الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّىَ، فَدَخَلَ الْعَشْرُ، فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرَتِهِ شَيْئًا. وَهَلْ ذَلِكَ حَرَامٌ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
أسَانِيدُ صِحاحٌ. فأمَّا علىٌّ، وابنُ عُمَرَ، فلم تَبْلُغْهُما الرُّخْصَةُ، وقد كانَا سَمِعَا النَّهْىَ، فرَوَيَاه على ما سَمِعُوه.
فصل: ولا يُضَحِّى عَمّا في البَطْنِ. رُوِى ذلك عن ابنِ عُمَرَ. وبه قال الشافعىُّ. ولا نَعْلَمُ فيه مُخالِفًا. وليس للعَبْدِ والمُدَبَّرِ والمُكاتَبِ وأُمِّ الوَلَدِ أن يُضَحُّوا إلَّا بإذْنِ سادَتِهم؛ لأنَّهُم مَمْنُوعُونَ مِن التَّصَرُّفِ بغيرِ إذْنهِم، والمُكاتَبُ مَمْنُوع مِن التَّبَرُّعِ، والأُضْحِيَةُ تَبَرُّعٌ. فأمَّا مَن نِصْفُه حُرٌّ إذا مَلَكَ بِجُزْئِه الحُرِّ، فله أن يُضَحِّىَ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه؛ لأنَّ له التَّبَرُّعَ بغيرِ إِذْنِه (1).
1377 - مسألة: (ومَن أرادَ أن يُضَحِّىَ، فدَخَلَ العَشْرُ، فلا يَأْخُذْ مِن شَعَرِه ولا بَشَرَتِه شَيْئًا)
حتى يُضَحِّىَ (وهل ذلك حَرَامٌ؟ على وَجْهَيْن)
(1) في م: «إذن» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لِما رَوَتْ أمُّ سَلَمَةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنها، عن رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، وَأرادَ أحَدُكُمْ أنْ يُضَحِّىَ، فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعَرِهِ وَلَا مِنْ أظْفَارِه شَيْئًا حَتَّى يُضَحىَ» . رَواه مسلم. وفى رِواية: «وَلَا مِنْ بَشَرَتِهِ» . رَواه مسلمٌ (1). ظاهِرُ هذا التَّحْرِيمُ. وهو قولُ بعضِ أصحابِنا. وحَكَاه ابنُ المُنْذِرِ عن أحمدَ، وإسحاقَ، وسعيدِ بنِ المُسَيَّبِ. وقال القاضى وجَماعَةٌ مِن أصحابِنا: هو مَكْرُوهٌ غيرُ مُحَرَّمٌ. وبه قال مالكٌ، والشافعىُّ؛ لقولِ عائشةَ: كُنْتُ أفْتِلُ قَلائِدَ هَدْىِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثم يُقَلِّدُها بِيَدِه، ثم يَبْعَثُ بها، ولا يَحْرُمُ عليه شئٌ أحَلَّهُ اللَّهُ له حتى يَنْحَرَ الهَدْى. مُتَّفَقٌ عليه (2). وقال أبو حنيفةَ: لا يُكْرَهُ ذلك؛ لأنَّه لا يَحْرُمُ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 420.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 410.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه الوَطْءُ واللِّباسُ، فلا يُكْرَهُ له حَلْقُ الشَّعَرِ وتَقْلِيمُ الأظْفارِ، كما لو لم يُرِدْ أن يُضَحِّىَ. ولَنا، الحَدِيثُ المَذْكُورُ، وظاهِرُه التَّحْرِيمُ، وهذا يَرُدُّ القِياسَ، وحَدِيثُهم عامٌّ، وهذا خاصٌّ يَجِبُ تَقْدِيمُه، وتَنْزِيلُ العامِّ على ما عَدا ما تَنَاوَلَه الحَدِيثُ الخاصُّ، ولأنَّه يَجِبُ حَمْلُ حَدِيثهم على غيرِ ما تَنَاوَلَه مَحَلُّ النِّزاعِ؛ لوُجُوه؛ منها، أنَّ أقَلَّ أحْوالِ النَّهْى الكَراهَةُ، والنبىُّ صلى الله عليه وسلم لم يَكُنْ ليَفْعَلَ ما نَهَى عنه وإن كان مَكْرُوهًا، قال اللَّه تَعالَى إخْبارًا عن شُعَيْبٍ، عليه السلام:{وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} (1). ومنها، أنَّ عائشةَ إنَّما تَعْلَمُ ظاهِرًا ما يُباشِرُها به مِن المُباشَرَةِ، أو ما يَفْعَلُه دائِمًا، كاللِّباس والطِّيب، أمَّا قَصُّ الشَّعَرِ وتَقْلِيمُ الأظْفَارِ مِمَّا لا يَفْعَلُه في الأيَّامِ إلَّا مَرَّةً، فالظاهِرُ أنَّها لم تُرِدْه بخَبَرِها، فإنِ احْتَمَلَ إرَادَتَه، فهو احْتِمالٌ بَعِيد، وما كان هكذا، فاحْتِمالُ تَخْصِيصِه
(1) سورة هود 88.