الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ أَخَّرَ الرَّمْىَ كُلَّهُ، فَرَمَاهُ فِى آخِرِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، أَجْزَأَهُ، وَيُرَتِّبُهُ بِنِيَّتِهِ. وَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، أَوْ تَرَكَ الْمَبِيت بِمِنًى فِى لَيَالِيهَا، فَعَلَيْهِ دَمٌ. وَفِى حَصَاةٍ أَوْ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ مَا فِى حَلْقِ شَعَرِهِ.
ــ
1317 - مسألة: (وإنْ أخَّرَ الرَّمْىَ كلَّه، فرَمَاه في آخِرِ أيامِ التَّشْرِيقِ، أجْزَأه، ويُرَتِّبُه بنِيَّتِه. وإن أخَّرَه عن أيَّامِ التَّشْرِيقِ، أو تَرَكَ المَبِيتَ بمِنًى في لَيالِيها، فعليه دَمٌ، وفى حَصَاةٍ أو لَيْلَةٍ واحِدَةٍ ما في حَلْقِ شَعَرِه)
إذا أخَّرَ رَمْىَ يَوْمٍ إلى ما بَعْدَه، أو أخَّرَ الرَّمْىَ كلَّه إلى آخِرِ أيَّامِ التَّشْرِيقِ، تَرَك السُّنَّةَ، ولا شئَ عليه، إلَّا أنَّه يُقَدِّمُ بالنِّيَّةِ رَمْىَ اليومِ الأولِ، ثم الثَّانِى، ثم الثالِث. وبذلك قال الشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ. وقال أبو حنيفةَ: إن تَرَك حَصاةً أو حَصاتَيْن أو ثلاثًا إلى الغدِ، رماها، وعليه لكلِّ حَصاةٍ نِصْفُ صاعٍ، وإن تَرَك أرْبَعًا، رَمَاها، وعليه دَمٌ. ولَنا، أنَّ أيَّامَ التَّشرِيق وَقْتٌ للرَّمْىِ، فإذا أخَّرَه مِن أوَّلِ وَقْتِه إلى آخِره، لم يَلْزَمْه شئٌ، كما لو أخَّرَ الوُقُوفَ بعَرَفَةَ إلى آخِرِ وَقْتِه. قال القاضى: ولا يَكُونُ رَمْيُه في اليومِ الثانى قَضاءً؛ لأنَّه وَقْتٌ واحِدٌ. فإن سُمِّىَ قَضاءً، فالمُرَادُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
به الفِعْلُ، كقولِه تعالى:{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} (1). وقَوْلِهم: قَضَيْتُ الدَّيْنَ. والحُكْمُ في رَمْى جَمْرَةِ العَقَبَةِ إذا أخَّرَها، كالحُكْمِ في رَمْى أيَّامِ التَّشْرِيقِ، في أنَّها إذا لم تُرْمَ يَوْمَ النَّحْرِ رُمِيَتْ مِن الغَدِ. وإنَّما قُلْنا: يَلْزَمُه التَّرْتِيبُ بنِيَّتِه؛ لأنَّها عِبادَةٌ يَجِبُ التَّرْتِيبُ فيها إذا فَعَلَها في أيَّامِها، فوَجَبَ تَرْتِيبُها مَجْمُوعَةً، كالمَجْمُوعَتَيْن والفَوائِتِ مِن الصَّلَواتِ.
فصل: فإن أخَّرَه عن أيَّامِ التَّشْرِيقِ، فعليه دَمٌ؛ لأنَّه تَرَك نُسُكًا واجبًا، فيَجِبُ عليه دَمٌ؛ لقولِ ابنِ عباسٍ: مَن تَرَك نُسُكًا، أو نَسِيَه فإنَّه يُهْرِقُ دَمًا (2). ولأنَّ آخِرَ وَقْتِ الرَّمْى آخِرُ أيَّامِ التَّشْرِيقِ، فمتى خَرَجَتْ قبلَ رَمْيِه فاتَ وَقْتُه، واسْتَقَرَّ عليه الفِداءُ الواجِبُ في تَرْكِ الرَّمْى.
(1) سورة الحج 29.
(2)
تقدم تخريجه في 8/ 125.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هذا قولُ أكْثَرِ أهلِ العِلْمِ. وعن عطاءٍ، في مَن رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ، وخَرَج إلى إبلِه في لَيْلَةِ أرْبَعَ عَشْرَةَ، ثم رَمَى قبلَ طُلُوعِ الفَجْرِ، أجْزَأه، فإن لم يَرْمِ، فعليه دَمٌ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لأنَّ مَحَلَّ الرَّمْى النَّهارُ، فيَخْرُجُ وَقْتُ الرَّمْى بخُرُوجِ النَّهارِ، وكذلك إن تَرَك المَبِيتَ بمِنًى في لَيالِيها. وهذا مَبْنِىٌّ على الرِّوايَةِ في وُجُوبِ المَبِيتِ بمِنًى. وعن أحمدَ، أنَّه لا شئَ عليه، وقد أساءَ. وهو قولُ أصحابِ الرَّأْى؛ لأنَّ الشَّرْعَ لم يَرِدْ فيه بشئٍ. وعنه، يُطْعِمُ شَيْئًا. وخَفَّفَه، ثم قال: قد قال بعضُهم: ليس عليه. وقال إبراهيمُ: عليه دَمٌ. وضَحِكَ، ثم قال: دَمٌ بمرةٍ. شَدَّدَ «بمَرَّةٍ» (1). قُلْتُ: ليس إلَّا أن يُطْعِمَ شيئًا؟ قال: نعم، يُطْعِمُ شيئًا، تَمْرًا أو نحوَه. فعلى هذا، أىُّ شئٍ تَصَدَّقَ به أجْزَأه. ولا فَرْقَ بينَ لَيْلَةٍ أو أكْثَرَ؛ لأنَّه
(1) في م: «وبمرة» . وانظر المغنى 5/ 325.