المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ البدل يفارق عطف البيان في ثمانية أشياء: - الزيادة والإحسان في علوم القرآن - جـ ٦

[محمد عقيلة]

فهرس الكتاب

- ‌النوع الرابع عشر بعد المائةعلم أحوال المسند وأحوال متعلقات الفعل

- ‌فصل:في أحوال المسند وهو الخبر

- ‌فصل في أحوال المفعول:

- ‌النوع الخامس عشر بعد المائةعلم حصره واختصاصه

- ‌ الحصر ويقال له القصر

- ‌فصلطرق الحصر كثيرة:

- ‌تنبيه:

- ‌النوع السادس عشر بعد المائةعلم خبره وإنشائه

- ‌فصل:القصد بالخبر إفادة المخاطب

- ‌فرع:من أقسامه على الأصح التعجب

- ‌قاعدة:

- ‌فرع:من أقسام الخبر:

- ‌تنبيهات:

- ‌قاعدة:

- ‌فائدة:

- ‌فصل:من أقسام الإنشاء:

- ‌تنبيهات:

- ‌فصل:من أقسام الإنشاء:

- ‌فصل: ومن أقسامه: «النهى»

- ‌فصل:ومن أقسامه؛ التمني

- ‌فصل:ومن أقسامه: الترجي

- ‌فصل:يجوز تقدير الشرط بعد التمني

- ‌فصل:ومن أقسامه: النداء

- ‌قاعدة:

- ‌فائدة:

- ‌فصل:ومن أقسامه: القسم

- ‌النوع السابع عشر بعد المائةعلم فصله ووصله

- ‌تذنيب

- ‌النوع الثامن عشر بعد المائةعلم إيجازه وإطنابه ومساواته

- ‌فصل:والإيجاز والاختصار بمعنى واحد

- ‌فصل:الإيجاز على قسمين:

- ‌فصل:ذكر ابن الأثير، وصاحب «عروس الأفراح» وغيرهما: أن من أنواع إيجاز القصر

- ‌فصل:تقدم الكلام على إيجاز القصر

- ‌ للحذف ثمانية شروط:

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:ينبغي أن يقدر المحذوف في محله الذي يليق به

- ‌فائدة:ينبغي تقليل الحذف مهما أمكن

- ‌فائدة:اعتبر الأخفش التدريج في الحذف مهما أمكن

- ‌فصل:في أماكن من الحذف في القرآن

- ‌فائدة:الحذف على أنواع:

- ‌فائدة:قال الشيخ عز الدين: لا يقدر من المحذوف إلا أشدها موافقة للغرض

- ‌فصل:نذكر فيه أنواع الإطناب كما سبق أنواع الإيجاز

- ‌لطيفة:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:قطع النعوت في مقام المدح والذم أبلغ من إجرائها

- ‌ البدل يفارق عطف البيان في ثمانية أشياء:

- ‌فائدة:

- ‌النوع التاسع عشر بعد المائة«علم بديعه»

- ‌وأما نفي الشيء بإيجابه، وكثير من أنواع البديع، وحسن التخلص، فستأتي في كثير من الأنواع. ونورد في هذا الفن كثيرًا من أنواعه

- ‌الاستخدام:

- ‌الالتفات:

- ‌تنبيهات:

- ‌[شرط الالتفات]

- ‌التوشيح:

- ‌التهكم:

- ‌التسليم:

- ‌التسهيم:

- ‌حسن التعليل:

- ‌الاطراد:

- ‌الانسجام:

- ‌الإدماج:

- ‌الافتنان:

- ‌الاقتدار:

- ‌ائتلاف اللفظ مع اللفظ وائتلافه مع المعنى:

- ‌الاستدراك والاستثناء:

- ‌الاقتصاص:

- ‌الإبدال:

- ‌تأكيد المدح بما يشبه الذم:

- ‌التفويف:

- ‌التقسيم:

- ‌التدبيج:

- ‌القول بالموجب:

- ‌التنكيت:

- ‌التجريد:

- ‌التعديد:

- ‌الترتيب:

- ‌الترقي والتدلي:

- ‌التضمين:يطلق على أشياء:

- ‌الجناس:

- ‌تنبيه:

- ‌الإثبات:

- ‌الترديد:

- ‌الترصيع:

- ‌المماثلة:

- ‌التوزيع:

- ‌الجمع:

