الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجميع على الملك لويس السادس عشر، اتهموه بالمواطأة مع المهاجرين والنمسويين وأنه هو الذي كان سببا في إراقة الدماء وحكموا عليه بالقتل. وكان ذلك في 21 كانون الثاني سنة 1793.
ثم اشتد الخلاف بين الجيروندنيين والجبليين، وقتل عدد كبير من الجيروندنيين واضطربت العاصمة وقامت المدن على بعضها، وسلمت مدينة طولون إلى الإنكليز، وزحفت جيوش النمسا على الحدود، وأريق في المملكة الفرنسية دماء غزيرة. وفي تلك الأثناء قام أحد الأحزاب وأجرى في كنيسة السيدة في باريس احتفالا سماه عيد العقل البشري، وذلك بغضا بالديانة المسيحية، وقد جعل تمثال العقل امرأة راقصة. وجرى غير ذلك من الشؤون التي يطول الكلام عليها.
ثم إن المجلس الاتفاقي عقد مع بروسيا وإسبانيا صلحا شريفا في مدينة (بال) وفتحت الكنائس وأعلنت حرية الأديان، وبدأت النهضة العلمية. وحررت الأوزان والمقاييس والنقود على نسق جديد، وأعلن القانون الجمهوري، ثم انحلّ المجلس في 26 تشرين الثاني سنة 1795 وقد جعلوا مبدأ تاريخهم حادثة الثورة الكبرى التي كانت سنة 1793 وذلك إلغاء لذكر المسيح، حتى إنهم غيروا أسماء الأشهر. وفي سنة 1795 المتقدم ذكرها كان الجيش الفرنسي يحارب جيوش النمسا فحطمها ذلك البطل الشهير نابليون بنابرت وشتت شملها ودوخ بلادها، حتى بقي بينه وبين عاصمتها مسير ثلاثة أيام، وذلك في سنة 1796.
أخبار نابليون بنابرت:
ولد نابليون في مدينة برينا من جزيرة كورس سنة 1769 وكان ضعيف البنية خفيف العارضين تلقى دروسه في مدينة برينا. ولما كسر النمسا تلك الكسرة العظيمة طلب ملك النمسا الصلح واعترف بأن الضفة الشمالية من نهر الرين حق فرنسا. ثم إن نابليون طلب أن يؤذن له بالسير إلى مصر للاستيلاء عليها والسير بعدها إلى الهند ليقاتل إنكلترا في مستعمراتها. فأذن له بذلك وسار إلى مصر واستولى في طريقه على جزيرة مالطة، ثم استردها منه الإنكليز بعد سنة، ونزلت عساكر نابليون في ميناء أبي قير وانتصر على فرسان المماليك الأتراك في سهل الأهرام، ودخل القاهرة وكان الأسطول الفرنسي مرابطا في ميناء أبي قير فقصده الأسطول الإنكليزي وكسره كسرة شنيعة. وحاصرت جيوش نابليون
عكا ففشلت، وعاد نابليون إلى فرنسا خفية وأبقى القائد كليبر يدافع عن مصر. فاغتيل في سنة 1800 م/ 1215 هـ، وعادت مصر إلى تركيا بعد أن حاربت جيوشها الفرنسيين بمساعدة الإنكليز. وقد استفاد العالم الإفرنسي شامبوليون من دخوله إلى مصر اكتشاف الخط الهيركليفي.
هذا، وإن المجلس الإداري في فرنسا كان في تلك الأثناء يسيء الإدارة. فلما رجع نابليون انحاز إليه مجلس الخمسمائة بمساعدة أخيه لوسيان رئيس هذا المجلس، فألغى المجلس الإداري والقانون الذي كان يتبعه وذلك في سنة 1799 م/ 1214 هـ، وحصر إدارة الأحكام في ثلاثة قناصل، هو أولهم. فكانت الإدارة جمهورية اسما، بونابرتية عسكرية فعلا. وفي سنة 1801 م/ 1216 هـ انتصرت جيوش فرنسا في (هوهن لن دن) واسترجعت فرنسا من إنكلترا جميع مستعمراتها.
