الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا، قَطَعَ التَّلْبِيَةَ إِذَا وَصَلَ الْبَيْتَ.
ــ
فصل: فإن تَرَك التَّقْصِيرَ أو الحَلْقَ، وقُلْنا: هو نُسُكٌ. فعليه دَمٌ. فإنْ وَطِئَ قبلَ التَّقْصِيرِ، فعليه دَمٌ، وعُمْرَتُه صَحِيحَةٌ. وبهذا قال مالكٌ، وأصحابُ الرَّأْىِ. وحُكِىَ عن أصحابِ الشافعيِّ أن عُمْرَتَه تَفْسُدُ؛ لأنَّه وَطِئَ قبلَ حِلِّه مِن عُمْرَتِه. وعن عَطاءٍ، قال: يَسْتَغْفِرُ اللهَ. ولَنا، ما رُوِىَ عن ابنِ عباسٍ، رَضِىَ الله عنهما، أنَّه سُئِلَ عن امْرَأةٍ مُعْتَمِرَةٍ، وَقَع عليها زَوْجُها قبلَ أن تُقَصِّرَ. قال: مَن تَرَك مِن مَناسِكِه شَيْئًا، أو نَسِيَه، فَلْيُهَرِقْ دَمًا. قيلَ: إنَّها مُوسِرَةٌ. قال: فَلْتنْحرْ ناقَةً (1). ولأنَّ التَّقْصِيرَ ليس برُكْنٍ، فلا يَفْسُدُ النُّسُكُ بتَرْكِه، ولا بالوَطْءِ قبلَه، كالرَّمْىِ في الحَجِّ. قال أحمدُ، في مَن وَقَع على امْرَأتِه قبلَ تَقْصِيرِها مِن عُمْرَتِها: تَذْبَحُ شاةً. قيلَ: عليها أو عليه؟ قال: عليها هى. وهو مَحْمُولٌ على أنَّها طاوَعَتْه. فإن أكْرَهَها، فالدَّمُ عليه. وقد ذُكِرَ ذلك على ما فيه مِن الخِلافِ. واللهُ تعالَى أعْلَمُ.
1279 - مسألة: (ومَن كان مُتَمَتِّعًا، قَطَع التَّلْبِيَةَ إذا وَصَل
(2) البَيْتَ) قال أبو عبدِ اللهِ: يَقْطَعُ المُعْتَمِرُ التَّلْبِيَةَ إذا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ. وبهذا
(1) أخرج القصة البيهقى في السنن الكبرى 5/ 171.
وتقدم تخريج قوله: «من ترك نسكًا فعليه دم» في 8/ 125.
(2)
بعده في م: «إلى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال ابنُ عباسٍ، وعَطاءٌ، وعَمْرُو بنُ مَيْمُونٍ، وطاوُسٌ، والنَّخَعِيُّ، والثَّوْرِيُّ، والشافعيُّ، وإسحاقُ، وأصحابُ الرَّأْىِ. وقال ابنُ عُمَرَ، وعُرْوَةُ، والحَسَنُ: يَقْطَعُها إذا دَخَل الحَرَمَ. وعن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، يَقْطَعُها حينَ يَرَى عُرُشَ مَكَّةَ (1). وعن مالكٍ، أنَّه إن أحْرَمَ مِن المِيقاتِ قَطَع التَّلْبِيَةَ إذا وَصَل الحَرَمَ، وإن أحْرَمَ بها مِن أدْنَى الحِلِّ قَطَع التَّلْبِيَةَ حينَ يَرَى البَيْتَ. ولَنا، ما رُوِىَ عن ابنِ عباسٍ، رَضِىَ الله عنهما، يَرْفَعُ الحَدِيثَ: كان يُمْسِكُ عن التَّلْبِيَةِ في العُمْرَةِ إذا اسْتَلَمَ الحَجَرَ (2). قال التِّرْمِذِيُّ: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وروَى عَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ، عن أبِيهِ، عن جَدِّه، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم. اعْتَمَرَ ثَلاثَ عُمَرٍ، ولم يَزَلْ يُلَبِّى حتى اسْتَلَمَ الحَجَرَ (3). ولأنَّ التَّلْبِيَةَ إجَابَةٌ إلى العِبادَةِ، وشِعارٌ للإقامَةِ عليها.
(1) عرش مكة: بيوتها القديمة.
(2)
أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء حتى يقطع التلبية في العمرة، من أبواب الحج. عارضه الأحوذى 4/ 151.
(3)
أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 2/ 180.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإنَّما يَتْرُكُها إذا شَرَع فيما يُنافِيها، وهو التَّحَلُّلُ منها، والتَّحَلُّلُ يَحْصُلُ بالطَّوافِ والسَّعْىِ، فإذا شَرَع في الطَّوافِ، فقد أخَذَ في التَّحَلُّلِ، فيَنْبَغِى أن يَقْطَعَ التَّلْبِيَةَ، كالحاجِّ يَقْطَعُها إذا شَرَع في رَمْىِ جَمْرَةِ العَقَبَةِ؛ لحُصُولِ التَّحَلُّلِ بها. وأمّا قبلَ ذلك فلم يَشْرَعْ فيما يُنافِيها، فلا مَعْنَى لقَطْعِها. واللهُ تعالى أعلمُ.