الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يُجْزِئُ فِيهِمَا الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا؛ وَهِىَ الَّتِى انْخَسَفَتْ عَيْنُهَا، وَلَا الْعَجْفَاءُ الَّتِى لَا تُنْقِى، وَهِىَ الْهَزِيلَةُ الَّتِى لَا مُخَّ فِيهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا، فَلَا تَقْدِرُ عَلَى الْمَشْىِ مَعَ الْغَنَمِ، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَضْبَاءُ؛ وَهِىَ الَّتِى ذَهَبَ أَكْثَرُ أُذُنِهَا أوْ قَرْنِهَا.
ــ
1345 - مسألة: (ولا يُجْزِئُ فيهما
(1) العَوْرَاءُ البَيِّنُ عَوَرُها؛ وهى التى انْخَسَفَتْ عَيْنُها، ولا العَجْفَاءُ التى لا تُنْقِى؛ وهى الهَزِيلَةُ التى لا مُخَّ فيها، ولا العَرْجَاءُ البَيِّنُ ظَلْعُهَا، فلا تَقْدِرُ على المَشْىِ مع الغَنَمِ، ولا المَرِيضَةُ البَيِّنُ مَرَضُها، ولا العَضْبَاءُ؛ وهى التى ذَهَبَ أكْثَرُ أُذُنِها أو قَرْنِها) أمَّا العُيُوبُ الأرْبَعَةُ الأُوَلُ، فلا نَعْلَمُ بينَ أهْلِ العِلْمِ خِلافًا في أنَّها تَمْنَعُ الإِجْزاءَ في الهَدْى والأُضْحِيَةِ؛ لِما روَى البَراءُ بنُ عازِبٍ، رَضِىَ
(1) في م: «فيها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اللَّهُ عنه، قال: قامَ فِينَا رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقال:«أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ في الأَضَاحِى؛ العَوْرَاءُ البَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالمَرِيضَةُ البَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالعَرْجَاءُ البَيِّنُ ظَلْعُهَا، والعَجْفَاءُ التى لا تُنْقِى» . رَواه أبو داودَ، والنَّسَائِىُّ (1). نَصَّ على الأَضَاحِى، والهَدْىُ في مَعْنَاهَا. ومَعْنَى العَوْرَاءِ البَيِّنِ عَوَرُها: التى قد انْخَسَفَتْ عَيْنُها، والعَيْنُ عُضْوٌ مُسْتَطَابٌ، فإن كان على عَيْنِها بَيَاضٌ، ولم تَذْهَبْ، جازَتِ التَّضْحِيَةُ بِها؛ لأنَّ عَوَرَها ليس بِبَيِّنٍ، ولا يَنْقُصُ ذلك لَحْمَها. والعَجْفَاءُ: المَهْزُولَةُ، والتى لا تُنْقِى، هى التى لا مُخَّ فيها في عِظَامِها؛ لهُزالِها، والنِّقْىُ: المُخُّ. قال الشاعِرُ (2):
لا يَشْتَكِينَ عملًا ما أنْقَينْ
مَا دَامَ مُخٌّ في سُلامَى أو عَيْنْ (3)
(1) أخرجه أبو داود، في: باب ما يكره من الضحايا، من كتاب الأضاحى. سنن أبى داود 2/ 87، 88. والنسائى، في: باب العرجاء، من كتاب الأضاحى. المجتبى 7/ 189.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب ما يكره أن يضحى به، من كتاب الأضاحى. سنن ابن ماجه 2/ 1050، 1051.
(2)
هو النضر بن سلمة العجلى.
