الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّوْعُ الثَّانِى، مَالَمْ تَقْضِ فِيهِ الصَّحَابَةُ، رَضِىَ اللهُ عَنْهُمْ، فَيُرْجَعُ فِيهِ إِلَى قَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ أَحَدَهُمَا.
ــ
يَشْرَبُ مِثْلَ الحَمامِ، ففيه شاةٌ. فيَدْخُلُ فيه الفَواخِتُ (1)، والوراشِينُ (2)، والشَّفانِينُ (3)، والقُمْرىُّ (4)، والدُّبسِىُّ (5)، والقَطا (6). ولأنَّ كلَّ واحِدٍ منها تُسَمِّيه العَرَبُ حَمامًا. (وقاِل الكسائىُّ: كل مُطَوَّقٍ حَمامٌ) وعلى هذا القولِ الحَجَلُ (7) حَمنامٌ؛ لأنَّه مُطَوَّقٌ.
1237 - مسألة: (النَّوْعُ الثّانِى، ما لم تَقْضِ فيه الصَّحابَةُ، فَيُرْجَعُ فيه إلى قولِ عَدْلَيْن مِن أهْلِ الخِبْرَةِ، ويَجُوزُ أن يَكُونَ القاتِلُ
(1) الفواخت: جمع فاختة، وهى من ذوات الأطواق، وزعموا أنَّ الحيّات تهرب من صوتها.
(2)
في م: «الدواشين» . وفى الأصل: «الرواشين» . وهى الوَراشين؛ جمع ورشان، وهو ذكر القمارى، ويوصف بالحنو على أولاده.
(3)
في م: «السفاهين» . وفى الأصل: «السفانين» . وهى الشفانين؛ جمع شفنين، وهو طائر تسميه العامة اليمام.
(4)
القُمْرى: طائر حسن الصوت، وكنيته أبو ذكرى، الأنثى قمرية، وجمعها قمارى، وقمر.
(5)
في م: «الدسبى» . والدبسى؛ طائر صغير، وهو الذى في لونه غبرة بين السواد والحمرة، وقيل: ذكر اليمام.
(6)
القطا: جمع قطاة، نوع من اليمام يؤثر الحياة في الصحراء، يطير جماعات، ويقطع مسافات شاسعة.
(7)
الحجل: طائر على قدر الحمام، أحمر المنقار والرجلين، ويسمى دجاج البر.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أحَدَهما) وذلك لقولِ اللهِ تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} (1). فيَحْكُمان فيه بأشْبَهِ الأشْياءِ به مِن النَّعَمِ، مِن حيثُ الخِلْقَةُ، لا مِن حيثُ القِيمَةُ؛ بدَلِيلِ أنَّ قَضاءَ الصَّحابَةِ لم يَكُنْ بالمِثْلِ في القِيمَةِ. وليس مِن شَرْطِ الحَكَمِ أن يَكُونَ فَقِيهًا؛ لأنَّ ذلك زِيادَةٌ على أمْرِ الله تِعالى به، وقد أمَر عُمَرُ أرْبَدَ أن يَحْكُمَ في الضَّبِّ، ولم يَسْألْ أفَقِيهٌ أمْ لا؟ لكنْ تُعْتَبَرُ العَدالَةُ؛ لأنَّها مَنْصُوصٌ عليها. وتُعْتَبَرُ الخِبْرَةُ؛ لأنَّه لا يَتَمَكَّنُ مِن الحُكْمِ بالمِثْلِ إلَّا مَن له خِبْرَةٌ، ولأنَّ الخِبْرَةَ بما يَحْكُمُ به شَرْطٌ في سائِرِ الحُكّامِ. ويَجُوزُ أن يَكُونَ القاتِلُ أحَدَ العَدْلَيْن. وبه قال الشافعىُّ، وإسْحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال مالكٌ، والنَّخَعِىُّ: ليس له ذلك. لأنَّ الإنْسانَ لا يَحْكُمُ لنَفْسِه. وكذلك يَجُوزُ أن يَكُونَ الحاكِمان القاتِلَيْن. وبه قال الشافعىُّ. وقال مالكٌ: لا يَجُوزُ. حَكاه أبو الحُسَيْنِ. ولَنا، عُمُومُ قَوْلِه سبحانه:{يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} . والقَاتِلُ مع غَيْرِه ذَوَا عَدْلٍ مِنّا. وقد روَى الشافعىُّ في «مُسْنَدِه» (2)، عن طارِقِ بنِ شِهابٍ، قال: خَرَجْنا حُجَّاجًا، فأوْطَأ رجلٌ مِنّا -يُقالُ له: أرْبَدُ- ضَبُّا، ففَقَرَ ظَهْرَه، فقَدِمْنا على عُمَرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، فسَألَه أرْبَدُ، فقالَ: احْكُمْ يا أرْبدُ فيه. قال: أنْتَ خَيْرٌ مِنِّى يا أمِيرَ المُؤْمِنين. قال: إنَّما أمَرْتُك أن تَحْكُمَ، ولم آمُرْك
(1) سورة المائدة 95.
(2)
في: باب فيما يباح للمحرم وما يحرم. . . .، من كتاب الحج. ترتيب مسند الشافعى 1/ 332.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أن تُزَكِّيَنِى. فقالَ أرْبدُ: أرَى فيه جَدْيًا قد جَمَع الماءَ والشَّجَرَ. فقالَ عُمَرُ: فذلك فيه. فأمَرَه عُمَرُ أن يَحْكُمَ وهو القاتِلُ، وأمَرَ أيضًا كَعْبَ الأحْبار أن يَحْكُمَ على نَفْسِه في الجَرادَتَيْن اللتَيْن صادَهما وهو مُحْرِمٌ (1). ولأنَّه مال يُخْرَجُ في حَق اللهِ تعالى، فجازَ أن يَكُونَ مَن وَجَب عليه أمِينًا فيه، كالزكاةِ. قال ابنُ عَقِيل: إنَّما يَحْكُمُ القاتِلُ إذا قَتَل خَطَأً؛ لأنَّ القَتْلَ عَمْدًا يُنافِى العَدالَةَ، فيَخْرُجُ عن أن يَكُون من أهلِ الحُكْمِ، إلَّا أنْ يكونَ (2) قد قَتَلَه جاهِلاً بالتَّحْرِيمِ، فلا يَمْتَنِعُ أن يَحْكُمَ؛ لأنَّه لا يَفْسُقُ بذلك، والله أَعْلَمُ. وعلى قِياسِ ذلك، إذا قَتَلَه عندَ الحاجَةِ إلى أكْلِه؛ لأنَّ قَتْلَه مُباحُ، لكنْ يَجِبُ فيه الجَزاءُ.
(1) تقدم تخريجه في 8/ 321.
(2)
سقط من: م.