المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌تنبيه: كاد أهل البيان يطبقون على أن تقديم المعمول يفيد الحصر، - الزيادة والإحسان في علوم القرآن - جـ ٦

[محمد عقيلة]

فهرس الكتاب

- ‌النوع الرابع عشر بعد المائةعلم أحوال المسند وأحوال متعلقات الفعل

- ‌فصل:في أحوال المسند وهو الخبر

- ‌فصل في أحوال المفعول:

- ‌النوع الخامس عشر بعد المائةعلم حصره واختصاصه

- ‌ الحصر ويقال له القصر

- ‌فصلطرق الحصر كثيرة:

- ‌تنبيه:

- ‌النوع السادس عشر بعد المائةعلم خبره وإنشائه

- ‌فصل:القصد بالخبر إفادة المخاطب

- ‌فرع:من أقسامه على الأصح التعجب

- ‌قاعدة:

- ‌فرع:من أقسام الخبر:

- ‌تنبيهات:

- ‌قاعدة:

- ‌فائدة:

- ‌فصل:من أقسام الإنشاء:

- ‌تنبيهات:

- ‌فصل:من أقسام الإنشاء:

- ‌فصل: ومن أقسامه: «النهى»

- ‌فصل:ومن أقسامه؛ التمني

- ‌فصل:ومن أقسامه: الترجي

- ‌فصل:يجوز تقدير الشرط بعد التمني

- ‌فصل:ومن أقسامه: النداء

- ‌قاعدة:

- ‌فائدة:

- ‌فصل:ومن أقسامه: القسم

- ‌النوع السابع عشر بعد المائةعلم فصله ووصله

- ‌تذنيب

- ‌النوع الثامن عشر بعد المائةعلم إيجازه وإطنابه ومساواته

- ‌فصل:والإيجاز والاختصار بمعنى واحد

- ‌فصل:الإيجاز على قسمين:

- ‌فصل:ذكر ابن الأثير، وصاحب «عروس الأفراح» وغيرهما: أن من أنواع إيجاز القصر

- ‌فصل:تقدم الكلام على إيجاز القصر

- ‌ للحذف ثمانية شروط:

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:ينبغي أن يقدر المحذوف في محله الذي يليق به

- ‌فائدة:ينبغي تقليل الحذف مهما أمكن

- ‌فائدة:اعتبر الأخفش التدريج في الحذف مهما أمكن

- ‌فصل:في أماكن من الحذف في القرآن

- ‌فائدة:الحذف على أنواع:

- ‌فائدة:قال الشيخ عز الدين: لا يقدر من المحذوف إلا أشدها موافقة للغرض

- ‌فصل:نذكر فيه أنواع الإطناب كما سبق أنواع الإيجاز

- ‌لطيفة:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:قطع النعوت في مقام المدح والذم أبلغ من إجرائها

- ‌ البدل يفارق عطف البيان في ثمانية أشياء:

- ‌فائدة:

- ‌النوع التاسع عشر بعد المائة«علم بديعه»

- ‌وأما نفي الشيء بإيجابه، وكثير من أنواع البديع، وحسن التخلص، فستأتي في كثير من الأنواع. ونورد في هذا الفن كثيرًا من أنواعه

- ‌الاستخدام:

- ‌الالتفات:

- ‌تنبيهات:

- ‌[شرط الالتفات]

- ‌التوشيح:

- ‌التهكم:

- ‌التسليم:

- ‌التسهيم:

- ‌حسن التعليل:

- ‌الاطراد:

- ‌الانسجام:

- ‌الإدماج:

- ‌الافتنان:

- ‌الاقتدار:

- ‌ائتلاف اللفظ مع اللفظ وائتلافه مع المعنى:

- ‌الاستدراك والاستثناء:

- ‌الاقتصاص:

- ‌الإبدال:

- ‌تأكيد المدح بما يشبه الذم:

- ‌التفويف:

- ‌التقسيم:

