستقلال منحا باتا لا مشاحة فيه. وقد وصلت اليوم إلى بيروت اللجنة المرسلة من قبل الأمم التي حاربت وإياكم. أتت هذه اللجنة لتبحث عن رغائبكم ومطالبكم وستكون شاهدا فإما لكم وإما عليكم. وإذا لم تحكم بما نبتغيه فالأمة هي الجانية. إن الأمم المتمدنة تريد أن ترى الأمة العربية عامة- والسورية خاصة- في مستوى الأمم الراقية. وقد خوّلتكم هذا الحق على شرط أن تكونوا حائزين الصفات اللازمة. وليس على هذه الأمة أدنى إكراه على قبول أي أمر كان. وقد صرّحت بذلك
الدولة العظمى التي انتهت إليها مقاليد العالم. فيجب علينا أن نعلم أنه لا نجاح لنا إلا إذا تمسكنا بأهداب الإخاء والإخلاص، والتؤدة والسكون واتحاد الكلمة، وغير ذلك مما يثبت للعالم أننا أمة يجدر بها أن تدخل المجتمع البشري بيضاء الوجه. ويجب على كل فرد منا أن يتكلم أمام هذه اللجنة بملء الحرية من غير أن يؤثر فيه مؤثر، ويعرب عما في قلبه ويبين كل ما في فؤاده، راميا إلى درك مصالح أمته بدون خوف ولا حذر. (هتاف- تصفيق) .
لا تحسبوا أن أحدا يريدكم على قبول ما لا تريدون. فإن مستقبلكم بين أيديكم على أن تبرزوا لهذه اللجنة القادمة كل تصرف مجيد. نعم، إنه يوجد من يقول إننا نحن العرب أو السوريين لا نتمكن من إدارة شؤوننا بأنفسنا. ربما يكون هذا حقا وربما يكون باطلا، فيلزم أن نفهم من يقدم علينا أننا إذا تركنا وشأننا نتولى أمورنا بأنفسنا سنتمكن من إثبات كفاءتنا وجدارتنا. فإذا أثبتنا ذلك فدعونا نسير في سبيل الأمم المتمدنة.
وبما أن الحالة الحاضرة هي ميزان المستقبل، وبما أن الأمة محتاجة إلى توحيد الكلمة، فوحدوا كلمتكم وأجمعوا على طلب الغاية التي تريدونها لأنفسكم وبلادكم. ولو كنت في غير مقامي هذا لجئت بتصريح أفصح وأوضح. ولست بمكلّفكم تكليفا ما، وليس لأحد كذلك، فأنتم المختارون. هذه أقوالي وسنبدي للعالم ما نحن محتاجون إليه (أصوات:
فلنعتمد الأمير، هتاف عال) .
أنتم أحرار في بلادكم، وستقولون ما تريدون ويعمل بما تريدون. وهذه هي النتيجة المختصرة المفيدة أخبركم بها، وإني سأقوم بواجبي فيما ينفع الأمة وفيما يوطد دعائم استقلالها في الحاضر وفي المستقبل اعتمادا على ما خولتني إياه من الثقة.
نعلم أن فينا من هو في الأقلية ومن هو في الأكثرية بالنظر إلى المذاهب؛ وهو الأمر الذي ربما يقال أو يتصور أنه موضع اختلاف، وقد يمكن أن يجعل ذلك بعض من يجهل حالة العرب اليوم سببا للقول في أمر العرب ومستقبلهم. أما أنا فأقول: لا أكثرية ولا أقلية لدينا، ولا شيء يفرق بيننا. إنما نحن جسم واحد. (تصفيق وهتاف) . ولا شك أن أعمال الحكومة الموقتة تدل على أن لا أديان ولا مذاهب، فنحن عرب قبل موسى ومحمد وعيسى وإبراهيم. نحن عرب تجمعنا الحياة ويفرقنا الموت. لا تفريق بيننا إلا إذا قبرنا.
(هتاف) . ولا بد أن الحكومة- التي ستؤسّس بمساعدة من أخذ بناصرنا من الأمم المتمدنة العظيمة- ستعمل بجميع ما هو واجب لتأييد حقوق الأقلية. وسنقطع على ذلك العهود المكتوبة بالصحائف، وأنا واثق أن هذه الصحائف التي تكتب لحفظ حقوق الأقلية ستأتي الأقلية فتمزقها بيدها؛ لأنها سترى أن الأكثرية عاملة بما سطرته وفوق ما سطرته.
وأؤمل أن كل سوري يكون عربيا قبل كل شيء. وأؤمل أن كل من يتكلم بالعربية يشعر بمثل هذه العواطف التي أشعر بها. (تصفيق) . لا يحترمنا العالم المتمدن إلا إذا احترمنا أنفسنا واحترم بعضنا بعضا. وإذا انقسمنا إلى أحزاب وشيع فإنه يستخفّ بنا. وهو ينظر إلى الأديان كافة نظرا واحدا ولا يميز بين أمة وأمة، وأريد أن ينظر المجتمع العربي بعضه إلى بعض بهذا النظر.
يجب عليّ أيضا أن أكرر القول: إن أول عمل ينبغي علينا القيام به بعد ذهاب اللجنة- وما هو بعيد الأمد- أن تكون مجتمعاتنا علمية وأدبية لا سياسية. وإني أنشّط جميع مواطني الذين يسعون في إنشاء جمعيات علمية، وأكون سعيدا إذا رأيت اسمي مقيدا بين أسمائهم.
تريدون أن أتكلم عن السياسة أكثر من ذلك فحسبي ما جئت به، ولكني أتكلم الآن عن العلم، وإني أتمنى أن يكون هذا النادي الذي أتشرف اليوم بالوقوف فيه خادما للعلم ومصدرا للآداب كافة. وأطلب من الأمة أن تنظر إلى مستقبلها بعين الارتياح.
ينبغي أن نكون إخوانا ولا نتفرق ولا يكون بيننا أحزاب، حتى لا يؤثر شيء في مصيرنا. ومن أصابه أدنى ظلم من أي شخص كان فليصبر على ما يصيبه وليأت إلى المرجع المسؤول فيخبره بما أصابه. وربما يوجد مضلّون يحبون أن تتنازعوا- كما وقع قبل مدة- حتى يقولوا: إننا لسنا بمستحقين للحكم الذاتي، وتسوء سمعتنا أمام العالم بمثل ذلك.
فإني أحذركم عواقب هذه الأمور التي لن تسمع ولن ترى إن شاء الله. وإني لأتوقع أن أسمع وأرى كل ما يسرني من الهدوء، وجمع الكلمة على طلب ما هو بغية كل عربي من الاستقلال الذي ستنالونه. اربطوا الجأش واعتصموا بحبل واحد.
من البديهي أن الأمن من ضروريات البلاد. والأمن لا يقوم إلا بالرجال وهم الدرك