- ‌الجمع والتفريق:

- ‌الجمع والتقسيم:

- ‌الجمع مع التفريق والتقسيم:

- ‌جمع المؤتلف والمختلف:

- ‌حسن النسق:

- ‌عتاب المرء [لنفسه]:

- ‌العكس:

- ‌العنوان:

- ‌الفرائد:

- ‌القسم:

- ‌اللف والنشر:

- ‌المشاكلة:

- ‌المزاوجة:

- ‌المبالغة:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌المطابقة:

- ‌ترصيع الكلام:

- ‌المقابلة:

- ‌والفرق بين الطباق والمقابلة [

- ‌مراعاة النظير:

- ‌المواربة:

- ‌المراجعة:

- ‌النزاهة:

- ‌الإبداع:

- ‌النوع العشرون بعد المائةعلم فواتح السور

- ‌أعلم أن الله افتتح سور القرآن بعشرة أنواع من الكلام، لا يخرج شيء من السور عنها:

- ‌النوع الحادي والعشرون بعد المائةعلم خواتم السور

- ‌النوع الثاني والعشرون بعد المائةعلم مناسبات الآيات والسور

- ‌فصلالمناسبة في اللغة المشاكلة والمقاربة

- ‌وله أسباب:

- ‌قاعدة:

- ‌تنبيه:

- ‌فصل:من هذا النوع مناسبة فواتح السور وخواتمها

- ‌ لترتيب وضع السور في المصحف أسباب تطلع على أنه توقيفي صادر عن حكيم:

- ‌فصل:قال في «البرهان»: ومن ذلك افتتاح السور بالحروف المقطعة واختصاص كل واحدة بما بدئت به

- ‌فصل:ومن هذا النوع مناسبة أسماء السور لمقاصدها

- ‌فوائد منثورة في المناسبات:

- ‌النوع الثالث والعشرون بعد المائةعلم الآيات المتشاكلات المتقاربات

- ‌فصل في آخر الحروف الزوائد والنواقص

- ‌النوع الرابع والعشرون بعد المائةعلم لطائف القرآنوأسراره ونكته وفوائده

- ‌النوع الخامس والعشرون بعد المائةعلم أسرار تكرار قصص القرآنوبيان الحكمة والسر في ذلك

- ‌(فصل: فإن سأل سائل): ما الحكمة في عدم تكرار قصة يوسف عليه السلام

- ‌النوع السادس والعشرون بعد المائةإعجاز القرآن

- ‌فصل:وإنما كان القرآن العزيز معجزًا لأن لفظه الكلام العربي البليغ الراقي في درجة الفصاحة والبلاغة والبراعة إلى الغاية القصوى

- ‌فصل:لما ثبت كون القرآن معجزة نبينا صلى الله عليه وسلم وجب الاهتمام بمعرفة وجه الإعجاز

- ‌ إعجاز القرآن ذكر من وجهين:

- ‌ مراتب تأليف الكلام خمس:

- ‌ اعلم أن القرآن منطو على وجوه من الإعجاز كثيرة، وتحصيلها من جهة ضبط أنواعها في أربعة وجوه

- ‌تنبيهات:

- ‌النوع السابع والعشرون بعد المائةعلم مفردات القرآن العزيز

- ‌أرجى آية في القرآن:

- ‌النوع الثامن والعشرون بعد المائةعلم معرفة العلوم المستنبطة من القرآن

- ‌فصل:قال [الإمام] الغزالي [رحمة الله تعالى عليه] وغيره: آيات الأحكام

- ‌النوع التاسع والعشرون بعد المائةعلم أقسام القرآن

- ‌ كيف أقسم بالخلق وقد ورد النهي عن القسم بغير الله

- ‌ الألفاظ الجارية مجرى القسم ضربان:

- ‌النوع الثلاثون بعد المائةعلم جدل القرآن

- ‌ استدل سبحانه [وتعالى] على المعاد الجسماني بضروب:

- ‌فصل:من الأنواع المصطلح عليها في علم الجدل السبر والتقسيم

الفصل: ‌ البدل يفارق عطف البيان في ثمانية أشياء:

كيسان بينه وبين البدل، بأن البدل هو المقصود؛ فكأنك قررته في موضع البدل منه، وعطف البيان وما عطف عليه كل منهما مقصود.