- ‌التدبيج:

- ‌القول بالموجب:

- ‌التنكيت:

- ‌التجريد:

- ‌التعديد:

- ‌الترتيب:

- ‌الترقي والتدلي:

- ‌التضمين:يطلق على أشياء:

- ‌الجناس:

- ‌تنبيه:

- ‌الإثبات:

- ‌الترديد:

- ‌الترصيع:

- ‌المماثلة:

- ‌التوزيع:

- ‌الجمع:

- ‌الجمع والتفريق:

- ‌الجمع والتقسيم:

- ‌الجمع مع التفريق والتقسيم:

- ‌جمع المؤتلف والمختلف:

- ‌حسن النسق:

- ‌عتاب المرء [لنفسه]:

- ‌العكس:

- ‌العنوان:

- ‌الفرائد:

- ‌القسم:

- ‌اللف والنشر:

- ‌المشاكلة:

- ‌المزاوجة:

- ‌المبالغة:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌المطابقة:

- ‌ترصيع الكلام:

- ‌المقابلة:

- ‌والفرق بين الطباق والمقابلة [

- ‌مراعاة النظير:

- ‌المواربة:

- ‌المراجعة:

- ‌النزاهة:

- ‌الإبداع:

- ‌النوع العشرون بعد المائةعلم فواتح السور

- ‌أعلم أن الله افتتح سور القرآن بعشرة أنواع من الكلام، لا يخرج شيء من السور عنها:

- ‌النوع الحادي والعشرون بعد المائةعلم خواتم السور

- ‌النوع الثاني والعشرون بعد المائةعلم مناسبات الآيات والسور

- ‌فصلالمناسبة في اللغة المشاكلة والمقاربة

- ‌وله أسباب:

- ‌قاعدة:

- ‌تنبيه:

- ‌فصل:من هذا النوع مناسبة فواتح السور وخواتمها

- ‌ لترتيب وضع السور في المصحف أسباب تطلع على أنه توقيفي صادر عن حكيم:

- ‌فصل:قال في «البرهان»: ومن ذلك افتتاح السور بالحروف المقطعة واختصاص كل واحدة بما بدئت به

- ‌فصل:ومن هذا النوع مناسبة أسماء السور لمقاصدها

- ‌فوائد منثورة في المناسبات:

- ‌النوع الثالث والعشرون بعد المائةعلم الآيات المتشاكلات المتقاربات

- ‌فصل في آخر الحروف الزوائد والنواقص

- ‌النوع الرابع والعشرون بعد المائةعلم لطائف القرآنوأسراره ونكته وفوائده

- ‌النوع الخامس والعشرون بعد المائةعلم أسرار تكرار قصص القرآنوبيان الحكمة والسر في ذلك

- ‌(فصل: فإن سأل سائل): ما الحكمة في عدم تكرار قصة يوسف عليه السلام

- ‌النوع السادس والعشرون بعد المائةإعجاز القرآن

- ‌فصل:وإنما كان القرآن العزيز معجزًا لأن لفظه الكلام العربي البليغ الراقي في درجة الفصاحة والبلاغة والبراعة إلى الغاية القصوى

- ‌فصل:لما ثبت كون القرآن معجزة نبينا صلى الله عليه وسلم وجب الاهتمام بمعرفة وجه الإعجاز

- ‌ إعجاز القرآن ذكر من وجهين:

- ‌ مراتب تأليف الكلام خمس:

- ‌ اعلم أن القرآن منطو على وجوه من الإعجاز كثيرة، وتحصيلها من جهة ضبط أنواعها في أربعة وجوه

- ‌تنبيهات:

- ‌النوع السابع والعشرون بعد المائةعلم مفردات القرآن العزيز

- ‌أرجى آية في القرآن:

