الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ يَخْطُبُ الإمَامُ خُطْبَةً يعَلِّمُهُمْ فِيهَا الْوُقُوفَ وَوَقْتَهُ، وَالدَّفْعَ مِنْهُ، وَالْمَبِيتَ بِمُزْدَلِفَةَ، ثُمَّ يَنْزِلُ فَيُصَلِّى بِهِمُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَذَانٍ وَإقَامَتَيْنِ.
ــ
1283 - مسألة: (ثم يَخْطُبُ الإِمامُ خُطْبَةً يُعَلِّمُهم فيها الوُقُوفَ وَوَقْتَه، والدَّفْعَ منه، والمَبِيتَ بمُزْدَلِفَةَ، ثم يَنْزِلُ فيُصَلِّى بهم الظُّهْرَ والعَصْرَ، يَجْمَعُ بَيْنَهما بأذانٍ وإقامَتَيْن)
إذا زالَتِ الشمس اسْتُحِبَّ للإِمامِ أن يَخْطُبَ خُطْبَةً يُعَلِّمُ النّاسَ فيها مَناسِكَهم؛ مِن مَوْضِع الوُقُوفِ ووَقْتِه، والدَّفْع مِن عَرَفاتٍ، والمَبِيتِ بمُزْدَلِفَةَ، وأخْذِ الحَصَا لرَمْىِ الجِمارِ؛ لِما ذَكَرْنا مِن حَدِيثِ جابِرٍ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم فَعَل ذلك. ثمَّ يأمُرُ بالأذانِ، فيَنْزِلُ فيُصَلِّى الظُّهْرَ والعَصر، يَجْمَعُ بينَهما، ويقيمُ لكلِّ صلاةٍ إقامَةً. وقال أبو ثَوْرٍ: يُؤَذِّنُ المُؤَذِّنُ إذا صَعِد الإِمامُ المِنْبَرَ فجَلَسَ، فإذا فَرَغ المُؤَذِّنُ، قام الإِمامُ فخَطَبَ. وقِيلَ: يُؤَذِّنُ في آخِر خُطْبَةِ الإِمامِ. وحَدِيثُ جابِرٍ يَدلُّ على أنه أذنَ بعدَ فَراغَ النبىِّ صلى الله عليه وسلم مِن خُطْبَتِه. وكيفما فَعَل فحَسَنٌ.
فصل: والأَوْلَى أن يُؤَذِّنَ للأُولَى، وإن لم يُؤَذِّنْ، فلا بَأْسَ. هكذا قال أحمدُ؛ لأن كلُّا مَرْوِىٌّ عن رسولَ اللَّهَ صلى الله عليه وسلم، والأذانُ أوْلَى. وهو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قولُ الشافعىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وأصحابِ الرَّأْىِ. وقال مالك: يُؤَذِّنُ لكلِّ صلاةٍ. واتِّباعُ السُّنَّةِ أوْلَى مع مُوافَقَةِ القِياس على سائِرِ المَجْمُوعاتِ والفَوائِتِ.