وقال ابن كيسان: عطف البيان يجري مجرى النعت في تكميل متبوعة، ويفارقه في أن تكميله بشرح وتبيين، لا بدلالة على معنى في المتبوع أو سببه، ومجرى التوكيد في تقوية دلالته، ويفارقه في أنه لا يرفع توهم مجز ويجري مجرى البدل في صلاحية للاستقلال ويفارقه في أنه غير منوي الاطراح.

وذكر ابن هشام في «المغني» : أن‌

‌ البدل يفارق عطف البيان في ثمانية أشياء:

الأول: أن عطف البيان لا يكون مضمرًا ولا تابعًا لمضمر، بخلاف البدل، نحو:{وما أنسانيه إلا الشيطان} [الكهف: 63].

الثاني: أن البيان لا يخالف متبوعة في تعريفه، وتنكيره، بخلاف البدل، نحو:{كلا لئن لم ينته لنسعفا بالناصية (15) ناصية كاذبة خاطئة} [العلق: 15، 16].

ص: 157

الثالث: لا يكون عطف البيان جملة، بخلاف البدل، نحو:{وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم} [الأنبياء: 3].

الرابع: أنه لا يكون تابعًا لجملة، بخلاف البدل، نحو:{اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسئلكم أجرًا} [يس: 20، 21].

الخامس: أن لا يكون عطف البيان فعلاً، ولا تابعًا لفعل، بخلاف البدل، نحو:{ومن يفعل ذلك يلق أثامًا يضاعف له العذاب يوم القيامة} [الفرقان: 68، 69].

السادس: أن عطف البيان لا يكون بلفظ الأول، ويجوز ذلك في البدل بشرط أن يكون مع الأول زيادة بيان، كقراءة يعقوب:{وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها} [الجاثية: 28] بنصب «كل» الثانية، وهذا الفرق اختاره ابن مالك وبعض النحاة، ورده ابن هشام في «المغني» .

ص: 158

السابع: أن عطف البيان ليس في نية إحلاله محل الأول، بخلاف البدل.

الثامن: أنه ليس في التقدير من جملة أخرى، بخلاف البدل. انتهى ملخصًا.

مثال عطف البيان قول الله تعالى: {فيه آيات بينات مقام إبراهيم} [آل عمران: 97]، {ومن شجرة مباركة زيتونة} [النور: 35].

وقد يأتي لمجرد المدح نحو قوله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام} [المائدة: 97]، فالبيت الحرام عطف بيان للمدح، لا للإيضاح.

ص: 159

أقول: قد ذكر الحافظ السيوطي في «الإتقان» أن البدل وعطف البيان من الإطناب. وليسا منه في شيء؛ لأنهما مقصودان في أصل الكلام، والإطناب: الزيادة عن أصل الكلام الذي به يتم المقصود. والله أعلم.

النوع التاسع من أنواع الإطناب: الإطناب بعطف المترادفين أحدهما على الآخر: {إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله} [يوسف: 86]، {فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا} [آل عمران: 146]. {لا ترى فيها عوجًا ولا أمتا} [طه: 107]، قال الخليل: العوج والأمت بمعنى واحد، {لا تبقى ولا تذر} [المدثر: 28]. وأنكر المبرد وجود هذا النوع في القرآن، وأول كل ما سبق من هذه الألفاظ إلى اختلاف المعنيين. وهو الراجح. فيكون من باب تأكيد الكلام وتوضيحه توكيدًا غير صناعي، وإلا فتقدم أن التوكيد الصناعي ليس من باب الإطناب.

النوع العاشر من أنواع الإطناب: عطف الخاص على العام، وفائدته: التنبيه على فضله حتى كأنه ليس من جنس العام تنزيلاً لتغاير الوصف منزلة

ص: 160

التغاير في الذات.

ومن أمثلته: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} [البقرة: 238]، {من كان عدو لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين} ، [البقرة: 98].

النوع الحادي عشر من أنواع الإطناب: عطف العام على الخاص. وأنكره بعضهم. وفائدته: التعميم. وأفرد الأول بالذكر للاهتمام بشأنه.

مثاله: {إن صلاتي ونسكي} [الأنعام: 162]. والنسك: العبادة، فهو أعم. ومنه قوله:{ولقد آتيناك سبعًا من المثاني والقرآن العظيم} [الحجر: 87]. إن لم تجعل القرآن اسم الفاتحة. ومنه قوله: {رب اغفر لي ولوالدي

ص: 161

ولمن دخل بيتي مؤمنًا وللمؤمنين والمؤمنات} [نوح: 28].

