الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في سبيل تنفيذ أحكام القوانين العثمانية وتجحف بحقوق تبعتها.
ومن أراد الاطلاع على صنوف هذه الامتيازات وأسبابها وتاريخ تخصيصها بالأجانب فليراجع ما كتبه فيها وطنيّنا الحلبي الكاتب البارع جميل بك النيال في كتاب ألفه باللغة التركية سماه «حقوق الدل» يستوعب ستمائة صحيفة فرغ من تأليفه سنة 1326.
وفود للقدس:
وفيها أوفد من حلب وغيرها وفود للقدس الشريف لحضور حفلة افتتاح الكلية التي نسبت إلى المرحوم السلطان صلاح الدين، وللاطلاع على قوات الدولة العثمانية هناك وانتظام أحوال جيوشها.
وصول جنود الألمان إلى حلب:
وفيها بدأت جنود الألمان تصل إلى حلب ومنها إلى دمشق، ومعهم من الأثقال والمهمات الحربية مالا يكاد يحصى، وكانوا ينزلون في حلب في بيوت وخانات استأجروها من ذويها وعاملوا الناس معاملة حسنة، وربح منهم التجار أرباحا طائلة وقد مدوا كثيرا من التيول «1» الناقلة للصدى المعروفة باسم التليفون، ونصبوا أداة التلغراف اللاسلكي في برية حارة الحميدية، وأكثروا من نقل مهماتهم ولوازمهم من الأسلحة الحربية والسيارات المعروفة باسم أوتوموبيل، التي كان البعض منها يحدث في سيره شبه زلزلة ترتجّ له الأرض وترتجف منه الجدران ويتكسر البلاط. وكان المتأمل في جدّهم وحركاتهم وعددهم وكثرة مهماتهم لا يشك ولا يرتاب بأنهم لم يحضروا إلى هذه البلاد إلا بقصد الاستيلاء والاستعمار لا بقصد المعاونة لحكامها الأتراك على أعدائهم.
إجلاء أمة الأرمن عن أوطانهم:
قال جمال باشا في مذكراته ما خلاصته: إنه يعتقد اعتقادا جازما أن الأرمن كانوا قد دبروا ثورة من شأنها تعريض مؤخرة الجيش التركي في القوقاز لأشد الأخطار لو وقعت،
بل ربما أدت في ظروف خاصة إلى إبادته عن بكرة أبيه. ولذا اضطر الاتحاديون إلى نقل الشعب الأرمني بأسره إلى جهة أخرى بحيث يؤمن شره من أن يعرّضوا المملكة العثمانية للمحن والخطوب الفوادح ويجلبوا عليها الطامة الكبرى، فيكون احتلال روسية لآسيا الصغرى بأسرها أول رزاياها.
ثم قال: أما ما وقع من الحوادث في خلال نفيهم فينبغي أن يعزى إلى الأحقاد المتغلغلة في نفوس الأتراك والأكراد والأرمن في أثناء سبعين عاما. وتبعة ذلك إنما تقع على السياسة الروسية التي حولت الشعوب الثلاثة- التي عاشت القرون الطويلة معا في صفاء وهناء- إلى أعداء ألدّاء ولا ينكر أن الفظائع التي جرت على الأرمن أثناء نفيهم في سنة 1915 م/ 1334 هـ قد أثارت السخط الشديد، ولكن ما ارتكبه الأرمن في غضون ثورتهم على الأتراك والأكراد لا يقل عنها قسوة بل يفوقها فظاعة وغدرا. ثم قال: ولم يكن فرار الأتراك من ديار بكر، من طريق حلب وأطنة إلى قونية، ومن أرضروم وأزرنجان إلى سيواس من وجوه الروس، والفظائع التي ارتكبها الأرمن ضدهم، بأقل سوءا ووحشية منه.
ثم قال: فلنفرض جدلا أن الحكومة العثمانية نفت مليونا من الأرمن من ولايات الأناضول الشرقية وأن زهاء 600 ألف منهم ماتوا أو قتلوا في الطريق أو سقطوا ضحية الجوع والتعب، فقد قتل ما يربو على مليون ونصف من الأكراد والأتراك في ولايات طرابيزون وأرضروم ووان وبتليس، قتلوا على صورة تقشعرّ منها الأبدان بأيدي الأرمن عندما زحف الجيش الروسي على تلك الولايات.
ثم إن جمال باشا استشهد على صحة ما قاله بتقريرين مفصلين مسهبين مقدمين من ضابطين روسيين- ذكر اسمهما- وقد أوضحا في تقريرهما حوادث الاعتداء التي ارتكبها الأرمن ضد الأهلين الأتراك في ولاية أرضروم وما جاورها، من مبدأ نشوب الثورة إلى أن استردت الجنود التركية قلعة أرضروم في 27 فبراير سنة 1918 م/ 1337 هـ.
انتهى ما قصدنا إلى إيراده من مذكرات جمال باشا.
أقول: في هذه السنة (1333) بدأت تركيا بإجلاء الأرمن عن أوطانهم فكانت جالياتهم تصل إلى حلب زمرة تلو زمرة، كل زمرة منها تعدّ بعشرات الألوف. وقد أثرت