فصل: والسُّنَّةُ تَعْجِيلُ الصَّلاةِ حينَ تَزُولُ الشمسُ، وأن تُقَصَّرَ الخُطْبَةُ، ثم يَرُوحُ إلى المَوْقفِ؛ لِما رُوِى أن سالِمًا قال للحَجَّاجِ يومَ عَرَفَةَ: إن كُنْتَ تُرِيدُ أن تُصِيبَ السُّنَّةَ فقَصِّرِ الخُطْبَةَ، وعَجِّلِ الصلاةَ. فقالَ ابنُ عُمَرَ: صَدَق. رَواه البخارىُّ (1). ولأنَّ تَطْوِيلَ ذلك يَمْنَعُ الرَّواحَ إلى المَوْقفِ في أوَّلِ وَقْتِ الزَّوالِ، والسُّنَّةُ التَّعْجِيلُ في ذلك، فقد روَى سالِمٌ (2)، أنَّ الحَجَّاجَ أرْسَلَ إلى ابنِ عُمَرَ: أيَّةَ (3) ساعَةٍ كان رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرُوحُ في هذا اليَوْمِ؟ قال: إذا كان ذلك رُحْنَا. فلَمَّا أرادَ ابنُ عُمَرَ أن يَرُوحَ، قال: أزاغَتِ الشمسُ؟ قالُوا: لم تَزِغْ. فَلَمّا قالُوا: قد زاغَتْ. ارْتَحَلَ. رَواه أبو داودَ (4). قال ابنُ عُمَرَ: غَدَا رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِن مِنًى حينَ صَلَّى الصُّبْحَ، صَبِيحَةَ يَوْمِ عَرَفَةَ، حتى أتى عَرَفَةَ، فنَزَلَ بنَمِرَةَ، حتى إذا كان عندَ صلاةِ الظُّهْرِ، راحَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم مُهَجِّرًا،
(1) في: باب التهجير بالرواح يوم عرفة، و: باب الجمع بين الصلاتين بعرفة، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 198، 199. كما أخرجه النسائى، في: باب قصر الخطبة بعرفة، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 204.
(2)
الذى في سنن أبى داود وابن ماجه، أن راوى الحديث عن ابن عمر هو سعيد بن حسان.
(3)
في م: «أى» .
(4)
في: باب الرواح إلى عرفة، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 445.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب المنزلة بعرفة، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1001.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فجَمَعَ بينَ الظُّهْرِ والعَصْرِ، ثم خَطَب النّاسَ، ثم راحَ، فوَقَفَ على المَوْقِفِ مِن عَرَفَةَ (1). وقد ذَكَرْنا حَدِيثَ جابِرٍ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ (2): هذا كُلُّه مِمّا لا خِلافَ فيه بينَ عُلَماءِ المسلمين.
فصل: ويَجُوزُ الجَمْعُ لمَن بعَرَفَةَ مِن مَكِّىٍّ وغيرِه. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهلُ العِلْمِ على أن الإِمامَ يَجْمَعُ بينَ الظُّهْرِ والعَصْرِ بعَرَفَةَ، وكذلك كُلُّ مَن صَلَّى مع الإِمامِ. وذَكَرَ أصحابُنا أنه لا يَجُوزُ الجَمْعُ إلَّا لمَن بينَه وبينَ وَطَنِه سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا، إلْحاقًا له بالقَصْرِ. والصَّحِيحُ الأوَّلُ؛ فإنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم جَمَع معه مَن حَضَر مِن المَكِّيِّين وغيرِهم، فلم يَأْمُرْهم بتَرْكِ الجَمْعِ، أمَرَهم بتَرْكِ القَصْرِ، حينَ قال:«أتِمُّوا، فَإنَّا سَفْرٌ» (3). ولو حُرِّمَ لَبَيَنّهَ لهم؛ لأنَّه لا يَجُوزُ تأخِيرُ البَيانِ عن وَقْتِ الحاجَةِ، ولا يُقِرُّ النبىُّ صلى الله عليه وسلم على الخَطَإِ. وقد كان عثمانُ (4)، رَضِىَ اللَّهُ عنه، يُتِمُّ الصلاةَ؛ لأنَّه اتخَذَ أهْلًا بمَكَّةَ (5)، ولم يَتْرُكِ الجَمْعَ. ورُوِىَ نَحْوُ ذلك عن ابنِ الزُّبَيْرِ. وكان عمرُ بنُ عبدِ العَزِيزِ والِىَ مَكَّةَ، فخَرَجَ فجَمَعَ بينَ
(1) أخرجه أبو داود، في: باب الخروج إلى عرفة، من كتاب الحج. سنن أبى داود 1/ 445. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 129.
(2)
الاستذكار 13/ 135.
(3)
تقدم تخريجه في 5/ 60.
(4)
في الأصل: «عمر» .
(5)
سقط من: م.