النوع الثاني عشر من أنواع الإطناب: الإطناب بالإيضاح بعد الإبهام، نحو قوله تعالى:{إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم} [التوبة: 36]، {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة} [الأعراف: 142]، فكان قوله:{فتم ميقات ربه} رفع احتمال أن يكون العشرة من غير موعدة.

ومن أمثلته قوله تعالى: {إن الإنسان خلق هلوعًا (19) إذا مسه الشر جزوعًا (20) وإذا مسه الخير منوعًا} [المعارج: 19 - 21]، فقوله: {إذا مسه

} إلى آخره. مفسر «للهلوع» كما قال أبو العالية وغيره. وكذا قوله تعالى: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم} [البقرة: 255]، قال البيهقي في شرح أسماء الله الحسنى: قوله: {لا تأخذه سنة ولا نوم} تفسير «للقيوم» . وقوله تعالى: {يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم

} الآية [البقرة: 49]، فـ «يذبحون» وما بعده تفسير لـ «يسومونكم». وكذا قوله تعالى:

ص: 162

{لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة} [الممتحنة: 1]، فـ «تلقون

» إلى آخره، تفسير لـ «اتخاذهم أولياء». وكذا قوله تعالى: {الله الصمد (2) لم يلد ولم يولد (3)

} الآية [الإخلاص: 2، 3]، قال محمد بن كعب القرظي: لم يلد إلى آخره

تفسير لـ «الصمد» ، وهو في القرآن كثير. قال ابن جني: ومتى كانت الجملة تفسيرًا لم يحسن الوقوف على ما قبلها دونها؛ لأن تفسير الشيء لا حق به ومتمم له وجار مجرى بعض أجزائه.

النوع الثالث عشر من أنواع الإطناب: الإطناب بوضع الظاهر موضع المضمر. وقد ألف في ذلك ابن الضائع تأليفًا مفردًا. وله فوائد:

[1]

منها زيادة التقرير والتمكين، نحو:{قل هو الله أحد (1) الله الصمد} [الإخلاص: 1، 2]، {وبالحق أنزلناه وبالحق نزل} [الإسراء: 105]، {إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون} [غافر: 61]، {لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله} [آل عمران: 78].

ص: 163

[2]

ومنها: قصد التعظيم، نحو {اتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم} [البقرة: 282]، {أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون} [المجادلة: 22]، {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودًا} [الإسراء: 78]، {ولباس التقوى ذلك خير ذلك} [الأعراف: 26].

[3]

ومنها: قصد الإهانة والتحقير، نحو:{أولئك الشيطان ينزع بينهم} [الإسراء: 53].

[4]

ومنها: إزالة اللبس حيث يوهم الضمير أنه غير الأول، نحو قوله تعالى:{قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك} {آل عمران: 26]، لو قال:«تؤتيه» لأوهم أنه الأول، قال ابن الخشاب.

وقوله تعالى: {الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء} [الفتح: 6]، كرر «السوء» لأنه لو قال:«عليهم دائرته» لأوهم أن الضمير عائد إلى الله تعالى. وقوله تعالى: {فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه} [يوسف: 76] لو قال: ثم استخرجها منه لأوهم عود الضمير إلى الأخ وأنه استخرجها منه، وليس الأمر كذلك.

ص: 164

[5]

ومنها: الاستلذاذ بذكره، نحو:{وأورثنا الأرض تتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين} [الزمر: 74]، لم يقل:«منها» .

[6]

ومنها: قصد التوصل بالظاهر إلى الوصف نحو: {فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله} [الأعراف: 158]، بعد قوله:{إني رسول الله إليكم} [الأعراف: 158]، لم يقل:«فآمنوا بالله وبي» ليتمكن من إجراء الصفات التي ذكرها، ليعلم أن الذي وجب الإيمان به والإتباع له هو من وصف بهذه الصفات، ولو أتى بالضمير لم يكن له ذلك لأنه لا يوصف.

[7]

ومنها: التنبيه على علة الحكم، نحو قوله تعالى:{فبذل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا} [الأعراف: 162]، لم يقل:«فأنزلنا عليهم» لأن علة إنزال الرجس عليهم هو الظلم. ومن ذلك: {من كان عدوًا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين} [البقرة: 98]، لم يقل:«فإن الله عدو لهم» إعلامًا بأن من عادى هؤلاء فقد كفر، وأن الله إنما عاداه لكفره.

