الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها
…
شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر
ويكون التقديم لكون الخبر أهم عند المتكلم كقولك عليه السلام
فصل في أحوال المفعول:
اعلم أن الكلام في أحوال المسند إليه وهو المبتدأ والفاعل من ذكره وحذفه وتقديمه وتأخيره ووصفه وتأكيده والعطف عليه والإبدال منه ونكت ذلك وفوائده ثم الكلام على أحوال المسند وهو الخبر وكونه اسم أو جملة فعلية وتقديمه وتأخيره ووصفه وما في ذلك من الفوائد قد تقدم في أول هذا النوع وفي النوع الذي سبقه
وهذا الفصل يذكر فيه المفعول مع ملاحظة الفعل فإن الفعل على قسمين قاصر وهو الذي لا يحتاج إلى مفعول كقولك قام زيد ويقوم زيد فإنه لا يفتقر إلى مفعول ومتعد وهو الذي يحتاج إلى مفعول
وبعض الأفعال تحتاج إلى مفعول واحد وهو أكثرها وبعضها تحتاج إلى مفعولين وبعضها يحتاج إلى ثلاثة مفاعيل ثم إن المفعول قد يكون [350 ب/هـ] مذكورا وهو الأكثر وقد يكون محذوفا ثم هو في حالة الحذف إما أن يكون ملاحظا أو متناسيا عنه غير ملاحظ كقول الله تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9] فمفعول يعلمون محذوف متناسي للإشارة إلى تميم العلم وعدم التحكم بنوع من الأنواع وتقديره هل يستوي الذين يعلمون العلم ومن حذف المفعول قول الله تعالى: {فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: 149] وذلك لدلالة السياق على الحذف والتقدير فلو شاء الله هدايتكم لهداكم ومن حذف المفعول للاختصار والتعميم قول الله تبارك
وتعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ} [يونس: 35] ومن حذفه للاختصار فقط قول الله تعالى وتقدس {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ} [القصص: 23] فحذف مفعول يسقون أي مواشيهم وتذودان أي أغنامهما
ومن حذف المفعول قول الله جل شأنه: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 1 - 3] أي ما قلاك وثيل حذف المفعول لرعاية الفاصلة
وعندي إنما حذف لئلا يواجهه بخطاب القلا وهو البعاد والهجران وهذه نكتة معنوية ومراعاة الفاصلة نكتة لفظية
وقد يحذف المفعول لاستهجان ذكره كقول عائشة -رضي الله تعالى عنها ما رأيت منه ولا رأى مني أي من العورة
وقد يحذف لظهوره ووضوحه وتعينه عند السامع كقول الله تبارك وتعالى: {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا} [الكهف: 2] أي لينذر الذين كفروا
وأما تقديمه أي المفعول على الفعل فلمعان منها
[رد] الخطأ في التعيين كقولك زيدا عرفت لمن اعتقد أنك عرفت إنسانا وأنه غير زيد وقال الله تبارك وتعالى: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البقرة: 40] لا غيري
وقول الله تبارك وتعالى {إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} [العنكبوت: 56]
ومن هذه الأوجه التخصيص أيضا وإذا قدم المفعول على الفعل فغالبا يكون المقصود التخصيص فلهذا يقال في {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] أي نخص ذاتك بالعبادة لا غيرك وفي قول الله تبارك وتعالى شأنه: {لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} [آل عمران: 158] لا إلى غيره وكذا
تقديم المفعول على الفاعل لغرض من هذه الأغراض كقول الله تبارك وتعالى {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} [طه: 67] للاهتمام بشأن الخيفة والانتزاع في النفس فقدم على الفاعل وكذلك تقديم ما يتعدى إلى مفعولين مثل تقديم المفعول الأول على الثاني لنكتة كقول الله تعالى شأنه {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ} [الأنعام: 100] فـ {شُرَكَاءَ} و {الْجِنَّ} مفعولين
لـ {جَعَلُوا} فالمفعول الأول منها {الْجِنَّ} والثاني الشركاء للإشارة إلى [350 أ/هـ][155 أ/ح] اهتمامهم ورغبتهم في الشرك