الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنِ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ في قَتْلِ صَيْدٍ، فَعَلَيْهِمْ جَزَاءٌ وَاحِدٌ. وَعَنْهُ، عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ جَزَاءٌ. وَعَنْهُ، إِنْ كَفَّرُوا بِالْمَالِ، فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإنْ كَفَّرُوا بِالصِّيَامِ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ كَفَّارَةٌ.
ــ
وقد ثَبَت أنَّ العائِدَ لو انتهَى، كان له ما سَلَف وأمْرُه إلى اللهِ.
فصل: ويَجُوزُ إخْراجُ جَزاءِ الصَّيْدِ بعدَ جَرْحِه وقبلَ مَوْتِه. نَصَّ عليه أحمدُ، رحمه الله؛ لأنَّها كَفّارَةُ قَتْلٍ، فجاز تَقْدِيمُها على المَوْتِ؛ ككَفّارَةِ قَتْلِ الآدَمىِّ (1). ولأنَّها كَفّارَةٌ، أشْبَهَتْ كَفّارَةَ الظِّهارِ واليَمينِ.
1246 - مسألة: (وإنِ اشْتَرَكَ جَماعَةٌ في قَتْلِ صَيْدٍ، فعليهم جَزاءٌ واحِدٌ. وعنه، على كلِّ واحِدٍ جَزاءٌ. وعنه، إن كَفَّرُوا بالمالِ، فكَفّارَةٌ واحِدَةٌ، وإن كَفَّرُوا بالصيِّامِ، فعلى كلِّ واحِدٍ كَفّارَةٌ)
رُوِىَ عن أحمدَ، رحمه الله، في هذه المسألةِ ثَلاثُ رِواياتٍ؛ إحْداهُنَّ، أنَّ الواجِبَ جَزاءٌ واحِدٌ. وهو الصَّحِيحُ. يُرْوَى هذا عن عُمَرَ بنِ الخَطّابِ، وابْنِه، وابنِ عباسٍ، رضي الله عنهم. وبه قال عَطاءٌ، والزهْرِىُّ، والنَّخَعِىُّ،
(1) فيما إذا جرحه خطأ وتأخر موته، فإنه يجوز إخراج كفارة القتل حينئذ قبل موت الجريح.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والشَّعْبِىُّ، والشافعىُّ، وإسْحاقُ. والثّانِيَةُ، على كلِّ واحِدٍ جَزاءٌ. ذَكَرَها ابنُ أبى مُوسى. اخْتارَها أبو بَكْرٍ. وبه قال مالكٌ، والثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ. ويُرْوَى عن الحسنِ؛ لأنَّها كَفّارَةُ قَتْلٍ يَدْخُلُها الصومُ، أشْبَهَتْ كَفّارَةَ قَتْلِ الآدَمِىِّ. والثّالِثَةُ، إن كان صومًا، فعلى كلِّ واحِدٍ منهم صومٌ تامٌّ، وإن كان غيرَه فجَزاءٌ واحِدٌ. وإن أهْدَى أحَدُهما أو أطْعَمَ، وصام الآخَرُ، فعلى المُهْدِى بحِصَّتِه، وعلى الآخَرِ صِيامٌ تامٌّ؛ لأنَّ الجَزاءَ ليس بكَفّارَةٍ، وإنَّما هو بَدَلٌ، بدَلِيلِ أنَّ الله تعالى عَطَف عليه الكَفّارَةَ، فقال:{فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ. . . . أَوْ كَفَّارَةٌ} . والصومُ كَفّارَةٌ، فيُكْمَلُ، ككَفّارَةِ قَتْلِ الآدَمِىِّ. ولَنا، قَوْلُه تعالى:{فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} . والجَماعَةُ إنَّما قَتَلُوا صَيْدًا، فلَزِمَهم مِثْلُه، والزائِدُ خارِجٌ عن المِثْلِ، فلا يَجِبُ. ومتى ثَبَت اتِّحادُ الجَزاءِ في الهَدْىِ، وَجَب اتِّحادُه في الصيامِ؛ لأنَّ الله تعالى قال:{أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} . والاتِّفاقِ حاصِلٌ على أنَّه مَعْدُولٌ بالقِيمَةِ؛ إمّا قِيمَةُ المُتْلَفِ، أو قِيمَةُ مِثْلِه، فإيجابُ الزّائِدِ على عَدْلِ القِيمَةِ خلافُ النَّصِّ، ولأنَّه قولُ مَن سَمَّيْنا مِن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الصَّحابَةِ، ولم نَعْرِفْ لهم مُخَالِفًا، ولأنَّه جَزاءٌ عن مَقْتُولٍ يَخْتَلِفُ باخْتِلافِه، فكانَ واحِدًا، كالدِّيَةِ. وكَفّارَةُ الآدَمِىِّ لنا فيها مَنْعٌ، فلا تَتَبَعَّضُ في أبْعاضِه، ولا تَخْتَلِفُ باخْتِلافِه، فلم تَتَبَعَّضْ على الجَماعَةِ، بخِلافِ مَسْألتِنا.