[8]

ومنها قصد العموم، نحو قوله تعالى:{وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء} [يوسف: 53]، ولم يقل:«إنها» لئلا يفهم التخصيص، وأن ذلك خاص لنفسه،

{أولئك هم الكافرون حقًا واعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا} [النساء: 37].

[9]

ومنها: الإشارة إلى التخصيص، كقوله تعالى:{وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي} [الأحزاب: 50]، لم يقل:«لك» للإشارة إلى الخصوصية لكونه نبي الله.

[10]

ومنها: التقرير والتوضيح، لكون المقام يقتضيه، مثل قوله تعالى:{قل أعوذ برب الناس} [الناس: 1] إلى آخر السورة، كرر «الناس»

ص: 165

ولم يقل: «مالكهم» ، لأن المقام مقام استعاذة الناس بربهم، فكان الإظهار أولى.

وذكر بعضهم: أنه في الآية نكتة الجناس .. وليس فيها جناس، بل هي من نوع التكرار- كما تقدم. لنكتة وفائدة.

وكذا قوله تعالى: {اقرأ باسم ربك الذي خلق (1) خلق الإنسان من علق (2)} [العلق: 1، 2]، ثم قال:{علم الإنسان ما لم يعلم} [العلق: 5]، ثم قال:{إن الإنسان ليطغى} [العلق: 6]، وكلهم بمعنى واحد. وإن قال بعضهم: إن «الإنسان» الأول هو مطلق الإنسان، والثاني آدم ومن تعلم الكتابة، والثالث، أبو جهل. وهو بعيد وفيه تكلف.

[11]

ومنها: مراعاة الترصيع وتوازن اللفظ في التركيب ذكره بعضهم، في قوله تعالى:{أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} .

ص: 166

[12]

ومنها: أن يحتمل ضميرًا لابد منه؛ ومنه قوله تعالى: {حتى إذا أتينا أهل قرية استطعما أهلها} [الكهف: 77]، لو قال:«استطعماها» لم يصح لأنهما لم يستطعما القرية، أو استطعماهم فكذلك؛ لأن جملة «استطعما» صفة لقرية النكرة، لا لـ «أهل» ، فلابد أن يكون فيها ضمير يعود عليها، ولا يمكن إلا مع التصريح بالظاهر.

كذا حرره السبكي في جواب سؤال سأله الصلاح الصفدي، وصورة السؤال:

أسيدنا قاضي القضاة ومن إذا

بدا وجهه استحيا له القمران

ومن كفه يوم الندى ويراعه

على طرسه بحران يلتقيان

ومن إن دجت في المشكلات مسائل

جلاها بفكر دائم اللمعان

رأيت كتاب الله أكبر معجز

لأفضل من يهدي به الثقلان

ولكنني في الكهف أبصرت آية

بها الفكر من طول الزمان عناني

وما هي إلا «استطعما أهلها» فقد

نرى «استطعماهم» مثله ببيان

فما الحكمة الغراء في وضع ظاهر

مكان ضمير إن ذاك لشان

ص: 167

فأرشد على عادات فضلك حيرتي

فمالي بها عند البيان يدان

الرابع عشر من أنواع الإطناب: الإيغال، وهو الإمعان، بأن يختم المتكلم الكلام بما يفيد نكتة يتم المعنى بدونها.

وزعم بعضهم أنه خاص بالشعر، ورد بأنه واقع في القرآن، ومثل لذلك بقوله تعالى: {

اتبعوا من لا يسئلكم أجرًا وهم مهتدون} [يس: 21] فقوله: «وهم مهتدون» إيغال؛ لأنه مما يتم المعنى بدونه، لأن الرسول مهتد

ص: 168

لا محالة، لكن فيه زيادة حيث على الإتباع، وترغيبًا في الرسل، أي لا تخسرون معه شيئًا من دنياكم، وتربحون صحة دينكم، فينتظم لكم خير الدنيا والآخرة.

وجعل منه ابن الإصبع: {ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين} [النحل: 80] فإن قوله: «إذا ولوا مدبرين» زائد على المعنى، مبالغة في عدم انتفاعهم.