(3)
الرجز في: مقاييس اللغة 1/ 206، واللسان والتاج (م خ خ)، واللسان (س ل م).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فهذه لا تُجْزِئُ؛ لأنَّه لا مُخَّ (1) فيها، إنَّما هى عِظامٌ مُجْتَمِعَةٌ. وأمَّا العَرْجَاءُ البَيِّنُ عَرَجُها، فهى التى بها عَرَجٌ فاحِشٌ، وذلك يَمْنَعُها مِن اللَّحاقِ بالغَنَمِ، فَيَسْبِقْنَها إلى الكَلَأ، فيَرْعَيْنَه، لا تُدْرِكُهُنَّ، فَيَنْقُصُ لَحْمُها، فإن كان عَرَجًا يَسِيرًا لا يُفْضِى بها إلى ذلك، أجْزَأتْ. وأمَّا المَرِيضَةُ البَيِّنُ مَرَضُها، فقال الخِرَقِىُّ: هى التى لا يُرْجَى بُرْؤُها؛ لأنَّ ذلك يَنْقُصُ قِيمَتَها ولَحْمَها نَقْصًا كَثِيرًا. وقال القاضى: هى الجَرْباءُ؛ لأنَّ الجَرَبَ إذا كَثُرَ يُهْزِلُ ويُفْسِدُ اللَّحْمَ. وهذا قولُ أصحابِ الشافعىِّ. قال شيخُنا (2): والذى في الحَدِيثِ: «المَرِيضَةُ البَيِّنُ مَرَضُهَا» . وهو الذى يَبِينُ أثَرُه عليها، لأنَّ ذلك يَنْقُصُ لَحْمَها ويُفْسِدُه. وهذا أوْلَى مِمّا ذَكَرَه الخِرَقِىُّ، والقاضى؛ لأنَّه تَقْيِيدٌ للمُطْلَقِ، وتَخْصِيصٌ للعُمُومِ بلا دَلِيلٍ،
(1) في الأصل: «لحم» .
(2)
في: المغنى 13/ 370.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والمَعْنَى يَقْتَضِى العُمُومَ، كما يَقْتَضِيه اللَّفْظُ [فإن كان المرضُ الظاهرُ يُفسِدُ اللَّحمَ ويَنْقُصُه، فلا مَعْنَى للخُصُوصِ مع عُمُومِ اللَّفْظِ](1) والمَعْنَى. وأمَّا العَضَبُ فهو ذَهابُ أكْثَر مِن نِصْفِ القَرْنِ أو الأُذُنِ، وذلك يَمْنَعُ الإِجْزاءَ أيْضًا. وبه قال النَّخَعِىُّ، وأبو يُوسُفَ، ومحمدٌ. وقال أبو حنيفةَ، والشافعىُّ: تُجْزِئُ مَكْسُورَةُ القَرْنِ. ورُوِىَ نَحْوُ ذلك عن علىٍّ، وعَمّارٍ، وابنِ المُسَيَّبِ، والحسنِ. وقال مالكٌ: إن كان قَرْنُها يَدْمَى لم تُجْزِئْ، وإلَّا أجْزَأتْ. وعن أحمدَ: لا تُجْزِئُ ما ذَهَب ثُلُثُ أُذُنِها. وهو قَوْلُ أبى حنيفةَ. وقال عَطاءٌ، ومالكٌ: إذا ذَهَبَتِ الأُذُنُ كُلُّهَا لم تُجْزِئْ، وإن ذَهَب يَسِيرٌ، جازَ. واحْتَجُّوا بأنَّ قَوْلَ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«أَرْبَعٌ لا تَجُوزُ في الأَضَاحِى» . يَدُلُّ على أنَّ غَيْرَها يُجْزِئْ، ولأنَّ في حَدِيثِ
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
البَراءِ، عن عُبَيْدِ بنِ فَيْرُوزَ، قال: قلت للبَرَاءِ: فإنِّى أَكْرَهُ النَّقْصَ مِن القَرْنِ والذَّنَبِ. قال: اكْرَهْ لِنَفْسِكَ ما شِئْتَ، ولا تُضَيِّقْ على النّاسِ. ولأنَّ المَقْصُودَ اللَّحْمُ، وهذا لا يُؤَثِّرُ فيه. ولَنا، ما رُوِى عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، قال: نَهَى رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن يُضَحَّى بأعْضَبِ الأُذُنِ والقَرْنِ. قال قَتَادَةُ: فسألْتُ سعيدَ بنَ المُسَيَّبِ، فقال: نعم، العضَبُ النِّصْفُ فأكْثَرُ مِن ذلك. رَواه النَّسائِىُّ، وابنُ ماجه (1). وعن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، قال: أمَرَنا رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن نَسْتَشْرِفَ العَيْنَ والأُذُنَ. رَواه أبو داودَ، والنَّسَائِىُّ (2). وهذا مَنْطُوقٌ يُقَدَّمُ على المَفْهُومِ.
