الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع السابع عشر بعد المائة
علم فصله ووصله
النوع السابع عشر بعد المائة
علم فصله ووصله
ولم يذكر هذا النوع الحافظ السيوطي - رحمه الله تعالى - في «الإتقان» . قال القزويني في «تلخيص المفتاح» : الوصل: عطف بعض الجمل على بعض، والفصل: تركه، فإذا أتت جملة ...........................
[بعد جملة]؛ فالأولى: أما أن يكون لها محل من الإعراب، أو لا يكون، وعلى كون لها محل من الإعراب: إن قصد تشريك الثانية لها في حكمه عطفت عليها كالمفرد، فشرط كونه مقبولاً بالواو ونحوه أن يكون بينهما جهة جامعة، نحو: زيد يكتب ويشعر، أو يعطي، ويمنع، ولهذا/ عيب على أبي تمام قوله:
لا والذي هو عالم أن النوى
…
صبر وأن أبا الحسين كريم
وألا فصلت عنها، نحو قوله تعالى: {وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا
معكم إنما نحن مستهزءون () الله يستهزئ بهم} [البقرة: 14، 15]، لم يعطف:{الله يستهزئ بهم} على قوله: {إنا معكم} ، لأنه ليس من مقولهم.
وعلى الثاني: أن قصد ربطها بها، على معنى عاطف سوى «الواو» ، عطفت به نحو: دخل زيد فخرج - أو ثم خرج - عمرو، إذا قصد التعقيب أو المعلة. {ونادى نوح ربه فقال رب} [هود: 45]، {وكم من قريةٍ أهلكنها فجأءها بأسنا بياتاً أو هم قائلون (4)} [الأعراف: 4]، {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرةً} [الحج: 63]، {ثم أماته فأقبره (21) ثم إذا شاء أنشره (22)} [عبس: 21، 22]. وإلا فإن كان للأولى حكم [لم] يقصد إعطاؤه للثانية فالفصل، نحو قوله تعالى:{وإذا خلوا إلى شياطينهم} الآية [البقرة: 14]، لم يعطف:{الله يستهزئ بهم} على «قالوا» ، لئلا يشاركه في الاختصاص بالظرف، لما مر وإلا فإن كان بينهما كمال الانقطاع بلا إبهام، أو كمال الاتصال، أو شبه أحدهما، فكذلك، وإلا فالوصل.
أما كمال الانقطاع فلاختلافهما خبراً أو إنشاء لفظاً ومعنى، نحو:
وقال رائدهم أرسوا نزاولها
…
........................
أو معنى، نحو: مات فلان - رحمه الله تعالى-، أو لأنه لا جامع بينهما - كما سيأتي.
وأما كمال الاتصال، فلكون الثانية مؤكدة للأولى، لدفع توهم تجوز أو غلط، نحو {لا ريب فيه} [البقرة: 2]، لما بولغ في وصفه ببلوغه الدرجة القصوى في الكمال، بجعل المبتدأ {ذلك} [البقرة: 2]، وتعريف الخبر باللام، جاز أن يتوهم السامع قبل التأمل أنه مما يرمي به جزافاً فاتبعه
نفياً لذلك، فوزانه وزان (نفسه) في: جاءني زيد نفسه، ونحو قوله تعالى:{هدى للمتقين} [البقرة: 2]، فإن معناه: أنه في الهداية بالغ درجة لا يدرك كنهها حتى كأنه هداية محضة، وهذا معنى «ذلك الكتاب»؛ لأن معناه: الكتاب الكامل، والمراد بكماله: كماله في الهداية، لأن الكتب السماوية بحسبها تتفاوت في درجات الكمال؛ فوزانه وزان زيد الثاني في: جاءني زيد [زيد]. أو بدلاً منها لأنها غير وافية بتمام المراد أو كغير الوافية، بخلاف الثانية والمقام يقتضي اعتناء بشأنه لنكتة، ككونه مطلوباً في نفسه [أو] فظيعاً أو عجيباً أو لطيفاً، نحو قوله تعالى:{أمدكم بما تعلمون (132) أمدكم بأنعام وبنين (133) وجناتٍ وعيونٍ (134)} [الشعراء: 132 - 134]، فالمراد التنبيه على نعيم الله تعالى، والثاني أوفى بتأديته لدلالته عليها بالتفصيل من غير إحالة على علم/ المخاطبين المعاندين، فوزانه وزان وجهه
في «أعجبني زيد وجهه» لدخول الثاني في الأول، ونحو:
أقول له ارحل لا تقيمن عندنا
…
وإلا فكن في السر والجهر مسلماً
فإن المراد كمال إظهار الكراهة لإقامته، وقوله: لا تقيمن عندنا، أوفى بتأديته، لدلالته عليه بالمطابقة مع التأكيد، فوزانه وزان حسنها، في: أعجبني الدار حسنها، لأن عدم الإقامة مغاير للارتحال غير داخل فيه مع ما بينهما من الملابسة، أو بياناً لها لخفائها - نحو قوله تعالى:
{فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملكٍ لا يبلى (120)} [طه: 120]، فإن وزانه وزان «عمر» في: أقسم بالله أبو حفص عمر. فقوله: «قال يا آدم» بدل من الوسوسة وبيان لها، فهو هي. وكذلك قوله تعالى:{يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم} [البقرة: 49] فجملة «يذبحون أبناءكم» بدل من «يسومونكم سوء العذاب» مبينة لها. وقد جاء في آية أخرى: {ويذبحون أبناءكم} [إبراهيم: 6]، وليست فيها عاطفة، بل واو الحال، وإن جعلت عاطفة فعلى جعل «التذبيح» جنساً عظيماً كأنه خرج عن أنواع العذاب واستقل بنفسه حتى صح أن يعطف على العذاب. وأما كونها كالمنقطعة عنها فلكون عطفها عليها موهماً لعطفها على غيرها، ويسمى الفصل لذلك قطعاً، مثاله:
وتظن سلمى أنني أبغي بها
…
بدلاً أراها في الضلال تهيم
ويحتمل الاستئناف.
