الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ طَافَ مُحْدِثًا، أوْ نَجِسًا، أوْ عُرْيَانًا، لَمْ يُجْزِئْهُ. وَعَنْهُ، يُجْزِئُهُ، وَيَجْبُرُه بِدَمٍ.
ــ
«الطَّوَافُ بِالبَيْتِ صَلَاة» (1). والصلاةُ لا تَصِحُّ بدُونِ النِّيَّةِ.
1269 - مسألة: (وإن طافَ مُحْدِثًا، أو نَجِسًا، أو عُرْيَانًا، لم يُجْزِئْه. وعنه، يُجْزِئُه، ويَجْبُرُه بدَمٍ)
الطَّهَارَةُ مِن الحَدَثِ والنَّجاسَةِ، والسِّتارَةُ، شَرائِطُ لصِحَّةِ الطَّوافِ، في ظاهِرِ المَذْهَبِ. وهو قَوْلُ مالكٍ، والشافعيِّ. وعن أحمدَ، أنَّ الطهارَةَ ليست شَرْطًا، فمتى طاف للزِّيارَةِ غيرَ مُتَطَهِّرٍ، أعادَ، ما كان بمَكَّةَ، فإن خَرَج إلى بَلَدِه جَبَرَه بدَمٍ. وكذلك يُخَرَّجُ في الطهارَةِ مِن النَّجَسِ والسِّتارَةِ. وعنه، في مَن طاف للزِّيارَةِ، وهو ناسٍ للطهارةِ: لا شئَ عليه. وقال أبو حنيفةَ: ليس شئٌ مِن ذلك شَرْطًا. واخْتَلَفَ أصحابُه، فقال بَعْضُهم: هو واجِبٌ. وقال بعضُهم: هو سُنَّةٌ؛ لأنَّ الطَّوافَ رُكْنٌ للحَجِّ، فلم تُشْتَرَطْ له الطهارةُ، كالوُقُوفِ. ولَنا، ما روَى ابنُ عباسٍ، رَضىَ اللهُ عنه، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم، قال:«الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، إلَّا أنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ» . رَواه التِّرْمِذِىُّ، والأثْرَمُ. وعن أبي هُرَيْرَةَ أنَّ أبا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، رَضِىَ الله عنه، بَعَثَه في الحَجَّةِ التى أمَّرَه عليها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قبلَ حَجَّةِ. الوَداعِ يومَ النَّحْرِ،
(1) تقدم تخريجه في صفحة 100.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُؤَذِّنُ: «لَا يَحُجُّ بَعْدَ العام مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ» . مُتَّفَقٌ علية (1). ولأنَّها عِبادَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بالبَيْتِ، فكانتِ الطَّهارَةُ والسِّتارَةُ فيها شَرْطًا، كالصلاةِ، وعَكْسُه الوُقُوفُ. ولأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال لعائشةَ حين حاضَتْ:«افْعَلِى مَا يَفْعَلُ الحَاجُّ، غَيْرَ أنْ لَا تَطُوفِى بِالْبَيْتِ» (2).
فصل: وإذا شَكَّ في الطهارةِ وهو في الطَّوافِ، لم يَصِحَّ طَوافُه؛ لأنِّه شَكَّ في شَرْطِ العِبادَةِ قبلَ الفَراغِ منها، أشْبَهَ ما لو شَكَّ في الطهارةِ وهو في الصلاةِ. وإن شَكَّ بعدَ الفَراغِ منه، لم يَلْزَمْه شئٌ؛ لأنِّ الشَّكَّ في شَرْطِ العِبادَةِ بغدَ فَراغِها لا يُؤَثِّرُ فيها. وإن شَكَّ في عَدَدِ الطِّوافِ، بَنَى على اليَقِينِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كلُّ مَن نَحْفَظُ عنه مِن أهْلِ العِلْمِ على ذلك؛ لأنَّها عِبادَة، فمتى شَكَّ فيها وهو فيها، بَنَى على اليَقِينِ، كالصلاةِ. فإن أخْبَرَه ثِقَةٌ عن عَدَدِ طَوافِه قَبِل قولَه إن كان عَدْلًا. وإن
(1) تقدم تخريجه في 8/ 50.
(2)
تقدم تخريجه في 8/ 111.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شَكَّ في عَدَدِه بعدَ الفَراغِ منه، لم يَلْتَفِتْ إليه، كمَن شَكَّ في عَدَدِ الرَّكَعَاتِ بعدَ فَراغِ الصلاةِ. قال أحمدُ: إذا كان رجلان يَطوفَانِ، فاخْتَلَفَا في الطَّوافِ، بَنَيَا على اليَقِينِ. قال شيخُنا (1): وهو مَحْمُول علىِ أنَّهما شَكَّا، فإن كان أحَدُهما يَتَيَقَّنُ حالَ نَفْسِه، لم يَلْتَفِتْ إلى قَوْلِ غيْرِه.
فصل: إذا فَرَغ المُتَمَتِّعُ، ثم عَلِم أنَّه كان على غيرِ طهارةٍ في أحَدِ الطَّوافَيْن، لا بعَيْنِه، بَنَى الأمْرَ على الأَشَدِّ، وهو أنَّه كان مُحْدِثًا في طَوافِ العُمْرَةِ، فلم تَصِحَّ، ولم يَحِلَّ منها، فيَلْزَمُه دَمٌ للحَلْقِ، ويكونُ قد أدْخَلَ الحَجَّ على العُمْرَةِ، فيَصِيرُ قارِنًا، ويُجْزِئُه الطَّوافُ للحَجِّ عن النُّسُكَيْن، ولو قَدَّرْناه مِن الحَجِّ لَزِمَه إعادَةُ الطَّوافِ، ويَلْزَمُه إعادَةُ السَّعْى على التَّقْدِيرَيْن؛ لأنَّه وُجِدَ بعدَ طَوافٍ غيرِ مُعْتَدٌّ به. وإن كان وَطِئَ بعدَ حِلِّه مِن العُمْرَةِ، حَكَمْنا بأنَّه أدْخَلَ حَجًّا على عُمْرَةٍ فاسِدَةٍ، فلا يَصِحُّ، ويَلْغُو ما فَعَلَه مِن أفْعالِ الحَجِّ، وَيَتَحَلَّلُ بالطَّوافِ الذى قَصَدَه للحَجِّ مِن عُمْرَتِه الفاسِدَةِ، وعليه دَمٌ للحَلْقِ، ودَمٌ للمُضِيِّ في عُمْرَتِه، ولا يَحْصُلُ له حَجٌّ ولا عُمْرَةٌ. ولو قَدَّرْناه مِن الحَجِّ، لم يَلْزَمْه أكْثَرُ مِن إعادَةِ الطَّوافِ والسَّعْىِ، ويَحْصُلُ له الحَجُّ والعُمْرَةُ.
(1) في: المغنى 5/ 225.