الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَذَلِكَ إِنْ ضَلَّتْ فَذَبَحَ بَدَلَهَا ثُمَّ وَجَدَهَا.
ــ
1367 - مسألة: (وكذلك إن ضَلَّتْ فذَبَحَ بَدَلَها ثم وَجَدَها)
إذا ضَلَّ المُعَيَّنُ، فذَبَحَ غيرَه، ثم وَجَدَه، أو عَيَّنَ غيرَ الضّالِّ بَدَلًا عَمّا في الذِّمَّةِ، ثم وَجَد الضّالَّ، ذَبَحَهما معًا. رُوِى ذلك عن عُمَرَ، وابنِه، وابنِ عباسٍ. وبه قال مالكٌ، والشافعىُّ، وإسحاقُ؛ لِمَا رُوِى عن عائشةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنها، أنَّها أهْدَتْ هَدْيَيْن، فأضَلَّتْهُما، فبَعَثَ إليها ابنُ الزُّبَيْرِ بهَدْيَيْن، فنَحَرَتْهُما، ثم عادَ الضَّالَّانِ فنَحَرَتْهما، وقالت: هذه سُنَّةُ الهَدْى. رَواه الدَّارَقُطْنِىُّ (1). وهذا يَنْصَرِفُ إلى سُنَّةِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولأنَّه تَعَلَّقَ حَقُّ اللَّهِ تعالَى بهِما، بإيجابِهِما، أو ذَبْحِ أحَدِهما وإيجابِ الآخَرِ. ويَتَخَرَّجُ أن يَرْجِعَ إلى مِلْكِه أحَدُهما، بِناءً على المسألةِ التى قبلَها، فيما إذا عَيَّنَ عَمّا في الذِّمَّةِ شاةً فعَطِبَتْ أو تَعَيَّبَتْ، أنَّها تَرْجِعُ إلى مِلْكِه، لأنَّه قد ذَبَح عَمّا في الذِّمَّةِ، فلم يَلْزَمْه شئٌ آخَرُ، كما لو عَطِبَ المُعَيَّنُ. وهذا قولُ أصحابِ الرَّأْى.
فصل: إذا غَصَب شاةً، فذَبَحَها عمّا في ذِمَّتِه، لم يُجْزِئْه، وإن رَضِىَ
(1) في: باب المواقيت، من كتاب الحج. سنن الدارقطنى 2/ 242.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مالِكُها، وسَواءً عَوَّضَه عنها أو لم يُعَوِّضْه. وقال أبو حنيفةَ: يُجْزِئُه إن رَضِىَ مالِكُها. ولَنا، أنَّ هذا لم يَكُنْ قُرْبَةً في ابْتِدائِه، فلم يَصِرْ قُرْبَةً في أثْنائِه، كما لو ذَبَحَها للأَكْلِ ثمْ نَوَى بها التَّقَرُّبَ، وكما لو أعْتَقَ عَبْدًا ثم نَواه عن كَفّارَتِه.
فصل: ولا يَبْرَأُ مِن الهَدْى إلَّا بذَبْحِه أو نَحْرِه، لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم نَحَر هَدْيَهُ. فإن نحره بنَفْسِه، أو وَكَّلَ مَن نَحَرَه، أجْزَأه، وكذلك إن نَحَرَه إنْسانٌ بغيرِ إذْنِه في وَقْتِه، وفيه اخْتِلاف ذَكَرْناه. وإن دَفَعَه إلى الفُقَراءِ سَلِيمًا فنَحَرُوه، أجْزَأ عنه (1)؛ لأنَّه حَصَل المَقْصُودُ بفِعْلِهِم، فأجْزَأه؛ كما لو ذَبَحَه غيرُهم، وإن لم يَنْحَرُوه، فعليه أن يَسْتَرِدَّه منهم ويَنْحَرَه، فإن لم يَفْعَلْ، أو لم يَقْدِرْ، فعليه ضَمانُه؛ لأنَّه فَوَّتَه بتَفْرِيطِه في دَفْعِه إليهم سَلِيمًا.
فصل: ويُباحُ للفُقَراءِ الأَخْذُ مِن الهَدْى إذا لم يَدْفَعْه إليهم بأحَدِ شَيْئَيْن؛ أحَدُهما، الإِذْنُ فيه لَفْظًا، كما قال النبىُّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ» . والثانى، دَلَالَةُ الحالِ على الإِذْنِ، كالتَّخْلِيَة بينَهم وبينَه. وقال الشافعىُّ في أحَدِ قَوْلَيْه: لا يباحُ إلَّا باللَّفْظِ. ولَنا، قولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«اصْبُغْ نَعْلَها فِى دَمِهَا وَاضْرِبْ بِهِ صَفْحَتَهَا» (2). دَلِيلٌ على أنَّ ذلك وشِبْهَهُ كافٍ مِن
(1) في النسخ: «عنهم» . وانظر المغنى 5/ 443.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 397.