الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاستخدام:
هو والتورية أشرف أنواع البديع، وهما سيان، بل فضله بعضهم عليها، ولهم فيه عبارتان:
أحدهما: أن يؤتى بلفظ له معنيان فأكثر مرادًا به أحد معانيه، ثم يؤتى بضميرًا مرادًا به المعنى الآخر، وهذه طريقة السكاكي وأتباعه.
والأخرى: أن يؤتى بلفظ مشترك، ثم بلفظين يفهم من أحدهما أحد المعنيين، ومن الآخر الآخر. وهذه/ طريقة بدر الدين بن مالك في المصباح، ومشى عليها ابن أبي الإصبع، ومثل له بقوله تعالى:{لكل أجلٍ كتاب} [الرعد: 38]، فلفظ «الكتاب» يحتمل الأمر المحتوم، والكتاب المكتوب، فلفظ «أجل» يخدم المعنى الأول، و «يمحو» يخدم الثاني.
ومثل غيره بقوله تعالى: {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} [النساء: 43]، فـ «الصلاة» يحتمل أن يراد بها فعلها وموضعها، وقوله:{حتى تعلموا ما تقولون} يخدم الأول، و {إلا عابري سبيلٍ} يخدم الثاني.
قيل: ولم يقع في القرآن على طريقة السكاكي.
قال السيوطي: قلت: وقد استخرجت بفكري آيات على طريقته، منها: قوله تعالى: {أتى أمر الله} [النحل: 1] فأمر الله يراد به قيام الساعة، والعذاب، وبعثته صلى الله عليه وسلم، وقد أريد بلفظه الأخير، كما أخرج ابن مردويه من طريق الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى:{أتى أمر الله} قال: محمد صلى الله عليه وسلم. وأعيد الضمير عليه في «تستعجلوه» مرادًا به قيام الساعة، والعذاب.
ومنها: وهو أظهرها قوله تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طينٍ} [المؤمنون: 12]، فالمراد به «آدم» ثم أعاد الضمير عليه مرادًا به ولده، فقال عز من قائل:{ثم جعلناه نطفةً في قرارٍ مكينٍ} [المؤمنون: 13].
ومنها: قوله تعالى: {لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} [المائدة: 101]، ثم قال تعالى:{قد سألها قوم من قبلكم} [المائدة: 102] أي أشياء أخر؛ لأن الأولين لم يسألوا عن الأشياء التي سأل عنها الصحابة، فنهوا عن سؤالها.
قلت: وقد استخرجت بفكري آية على طريقة السكاكي، وهي قوله تعالى:{وجئتك من سبإ بنبإ يقينٍ * إني وجدت امرأةً تملكهم} [النمل: 22 - 23]، فـ «سبأ» يطلق على الأرض، وهو المراد في قوله:«وجئتك من سبأ» ويطلق على القبيلة، وقد أعاد عليه بقوله:«تملكهم» أي: القبيلة.