فصل: ولا تُجْزِى العَمْيَاءُ؛ لأنَّ النَّهْىَ عن العَوْراءِ تَنْبِيهٌ على العَمْيَاءِ،
(1) أخرجه النسائى، في: باب العضباء، من كتاب الأضاحى. المجتبى 7/ 191، 192. وابن ماجه، في: باب ما يكره أن يضحى به، من كتاب الأضاحى. سنن ابن ماجه 2/ 1050.
كما أخرجه أبو داود، في: باب ما يكره من الضحايا، من كتاب الأضاحى. سنن أبى داود 2/ 88. والترمذى، في: باب في الضحية بعضباء القرن والأذن، من أبواب الأضاحى. عارضة الأحوذى 6/ 303. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 80، 83، 109، 127، 137، 150.
(2)
أخرجه أبو داود، في: كتاب ما يكره من الضحايا، من كتاب الأضاحى. سنن أبى داود 2/ 88. والنسائى، في: باب المقابلة وهى ما قطع طرف أذنها، وباب المدابرة وهى ما قطع من مؤخر أذنها، وباب الخرقاء وهى التى تخرق أذنها، من كتاب الأضاحى. المجتبى 7/ 190، 191.
كما أخرجه الترمذى، في: باب ما يكره من الأضاحى، من أبواب الأضاحى. عارضة الأحوذى 6/ 296، 297. وابن ماجه، في: باب ما يكره أن يضحى به، من كتاب الأضاحى. سنن ابن ماجه 2/ 1050.
وَتُكْرَهُ الْمَعِيبَةُ الأُذُنِ بِخَرْقٍ أَوْ شَقٍّ أَوْ قَطْعٍ لِأَقَلَّ مِنَ النِّصْفِ.
ــ
ولا تُجْزِئُ، وإن لم يَكُنْ عَمَاهَا بَيِّنًا؛ لأنَّ العَمَى يَمْنَعُ مَشْيَها مع الغَنَمِ ومُشَارَكَتَها في العَلَفِ. ولا تُجْزِئُ ما قُطِعَ منها عُضْوٌ، كالألْيَةِ والأطبَاءِ (1)؛ لأنَّ ابنَ عباسٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، قال: لا تَجُوزُ العَجْفَاءُ، ولا الجَدّاءُ. قال أحمدُ، رحمه الله. هى التى قد يَبِسَ ضَرْعُها. ولأنَّه أبْلَغُ في الإِخْلَالِ بالمَقْصُودِ مِن ذَهابِ شَحْمَةِ العَيْنِ.
فصل: (وتُكْرَهُ المَعِيبَةُ الأُذُنِ بخَرْقٍ أو شَقٍّ أو قَطْعٍ لأقَلَّ مِن النِّصْفِ) لِمَا روَى علىٌّ، رَضِىَ اللَّه عنه، قال: أمَرَنا رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن نَسْتَشْرِفَ العَيْنَ والأُذُنَ، ولا نُضَحِّىَ بمقابَلَةٍ، ولا مُدابَرَةٍ، ولا شَرْقَاءَ،
(1) الأطباء: حلمات الضرع.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولا خَرْقَاءَ. قال زُهَيْرٌ: قُلْتُ لأبى إسحاقَ: ما المُقابَلَةُ؟ قال: تُقْطَعُ طَرَفُ الأُذُنِ. قُلْتُ: فَمَا المدابَرَةُ؟ قال: تُقْطَعُ مِن مُؤَخَّرِ الأُذُنِ. قلتُ: فما الخَرْقَاءُ؟ قال: شَقُّ الأُذُنِ. قلتُ: فَمَا الشَّرْقَاءُ؟ قال: تُشَقُّ أُذُنُها للسِّمَةِ. رَواه أبو داودَ (1). وقال القاضى: الخَرْقاءُ، التى قد انْثَقَبَتْ أُذُنُها، والشَّرْقَاءُ، التى تُشَقُّ أُذُنُها ويَبْقَى كالشّاخِتَيْن (2). وهذا نَهْىُ تَنْزِيهٍ. ويَحْصُلُ الإِجْزاءُ بها؛ لأنَّ اشْتِراطَ السَّلَامَةِ مِن ذلك يَشُقُّ،
(1) انظر التخريج السابق.
(2)
في م: «كالشتاخين» والشاخت: الدقيق الضامر من غير هزال.