الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال غيره:
استدل سبحانه [وتعالى] على المعاد الجسماني بضروب:
أحدها: قياس الإعادة على الابتداء، [كما] قال تعالى:{كما بدأكم تعودون} [الأعراف: 29]، {كما بدأنا أول خلق نعيده} [الأنبياء: 104]، {أفعيينا بالخلق الأول} [ق: 15].
ثانيها: قياس الإعادة على خلق السماوات والأرض بطريق الأولى، قال [تعالى]: {أوليس الذي خلق السماوات والأرض يقادر
…
} الآية [يس: 81].
ثالثها: قياس الإعادة على إحياء الأرض بعد موتها بالمطر والنبات.
رابعها: قياس الإعادة على إخراج النار من الشجر الأخضر.
وقد روى الحاكم وغيره أن أبي بن خلف جاء يعظم فضته، فقال: أيحيي الله هذا بعدما بلي ورم! فأنزل الله [جل شأنه]: {قل يحييها الذي أنشأها أول مرة} [يس: 79]، فاستدل سبحانه [وتعالى] برد النشأة الأخرى إلى الأولى، والجمع بينهما بعلة الحدوث. ثم زاد في [الاحتجاج] بقوله عز من قائل:{الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارًا} [يس: 80]، وهذا في غاية البيان في رد الشيء إلى نظيره، والجمع بينهما من حيث تبديل الأعراض [عليهما].
خامسها: في قوله تعالى: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى
…
} [النحل: 38، 39] الآيتين وتقريرهما أن اختلاف المختلفين في الحق لا يوجب انقلاب الحق في نفسه؛ وإنما تختلف الطرق الموصلة إليه، والحق في نفسه واحد، فلما ثبت أن هنا حقيقة موجودة لا محالة، وكان لا سبيل لنا في حياتنا إلى الوقوف عليها وقوفًا يوجب الائتلاف، ويرفع عنا الاختلاف، إذ كان الاختلاف مركوزًا في فطرنا وكان لا يمكن ارتفاعه وزواله إلا بارتفاع هذه الجبلة، ونقلها إلى جبلة غيرها، صح ضرورة أن لنا حياة أخرى غير هذه الحياة، فيها يرتفع الخلاف والعناد، وهذه هي الحالة التي وعد الله [جل شأنه] بالمصير إليها، فقال:{ونزعنا ما في صدورهم من غل} [الأعراف: 43]، [حقد] فقد صار الخلاف الموجود كما ترى أوضح دليل على كون البعث الذي ينكره المنكرون. كذا قرره ابن السيد.
ومن ذلك الاستدلال على أن صانع العالم واحد، بدلالة التمانع المشار إليها في قوله [جل شأنه]:{لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} [الأنبياء: 22]؛ لأنه لو كان للعالم صانعان لكان لا يجري تدبيرهما على نظام، ولا يتسق على إحكام، ولكان العجز يلحقهما أو أحدهما؛ وذلك لأنه لو أراد أحدهما إحياء جسم وأراد الآخر إماتته؛ فإما أن تنفذ إرادتهما فتتناقض