الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتُجْزِئُ عُمْرَةُ الْقَارِنِ، وَالْعُمْرَةُ مِنَ التَّنْعِيمِ، عَنْ عُمْرَةِ الإِسْلَامِ فِى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ.
ــ
والتَّقْصِيرُ نُسُكٌ، أو ليس بنُسُكٍ؟ فإن قُلْنا: إنَّه نُسُكٌ. لم يَحِلَّ قبلَه، كالرَّمْى. وإن قُلْنا: ليس بنُسُكٍ، بل إطْلاقٌ مِن مَحْظُورٍ. حَلَّ قَبْلَه، كاللُّبْسِ والطِّبِ. وقد ذَكَرْنا الخِلافَ في ذلك في الحَجِّ، وهذا مُقاسٌ عليه.
1329 - مسألة: (وتُجْزِئُ عُمْرَةُ القارِنِ، والعُمْرَةُ مِن التَّنْعِيمِ، عن عُمْرَةِ الإِسْلامِ، في أصَحِّ الرِّوَايَتَيْن)
لا نَعْلَمُ في إجْزاءِ عُمْرَةِ المُتَمَتِّعِ خِلافًا. كذلك قال ابنُ عُمَرَ، وعَطاءٌ، وطاوُسٌ، ومُجاهِدٌ، ولا نَعْلَمُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عن غيرِهم خِلافَهم. ورُوِىَ عن أحمدَ، أنَّ عُمْرَةَ القارِنِ لا تُجْزِئُ. اخْتَارَه أبو بكرٍ؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أعْمَرَ عائشةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنها، حينَ حاضَتْ مِن التَّنْعِيمِ (1). ولو كانت عُمْرَتُها في قِرانِها أجْزَأتْها، لَمَا أعْمَرَها بعدَها. ولأنَّها ليست عُمْرَةً تامَّةً؛ لأنَّه لا طَوافَ لها. وعنه، أنَّ العُمْرَةَ مِن أدْنَى الحِلِّ لا تُجْزِئُ عن العُمْرَةِ الواجِبَةِ، قال: إنَّما هى مِن أرْبَعَةِ أمْيَالٍ، وثَوابُها على قَدْرِ تَعَبِها. ورُوِىَ عن عائشةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنها، أنَّها قالت: واللَّهِ ما كانَتْ عُمْرَةً، إنَّما كانت زِيارَةً. وإذا لم تَكُنْ تامَّةً لم تُجْزِئُ؛ لقولِه تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (2). قال علىٌّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: إتمامُهما أن تَأْتِىَ بهما مِن دُوَيْرَةِ أهْلِكَ. ووَجْهُ الأُولَى قولُ الصُّبَىِّ (3) بنِ مَعْبَدٍ: إنِّى وَجَدْتُ الحَجَّ والعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْن علىَّ، فأهْلَلْتُ بهما. فقالَ عُمَرُ، رَضِىَ اللَّه عنه: هُدِيتَ لسُنَّةِ نَبِيِّكَ (4). وحديثُ
(1) تقدم تخريجه في 8/ 111.
(2)
سورة البقرة 196.
(3)
في م: «الضبى» .
(4)
تقدم تخريجه في 8/ 8.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عائشةَ، حينَ قَرَنَتِ الحَجَّ والعُمْرَةَ، فقال لها النبىُّ صلى الله عليه وسلم حينَ حَلَّتْ منهما:«قَدْ حَلَلْتِ مِنْ حَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ» . وإنَّما أعْمَرَها مِن التَّنْعِيمِ قَصْدًا لتَطْيِيبِ قَلْبِها، وإجابَةِ مَسْألَتِها، لا لأنَّها كانت واجبَةً عليها. ثم إن لم تَكُنْ أجْزَأتْها عُمْرَةُ القِرانِ، فقد أجْزَأتْها العُمْرَةُ بِن أدْنَى الحِلِّ، وهى أحَدُ ما قَصَدْنا الدَّلَالَةَ عليه. ولأن الواجِبَ عُمْرَة واحِدَة، وقد أتَى بها صَحِيحَةً، فأجْزَأتْه، كعُمْرَةِ المُتَمَتِّعِ. ولأنَّ عُمْرَةَ القارِنِ أحَدُ النُّسُكَيْن للقارِنِ، فأجْزَأتْ، كالحَجِّ، ولأنَّ الحَجَّ مِن مَكَّةَ يُجْزِئُ في حَقِّ المُتَمَتِّعِ، فالعُمْرَةُ مِن أدْنَى الحِلِّ في حَقِّ المُفْرِدِ أوْلَى. وإذا كان الطَّوافُ المُجَرَّدُ يُجْزِئُ عن العُمْرَةِ في حَقِّ المَكِّىِّ، فلَأن تُجْزِئُ العُمْرَةُ المُشْتَمِلَةُ على الطَّوافِ وغيرِه أوْلَى.