فصل: فإن كان شَرِيكُ المُحْرِمِ حَلالًا أو سَبُعًا، فالجَزاءُ كلُّه على المُحْرِمِ في أحَدِ الوَجْهَيْن. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّ على المُحْرِمِ بحِصَّتِه، كالمُحْرِمَيْن. وقد ذَكَرْناه.
فصل: وإنِ اشْتَرَكَ حَلالٌ ومُحْرِمٌ في قَتْلِ صَيْدٍ حَرَمِىٍّ، فالجَزاء بينَهما نِصْفَيْن؛ لأنَّ الِإتْلافَ يُنْسَبُ إلى كلِّ واحِدٍ منهما نِصْفُه، ولا يَزْدادُ الواجِبُ على المُحرِمِ باجْتِماعِ حُرْمَةِ الِإحْرامِ والحَرَمِ. وهذا الاشْتِراكُ الذى هذا حُكْمُه هو الذى يَقَعُ الفِعْلُ منهما معًا، أو يَجْرَحُه أحَدُهما قبلَ الآخَرِ، ويَمُوتُ منهما. فإن جَرَحَه أحَدُهما، وقَتَلَه الآخَرُ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فعلى الجارِحِ ما نَقَصَه، على ما مَضَى، وعلى القاتِلِ جَزاؤه مَجْرُوحًا.
فصل: وإن قَتَل صَيْدًا مَمْلُوكًا، ضَمِنَه بالقِيمَةِ لمالِكِه، والجَزاءُ للهِ تعالى؛ لأنَّه حَيَوانٌ مَضْمُونٌ بالكَفّارَةِ، فجاز أن يَجْتَمِعَ التَّقْوِيمُ في التَّكْفِيرِ في ضَمانِه، كالعَبْدِ.
فصل: وإذا قَتَل القارِنُ صَيْدًا، فعليه جَزاءٌ واحِدٌ. نَصَّ عليه أحمدُ، فقالَ: إذا قَتَل القارِنُ صَيْدًا، فعليه جَزاءٌ واحِدٌ، وهؤلاء يَقُولُون: جَزَاءان. فيَلْزَمُهم أن يَقُولُوا في صَيْدِ الحَرَمِ ثَلَاثةً؛ لأنَّهم يقُولُون في الحِلِّ اثْنَيْن، ففى الحَرَمِ يَنْبَغِي أن يَكُونَ ثَلَاثَةً. وهذا قولُ مالكٍ، والشافعىِّ. وقال أصحابُ الرَّأىِ: جَزَاءان. وكذلك إذا تَطيَّبَ، أو لَبِس. قال القاضى: وإذا قُلْنا: على القارِنِ طَوافان. لَزِمَه جَزَاءان. ولَنا، قَوْلُه تعالى:{وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} . ومَن أوْجَبَ جَزاءَيْن، فقد أوْجَبَ مِثْلَيْن. ولأنَّه صَيْدٌ واحِدٌ، فلم يَجِبْ فيه جَزَاءان، كما لو قَتَل المُحْرِمُ في الحَرَمِ صَيْدًا.