الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العربي، وعبد المنعم بن الفرس، وابن خويز منداذ. وأفرد آخرون كتبًا قيمًا تضمنه من علم الباطن وأفرد ابن برجان كتابًا فيما تضمنه من معاضدة الأحاديث.
قال الحافظ السيوطي- رحمة الله تعالى عليه-: وقد ألفت كتابًا سميته الإكليل في استناط التنزيل ذكرت فيه كل ما استنبط منه من مسألة فقهية أو أصلية، أو اعتقادية، وبعضًا مما سوى ذلك، كثير الفائدة جم العائدة، يجري مجرى الشرح لما أجملته في هذا النوع؛ فليراجعه من أراد الوقوف عليه.
فصل:
قال [الإمام] الغزالي [رحمة الله تعالى عليه] وغيره: آيات الأحكام
خمسمائة آية. وقال بعضهم: مائة [آية] وخمسون، قيل: ولعل مرادهم المصرح به: فإن آيات القصص والأمثال وغيرها يستنبط منها كثير من الأحكام.
قال الشيخ عز الدين ابن عبد السلام في كتاب «الإمام في أدلة الأحكام» : معظم آي القرآن لا يخلو عن أحكام مشتملة على آداب حسنة، وأخلاق جميلة، ثم من الآيات ما صرح فيه بالأحكام، فمنها ما يؤخذ بطريق الاستنباط؛ [إما بلا ضم] إلى آية أخرى كاستنباط صحة أنكحه الكفار من قوله تعالى:{وامرأته حمالة الحطب (4)} [المسد: 4]، وصحة صوم الجنب من قوله تعالى:{فالآن باشروهن} [البقرة: 187]، إلى قوله [تعالى]: {حتى يتبين لكم الخيط
…
} الآية [البقرة: 187]، وإما به كاستنباط أن أقل الحمل ستة أشهر من قوله [تعالى]:{وفصاله في عامين} ، قال: ويستدل على الأحكام تارة بالصيغة وهو ظاهر، وتارة بالإخبار مثل [قوله تعالى]:{أحل لكم} [البقرة: 187]، {حرمت عليكم الميتة} [المائدة: 3]، {كتب عليكم الصيام} [البقرة: 183]، وتارة بما رتب عليها في العاجل أو الآجل من خير أو شر، أو نفع أو ضر، وقد نوع
الشارع ذلك أنواعًا كثيرة، ترغيبًا لعباده، وترهيبًا وتقريبًا إلى أفهامهم، فكل فعل عظمه الشرع أو مدحه أو مدح فاعله لأجله أو أحبه أو أحب فاعله، أو رضي به أو رضي عن فاعله، أو وصفه بالاستقامة، أو البركة أو الطيب، أو أقسم به أو بفاعله كالأقسام بالشفع والوتر، وبخيل المجاهدين، وبالنفس اللوامة، أو نصبه سبًا لذكره لعبده أو لمحبته أو لثوب عاجل أو آجل، أو لشكره له، أو لهدايته إياه، أو لإرضاء فاعله، أو لمغفرة ذنبه وتكفير سياته أو لقبوله، أو لنصرة فاعله، أو بشارته، أو وصف فاعله بالطيب، أو وصف الفعل بكونه معروفًا، أو نفي الحزن والخوف عن فاعله، أو وعده بالأمن، أو نصب سببًا لولايته، أو أخبر عن دعاء الرسول بحصوله، أو وصفه بكونه قربة، أو بصفة مدح: كالحياة والنور والشفاء، فهو دليل على مشروعيته المشتركة بين الوجوب والندب.