فصل: ولا بَأْسَ أن يَعْتَمِرَ في السَّنَةِ مِرَارًا. رُوِى ذلك عن علىٍّ، وابنِ عُمَرَ، وابنِ عباسٍ، وأنَسٍ، وعائشةَ، وعَطاءٍ، وطاوُسٍ، وعِكْرِمَةَ، والشافعىِّ. وكَرِهَ العُمْرَةَ في السَّنَةِ مَرَّتَيْن الحسنُ، وابنُ سِيرِينَ، ومالكٌ. قال النَّخَعِىُّ: ما كانُوا يَعْتَمِرُونَ في السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً. ولأنَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النبىَّ صلى الله عليه وسلم لم يَفْعَلْه. ولَنا، أنَّ عائشةَ اعْتَمَرَتْ في شَهْرٍ مَرَّتَيْن بأمْرِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم؛ عُمْرَةً مع قِرانِها، وعُمْرَةً بعدَ حَجِّها. ولأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«الْعُمْرَةُ إلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا» . مُتَّفَقٌ عليه (1). وقال علىٌّ، رَضِىَ اللَّه عنه: في كلِّ شَهْرٍ مَرَّةً. وكان أنَسٌ إذا حَمَّمَ رَأسُه (2) خَرَج فاعْتَمَرَ. رَواهما الشافعىُّ في «مُسْنَدِه» (3). وقال عِكْرمَةُ: يَعْتَمِرُ إذا مَكَّنَ المُوسَى مِن شَعَرِه. وقال عَطاءٌ: إن شاءَ اعْتَمَرَ في كلِّ شَهْرٍ مَرَّتَيْن. فأمَّا الإكْثارُ مِن الاعْتِمارِ، والمُوالَاةُ بَيْنَهما، فلا يُسْتَحَبُّ في ظاهِرِ قولِ السَّلَفِ الذى حَكَيْنَاه. وكذلك قال أحمدُ: إذا اعْتَمَرَ فلا بُدَّ أنْ يَحْلِقَ أو يُقَصِّرَ، وفى عَشَرَةِ أيَّامٍ يُمْكِنُ حَلْقُ الرأسِ. فظاهِرُ هذا أنَّه لا يُسْتَحَبُّ أن يَعْتَمِرَ في أقَلَّ مِن عَشَرَةِ أيَّامٍ. وقال في رِوَايَةِ الأثْرَمِ: إن شاءَ اعْتَمَرَ في كلِّ شَهْرٍ (4). وقال بعضُ أصحابِنا: يُسْتَحَبُّ الإكْثارُ مِن الاعْتِمارِ،
(1) أخرجه البخارى، في: أول باب العمرة، من كتاب الحج. صحيح البخارى 3/ 2. ومسلم، في: ياب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 983.
كما أخرجه الترمذى، في: باب ما ذكر في فضل العمرة، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى 4/ 165. والنسائى، في: باب فضل الحج المبرور، وباب فضل العمرة، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 84، 86. وابن ماجه، في: باب فضل الحج والعمرة، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 964. والإمام مالك، في: باب جامع ما جاء في العمرة، من كتاب الحج الموطأ 1/ 346. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 286، 461، 462.
(2)
حمّم رأسه: نبت شعره بعد ما حلق.
(3)
في: باب فيما جاء في العمرة، من كتاب الحج. ترتيب مسند الشافعى 1/ 379.
(4)
في م: «سنة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كالطَّوافِ. قال شيخُنا (1)، رحمه الله: وأحْوالُ السَّلَفِ وأقْوالُهم على ما قُلْناه، ولأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم لم تُنْقَلْ عنه المُوالَاةُ بينَهما، وإنَّما نُقِلَ عن السَّلَفِ إنْكارُ ذلك، والحَقُّ في اتِّباعِهم. قال طاوُسٌ: الذين يَعْتَمِرُونَ مِن التَّنْعِيم ما أدْرِى يُؤْجَرُونَ عليها أم يُعَذَّبُونَ. قيلَ له: فلِمَ يُعَذَّبُونَ؟ قال: لأنَّه يَدَعُ الطَّوافَ بالبَيْتِ، ويَخْرُجُ إلى أرْبَعَةِ أمْيَالٍ ويَجِئَ، وإلى أن يَجِئَ مِن أرْبَعَةِ أمْيَالٍ قد طافَ مائةَ طَوافٍ، وكُلَّمَا طافَ بالبَيْتِ، كان أفْضَلَ مِن أن يَمْشِىَ في غيرِ شئٍ.
