الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنها: جميع أدوات الاستفهام، والشرط، فإن «كم مالك؟ » يغني عن قولك:«مالك عشرون أم ثلاثون» وكذا إلى ما لا ينتهي.
ومنها: الألفاظ المذكورة للعموم - كما مر.
ومنها: لفظ التثنية والجمع، فإنه يغني عن تكرار المفرد، وأقيم الحرف فيها مقامه اختصاراً.
فصل:
تقدم الكلام على إيجاز القصر
وذكر ما فيه من الآيات الشريفة، وبقي إيجاز الحذف. ذكر ابن هشام في «المغنى»
للحذف ثمانية شروط:
أحدها: وجود دليل حالي، كقولك لمن رفع سوطاً:«زيداً» بإضمار أضرب، ومنه:{قالوا سلاماً} [هود: 69]، أي سلمنا سلاماً، أو مقالي، كقولك لمن قال: من أضرب؟ «زيداً» . ومنه: {وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيراً} [النحل: 24]، وإنما يحتاج إلى ذلك إذا كان المحذوف الجملة بأسرها، - كما مثلنا - أو أحد ركنيها نحو:{قال سلام قوم منكرون} [الذاريات: 25]، أي: سلام عليكم أنتم قوم منكرون، فحذف خبر الأولى ومبتدأ
الثانية. أو لفظاً يفيد معنى فيها [هي] مبنية عليه، نحو:{تالله تفتؤا} [يوسف: 75]، أي: لا تفتأ.
وأما إذا كان المحذوف فضلة فلا يشترط لحذفه وجدان الدليل، ولكن يشترط ألا يكون في حذفه ضرر معنوي، كما في قوله: ما ضربت إلا زيداً، أو صناعي كما في قولك: زيد ضربته، وقولك: ضربني وضربته زيد.
انتهى.
الثاني: من شروط الحذف: ألا يكون ما يحذف كالجزاء، فلا يحذف الفاعل، ولا نائبه، ومشبهه.
قال ابن هشام، وقال ابن عطية في:{بئس مثل القوم الذي كذبوا} [الجمعة: 5]: أن التقدير: بئس المثل مثل القوم: فإن أراد أن الفاعل لفظ/ المثل محذوفاً فمردود، وإن أراد تفسير المعنى، وأن في بئس ضمير المثل مستتراً فأين تفسيره؟ . ثم قال: والصواب أن «مثل القوم» فاعل، وحذف المخصوص، أي: مثل هؤلاء، أو مضاف: أي: مثل الذين كذبوا ولا خلاف في جواز حذف الفاعل مع فعله، نحو:{قالوا خيراً} [النحل: 30] «يا عبد الله وزيداً ضربته. انتهى.
الشرط الثالث: من شروط الحذف: ألا يكون مؤكداً؛ لأن التأكيد ينافي الحذف؛ لأن الحذف مبني على الاختصار، والتوكيد مبني على التطويل، وأول من ذكره الأخفش وتبعه الفارسي، فرد في كتاب «الأفعال» قول الزجاج
في قوله تعالى: {إن هذان لساحران} [طه: 63]، أن التقدير: أن هذان لهما ساحران، فقال: الحذف والتأكيد باللام متنافيان.
وتبعهما ابن جني في «الخصائص» ، وتبعهم ابن مالك، وكلهم مخالفون لسيبويه، والخليل، فإنهما أجازا مثل ذلك. والله أعلم.
الشرط الرابع: أن لا يؤدي حذفه إلى اختصار المختصر، فلا يحذف اسم الفاعل دون معموله؛ لأنه اختصار للفعل.
الشرط الخامس: أن لا يكون عاملاً ضعيفاً، فلا يحذف الجار، والجازم، والناصب للفعل، إلا في مواضع قويت فيها الدلالة، وكثر فيها استعمال تلك العوامل، ولا يجوز القياس عليها.
الشرط السادس: ألا يكون عوضاً عن شيء فلا تحذف «التاء» من «عدة» ، و «إقامة» ، و «استقامة» ، فأما قوله تعالى:{وأقام الصلاة} [النور: 37] فمما يجب الوقوف عنده، كذا قاله ابن هشام في المغني، وفسر الشارح الدماميني والشمني ذلك بأنه يجعل مما لا يقاس ..........................
عليه، وتبعه السيوطي - رحمه الله تعالى - في «الإتقان» /
فقال: وأما إقام الصلاة فلا يقاس عليه. انتهى. وهو كلام في غاية الإشكال، كيف يكون في القرن لفظ يسمع ولا يقاس عليه؟ ، فالمعنى أنه من الشواذ التي تسمع ولا يقاس عليها! ! وفيه من التباعد ما لا مزيد عليه. وهذا الكلام سهو من هذين الإمامين عما يترتب على ذلك من البشاعة، وكأن السيوطي - رحمه الله تعالى - قلد ابن هشام في ذلك [ولم يتنبه] عما يترتب على ذلك.
قال الدماميني في شرح المغني: قال الزمخشري في تفسير سورة النور: «التاء» في «إقامة» عوض من «العين» الساقطة للاعتلال، والأصل «أقوام» فلما أضيفت أقيمت الإضافة مقام حرف التعويض، فأسقطت. ونحوه:
........................
…
فأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا
قال بعض الفضلاء ن شارحي «شافية ابن الحاجب» : الحكم بالتزامهم التعويض في: «إجازة» ، غير مسلم؛ لأنه يجوز ترك التعويض في مصدر «أفعل» ، تقول: أريته: «أراء» ، قال الله تعالى:{وإقام الصلاة} [الأنبياء: 73].
فإن قلت: يحمل المذكور على الشاذ، فلا يجوز القياس عليه، قلت: الحمل على الشائع أولى، لئلا يلزم ورود القرآن على اللغة النادرة، وأيضاً: نص النحاة على جواز تركه، فلا يخالف النص، وعلى هذا ذهب الفراء إلى أن جواز ترك التعويض مشروط بالإضافة؛ ليكون المضاف إليه ساداً مسد «التاء». وعند سيبويه: الجواز مطلقاً ثابت. وقولهم: أريته «أراء» - كما ذكرنا - يقوى الأصح. انتهى.
قال الدماميني: قلت فعلى هذا يكون إدعاء المصنف أن «التاء» لا تحذف من «إقامة» ، وأن «إقامة الصلاة» مما يجب الوقوف عنده بمعنى أنه لا يقاس