الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الثاني والعشرون بعد المائة
علم مناسبات الآيات والسور
النوع الثاني والعشرون بعد المائة
علم مناسبات الآيات والسور
أفرده بالتأليف العلامة أبو جعفر ابن الزبير شيخ أبي حيان في كتاب
سماه: «البرهان في مناسبة ترتيب سورة القرآن» ، ومن أهل العصر الشيخ برهان الدين البقاعي في كتاب سما:«نظم الدرر في تناسب الآية والسور» .
[قال الحافظ السيوطي- رحمه الله تعالى-] وكتابي الذي صنعته في أسرار التنزيل كافل بذلك، جامع لمناسبات السور والآيات؛ مع تضمنه من بيان وجوه الإعجاز وأساليب لبلاغة، وقد لخصت منه مناسبات السور خاصة في جزء لطيف، سميته «تناسق الدرر في تناسب السور» .
وعلم المناسبة علم شريف، قل اعتناء المفسرين به لدقته، وممن أكثر فيه الإمام فخر الدين، وقال في تفسيره: أكثر لطائف القرآن مودعة في الترتيبات
والروابط.
وقال ابن العربي في «سراج المريدين» : ارتباط آية القرآن بعضها ببعض حتى تكون كالكلمة الواحدة منسقة المباني منتظمة المعاني، علم عظيم لم يتعرض له إلا عالم واحد عمل فيه سورة (البقرة)، ثم فتح الله عز وجل لنا فيه؛ فلما لم نجد له حملة، ورأينا الخلق بأوصاف البطلة، ختمنا عليه، وجعلناه بيننا وبين الله ورددناه إليه.
وقال غيره: أول من أظهر علم المناسبة الشيخ أبو بكر النيسابوري، وكان غزير العلم في الشريعة والأدب؛ كان يقول على الكرسي إذا قرئ عليه: لم جعلت هذه الآية إلى جنب هذه؟ وما الحكمة في جعل هذه السورة
إلى جنب هذه السورة؟ وكان يزري على علماء بغداد لعدم علمهم بالمناسبة.
وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: المناسبة علم حسن، لكن يشترط في حسن ارتباط الكلام أن يقع في أمر متحد مرتبط أوله بآخره، فإن وقع على أسباب مختلفة لم يقع فيه ارتباط، ومن ربط ذلك فهو متكلف بما لا يقدر عليه إلا بربط ركيك يصان عن مثله حسن الحديث، فضلاً عن أحسنه؛ فإن القرآن نزل في نيف وعشرين سنة، وفي أحكام مختلفة، شرعت لأسباب مختلفة، وما كان كذلك لا يتأتى ربط بعضه ببعض.
أقول: ليس الأمر كذلك، بل مناسبة الآيات بعضها لبعض من أول المصحف إلى آخره حاصلة تامة على أحسن وجه وأكمل منوال ولكن الناس تختلف أفهامهم في وجه المناسبة، فبعضهم يظهر له معنى بعيد ضعيف، وبعضهم يظهر له معنى حسن قوي، فالمناسبة بين الآيات حاصلة، وحسن ذلك وضعفه راجع إلى حسن الأفهام والله أعلم.
وقال الشيخ ولي الدين الملوي: قد وهم من قال: لا يطلب
للآية الكريمة مناسبة؛ لأنها على حسب الوقائع [المتفرقة. وفصل الخطاب أنها على حسب الوقائع] تنزيلاً وعلى حسب الحكمة ترتيبًا وتأصيلاً، فالمصحف على وفق ما في اللوح المحفوظ، مرتبة سوره كلها وآياته بالتوقيف، كما أنزل جملة إلى بيت العزة؛ ومن المعجز البين أسلوبه ونظمه الباهر، والذي ينبغي في كل آية أن يبحث أول كل شيء عن كونها مكملة لما قبلها أو مستقلة، ثم المستقلة، م وجه مناسبتها لما قبلها؟ ففي ذلك علم جم، وهكذا في السور، يطلب وجه اتصالها بما قبلها، وما سيقت له. انتهى.
وقال الإمام الرازي في سورة (البقرة): ومن تأمل في لطائف نظم هذه السورة، وفي بدائع ترتيبها، على أن القرآن كما أنه معجز بحسب فصاحة ألفاظه، وشرف معانيه، فهو أيضًا بسبب ترتيبه ونظم آياته، ولعل الذين قالوا: إنه معجز بسبب أسلوبه أرادوا ذلك، إلا أني رأيت جمهور المفسرين معرضين عن هذه اللطائف غير منتبهين لهذه الأسرار، وليس الأمر في هذا الباب إلا كما قيل:
والنجم تستصغر الأبصار صورته
…
والذنب للطرف لا للنجم في الصغر
أقول: ومن نظر في ترتيب هذه السورة الشريفة، أعني سورة (البقرة)، رأى لطائف وحسن ترتيب عجيب؛ لأنها من أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وكان الساكنون بها على ثلاث أقسام: قسم مؤمنون بالنبي صلى الله عليه وسلم
وقسم كفار من اليهود، وقسم منافقون، والسورة مشتملة على خطاب الثلاثة أقسام.
فخطاب المؤمنين في ابتدائها، ثم ذكر اليهود، ثم (المنافقين، وبين كل فريق من هؤلاء ثم الخطاب في هذا المعنى .....
[ثم] أورد الحق سبحانه [آيات] من المواعظ، وبيان الأحكام؛ لينبه السامعين أنها هي المقصود الأعظم من إيراد القصص والأخبار. ثم شرع الحق سبحانه في بيان الأحكام في هذه السورة مرتبًا على الأهم، والأصلح، والأنفع للعباد.
فقال في أولها: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين} [البقرة: 43]. فأمر بإقامة الصلاة؛ لأنها أعظم الأركان وأهمها، ثم الزكاة؛ لأنها من أركان الدين المهمة.
ثم بين أحوال الصوم، قال:{فمن شهد منكم الشهر فليصمه} [البقرة: 185]، وبين أحوال الصوم ثم الاعتكاف، ثم الحج بقوله:{وأتموا الحج والعمرة} [البقرة: 196]، ثم النكاح ومن تحل مناكحتهم ومن .....
تحرم ونكاح الأمة ونكاح الحرة، إلى غير ذلك.
ثم بين الطلاق قبل الدخول وبعد الدخول، وإذا سمى لها شيئًا من المهر أو لم يسم، وبين أحكام العدة والنفقة، ومن تحل قبل زوج آخر ومن لا تحل وبين أحكام الرضاع، والإيلاء، والخلع، والربا والبيع،