الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَلْ يَلْزَمُهُ هَدْىٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ؛
ــ
عنهما، قال: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ فَاتَهُ عَرَفَات فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ، فَلْيَتَحَلَّلْ بِعُمْرَةٍ، وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ» . ولأنَّ الحَجَّ يَلْزَمُ (1) بالشُّرُوعِ فيه، فيَصِيرُ كالمَنْذُورِ، بخِلافِ سائِرِ التَّطَوُّعاتِ. وأمَّا الحَدِيثُ فإنَّه أرادَ الوَاجِبَ بأصْلِ الشَّرْعِ حَجَّة واحِدَةً، وهذه إنَّما تَجِبُ بإيجابِه لها بالشُّرُوعِ فيها، فهى كالمَنْذُورَةِ، وأمَّا المُحْصَرُ فإنَّه غيرُ مَنْسُوبٍ إليه التَّفْرِيطُ، بخِلافِ مَن فاتَه الحَجُّ، على أنَّ في المُحْصَرِ رِوايَةً، أنَّه يَجِبُ عليه القَضاءُ، فهو كمَسْألتِنا. وإذا قَضَى، أجْزَأه القَضاءُ عن الحَجَّةِ الواجِبَةِ. لا نَعْلَمُ فيهِ خِلافًا؛ لأنَّ الحَجَّةَ المَقْضِيَّةَ لو تَمَّتْ لأجْزَأتْ عن الواجِبَةِ عليه، فكذلك قضاؤُها؛ لأنَّ القَضاءَ يَقُومُ مَقامَ الأدَاءِ.
1332 - مسألة: (وهل يَلْزَمُه هَدْىٌ؟ على رِوايَتَيْن؛ إحْداهما
،
(1) في م: «يلزمه» .
إحْدَاهُمَا، عَلَيْهِ هَدْىٌ يَذْبَحُهُ فِى حَجَّةِ الْقَضَاءِ، إِنْ قُلْنَا: عَلَيْهِ قَضَاءٌ. وَإلَّا ذَبَحَهُ فِى عَامِهِ.
ــ
عليه هَدْىٌ يَذْبَحُه في حَجَّةِ القَضاءِ، إن قُلْنا: عليه قَضاءٌ. وإلَّا ذَبَحَه في عامِه) يَجِبُ الهَدْىُ على مَن فاتَه الحَجُّ، في أصَحِّ الرِّوَايَتَيْن. وهو قولُ مَن سَمَّيْنا مِن الصَّحَابَةِ والفُقَهاءِ، إلَّا أصحابَ الرَّأْى، فإنَّهُم قالُوا: لا هَدْىَ عليه. وهى الرِّوايَةُ الثانِيَةُ عن أحمدَ؛ لأنَّه لو كان الفَواتُ سَبَبًا لوُجُوبِ الهَدْى، لَزِم المُحْصَرَ هَدْيانِ؛ للفَواتِ والإِحْصَارِ. ولَنا، حَدِيثُ عَطاءٍ، وإجْماعُ الصَّحَابَةِ، ولأنَّه حَلَّ مِن إحْرامِه قبلَ إتْمامِه، فلَزِمَه هَدْىٌ، كالمُحْصَرِ، والمُحْصَرُ لم يَفُتْ حَجُّه؛ لأنَّه يَحِل قبلَ فَواتِه. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه يُخْرِجُ الهَدْىَ في سَنَةِ القَضاءِ، إِن قُلْنا بوُجُوبِه، وإلَّا أخْرَجَه في عامِه. وإذا كان معه هَدْىٌ قد سَاقَه، نحَرَه، ولا يُجْزِئُه إن قُلْنا بوُجُوبِ القَضاءِ، بل عليه في السَّنَةِ الثانِيَةِ هَدْىٌ أيضًا. نَصَّ عليه أحمدُ؛
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لِمَا روَى الأثْرَمُ، بإسْنادِه، أنَّ هَبَّارَ بنَ الأسْوَدِ (1) حَجَّ مِن الشامِ، فقَدِمَ يومَ النَّحْرِ، فقال له عُمَرُ: ما حَبَسَكَ؟ قال: حَسِبْتُ أنَّ اليَوْمَ يومُ عَرَفَةَ. قال: فانْطَلِقْ إلى البَيْتِ فَطُفْ به سَبْعًا، وإن كان مَعَكَ هَدْيَةٌ فانْحَرْها، ثم إذا كان عامٌ قابلٌ فاحْجُجْ، فإن وَجَدْتَ سَعَةً فأهْدِ، فإن لم تَجِدْ فصُمْ ثَلَاثةَ أيَّامٍ في الحَجِّ، وسَبْعَةً إذا رَجَعْتَ، إن شاءَ اللَّهُ (2). والهَدْىُ: ما اسْتَيْسَرَ، مثل هَدْىِ المُتْعَةِ؛ لحَدِيثِ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. والمُتَمَتِّعُ والمُفْرِدُ والقارِنُ والمَكِّىُّ وغيرُه سَواءٌ فيما ذَكَرْنا.
(1) هو هَبُار بن الأسود بن المطلب بن أسد، القرشى، أسلم بعد الفتح، وحسن إسلامه، وصحب النبى صلى الله عليه وسلم. أسد الغابة 5/ 384.
(2)
أخرجه الإمام مالك، في: باب هدى من فاته الحج، من كتاب الحج. الموطأ 1/ 383.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإنِ اخْتارَ مَن فاتَه الحَجُّ البَقاءَ على إحْرامِه للحَجِّ مِن قابِلٍ، فله ذلك. رُوِىَ ذلك عن مالكٍ؛ لأنَّ تَطَاوُلَ المُدَّةِ بينَ الإِحْرامِ وفِعْل النُّسُكِ لا تَمْنَعُ إتْمامَه، كالعُمْرَةِ، والمُحْرِمِ بالحَجِّ في غيرِ أشْهُرِه. ويَحْتَمِلُ أنَّه ليس له ذلك. وهو قولُ الشافعىِّ، وأصحابِ الرَّأْى، وابنِ المُنْذِرِ، ورِوَايَةٌ عن مالكٍ؛ لظاهِرِ الخَبَرِ. وقولِ الصَّحَابَةِ، ولكَوْنِ إحْرام الحَجِّ يَصِيرُ في غيرِ أشْهُرِه، فصارَ كالمُحْرِمِ بالعِبادَةِ قبلَ وَقْتِها.
فصل: فإن كان الذى فاتَه الحَجُّ قارِنًا، حَلَّ، وعليه مثلُ ما أهَلَّ به مِن قابِلٍ. نَصَّ عليه أحمدُ. وهو قولُ مالكٍ، والشافعىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وإسحاقَ. ويَحْتَمِلُ أن يُجْزِئَه ما فَعَلَه عن عُمْرَةِ الإِسْلامِ، ولا يَلْزَمُه إلَّا قَضاءُ الحَجِّ؛ لأنَّه لم يَفُتْه غَيْرُه. وقال الثَّوْرِىُّ وأصحابُ الرَّأْى: يَطُوفُ