الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَدَدُهُ سَبْعُونَ حَصَاةً. فَإِذَا وَصَلَ مِنًى، وَحَدُّهَا مِنْ وَادِى مُحَسِّرٍ إِلَى الْعَقَبَةِ، بَدَأ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَيَرْفَعُ يَدَهُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطِهِ، وَلَا يَقِف عِنْدَهَا.
ــ
يَفْعَلُه، وكان ابنُ عُمَرَ يَتَحَرَّى سُنَّةَ النبىِّ صلى الله عليه وسلم. وعن أحمدَ، أنَّه لا يُسْتَحَبُّ. وقال: لم يَبْلُغْنا أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَه. وهذا الصَّحِيحُ. وهو قولُ عَطاءٍ، ومالكٍ، وكثيرٍ مِن أهْلِ العِلْمِ، فإنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا لُقِطَتْ له الحَصَى، وهو راكِبٌ على بَعِيرِه، جَعَل يَقْبِضُهُنَّ في يَدِه، لم يَغْسِلْهُنَّ، ولا أمَرَ بغَسْلِهِنَّ، ولا فيه مَعْنًى يَقْتَضِيه. فإن رَمَى بحَجَرٍ نَجِسٍ أجْزَأه؛ لأنَّه حَصَاةٌ. ويَحْتَمِلُ أن لا يُجْزِئَه؛ لأنَّه يُؤَدِّى به العِبادَةَ، فاعْتُبِرَتْ طهارتُه، كحَجَرِ الاسْتِجْمارِ، وتُرابِ التَّيَمُّمِ. وإن غَسَلَه ورَمَى به، أجْزَأه، وَجْهًا واحِدًا. واللَّهُ تعالى أعْلَمُ.
1299 - مسألة: (وعَدَدُه سَبْعُونَ حَصَاةً)
يَرْمِى منها بسَبعٍ يومَ النَّحْرِ، وباقِيها في أيامِ مِنًى، كلَّ يَوْم بإحْدَى وعِشْرِينَ (فإذا وَصَل مِنًى، وحَدُّها مِن وادِى مُحَسِّرٍ إلى العَقَبَةِ، بَدَأ بجَمْرَةِ العَقَبَةِ، فرَمَاهَا بسَبْعِ حَصَياتٍ، واحِدَةً بعدَ واحِدَةٍ، يُكَبر مع كلِّ حَصاةٍ، ويَرْفَعُ يَدَه حتى يُرَى بَياضُ إبْطِه) حَدُّ مِنًى ما بينَ جَمْرَةِ العَقَبَةِ ووادِى مُحَسِّرٍ. كذلك
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال عَطاءٌ، والشافعىُّ. وليس مُحَسِّرٌ والعَقَبَةُ مِن مِنًى. ويُسْتَحَبُّ سُلُوكُ الطرَّيقِ الوُسْطَى التى تَخْرُجُ على الجَمْرَةِ الكُبْرَى، فإنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم سَلَكَها. كذا في حَدِيثِ جابِرٍ. فإذا وَصَل مِنًى بَدَأ بجَمْرَةِ العَقَبَةِ؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم بَدَأ بها، ولأنَّها تَحِيَّةُ مِنًى، فلم يَتَقَدَّمْها شئٌ، كالطَّوافِ في المَسْجِدِ، وهى آخِرُ الجَمَراتِ مِمّا يلى مِنًى، وأوَّلُها مِمّا يَلى مَكَّةَ، وهى عندَ العَقَبَةِ، لذلك سُميَت بهذا، فَيَرْميها بسَبْعِ حَصَياتٍ، يُكَبِّرُ مع كلِّ حَصَاةٍ، ويَسْتَبْطِنُ الوادِى، ويَسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ، ثم يَنْصَرِفُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