وأمضى نابليون مع البابا بيوس السابع الاتفاق المعروف بالكونكرودا، واهتم بتحسين أحوال الحكومة، فأحبه الشعب. وفي سنة 1804 م/ 1219 هـ سمّوه إمبراطور فرنسا ومسحه البابا، ولكنه هو الذي وضع التاج على رأسه بيده. وفي سنة 1805 م/ 1220 هـ حارب النمسا وروسيا فكسرهما. وفي سنة 1806 م/ 1221 هـ حارب بروسيا واحتل جيشه مدينة برلين. ثم في سنة 1807 م/ 1221 هـ أعاد الكرّة على روسيا فكسرها ثم تصالح معها. واعتدى نابليون على البابا وأخذ منه رومية واعتقله في سابونه ثم في بلاط فوتنبلو، فانحرفت عنه طوائف الكاثوليك، وطرد ملك البرتقال من ليشبونه وضبط أملاكه، وأكره ملك إسبانيا على الاستقالة وملّك بدله أخاه يوسف بنابرت ملك نابولي، فقام عليه الإسبان فحاربهم وقهرهم. ثم أسرع إلى نهر الدانوب وحارب النمسا وقهرها. وفي سنة 1181 م/ 1226 هـ بلغ سلطانه الغاية القصوى وأصبحت فرنسا تعدّ 133 مقاطعة بدل 84.
وفي سنة 1812 م/ 1227 هـ مشى على روسيا بجيش لا يقل عن أربعمائة ألف مقاتل، فانسحب الروس من أمامه وجرّوه إلى مدينة (موسكو) وكانوا أحرقوا جميع البلاد التي تركوها وراءهم. ومع هذا فقد كسرهم كسرة شنيعة. غير أن البرد والجوع لم يبقيا من جيشه سوى 150 ألفا. فرجع إلى بلاده وفي أثناء رجوعه عارضته معركة
أمام نهر البيريزنا، فهلك جيشه ولم يبق منه سوى ألف وخمسمائة جندي. فلما سمعت أوربا بانكساره تألبت ملوكها عليه وحاربوه في (ليبزيك) فكسروه واحتلوا باريس.
فهرب إلى فوتنبلو وتمكن حزب الملكية من إجلاس لويس الثامن عشر على كرسي الملك، وذلك في سنة 1714 م/ 1230 هـ وفي 20 آذار هذه السنة رجع نابليون إلى باريس فانسحب لويس الثامن إلى (كان) . وبعد مائة يوم من رجوعه مشت عليه جيوش إنكلترة وروسيا، فكسروا جيوشه وعاد إلى باريس وقدّم استقالته فرجع الملك لويس إلى عرشه.
وأما نابليون الأول فإنه سلم نفسه إلى إنكلترا تخوفا من الشعب، فنفته إنكلترا إلى جزيرة القديسة هيلانة، فبقي فيها نحو خمس سنوات في ضنك شديد. وفي 5 أيار سنة 1821 م/ 1237 هـ قضى نحبه وأوصى أن يكون قبره على ضفة السين. وهو معدود بين أشهر مشاهير أبطال المسكونة، وكان عدوا للحرية مضطهدا للدين، ضرّ فرنسا أكثر مما نفعها.
ثم إن وزراء الملك لويس الثامن عشر عملوا على الانتقام من أحزاب الجمهورية وأحزاب نابليون بنابرت وفتكوا بهم، وقتلوا في مرسيليا عددا كبيرا من المماليك الذين كان نابليون أحضرهم معه من مصر، وسمي عمل أولئك الوزراء طور الهول الأبيض.
في سنة 1824 م/ 1240 هـ مات الملك لويس الثامن عشر وخلفه أخوه كرلس العاشر. وفي أيامه في سنة 1827 م/ 1243 هـ انتصر اليونانيون على العثمانيين بمساعدة فرنسا فنالوا استقلالهم. وفي سنة 1830 م/ 1246 هـ ثار حزب الجمهورية فاستقال الملك وخلفه لويس فيلبوس الأول. وفي أيامه استولت فرنسا على بلاد الجزائر بعد حرب طويلة انتهت بخضوع الأمير عبد القادر. وكان هذا الملك محبا للعدل والعلم. وفي سنة 1848 م/ 1265 هـ ثار حزب الجمهورية وخلع الملك وأعلنت الجمهورية التي تدعى الجمهورية الثانية، وانتخب الأمير لويس نابليون- ابن أخي الإمبراطور- رئيسا للجمهورية بتصويت خمسة ملايين و 400 ألف ضد مليون و 400 ألف.
وفي سنة 1852 م/ 1269 هـ أعلن الرئيس إمبراطوريته على فرنسا وملك 18 سنة، وكان عالي الهمة واستفادت فرنسا من وجوده. وفي أيامه اتحدت فرنسا وإنكلترا وساعدتا تركيا في إخراج روسيا من مدينة سباستبول وذلك في 8 أيلول سنة 1856 م/ 1273 هـ.