- ‌النوع الثامن والعشرون بعد المائةعلم معرفة العلوم المستنبطة من القرآن

- ‌فصل:قال [الإمام] الغزالي [رحمة الله تعالى عليه] وغيره: آيات الأحكام

- ‌النوع التاسع والعشرون بعد المائةعلم أقسام القرآن

- ‌ كيف أقسم بالخلق وقد ورد النهي عن القسم بغير الله

- ‌ الألفاظ الجارية مجرى القسم ضربان:

- ‌النوع الثلاثون بعد المائةعلم جدل القرآن

- ‌ استدل سبحانه [وتعالى] على المعاد الجسماني بضروب:

- ‌فصل:من الأنواع المصطلح عليها في علم الجدل السبر والتقسيم

الفصل: ‌ ‌تنبيه: كاد أهل البيان يطبقون على أن تقديم المعمول يفيد الحصر،

‌تنبيه:

كاد أهل البيان يطبقون على أن تقديم المعمول يفيد الحصر، سواء كان مفعولاً أو ظرفاً أو مجروراً؛ ولهذا قيل في:{إياك نعبد وإياك نستعين} [الفاتحة: 5] معناه: نخصك بالعبادة والاستعانة. وفي قوله: {لإلى الله تحشرون} [آل عمران: 158] معناه: إليه لا إلى غيره. وفي قوله تعالى: {لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً} [البقرة: 143]،

ص: 30

أخرت الصلة في الشهادة الأولى، وقدمت في الثانية؛ لأن الغرض في الأول إثبات شهادتهم؛ وفي الثاني إثبات اختصاصهم بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم.

وخالف في ذلك ابن الحاجب؛ فقال في «شرح المفصل» : الاختصاص الذي يتوهمه كثير من الناس من تقديم المعمول وهم، واستدل على ذلك بقوله/ تعالى:{فاعبد الله مخلصاً له الدين} [الزمر: 2] ثم قال: {بل الله فاعبد} [الزمر: 66]. ورد هذا الاستدلال بأن «مخلصاً له الدين» أغنى عن إرادة الحصر في الآية الأولى، / ولو لم يكن، فما المانع من ذكر المحصور في محل بغير صيغة الحصر، كما قال تعالى:{واعبدوا ربكم} [الحج: 77]، وقال:{أمر ألا تعبدوا إلا إياه} [يوسف: 40]؛ بل قوله: {بل الله فاعبد} [الزمر: 66] من أقوى أدلة الاختصاص؛ فإن قبلها {لئن أشركت ليحبطن عملك} [الزمر: 65]. فلو لم يكن للاختصاص وكان معناها «اعبد الله» لما حصل الإضراب الذي هو معنى «بل» .

واعترض أبو حيان على مدعي الاختصاص بنحو قوله تعالى: {أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون} [الزمر: 64].

وأجيب: بأنه لما كان من أشرك بالله غيره كأنه لم يعبد الله، كان أمرهم بالشرك كأنه أمر بتخصيص غير الله بالعبادة.

ورد صاحب الفلك الدائر الاختصاص بقوله تعالى: {كلا هدينا ونوحاً

ص: 31

هدينا من قبل} [الأنعام: 84]، وهو أقوى ما رد به.

وأجيب: بأنه لا يدعي فيه اللزوم بل الغلبة، وقد يخرج الشيء عن الغالب.

قال الشيخ بهاء الدين: وقد اجتمع الاختصاص وعدمه في آية واحدة، وهي قوله تعالى:{أغير الله تدعون إن كنتم صادقين (40) بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون (41)} [الأنعام: 40، 41]، فإن التقديم في الأول قطعاً ليس للاختصاص، وفي «إياه» قطعاً للاختصاص.

وقال والده الشيخ تقي الدين في كتاب: «الاقتناص في الفرق بين الحصر والاختصاص» : اشتهر كلام الناس في أن تقديم المعمول يفيد الاختصاص، ومن الناس من ينكر ذلك ويقول: إنما يفيد الاهتمام. وقد قال سيبويه في كتابه: وهم يقدمون ما هم به أعنى.

