الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة 1324 ه
ـ
فيها- في آذار- كان البرد في ولاية حلب شديدا والأمطار غزيرة، وقد تواردت الأخبار من أورفة وإدلب وجسر الشغور بموت عدة أشخاص على الطرقات من شدة البرد وكثرة الأمطار وزوابع الثلج. وفي هذه السنة قدم على حلب عدد عظيم من مهاجري قافقاسيا وداغستان وغيرهما من الأمم الإسلامية الذين هم تحت حكم الدولة الروسية، وقدم آخرون من مهاجري جزيرة كريد، فاهتمت الحكومة بإسكانهم في ولاية حلب، وخصصت لهم في أكثر أقضيتها جهات عمرت لهم فيها المنازل، وأعطت كل ذي عائلة منهم قدر ما يكفيه من الأراضي ليزرعها ويعيش من خيراتها. والجهات المذكورة هي قرية خناصر- في قضاء منبج- وقرية رعده لى في قضاء كلز، وقطعة أرض من مدينة إسكندرونة، وقرية بالطه جي في قضاء أنطاكية، وقطعة أرض في مدينة الرقة.
وصول قطار سكة الحديد إلى حلب:
وفي يوم الخميس 12 جمادى الثانية الموافق 20 تموز سنة 1322 رومية وصل إلى محطة شمندوفر «1» حلب وحماة- المتقدم ذكرها- قطار من واغونات (عجلات) العمليات، وهي أول عجلات سكة حديدية وصلت إلى حلب، وكان الناس قبل أيام يخرجون إلى المحطة ألوفا مؤلفة للتفرج على مدّ قضبان الحديد، ومنهم من يتوجه إلى جهة جسر الحج للتفرج على أعمال السكة، إلى أن كان مساء يوم الخميس المذكور أقبل القطار المتقدم ذكره وهو مزين بأنواع الرايات، وحوله في المحطة ألوف من الناس يشاهدون وصوله.
ثم في يوم الخميس 16 شعبان الحادي والعشرين من أيلول سنة 1322 رومية جرى
الاحتفال بتدشين سكة حديد حلب وحماة على صفة باهرة، فحضر الوالي وقائد العسكرية ومن دونهما من المأمورين والأمراء والأعيان والوجهاء، وبعض أدباء حلب وبيروت وتلامذة المكاتب، فتليت الخطب وعزفت الموسيقى العسكرية، ثم ذبحت القرابين ودخل عظماء الناس إلى حجرة من من حجرات المحطة أعدّت فيها أنواع من الأطعمة الباردة فأكلوا ثم ركبوا عجلات الشمندوفر وهي مزدانة بالرايات العثمانية. وكان واقفا على طول الخط من المحطة إلى قرب جبل الجوشن صف من الناس يعدون بالالوف، وركب جوق الموسيقى العسكرية عجلة أخرى وطفق يترنّم باللحن الحميدي والأنغام المطربة. ثم سار القطار إلى قرية الوضيحي التي تبعد عن حلب مسافة خمسة عشر (كيلومتر) وهناك استراح الركاب قدر نصف ساعة ثم عاد بهم القطار إلى حلب وهم يشنّفون أسماعهم بأنغام الموسيقى.
ولما وصل إلى المحطة أكرم الحاضرون بالمرطبات والقهوة وانصرفوا إلى أماكنهم.
وفيها ألحق بقضاء أنطاكية عدة قرى كانت من أعمال جسر الشغر، وهي: جقصونية وجوقاق وسيلوه، وشمره جق وجيله وجوراق، وميادون وباملكه وحاجي باشا، وكولي وطاملاينه وعاقليه ودوايته، وأوج أغز وجقور أوراق، وقارلق وباسيه وعين فوار. وألحق بقضاء الجسر عدة قرى كانت من أعمال قضاء أنطاكية وهي: زرزور وهبته وعين ثابت، وبيرون ودوز أغاج والحمام، ودستور فوقاني وعين سماق وعين الخنزير، وأستاريه وتروف وكوجوك كين، وباغ ببلي وموبلين وزنباقيه وحسيني قرب. وفيها اهتمت البلدية بفرش البلاط على الجادة الكبرى الممتدة من باب دار الحكومة إلى حضرة السهروردي. فاختل بعد مدة وجيزة وأكلته بكرات العجلات فقلبته البلدية وفرشت الجادة بحجر أسود فاستقام أمره. وفيها- في كانون الثاني- كثر تساقط الثلوج على مرعش وضواحيها واشتد القرّ فهلك بسبب ذلك عدد من الناس والدوابّ.