الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَالأُضْحِيَة سُنَّةٌ مؤكَّدَةٌ. وَلَا تَجِبُ إِلَّا بِالنَّذْرِ.
ــ
منها شَيْئًا ضَمِنَه بمثلِه. فإن أطْعَمَ غَنِيًّا منها على سَبِيلِ الهَدِيَّة، جازَ، كما يَجُوزُ له ذلك في الأُضْحِيَةِ؛ لأنَّ ما مَلَك أكْلَه مَلَك هَدِيَّتَه. وإن باعَ شَيْئًا منها أو أتْلَفَه، ضَمِنَه بمثلِه؛ لأنَّه مَمْنُوعٌ مِن ذلك، فأشْبَهَ عَطِيَّتَه للجَازِرِ. وإن أتْلَفَ أجْنَبِىٌّ منه شيئًا، ضَمِنَه بقِيمَتِه؛ لأنَّه مِن غيرِ ذَواتِ الأمْثالِ، فضَمِنَه بقِيمَتِه، كما لو أتلَفَ لَحْمًا لآدَمِىٍّ مُعَيَّنٍ.
(فصل): قال، رحمه الله:(والأُضْحِيَةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، لا تَجِبُ إلَّا بالنَّذْرِ) أكثرُ أهْلِ العِلْمِ يَرَوْنَ الأُضْحِيَةَ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً غيرَ واجِبَةٍ. رُوِى ذلك عن أبى بَكْرٍ، وعُمَرَ، وابنِ مسعودٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم. وبه قال سُوَيْدُ ابنُ غَفَلَةَ، وسَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ، وعَلْقَمَةُ، والأسْوَدُ، وعَطاءٌ، والشافعىُّ، وإسْحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال رَبِيعَةُ، ومالكٌ، والثَّوْرِىُّ، واللَّيْثُ، والأوزَاعِىُّ، وأبو حنيفةَ: هى واجِبَةٌ؛ لِما روَى أبو هُرَيْرَةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قال:«مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا» (1). وعن مِخْنَفِ بنِ سُلَيْمٍ، أنَّ النبىَّ
(1) أخرجه ابن ماجه، في: باب الأضاحى واجبة هى أم لا؟، من كتاب الأضاحى. سنن ابن ماجه 2/ 1044. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 321.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صلى الله عليه وسلم، قال:«يَاأَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ في كُلِّ عَامٍ أُضْحَاةً وعَتِيرَةً» (1). ولَنا، ما روَى الدَّارَقُطْنِىُّ (2)، بإسْنَادِه عن ابنِ عباسٍ، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«ثَلَاثٌ كُتِبْنَ عَلىَّ، وَهُنَّ لَكُمْ تَطوُّعٌ» . وفى رِوايةٍ: «الْوِتْرُ، وَالنَّحْرُ، وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ» . ولأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم، قال:«مَنْ أَرَادَ أنْ يُضَحِّىَ فَدَخَلَ الْعَشْرُ، فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعَرِه وَلَا بَشَرَتِهِ شَيْئًا» . رَواه مسلمٌ (3). عَلَّقَه على الإِرادَةِ. والواجِبُ لا يُعَلَّقُ على الإِرادَةِ، ولأنَّها ذَبِيحَةٌ لم يَجِبْ تَفْرِيقُ لَحْمِها، فلم تَكُنْ وَاجِبَةً، كالعَقِيقَةِ، وحَدِيثُهم قد ضَعَّفَه أصحابُ الحَدِيثِ، ثم نَحْمِلُه على الاسْتِحْبَابِ، كما
(1) أخرجه أبو داود، في: باب ما جاء في إيجاب الأضاحى، من كتاب الأضاحى. سنن أبى داود 2/ 84. والترمذى، في: باب حدثنا أحمد بن منيع. . .، من أبواب الأضحية. عارضة الأحوذى 6/ 317. والنسائى، في: كتاب الفرع والعتيرة. المجتبى 7/ 148. وابن ماجه، في: باب الأضاحى واجبة هى أم لا؟ من كتاب الأضاحى. سنن ابن ماجه 2/ 1045. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 215، 5/ 76.
والعتيرة: هى ما يسميه الناس الرَّجبيَّة.
(2)
في: باب صفة الوتر وأنه ليس بفرض. . .، من كتاب الوتر. سنن الدارقطنى 2/ 21.
كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 1/ 231.
(3)
في: باب نهى من دخل عليه عشر ذى الحجة وهو يريد التضحية أن يأخذ من شعره. . .، من كتاب الأضاحى. صحيح مسلم 3/ 1565.
كما أخرجه أبو داود، في: باب الرجل يأخذ من شعره في العشر وهو يريد أن يضحى، من كتاب الأضاحى. سنن أبى داود 2/ 85. والنسائى، في: أول كتاب الضحايا. المجتبى 7/ 187.