والبيانيون على إفادته الاختصاص، ويفهم كثير من الناس من الاختصاص الحصر، وليس كذلك، وإنما الاختصاص شيء، والحصر شيء آخر، والفضلاء لم يذكروا في ذلك لفظة الحصر؛ وإنما عبروا بالاختصاص؛ والفرق بينهما: أن الحصر نفي غير المذكور وإثبات المذكور، والاختصاص قصد الخاص من جهة خصوصه، وبيان ذلك: أن الاختصاص افتعال من الخصوص، والخصوص مركب من شيئين:

أحدهما: [عام] مشترك بين شيئين.

ص: 32

والثاني: معنى منضم إليه يفصله عن غيره، كضرب زيد، فإنه أخص من مطلق الضرب، فإذا قلت: ضربت زيداً، أخبرت بضرب عام وقع منك على شخص خاص، فصار ذلك الضرب المخبر به خاصاً لما انضم إليه منك ومن زيد.

وهذه المعاني الثلاثة - أعني مطلق الضرب، وكونه واقعاً منك، وكونه واقعاً على زيد - قد يكون قصد المتكلم بها ثلاثتها على السواء. وقد يترجح قصده لبعضها على بعض، ويعرف ذلك بما ابتدأ به كلامه، فإن الابتداء بالشيء يدل على الاهتمام به، وأنه هو الأرجح في غرض المتكلم؛ فإذا قلت: زيداً ضربت؛ علم أن خصوص الضرب على زيد هو المقصود.

ولا شك أن كل مركب من خاص وعام له جهتان، فقد يقصد من جهة عمومه، وقد يقصد من جهة خصوصه، والثاني هو الاختصاص، وأنه هو الأهم عند المتكلم، وهو الذي قصد إفادة السامع من غير تعرض ولا قصد لغيره بإثبات ولا نفي، ففي الحصر معنى زائد عليه، وهو نفي ما عدا المذكور. وإنما جاء هذا في {إياك نعبد} [الفاتحة: 5]، للعلم بأن قائليه لا يعبدون غير الله تعالى؛ ولذا لم يطرد في بقية الآيات، فإن قوله تعالى:{أفغير دين الله يبغون} [آل عمران: 83]، لو جعل في معنى: ما يبغون إلا غير دين الله، وهمزة الإنكار داخلة عليه، لزم أن يكون المنكر الحصر، لا مجرد بغيهم غير دين الله، وليس المراد. وكذلك:{ءالهةً دون الله تريدون} [الصافات: 86]، المنكر إرادتهم آلهاً دون الله من غير حصر.

وقد قال الزمخشري في قوله تعالى: {وبالأخرة هم يوقنون} [البقرة: 4]: في تقديم «الآخرة» وبناء «يوقنون» على «هم» تعريض بأهل الكتاب وما كانوا عليه من إثبات أمر الآخرة، على خلاف حقيقته، وأن قولهم ليس بصادر عن إيقان، وأن اليقين ما عليه من آمن بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك.

وهذا الذي قاله الزمخشري في غاية/ الحسن، وقد اعترض عليه بعضهم

ص: 33

فقال: تقديم «الآخرة» أفاد أن إيقانهم مقصور على أنه إيقان بالآخرة لا بغيرها، وهذا الاعتراض من قائله مبني على ما فهمه من أن تقديم المعمول يفيد الحصر، وليس كذلك؛ ثم قال المعترض: وتقديم «هم» أفاد أن هذا القصر مختص بهم، فيكون إيقان غيرهم بالآخرة إيماناً بغيرها حيث قالوا:{لن تمسنا النار} [البقرة: 80]. وهذا منه أيضاً استمرار على ما في ذهنه من الحصر، أي أن المسلمين لا يوقنون إلا بالآخرة، وأهل الكتاب يوقنون بها وبغيرها.