(ولا يَقِفُ) وهذا بجُمْلَتِه قولُ مَن عَلِمْنا قولَه مِن أهلِ العِلْمِ. وإن رَماها مِن فوقِها جازَ، ولأنَّ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّه عنه، جاءَ والزِّحَامُ عندَ الجَمْرَةِ، فرَماها مِن فوقِها. والأوَّلُ أفْضَلُ؛ لِما روَى عبدُ الرحمنِ بنُ يزيدَ، أنه مَشَى مع عبدِ اللَّه، وهو يَرْمِى الجَمْرَةَ، فلَمَّا كانَ في بَطْنِ الوَادِى اعْتَرَضَها، فرَماها، فقِيلَ له: إنَّ نَاسًا يَرْمُونَها مِن فوقِها. فقالَ: مِن ههُنا، والذى لا إلهَ غيرُه، رَأَيْتُ الذى أُنْزِلَ عليه سُورَةُ البَقَرَةِ رَمَاهَا. مُتَّفَقٌ عليه. وفى لَفْظٍ: لَمّا أتَى عبدُ اللَّه جَمْرَةَ العَقَبَةِ اسْتَبْطنَ الوادِى، واسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، وجَعَل يَرْمِى الجَمْرَةَ على حاجِبِه الأَيْمَنِ، ثم رَمَى جَمْرَةً بسَبْع حَصَياتٍ، ثم قال: والذى لا إلهَ إلَّا هو، مِن ههنا رَمَى الذى أُنْزِلَت عليه سُورَةُ البَقَرَةِ (1). قال التِّرمِذِىُّ: هذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. ولا يُسَنُّ الوُقُوفُ
(1) اللفظ الأول، أخرجه البخارى، في: باب رمى الجمار من بطن الوادى، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 217. ومسلم، في: باب رمى جمرة العقبة، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 942، 943.
كما أخرجه النسائى، في: باب المكان الذى ترمى منه جمرة العقبة، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 222.
واللفظ الثانى، أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء كيف ترمى الجمار، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى 4/ 135. وابن ماجه، في: باب من أين ترمى جمرة العقبة، من باب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1008.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عندَها؛ لأنَّ ابنَ عُمَرَ، وابنَ عباسٍ رَوَيَا أنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ انْصَرَفَ ولم يَقِفْ. رَواه ابنُ ماجَه (1). ويُكَبِّرُ مع كلِّ حَصَاةٍ؛ لأنَّ جابِرًا قال: فرَماها بسَبْعِ حَصَياتٍ، يُكَبِّرُ معِ كلِّ حَصاةٍ. وإن قال: اللَّهُمَّ اجْعَلْه حَجًّا مَبْرُورًا، وذَنبًا مَغْفُورًا، وعَمَلَا مَشْكُورًا. فحَسَنٌ؛ فإنَّ ابنَ مسعودٍ، وابنَ عُمَرَ، كانا يَقُولَان نَحْوَ ذلك. وروَى حَنْبَلٌ في «المَنَاسِكِ» بإسْنادِه عن زَيْدِ بنِ أسْلَمَ، قال: رَأَيْتُ سالِمَ بنَ عبدِ اللَّه اسْتَبْطنَ الوَادِى، ورَمَى الجَمْرَةَ بسَبْعِ حَصَياتٍ، يُكَبِّرُ مع كلِّ حَصَاةٍ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّه أَكْبَرُ. ثم قال: اللَّهُمَّ اجْعَلْه حَجًّا مَبْرُورًا، وذَنْبًا مَغْفُورًا، وعَمَلًا مَشْكُورًا. فسَأَلْتُه عَمّا صَنَع؟ فقال: حَدَّثَنِى أبى أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم رَمَى الجَمْرَةَ مِن هذا المَكانِ، ويقولُ كُلَّمَا رَمَى حَصاةً مثلَ ما قُلْتُ (2). ويَرْمِى الحَصَى واحِدَةً بعدَ واحِدَةٍ، كما ذُكِرَ. وإن رَمَاها دَفْعَةً واحِدَةً، لم يُجْزِئْه إلَّا عن واحِدَةٍ. نَصَّ عليه أحمدُ. وهو قولُ مالكٍ،
(1) في: باب إذا رمى جمرة العقبة. . .، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1009.
