الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ قَطع غُصْنًا في الْحِلِّ أصْلُهُ في الْحَرَمِ، ضَمِنَهُ. فَإِنْ قَطَعَهُ في الْحَرَمِ وَأَصْلُهُ في الْحِلِّ، لَمْ يَضْمَنْهُ، فِى أحَدِ الْوَجْهَيْنِ.
ــ
فإنَّ الضَّمانَ على المُنَفِّرِ؟ قُلْنا: الشَّجَرُ لا يَنْتَقِلُ بنَفْسِه، ولا تَزُولُ حُرْمَتُه بإخْراجِه، ولهذا وَجَب على مُخْرِجِه رَدُّه، والصَّيْدُ يكونُ تارَةً في الحَرَمِ، وتارَةً في الحِلِّ، فمَن نَفَّرَه فقد فَوَّتَ حُرْمَتَه، فلَزِمَه جَزاؤُه، وهذا لم يُفوِّتْ حُرْمَتَه (1) بالِإخْرَاجِ، فكان الجَزاءُ على المُتْلِفِ؛ لأنَّه أتْلَفَ شَجَرًا حَرَمِيًّا مُحَرَّمًا إتْلافُه.
1252 - مسألة: (وإن قَطَع غُصْنًا في الحِلِّ أصْلُه في الحَرَمِ، ضَمِنَه. وإن قَطَع غُصْنًا في الحَرَمِ أصْلُه في الحِلِّ، لم يَضْمَنْه، في أحَدِ
(1) في م: «حرمتها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الوَجْهَيْن) إذا كانتِ الشَّجَرَةُ في الحَرَمِ غُصْنُها في الحِلِّ، فعلى قاطِعِه الضَّمانُ؛ لأنَّه تابِعٌ لأصْلِه، وإن كانت في الحِلِّ وغُصْنُها في الحَرَمِ، لم يَضْمَنْه، في أحَدِ الوَجْهَيْن. اخْتارَه القاضى؛ لأنَّه تابعٌ لأصْلِه، فهى كالتى قَبْلَها. وفى الآخَرِ، يَضْمَنُه. اخْتارَه ابنُ أبى موسى؛ لأنَّه في الحَرَم. فإن كان بعضُ الأصْلِ في الحَرَمِ، وبعضُه في الحِلِّ، ضَمِنَ الغُصْنَ، سَوَاءٌ كان في الحِلِّ، أو في الحَرَمِ، تَغْلِيبًا لحُرْمَةِ الحَرَمِ، كالصيدِ الواقِفِ بعضُه في الحِلِّ، وبعضُه في الحَرَم.
فصل: يُكْرَهُ إخْراجُ تُرابَ الحَرَمِ وحَصاه؛ لأنَّ ابنَ عباسٍ وابنَ عمرَ كَرِهاه. ولا يُكْرَهُ إخْراجُ ماءِ زَمْزَمَ؛ لأنَّه يُسْتَخْلَفُ، فهو كالثّمَرَةِ.
فَصْلٌ: وَيَحْرُمُ صَيْدُ الْمَدِينَةِ وَشَجَرُهَا وَحَشِيشُهَا، إِلَّا مَا تَدْعُو
ــ
فصل: قال، رحمه الله: (ويَحرُمُ صَيْدُ المَدِينَةِ وشَجَرُها وحَشِيشُها،
الْحَاجَةُ إِلَيْهِ مِنْ شَجَرِهَا لِلرَّحْلِ وَالْعَارِضَةِ وَالْقَائِمَةِ وَنَحْوِهَا، وَمِنْ حَشِيشِهَا لِلْعَلَفِ. وَمَنْ أَدْخَلَ إِلَيْهَا صَيْدًا، فَلَهُ إِمْسَاكُهُ وَذَبْحُهُ.
