الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ سِقَايَةِ الْحَاجِّ وَالرِّعَاءِ مَبِيتٌ بِمِنًى. فَإِنْ غَرَبَتِ
ــ
لا تَقْدِيرَ فيه. وفيما دُونَ الثَّلاثِ ثَلاثُ رِواياتٍ؛ إحْداهُنَّ، في كلِّ واحِدَةٍ مُدٌّ. والثانيةُ، دِرْهَمٌ. والثالثةُ، نِصْف دِرْهَمٍ. قال الشَّيْخُ (1)، رحمه الله: وهذا لا نَظِيرَ له، فإنَّا لا نَعْلَمُ في تَرْكِ شئٍ مِن المناسِكِ دِرْهَمًا، ولا نِصْفًا، فإيجابُه بغيرِ نَصَّ تَحَكُّمٌ لا وَجْهَ له. وفى تَرْكِ حَصَاةٍ مِن رَمْى الجِمارِ كذلك، ولأنَّه في مَعْناهُ، وقد ذَكَرْنا ما في حَلْقِ الشَّعَرَةِ فيما مَضَى، وذكرنا الخِلَافَ فيه (2).
1318 - مسألة: (وليس على أهْلِ سِقَايَةِ الحاجِّ ولا الرِّعاءِ مَبِيتٌ
(1) في: المغنى 5/ 326.
(2)
سقط من: م.
الشَّمْسُ، وَهُمْ بِمِنًى، لَزِمَ الرِّعَاءَ الْمَبِيتُ، دَونَ أَهْلِ السِّقَايَةِ.
ــ
بمِنًى، فإن غَرَبَتِ الشمسُ، وهم بمِنًى، لَزِمَ الرِّعَاءَ المَبِيتُ، دُونَ أهْلِ السِّقَايَةِ) لِما روَى ابنُ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنّ العباسَ اسْتَأْذَنَ النبىَّ صلى الله عليه وسلم، أن يَبِيتَ بمَكَّةَ لَيَالِىَ مِنًى مِن أجْل سِقَايَتِه. مُتَّفَقٌ عليه (1). وقد روَىَ مالكٌ بإسْنادِه، عن أبى البدَّاحِ بنِ عاصِمٍ، عن أبيه، قال: رَخَّصَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لرِعاءِ الإِبِلِ في البَيْتُوتَةِ أن يَرْمُوا يومَ النَّحْرِ، ثم يَجْمَعُوا رَمْىَ يَوْمَيْن بعدَ يَوْمِ النَّحْر، يَرْمُونَه في أحَدِهما. قال مالكٌ: ظَنَنْتُ أنَّه قال: في أوَّلِ يومٍ منهما، ثم يَرْمُونَ يومَ النَّفْرِ. رَواه التِّرْمِذِىُّ (2)، وقال: حَدِيث حَسَنٌ صَحِيحٌ. ورَواهُ ابنُ عُيَيْنَةَ، قال: رَخَّصَ للرِّعاءِ أن يَرْمُوا يَوْمًا ويَدَعُوا يَوْمًا. وكذلك الحُكْمُ في أهْلِ سِقَايَةِ الحاجِّ، إلَّا أنَّ الفَرْقَ بينَ الرِّعاءِ وأهْلِ السِّقَايَةِ، أنَّ الرِّعاءَ إذا قامُوا حتى غَرَبَتِ الشمسُ، لَزِمَهم المَبِيتُ، إذا قُلْنا بوُجُوبِه، وأهلُ السِّقَايَةِ لا يَلْزَمُهُم؛ لأنَّ الرِّعَاءَ إنَّما رَعْيُهمِ بالنَّهارِ، فإذا غَرَبَتِ الشمسُ انْقَضَى وَقْتُ الرَّعْى، وأهلُ السِّقَايَةِ يَسْتَقُونَ باللَّيْلِ، وصارَ الرِّعاءُ كالمَرِيضِ الذى يَسْقُطُ عنه حُضُورُ الجُمُعَةِ لمَرَضِه، فإذا حَضَرَها تَعَيَّنَتْ عليه، كذلك الرِّعاءُ، أُبيحَ لهم تَرْكُ المَبِيتِ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 236.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 182.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأجْلِ الرَّعْى، فإذا فات وَقْتُه، وَجَب المَبِيتُ. وِأهْلُ الأعْذارِ مِن غيرِ الرِّعاءِ، كالمَرْضَى، ومن له مالٌ يَخافُ ضَياعَه، ونحْوِهم، كالرِّعاءِ في تَرْكِ البَيْتُوتَة؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لهؤلاء تَنْبِيهًا على غيرِهم، فوَجَبَ إلْحاقُهم بهم لوُجُودِ المَعْنَى فيهم.