[وهذا] فهم عجيب ألجأه [إليه] فهمه الحصر، وهو ممنوع. وعلى تقدير تسليمه فالحصر على ثلاثة أقسام:

أحدها: «بما» و «إلا» ، كقولك: ما قام إلا زيد، صريح في نفي القيام عمن غير زيد، ويقتضي إثبات القيام لزيد، قيل: بالمنطوق، وقيل: بالمفهوم وهو الصحيح، لكنه أقوى المفاهيم؛ لأن «إلا» موضوعة للاستثناء، وهو الإخراج، بدلالتها على الإخراج بالمنطوق لا بالمفهوم، ولكن الإخراج من عدم القيام ليس هو غير القيام، بل قد يستلزمه، فلذلك رجحنا أنه بالمفهوم، والتبس على بعض الناس لذلك فقال: إنه بالمنطوق.

والثاني: الحصر بـ «إنما» وهو قريب من الأول فيما نحن فيه، وإن كان جانب الإثبات فيه أظهر، فكأنه يفيد إثبات قيام زيد، إذا قلت: إنما قام زيد، بالمنطوق، ونفيه عن غيره بالمفهوم.

الثالث: الحصر الذي/ قد يفيده التقديم؛ وليس هو على تقدير تسليمه مثل الحصرين الأولين، بل هو في قوة جملتين:

إحداهما: ما صدر به الحكم نفياً كان وإثباتاً، وهو المنطوق، والأخرى: ما فهم من التقديم، والحصر يقتضي نفي المنطوق فقط، دون ما دل عليه من المفهوم - لأن المفهوم - لا مفهوم له؛ فإذا قلت: أنا لا أكرم إلا إياك، أفاد التعريض بأن غيرك يكرم غيره، ولا يلزم أنك لا تكرمه، وقد قال تعالى:

ص: 34

{الزاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركة} [النور: 3]، أفاد أن العفيف قد ينكح غير الزانية، وهو ساكت عن نكاحه الزانية، فقال سبحانه وتعالى بعده:{والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك} [النور: 3] بياناً لما سكت عنه في الأولى. فلو قال: {وبالأخرة هم يوقنون} [البقرة: 4]، أفاد بمنطوقة إيقانهم بها، ومفهومه عند من يزعم أنهم لا يوقنون بغيرها.

وليس ذلك مقصوداً بالذات، المقصود بالذات قوة إيقانهم بالآخرة حتى صار غيرها عندهم كالدحوض، فهو حصر مجازي، وهو دون قولنا: يوقنون بالآخرة لا بغيرها، فاضبط هذا وإياك أن تجعل تقديره: لا يوقنون إلا بالآخرة.

إذا عرفت هذا فتقديم «هم» أفاد أن غيرهم ليس كذلك؛ فلو جعلنا التقدير: لا يوقنون إلا بالآخرة، كان المقصود المهم النفي، فيتسلط المفهوم عليه، فيكون المعنى إفادة أن غيرهم يوقن بغيرها؛ كما زعم المعترض، ويطرح إفهام أنه لا يوقن بالآخرة. ولا شك أن هذا ليس بمراد، بل المراد إفهام أن غيرهم لا يوقهن بالآخرة؛ فلذلك حافظنا على أن الغرض الأعظم إثبات الإيقان بالآخرة، ليتسلط المفهوم عليه، وأن المفهوم لا يتسلط على الحصر، لأن الحصر لم يدع عليه بجملة واحدة، مثل «ما» و «إلا» ومثل «إنما» ، وإنما دل عليه بمفهوم مستفاد من منطوق، وليس أحدهما متقيداً بالآخر؛ حتى نقول: إن المفهوم أفاد نفي الإيقان المحصور، بل أفاد [نفي] الإيقان مطلقاً عن غيرهم؛ وعلى هذا كله على تقدير تسليم الحصر، ونحن نمنع ذلك، ونقول: إنه اختصاص، وإن بينهما فرقاً. انتهى كلام السبكي.

ص: 35