ــ
إلَّا ما تَدْعُو الحاجَةُ إليه مِن شَجَرِها للرَّحْلِ والعارِضَةِ القائِمَةِ ونَحْوِها، ومِن حَشِيشِها للعَلَفِ. ومَن أدْخَلَ إليها صَيْدًا، فله إمْساكُه وذَبْحُه). صَيْدُ المَدِينَةِ وشَجَرُها وحَشِيشُها حَرامٌ. وبه قال مالك، والشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَحْرُمُ؛ لأنَّه لو كان مُحَرَّمًا لَبَيَّنه النَّبِى صلى الله عليه وسلم بَيانًا عامًا، ولَوَجَبَ فيه الجَزاءُ، كصَيْدِ الحَرَمِ. ولَنا، ما روَى على، رَضِىَ الله عنه، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم، قال:«المَدِينَةُ حَرَمٌ، [مَا بَيْنَ ثَوْرٍ إلَى عَيْرٍ] (1)» . مُتَّفَقٌ عليه (2). وروَى تَحْرِيمَ المَدِينَةِ أبو هُرَيْرَةَ، ورافِعٌ، وعبدُ اللهِ بنُ زَيْدٍ في
(1) قال القاضى عياض: قال مصعب بن الزبير وغيره: ليس بالمدينة عير ولا ثور، قالوا: وإنما ثور بمكة. قال: وقال الزبير: عير جبل بناحية المدينة. قال القاضى: أكثر الرواة في كتاب البخارى ذكروا عيرا، وأما ثور فمنهم من كنى عنه بكذا، ومنهم من ترك مكانه بياضا؛ لأنهم اعتقدوا ذكر ثور هنا خطأ. شرح النووى على صحيح مسلم 9/ 143.
وفى عون المعبود 2/ 166، 167، عن صاحب القاموس: ثور جبل بمكة وجبل بالمدينة.
(2)
أخرجه البخارى، في: باب حرم المدينة، من كتاب المحصر وجزاء الصيد، وفى: باب إثم من عاهد ثم غدر. . . .، من كتاب الجزية. صحيح البخارى 3/ 26، 4/ 124، 125. ومسلم، في: باب فضل المدينة. . . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 994، 995. كما أخرجه أبو داود، في: باب تحريم المدينة، من كتاب المناسك. سنن أبو داود 1/ 469. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 398، 526.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُتَّفَقِ عليه (1)، ورَواه مسلمٌ (2) عن سَعْدٍ، وجابِرٍ، وأنَسٍ، رَضِىَ الله عنهم. وهذا يَدُلُّ على تَعْمِيمِ البَيانِ، وليس هو في الدَّرَجَةِ دُونَ أخْبارِ تَحْرِيمِ الحَرَم، وقد قبِلُوه وأثْبَتُوا أحْكامَه، على أنَّه ليس بمُمْتَنعٍ أن يُبَيِّنَه بَيانًا خاصًّا، أَو بَيَّنَهَ بَيانًا عامًّا، فيُنْقَلُ خاصًّا، كصِفَةِ الأذانِ والوِتْرِ والإقامَةِ.
فصل: ويُفارِقُ حَرَمُ المَدِينَةِ حَرَمَ مَكَّةَ في شَيْئَيْن؛ أحدُهما، أنَّه يَجُوزُ أن يُؤْخَذَ مِن شَجَرِ حَرَمِ المَدِينَةِ ما تَدْعُو الحاجَةُ إليه، للمَسانِدِ والوَسائِدِ والرَّحْلِ، ومِن حَشِيشِها ما يُحْتاجُ إليه للعَلَفِ؛ لِما روَى الِإمامُ أحمدُ (3)، عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ، رَضِىَ اللهُ عنهما، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا حَرَّمَ المَدِينَةَ، قالوا: يَا رسولَ اللهِ، إنَّا أصحابُ عَمَلٍ، وأصحابُ نَضحٍ (4)، وإنَّا لا
(1) يأتى تخرج حديث أبى هريرة في المسألة بعد القادمة.