فصل: روَى ابنُ عباسٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عُمْرَةٌ فِى رَمَضَانَ تعْدِلُ حَجَّةً» . مُتَّفَقٌ عليه (2). قال أحمدُ:
(1) في: المغنى 5/ 17.
(2)
أخرجه البخارى، في: باب عمرة في رمضان، وباب حج النساء، من كتاب الحج. صحيح البخارى 3/ 4، 24. ومسلم، في: باب فضل العمرة في رمضان، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 917.
كما أخرجه أبو داود، في: باب العمرة، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 459، 460. وابن ماجه، في: باب العمرة في رمضان، من كتاب المناسك. عنن ابن ماجه 2/ 996. والدارمى، في: باب فضل العمرة في رمضان، من كتاب المناسك. سنن الدارمى 2/ 51. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 308.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَن أدْرَكَ يَوْمًا مِن رمضانَ، فقد أدْرَكَ عُمْرَةَ رمضانَ. وقال إسحاقُ: مَعْنَى هذا الحَدِيثِ مثلُ ما رُوِىَ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ، فَقَدْ قَرَأ ثُلُثَ القُرْآنِ» (1). وقال أنَسٌ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: حَجَّ النبىُّ صلى الله عليه وسلم حَجَّةً واحِدَةً، واعْتَمَرَ أرْبَعَ عُمَرٍ؛ واحِدَةً في ذِى القَعْدَةِ، وعُمْرَةَ الحُدَيْبِيَةِ، وعُمْرَةً مع حَجَّتِه، وعُمْرَةَ الجعْرانَةِ، إذ قَسَّمَ غَنائِمَ حُنَيْنٍ. مُتَّفَقٌ عليه (2). وقال أحمدُ: حَجَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم حَجَّةَ الوَدَاعِ. قال: ورُوِىَ عن مُجاهِدٍ، أنَّه قال: حَجَّ قبلَ ذلك حَجَّةً أُخْرَى. وما هو يَثْبُتُ عندى. ورُوِىَ عن جابرٍ، رَضِىَ اللَّه عنه، قال: حَجَّ النبىُّ صلى الله عليه وسلم ثَلاثَ حِجَجٍ؛ حَجَّتَيْن فبلَ أن يُهاجِرَ، وحَجَّةً بعدَ ما هاجَرَ (3). وهذا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
(1) تقدم تخريجه في 7/ 520.
(2)
أخرجه البخارى، في: باب كم اعتمر النبى صلى الله عليه وسلم، من كتاب الحج، وفى: باب غزوة الحديبية، من كتاب المغازى. صحيح البخارى 3/ 3، 5/ 155. ومسلم، في: باب بيان عدد عمر النبى صلى الله عليه وسلم. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 916.
كما أخرجه أبو داود، في: باب العمرة، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 460. والترمذى، في: باب ما جاء كم حج النبى صلى الله عليه وسلم، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى 4/ 31. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 134، 256.
(3)
أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء كم حج النبى صلى الله عليه وسلم، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى 4/ 30 وابن ماجه، في: باب حجة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1027.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ورُوِىَ عن عبدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ، قال: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ، كَمَا يَنْفِى الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ المَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إلَّا الْجَنَّةَ» . قال التِّرْمِذِىُّ (1): حَسَنٌ صَحِيحٌ. وعن أبى هُرَيْرَةَ، قال: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَتَى هَذَا البَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ مِنْ ذُنُوبِه كَيَوْمِ وَلَدَتْه أُمُّهُ» . مُتَّفَقٌ عليه (2).
(1) في: باب ما جاء في ثواب الحج والعمرة، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى 4/ 26.
وأخرجه أيضا النسائى، في: باب فضل المتابعة بين الحج والعمرة، من كتاب الحج. المجتبى 5/ 87. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 387.
(2)
أخرجه البخارى، في: باب فضل الحج المبرور، وباب قول اللَّه عز وجل {وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} ، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 164، 3/ 14. ومسلم، في: باب فضل الحج والعمرة ويوم عرفة، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 983، 984.
كما أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في ثواب الحج والعمرة، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى 4/ 26. والنسائى، في: باب فضل الحج، من كتاب الحج. المجتبى 5/ 85. وابن ماجه، في: باب فضل الحج والعمرة، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 965. والدارمى، في: باب فضل الحج والعمرة، من كتاب المناسك. سنن الدارمى 2/ 31. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 229، 248، 410، 484، 494.