الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الكوثر: 2] أي دم عليها، وفي مقابلة الرياء {لربك} [الكوثر: 2] أي لرضاه، لا للناس، وفي مقابلة منع الماعون {وانحر} [الكوثر: 2]، وأراد به التصدق بلحم الأضاحي.
وقال بعضهم:
لترتيب وضع السور في المصحف أسباب تطلع على أنه توقيفي صادر عن حكيم:
أحدها: بحسب الحروف، كما في (الحواميم).
الثاني: لموافقة أول السورة آخر ما قبلها، كآخر (الحمد) في المعنى وأول (البقرة).
الثالث: للوزن في اللفظ كآخر (تبت) وأول (الإخلاص).
الرابع: لمشابهة جملة الصورة لجملة الأخرى كـ (الضحى) و (ألم نشرح).
قال بعض الأئمة: سورة (الفاتحة)[اتضمنت الإقرار بالربوبية] والالتجاء إليه في دين الإسلام، والصيانة عن دين اليهودية والنصرانية، وسورة (البقرة) تضمنت قواعد الدين، و (آل عمران) مكملة لمقصودها، فـ (البقرة) بمنزلة إقامة الدليل على الحكم، و (آل عمران) بمنزلة الجواب عن شبهات الخصوم، ولهذا ورد فيها ذكر المتشابه لما تمسك به النصارى. وأوجب الحج في (آل عمران، وأما في (البقرة) فذكر أنه مشروع، وأمر بإتمامه بعد الشروع فيه، وكان خطاب النصارى في (آل عمران) أكثر، كما أن خطاب اليهود في
(البقرة) أكثر؛ لأن التوراة أصل، والإنجيل فرع لها، والنبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة دعا اليهود وجاهدهم، وكان جهاده للنصارى في آخر الأمر، كما كان دعاؤه لأهل الشرك قبل أهل الكتاب، ولهذا كانت السور المكية فيها الدين والذي اتفق عليه الأنبياء، فخوطب به جميع الناس، والسور المدنية فيها خطاب من أقر بالأنبياء من أهل الكتاب والمؤمنين فخوطبوا {يا أهل الكتاب} ، {يا بني إسرائيل} ، {يا أيها الذين آمنوا} . وأما سورة (النساء) فتضمنت أحكام الأسباب التي بين الناس، وهي نوعان: مخلوقة لله [تعالى]، ومقدرة لهم كالنسب والصهر، ولهذا افتتحت بقوله [تعالى]:{اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وخلق منها زوجها} [النساء: 1] ثم قال: {واتقوا
الله الذي تساءلون به والأرحام} [النساء: 1]، فانظر هذه المناسبة العجيبة في الافتتاح، وبراعة الاستهلال، حيث تضمنت الآية المفتتح بها، ما أكثر السورة في أحكامه: من نكاح النساء ومحرماته، والمواريث المتعلقة بالأرحام؛ وأن [ابتداء] هذا الأمر كان بخلق آدم، ثم خلق زوجه منه، ثم بث منهما رجالاً ونساء في غاية الكثرة.
وأما (المائدة) فسورة العقود، تضمنت بيان تمام الشرائع، ومكملات الدين، والوفاء بعهود الرسل، وما أخذ على الأمة، وبها تم الدين، فهي سورة التكميل؛ لأن فيها تحريم الصيد على المحرم الذي هو من تمام الإحرام، وتحريم الخمر الذي هو من تمام حفظ العقل والدين، وعقوبة المعتدين من السراق والمحاربين الذي هو من تمام حفظ الدماء والأموال، وإحلال الطيبات الذي هو من تمام عبادة الله ......
[تعالى]، ولهذا ذكر فيها ما يختص بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم كالوضوء والتيمم، والحكم بالقرآن على كل [ذي] دين، ولهذا كثر فيها من لفظ الإكمال والإتمام، وذكر فيها أن من ارتد عوض الله بخير منه، ولا يزال هذا الدين كاملاً، ولهذا ورد أنها آخر ما نزل، لما فيها من إشارات الختم والتمام.
وهذا الترتيب بين هذه السور الأربع المدنيات من أحسن الترتيب. وقال أبو جعفر ابن الزبير: حكى الخطابي أن الصحابة لما اجتمعوا على القرآن، وضعوا سورة (القدر) عقب (العلق)، استدلوا بذلك على أن المراد بهاء