فصل: ومَن كانَ مَرِيضًا، أو مَحْبُوسًا، أو له عُذْرٌ، جاز أن يَسْتَنِيبَ مَن يَرْمِى عنه. قال الأثْرَمُ: قُلْتُ لأبى عبدِ اللَّهِ: إذا رَمَى عنه الجِمارَ، يَشْهَدُ هو ذاك، أم يكونُ في رَحْلِه؟ قال: يُعْجِبُنِى أن يَشْهَدَ ذاك إن قَدَر حينَ يَرْمِى عنه. قُلْتُ: فإن ضَعُفَ عن ذلك، يكونُ في رَحْلِه ويَبْعَثُ مَن يَرْمِى عنه؟ قال: نعم. قال القاضى: المُسْتَحَبُّ أن يَضَعَ الحَصَى في يَدِ النّائِبِ، ليكونَ له عَمَلٌ في الرَّمْى. وإن أُغْمِىَ على المُسْتَنِيبِ لم تَنْقَطِعِ النِّيَابَةُ، وللنّائِبِ الرَّمْىُ عنه، كما لو اسْتَنَابَه في الحَجِّ ثم أُغْمِىَ عليه. وبما ذَكَرْنا في هذه المسألةِ قال الشافعىُّ. ونحوه قال مالكٌ، إلَّا أنَّه قال (1): يَتَحَرَّى المَرِيضُ حينَ رَمْيِهِم، فيُكَبِّرُ سَبْعَ تَكْبِيراتٍ.
فصل: ومَن تَرَك الرَّمْىَ مِن غيرِ عُذْرٍ، فعليه دَمٌ. قال أحمدُ: أعْجَبُ إلىَّ إذا تَرَك رَمْىَ الأيَّام كلِّها، كان عليه دَمٌ. وفى ترْكِ جَمْرَةٍ واحِدَةٍ دَمٌ أيضًا. نصَّ عليه أحمدُ. وبه قال عَطاءٌ، والشافعىُّ، وأصحابُ الرَّأْى.
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وحُكِىَ عن مالكٍ، أنَّه عليه في جَمْرَةٍ وفى الجَمَرَاتِ كلِّها بَدَنَةٌ. وقال الحسنُ: مَنْ نَسِىَ جَمْرَةً واحِدَةً يَتَصَدَّقُ على مِسْكِينٍ. ولَنا، قولُ ابنِ عباسٍ: مَن تَرَك شَيْئًا مِن مَناسِكِه، فعليه دَمٌ (1). ولأنَّه تَرَك مِن مَناسِكِه ما لا يَفْسُدُ الحَجُّ بتَرْكِه، فكان الواجبُ عليه شاةً، كالمَبِيتِ. وإن تَرَك أقَلَّ مِن جَمْرَةٍ، فالظَّاهِرُ عن أحمدَ، أنَّه لا شئَ في حَصَاةٍ ولا حَصَاتَيْن. وعنه، أنَّه يَجِبُ الرَّمْىُ بسَبْعٍ. فإن تَرَك شَيئًا مِن ذلك تَصَدَّقَ بشئٍ، أىِّ شئٍ كانَ. وعنه، أنَّ في حَصاةٍ دَمًا. وهو مَذْهَبُ مالكٍ، واللَّيْثِ؛ لأنَّ ابنَ عباسٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، قال: مَن تَرَك شيئًا مِن مَنَاسِكِه، فعليه دَمٌ. وعنه، في الثلَاثَةِ دَمٌ. وهو مَذْهَبُ الشافعىِّ. وفيما دُونَ ذلك، في كلِّ حَصَاةٍ مُدٌّ. وعنه، دِرْهَمٌ. وعنه، نِصْفُ دِرْهَمٍ. وقال أبو حنيفةَ: إن تَرَك جَمْرَةَ. العَقَبَةِ أو (2) الجِمارَ كلَّها، فعليه دَمٌ، وإن تَرَك أقَلَّ مِن ذلك، فعليه في كلِّ حَصَاةٍ نِصْفُ صاعٍ، إلى أن يَبْلُغَ دَمًا. وقد ذَكَرْنا ذلك.
فصل: ويُسْتَحَبُّ أن لا يَدَع الصلاةَ مع الإِمَامِ في مَسْجِدِ مِنًى؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم وأصحابَه كانُوا يُصَلُّونَ بمِنًى. قال ابنُ مسعودٍ، رَضِىَ اللَّه
(1) تقدم تخريجه في 8/ 125.
(2)
في م: «و» .