كما أخرجه البخارى، عن ابن عمر، في: باب إذا رمى الجمرتين. . .، و: باب رفع اليدين عند الجمرتين. . .، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 218، 219.
(2)
أخرجه البيهقى، في: باب رمى الجمر من بطن الوادى. . .، من كتاب الحج. السنن الكبرى 5/ 129. وتقدم بلفظ آخر عند البخارى. انظر الحاشية السابقة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والشافعىِّ، وأصحابِ الرَّأْى. وقال عَطاءٌ: يُجْزِئُه، ويُكَبِّرُ لكُلِّ حَصَاةٍ. ولَنا، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم رَمَى سَبْعَ رَمَياتٍ، وقال:«خُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ» (1). ويَرْفَعُ يَدَه حتى يُرَى بَياضُ إبْطِه. قاله بعضُ أصحابِنا.
فصل: ويَرْمِيها راجِلًا وراكِبًا، وكيفما شاءَ؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم رَمَاهَا على راحِلَتِه. رَواه جابرٌ، وابنُ عُمَرَ، وغيرُهما. قال جابِر، رَضِىَ اللَّهُ عنه: رَأَيْتُ النبىَّ صلى الله عليه وسلم يَرْمِى على رَاحِلَتِه يَوْمَ النَّحْرِ، ويقولُ:«لِتَأْخُذُوا عَنِّى مَناسِكَكُمْ، فإنِّى لَا أَدْرِى لَعَلِّى لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِى هذِه» . رَواه مسلمٌ. وقال نافِعٌ: كان ابنُ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، يَرْمِى جَمْرَةَ العَقَبَةِ على دَابَّتِه يومَ النَّحْرِ، وكان لا يَأْتِى سائِرَها بعدَ ذلك إلَّا ماشِيًا، ذاهِبًا ورَاجِعًا، وزَعَم أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كانَ لا يَأْتِيها إلَّا ذاهِبًا وراجِعًا. رَواه أحمدُ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 87.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في «المُسْنَدِ» (1). وفى هذا بَيانٌ للتَّفْرِيقِ بينَ هذه الجَمْرَةِ وغيرِها. ولأنَّ رَمْىَ هذه الجَمْرةِ مِمّا تُسْتَحَبُّ البِدايَةُ به، وهى في هذا اليَوْمِ عندَ قُدُومِه، ولا يُسَنُّ عندَها وُقُوفٌ، فلو سُنَّ له المَشْىُ إليها، لشَغَلَه النُّزُولُ عن الابْتِداءِ بها والتَّعْجِيلِ إليها، بخِلافِ سائِرِها.
فصل: ولا يُجْزِئُه الرَّمْىُ إلَّا أن يَقَعَ الحَصَى في المَرْمَى، فإن وَقَع دُونَه لم يُجْزِئْه، لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا. وكذلك إن وَضَعَها بِيَدِه في المَرْمَى، لا يُجْزِئُه في قَوْلِهم جَمِيعًا؛ لأنَّه مَأْمُورٌ بالرَّمْى ولم يَرْمِ. وإن طَرَحَها طَرْحًا، أجْزَأه؛ لأنَّه يُسَمَّى رَمْيًا. وهذا قولُ أصحابِ الرَّأْى. وقال ابنُ القاسِمِ: لا يُجْزِئُه. وإن رَمَى حَصاةً، فوَقَعَتْ في غيرِ المَرْمَى، فأَطارَتْ حَصَاةً أُخْرَى، فوَقَعَتْ في المَرْمَى، لم يُجْزِئْه؛ لأنَّ التى رَماها لم تَقَعْ في المَرْمَى.
(1) المسند 2/ 156.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في رمى الجمار، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 455، 456. والترمذى، في: باب ما جاء في رمى الجمار. . .، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى 4/ 134.
ورواية الإمام أحمد وأبى داود: «بعد يوم النحر» .