النوع الخامس عسر من أنواع الإطناب: التذييل: وهو أن يؤتي بجملة عقب جملة مشتملة على معناها لتأكيد مفهومها ومنطوقها، ليظهر لمن لا يفهمه، ويتقرر عند من يفهمه. وهو ضربان:

[أ] ضرب لم يخرج مخرج المثل، كقوله تعالى: {ذلك جزيناهم بما

ص: 169

كفروا وهل نجزي إلا الكفور} [سبأ: 17].

[ب] وضرب خرج مخرج المثل، نحو:{وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا} [الإسراء: 81]. وقد اجتمعا في آية واحدة، وهي قوله تعالى:{وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإين مت فهم الخالدون (34) كل نفس ذائقة الموت} [الأنبياء: 34، 35]. جار مجرى المثل. وكل منهما تذييل لما قبله.

النوع السادس عشر من أنواع الإطناب: التكميل ويسمى بالاحتراس، وهو أن يؤتي بكلام يرفعه إيهام خلاف المقصود، مثل قوله: {أذلة على المؤمنين

ص: 170

أعزة على الكافرين} [المائدة: 54]، فلو اقتصر على وصفهم «بالذلة على المؤمنين» أوهم أنهم ضعفاء، فأتى بـ «أعزة على الكافرين» تكميلاً ودفعًا لهذا الوهم، وإشعارًا بأن ذلك منهم على وجه التواضع للمؤمنين، ولهذا عدى بـ «على» لتضمنه معنى العطف، كأنه قيل:«عاطفين عليهم» على وجه التذلل والتواضع.

وقال السعد -رحمه الله تعالى- في المطول: بجواز أن تكون التعدية بـ «على» للدلالة على أنهم -مع شرفهم وعزهم على الكفار- رحماء بينهم، فلو اقتصر على «أشداء على الكفار» ، لتوهم أنهم غلظاء. انتهى.

ص: 171

ومن هذا النوع، {وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء

} [النمل: 12]، {لا يحطمنكم وسليمان وجنوده وهم لا يشعرون} [النمل: 18]. فقوله: {من غير سوء} دفع توهم «بيضاء» يعني برصاء. وبقوله: {وهم لا يشعرون} دفع توهم أنهم جبابرة ظلمة.

قال الشيخ بهاء الدين في: «عروس الأفراح» : فإن قيل: كل ذلك إفادته معنى جديدًا، فلا يكون أطنابًا، قلنا: هو إطناب لما قبله، من حيث رفع توهم غيره، وإن كان له معنى نفسه.

النوع السابع عشر من أنواع الإطناب: التتميم، وهو أن يؤتي في الكلام بقيد زائد لنكتة، أما المبالغة أو غيرها، كقوله تعالى:{ويطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا} [الإنسان: 8]، فقوله:{على حبه} -أي حب الطعام- قيد زائد مبين لكرمهم، وطيب أنفسهم، وهذا على حمل «حبه» على حب الطعام. وأما إن حمل على «حب الله» فلا يكون من هذا الباب، بل

ص: 172

يكون من تمام الكلام ومن ضرورياته. فإن من أطعم الطعام «مسكينًا أو يتيمًا» أما أن يكون قصد به الله وهو المقبول الذي يمدح عليه، أولاً، فليس بمقبول.

فهذا المعنى مظنونًا في الآية على كل حال، فلما صرح به صار من ضروريات الكلام.

فلهذا قال في «التلخيص» -عند ذكر الآية- «في وجه» .

وقال شارحه: وهو أن يكون الضمير في «حبه» للطعام، أي: يطعموه مع حبه والاحتياج إليه. فإذا جعل الضمير «لله» ، أي «يطعمون» على حب الله تعالى، فلا يكون مما نحن فيه؛ لأنه تأدية أصل المراد. انتهى.

ومنه قوله تعالى: {وأتى المال على حبه} [البقرة: 177]، وقوله تعالى:{ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} [الحشر: 9]، فقوله:{ولو كان بهم خصاصة} قيد زائد للمبالغة في إيثارهم وإعطائهم الغير.

النوع الثامن عشر من أنواع الإطناب، الاعتراض: وهو أن يؤتي في أثناء الكلام، أو بين كلامين متصلين معنى، بجملة أو أكثر لا محل لها من الإعراب، لنكتة، نحو قوله تعالى: {ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما

ص: 173