أما حديث رافع فقد أخرجه مسلم، في: باب فضل المدينة، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 991، 992. ولم يخرجه البخارى. انظر: تحفة الأشراف 151/ 3، 157. كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 4/ 141.
وحديث عبد الله بن زيد أخرجه البخارى، في: باب بركة صاع النبى صلى الله عليه وسلم ومده، من كتاب البيوع. صحيح البخارى 3/ 88. ومسلم، في: باب فضل المدينة، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 991. كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند 4/ 40.
(2)
في: الباب السابق. صحيح مسلم 2/ 992 - 914.
كما أخرج حديث سعد الإمام أحمد، في: المسند 181/ 1، 183 - 185.
(3)
لم يجده في المسند ونسبه السمهودى لابن زبالة. ولعله في كتابه «أخبار المدينة» . انظر وفاء الرفا 1/ 111.
(4)
النضح: حمل الماء من نهر أو بئر لسقى الزرع.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نَسْتَطِيعُ أرْضًا غيرَ أرْضِنا، فَرَخِّصْ لنا. فقال:«القَائِمَتَانِ، وَالوِسَادَةُ، وَالعَارِضَةُ، وَالمَسَدُ (1)، فأمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا يُعْضَدُ، وَلَا يُخْبَطُ مِنْهَا شَئٌ» . قِيلَ: المَسَدُ (1) مِرْوَدُ البَكَرَةِ. فاسْتَثْنَى ذلك، وجَعَلَه مُباحًا، كاسْتِثْناءِ الإِذْخِرِ بمَكَّةَ. وعن علىٍّ رَضِىَ اللهُ عنه، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، قال:«المَدِينَةُ حَرَامٌ، مَا بَيْنَ عَائِرٍ (2) إلَى ثَوْرٍ، لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا يَصْلُحُ أنْ يُقْطَعَ مِنْهَا شَجَرَةٌ، إلَّا أنْ يَعْلِفَ زَجُل بَعِيرَهُ» . رَواه أبو داودَ (3). ولأنَّ المَدِينَةَ يَقْرُبُ منها شَجَرٌ وزَرْعٌ، فلو مَنَعْنا مِن احْتِشاشِها، أفْضَى إلى الضَّرَرِ، بخِلافِ مَكَّةَ. الثانى، أن مَن صادَ مِن خارِجِ المدينَةِ صَيْدًا، ثم أدْخَلَه إليها لم يَلْزَمْه إرْسَالُه. نَصَّ عليه أحمدُ؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كان يقولُ:«يَا أَبا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟» (4). وهو طائِرٌ صَغِيرٌ. فظاهِرُ هذا أنَّه أباحَ إمْساكَه بالمَدِينَةِ،
(1) في النسخ: «المسند» . وانظر المغنى 5/ 193.
والمسد: المحرر الذى تدور عليه البكرة.
(2)
عائر: جبل بالمدينة. وتقدم في الصفحة قبل السابقة بلفظ: «عير» .
(3)
في: باب في تحريم المدينة، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 469.
(4)
أخرجه البخارى، في: باب الانبساط إلى الناس. . . .، وباب: الكنية للصبى. . . .، من كتاب الأدب. صحيح البخارى 8/ 37، 55. ومسلم، في: باب استحباب تحنيك المولود. . . .، من كتاب الآداب. صحيح مسلم 3/ 1692، 1693. وأبو داود في: باب ما جاء في الرجل يتكنى وليس له ولد، من كتاب الأدب. سنن أبى داود 589/ 2. والترمذى، في: باب الصلاة على البسط، من أبواب الصلاة، وفى: كتاب ما جاء في المزاح، من أبواب البر والصلة. عارضة الأحوذى 2/ 128، 8/ 156، 157. وابن ماجه، في: باب المزاح، من كتاب الأب. سنن ابن ماجه 2/ 1226. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 115، 119، 171، 190، 201، 212، 223، 278، 288.