الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُسْتَحَبُّ انْ يَسْعَى طاهِرًا مُسْتَتِرًا مُتَوَالِيًا. وَعَنْهُ، أنَّ ذَلِكَ مِنْ شَرَائِطِهِ.
ــ
فصل: والرَّمَلُ في السَّعْىِ سُنَّةٌ؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم سَعَى، وسَعَى أصحابُه، فرَوَتْ صَفِيَّةُ بنتُ شَيْبَةَ، عن أُمِّ وَلَدِ شَيْبَةَ، قالت: رَأيْتُ رسوِلَ اللهِ في يَسْعَى بينَ الصَّفَا والمَرْوَةِ، ويقولُ:«لَا يُقْطَعُ الأبْطَحُ إلَّا شَدًّا» . وليس ذلك بواجِبٍ، ولا شئَ على تارِكِه؛ فإنَّ ابنَ عُمَرَ قال: إن أسْعَ بينَ الصَّفَا والمَرْوَةِ، فقد رَأيْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْعَى، وإن أمْشِ، فقد رَأيْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمْشِى، وأنا شَيْخٌ كَبِيرٌ. رَواهما ابنُ ماجَه، وأبو داودَ (1). ولأنَّ تَرْكَ الرَّمَلِ في الطَّوافِ بالبَيْتِ لا شئَ فيه، فبينَ الصَّفَا والمَرْوَةِ أوْلَى.
1276 - مسألة: (ويُسْتَحَبُّ أن يَسْعَى طاهِرًا مُسْتَتِرًا مُتَوالِيًا. وعنه، أنَّ ذلك مِن شَرائِطِه)
المُسْتَحَبُّ لمَن قَدَر على الطَّهارَةِ أن لا يَسْعَى
(1) أخرجهما ابن ماجه، في: باب السعى ين الصفا والمروة، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 995. ولم نجد الأول عند أبي داود، وأخرج الثانى، في: باب أمر الصفا والمروة، من كتاب المناسك. سنن أبي داود 1/ 439. وكذلك أخرجه النسائى، في: باب السعى في بطن المسيل، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 194.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إلَّا مُتَطَهِّرًا مِن الحَدَثِ والنَّجاسَةِ، وكذلك جَمِيعُ المَناسِكِ. فإن سَعَى بينَ الصَّفَا والمَرْوَةِ على غيرِ طهارةٍ كُرِهَ له ذلك وأجْزَأه، في قولِ أكثرِ أهلِ العِلْمِ؛ منهم عَطاءٌ، ومالكٌ، والشافعيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأْىِ. وكان الحَسَنُ يقولُ: إن ذَكَر قبلَ أن يَحِلَّ فلْيُعِدِ الطَّوافَ، وإن ذَكَر بعدَ ما حَلَّ، فلا شئَ عليه. ولَنا، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لعائشةَ، رَضِىَ اللهُ عنها، حينَ حاضَتْ:«اقْضِى مَا يَقْضِى الحَاجُّ غَيْرَ أنْ لَا تَطُوفِى بِالبَيْتِ» (1). ولأنَّ ذلك عِبادَةٌ لا تَتَعَلَّقُ بالبَيْتِ، أشْبَهَتِ الوُقُوفَ بعَرَفَةَ. قال أبو داودَ: سَمِعْتُ أحمدَ يقولُ: إذا طافَتِ المَرْأةُ بِالبَيْتِ، ثم حاضَتْ، سَعَتْ بينَ الصَّفَا والمَرْوَةِ، ثم نَفَرَتْ. ورُوِىَ عن عائشة، وأُمِّ سَلَمَةَ، رَضِىَ اللهُ عنهما، أنَّهُما قالَتا: إذا طافَتِ المَرْأةُ بالبَيْتِ، وصَلَّتْ رَكْعَتَيْن، ثم حاضَتْ
(1) تقدم تخريجه في 8/ 111.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وصَلَّتْ رَكْعَتَيْن، ثم حاضَتْ بينَ الصَّفَا والمَرْوَةِ (1) فَلْتَطُفْ بالصَّفَا والمَرْوَةِ. رَواه الأثْرَمُ. ولا تُشْتَرَطُ الطهارةُ مِن النَّجاسَةِ أيْضًا ولا السِّتارَةُ للسَّعْىِ؛ لأنَّه إذا لم تُشْتَرطِ الطهارةُ مِن الحَدَثِ، وهى آكَدُ، فغيرُها أوْلَى. وقد ذَكَر بعضُ أصحابِنا رِوَايَةً عن أحمدَ، أنَّه كالطَّوافِ في اشْتِراطِ الطهارةِ والسِّتارَةِ قِياسًا عليه. ولا عَمَلَ عليه.
فصل: والمُوالَاةُ في السَّعْىِ غيرُ مُشْتَرَطَةٍ في ظاهِرِ كَلامِ أحمدَ، رحمه الله؛ فإنَّه قال في رجلٍ كان بينَ الصَّفَا والمَرْوَةِ، فلَقِيَه قادِمٌ يَعْرِفُه (2)، لَقفُ يُسَلِّمُ عليه، ويَسْألُه؟ قال: نعم، أمْرُ الصَّفَا سَهْلٌ، إنّما كان يُكْرَهُ الوُقُوفُ في الطَّوافِ بالبَيْتِ، فأمّا بينَ الصَّفَا والمَرْوَةِ فلا بَأْسَ. وقال القاضى: تُشْتَرَطُ المُوالَاةُ فيه، قِياسًا على الطَّوافِ. وحُكِىَ رِوايَةً عن أحمدَ. والأوَّلُ أصَحٌّ؛ فإنَّه نُسُكٌ لا يَتَعَلَّقُ بِالبَيْتِ، فلم تُشْتَرَطْ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «بعرفة» .