وكل فعل طلب الشارع تركه، أو ذمه أو ذم فاعله، أو عتب عليه، أو مقت فاعله، أو لعنه، أو نفي محبته أو محبة فاعله، أو لرضا به أو عن فاعله، أو شبه فاعله بالبهائم أو بالشياطين، أو جعله مانعًا من الهدى أو من القبول، أو وصفه بسوء أو كراهية، أو استعاذ الأنبياء منه أو أبغضوه أو جعل سببًا لنفي الفلاح أو لعذاب عاجل أو آجل، أو لذم أو لوم أو ضلالة أو معصية، أو وصف بخبث أو رجس أو نجس، أو بكونه فسقًا أو إثمًا، أو سببًا لإثم أو رجس أو لعن أو غضب، أو زوال نعمة، أو حلول نقمةـ أو حد من الحدود، أو قسوة، أو خزي أو ارتهان نفس، أو لعداوة الله ومحاربته أو لاستهزائه أو سخريته، أو جعله الله [جل شأنه] مسببًا لنسيانه فاعله، أو وصف نفسه بالصبر [عليه] أو بالحلم، أو بالصفح عنه، أو دعا إلى التوبة منه، أو وصف فاعله بخبث أو احتقار، أو نسبه إلى عمل الشيطان، أو تزيينه، أو
تولي الشيطان لفاعله، أو وصفه بصفة ذم ككونه ظلمًا أو بغيًا أو عدوانًا أو إثمًا أو مرضًا، أو تبرء الأنبياء منه أو من فاعله، أو شكوا إلى الله من فاعله، أو جاهروا فاعله بالعداوة، أو نهوا عن الأسف والحزن عليه، أو نصب سببًا لخيبة فاعله عاجلًا أو آجلًا، أو رتب عليه حرمان الجنة وما فيها، أو وصف فاعله بأنه عدو لله، أو بأن الله عدوه، أو أعلم فاعله بحرب من الله ورسوله، أو حمل فاعله إثم غيره، أو قيل فيه: لا ينبغي ذا أو لا يكون، أو أمر بالتقوى عند السؤال عنه، أو أمر بفعل مضادة، أو بهجر فاعله، أو تلاعن فاعلوه في الآخرة، أو تبرأ بعضهم من بعض، أو دعا بعضهم على بعض، أو وصف فاعله بالضلالة، وأنه ليس من الله في شيء، أو ليس من الرسول وأصحابه، أو جعل اجتنابه سببًا للفلاح، أو جعله سببًا لإيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين، أو قيل: هل أنت منته، أو نهى الأنبياء عن الدعاء لفاعله، أو رتب عليه إبعادًا أو طردًا، أو لفظة (قتل من فعله) أو (قاتله الله)، أو أخبر أن فاعله لا يكلمه الله [تعالى] يوم القيامة، ولا ينظر إليه ولا يزكيه، ولا يصلح عمله، ولا يهدي كيده أو لا يفلح، أو قبض له الشيطان، أو جعل سببًا لإزاغة قلب فاعله أو صرفه عن آياته الله وسؤاله عن علة الفعل؛ فهو دليل على المنع من الفعل، ودلالته على التحريم أظهر من دلالته على مجرد الكراهة.
وتستفاد الإباحة من لفظ الإحلال، ونفي الجناح والحرج والإثم والمؤاخذة، ومن الإذن فيه العفو عنه، ومن الامتنان بما في الأعيان من المنافع، ومن السكوت عن التحريم، ومن الإنكار على من حرم الشيء من الإخبار بأنه خلق أو جعل لنا، والإخبار عن فعل من قبلنا من غير ذم لهم عليه. فإن اقترن بإخباره مدح، دل على مشروعيته وجوبًا أو استحبابًا. انتهى كلام الشيخ عز الدين.
وقال غيره: قد يستنبط من السكوت.
وقد استدل جماعة على أن القرآن غير مخلوق بأن الله- جل شأنه- ذكر الإنسان في ثمانية عشر مواضعًا، وقال: إنه مخلوق، وذكر القرآن في أربعة
وخمسين موضعًا، [ولم يقل] إنه مخلوق، ولما جمع بينهما غاير، فقال:{الرحمن (1) علم القرآن (2) خلق الإنسان (3)} [الرحمن: 1 - 3].