وأما كونها كالمتصلة بها فلكونها جواباً لسؤال اقتضته الأولى، فتنزل منزلته؛ فتفصل عنها كما يفصل الجواب عن السؤال. السكاكي: فينزل منزلة الواقع، لنكتة كإغناء السامع أن يسأل أو أن لا يسمع منه شيء، ويسمى الفصل لذلك استئنافاً، وكذا الثانية، وهو ثلاثة أضرب؛ لأن السؤال أما عن سبب الحكم مطلقاً نحو:
قال لي: كيف أنت، قلت: عليل
…
سهر دائم وحزن طويل
أي ما بالك عليلاً؟ وما سبب علتك؟
وأما عن سبب خاص، نحو قوله تعالى:{وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء} [يوسف: 53] وهذا الضرب يقتضي تأكيد الحكم - كما مر.
وأما عن غيرهما، نحو قوله تعالى:{قالوا سلاماً قال سلام} [هود: 69]، أي فماذا قال؟ وقوله:
زعم العواذل أنني في غمرة
…
صدقوا ولكن غمرتي لا تنجلي
وأيضاً منه ما يأتي بإعادة اسم ما استؤنف عنه نحو: أحسنت إلى زيد، زيد حقيق الإحسان.
ومنه ما يأتي على صفته، نحو: صديقك القديم أهل لذلك، وهذا أبلغ. وقد يحذف صدر الاستئناف، نحو قوله تعالى:{يسبح له فيها بالغدو والأصال (36) رجال} [النور: 36، 37]، كأنه قيل: من يسبحه؟ فقال: رجال، وعليه: نعم الرجل زيد، على قول من يجعل زيد خبر مبتدأ محذوف تقديره: هو زيد.
وقد يحذف كله، أما مع قيام شيء مقامه، نحو:
زعمتم أن أخوتكم قريش
…
لهم إلف وليس لكم إيلاف
أو بدون ذلك، نحو قوله تعالى:{فنعم الماهدون} [الذاريات: 48] أي: نحن، على قول. وأما الوصل لدفع الإيهام، فكقولهم:«لا، وأيدك الله» .
وأما للتوسط، فإذا اتفقا خبراً، أو إنشاء، لفظاً أو معنى، بجامع، كقوله تعالى: / {إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم} [البقرة: 9]، وقوله تعالى:{إن الأبرار لفي نعيم (13) وإن الفجار لفي جحيم (14)} [الانفطار: 13، 14]، وكقوله عز من قائل:{وكلوا واشربوا ولا تسرفوا} [الأعراف: 31]، وكقوله جل شأنه: {وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحساناً وذي
القربى واليتامى والمساكين وقولوا} [البقرة: 83] أي: لا تعبدوا. وتحسنون؛ بمعنى: أحسنوا، أو: وأحسنوا، والجامع بينهما يجب أن يكون باعتبار المسند إليهما، والمسندين، نحو: يشعر ويكتب، ويعطي ويمنع، وزيد شاعر وعمرو كاتب، وزيد طويل وعمرو قصير، لمناسبة بينهما، بخلاف زيد شاعر وعمرو كاتب، بدونها، وزيد شاعر وعمرو طويل مطلقاً.
السكاكي الجامع بين الشيئين: أما عقلي: بأن يكون بينهما اتحاد في التصور أو تماثل، فإن العقل بتجريده المثلين عن الشخص في الخارج يرفع التعدد.
أو تضايف كما بين العلة والمعلول، والأقل والأكثر.
أو وهمي، بأن يكون بين تصويرهما شبه تماثل، كلوني: بياض وصفرة، فإن الوهم يبرزهما في معرض المثلين، ولذلك حسن الجمع بين الثلاثة، التي في قوله:
ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها
…
[شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر]
أو تضاد، كالسواد والبياض، والإيمان والكفر، وما يتصف بها. أو شبه تضاد، كالسماء والأرض، والأول والثاني، فإنه ينزلهما منزلة التضايف، ولذلك تجد الضد أقرب خطوراً بالبال مع الضد.
أو خيالي، بأن يكون بين تصويرهما تقارن في الخيال سابق، وأسبابه مختلفة، ولذلك اختلفت الصور الثابتة في الخيالات ترتباً
ووضوحاً، ولصاحب علم المعاني فضل احتياج إلى معرفة الجامع لا سيما الخيالي، فإن جمعه على مجرى الألف والعادة.
ومن محاسن الوصل تناسب الجملتين في الاسمية والفعلية، والفعليتين في المضي والمضارعة، إلا لمانع.