الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ فَاتَهُ ذَلِكَ، فَاتَهُ الْحَجُّ. وَمَنْ وَقَفَ بِهَا نَهَارًا، وَدَفَعَ قَبْلَ
ــ
صلى الله عليه وسلم لعائشةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنها:«افْعَلِى مَا يَفْعَلُ الحَاجُّ غَيْرَ الطَّوَافِ بِالبَيْتِ» (1). دَلِيلٌ على أنَّ الوُقُوفَ بعَرَفَةَ جائِزٌ على غيرِ طهارةٍ. ووَقَفَتْ عائشةُ بعَرَفَةَ حائِضًا، بأمْرِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم. ولا يُشْتَرَطُ سِتارَةٌ، ولا اسْتِقْبالٌ، ولا نِيَّةٌ. ولا نَعْلَمُ فيه خِلافًا؛ لأنَّه لا تُشْتَرَطُ له الطهارةُ، فلم يُشْتَرَطْ له شئٌ مِن ذلك، قِياسًا عليها.
1287 - مسألة: (ومَن فاتَه ذلك، فاتَهُ الحَجُّ)
لقولِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم: «الْحَجُّ عَرَفَةُ، فمَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ لَيْلَةَ جَمْع، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ» . رَواه أبو داودَ (2). يَدُلُّ على فَواتِه بخُرُوجِ لَيْلَةِ جَمْعٍ. ولحَديثِ جابِرٍ الذى ذَكَرْناه. ولا نَعْلَمُ في ذلك خِلافًا، ولأنَّه رُكْنٌ للعِبادَةِ، فلم يَتمَّ بدُونِه، كسائِرِ العِباداتِ.
1288 - مسألة: (ومَن وَقَف بها نَهارًا، ودَفَع قبلَ غُرُوبِ
(1) تقدم تخريجه في 8/ 111.
(2)
تقدم تخريجه في 8/ 181.
غُرُوبِ الشَّمْسِ، فعَليْهِ دَمٌ.
ــ
الشمسِ، فعليه دَمٌ) يَعْنِى أنَّه يَجِبُ عليه الوُقُوفُ إلى غُرُوبِ الشمسِ؛ ليَجْمَعَ بينَ اللَّيْلِ والنَّهارِ في الوُقُوفِ بعَرَفَةَ؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم فَعَل ذلك. رَواه جابِرٌ وغيرُه. وقال عليه السلام:«خُذُوا عنِّى مَنَاسِكَكُمْ» (1). فإن دَفَع قبلَ الغُرُوبِ، فحَجُّه صَحِيحٌ في قولِ جَماعَةِ الفُقهاءِ، إلَّا مالكًا، فإنَّه قال: لا حَجَّ له. قال ابنُ عبد البَرِّ (2): لا نَعْلَمُ أحَدًا مِن العُلَماءِ قال بقولِ مالكٍ، ووَجْهُ قولِه ما روَى ابنُ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ أدْرَكَ عَرَفَاتٍ بِلَيْلٍ، فَقَدْ أدْرَكَ الحَجَّ، وَمَنْ فَاتَهُ عَرَفَات بِلَيْلى، فَقَدْ فَاتَهُ الحَجُّ، فَلْيُحْلِلْ بعُمْرَةٍ، وعَلَيْهِ الحَجُّ مِنْ قَابِلٍ» (3). ولَنا، ما روَى عُرْوَةُ بنُ مُضَرِّسٍ، قال: أَتَيْتُ النبىَّ صلى الله عليه وسلم بالمُزْدَلِفَةِ، حينَ خَرَج إلى الصَّلاةِ، فقُلْتُ: يا رسولَ اللَّه، إنِّى جِئْتُ مِن جَبَلِ طَىٍّ، أكْلَلْتُ راحِلَتِى، واتعَبْتُ نَفْسِى، واللَّهِ ما تَرَكْتُ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 87.
(2)
انظر الاستذكار 13/ 34.
(3)
أخرجه الدارقطنى، في: باب المواقيت، من كتاب الحج. سنن الدارقطنى 2/ 241. وقال: رحمة بن مصعب ضعيف ولم يأت به غيره.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن جَبَلٍ إلَّا وقَفْتُ عليه، فهل لى مِن حَجٍّ؟ فقالَ رسوِلُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:«مَنْ شَهِدَ صَلَاتَنَا هذِه، وَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نَدْفعَ، وَقَدْ وَقَف بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ، لَيْلًا أوْ نَهَارًا، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ، وَقَضَى تَفَثَهُ» (1). قال التِّرْمِذِىّ: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. ولأنَّه وَقَف في زَمَنِ الوُقُوفِ، أشْبَهَ اللَّيْلَ. فأمَّا خَبَرُه، فإنَّما خَصَّ اللَّيْلَ؛ لأنَّ الفَواتَ يَتَعَلَّقُ به إذا كان بعدَ النَّهارِ، فهو آخِرُ وَقْتِ الوُقُوفِ، كما قال عليه السلام:«مَنْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أنْ تَغْرُبَ الشَّمس فَقَدْ أدْرَكَهَا» (2). وعلى مَن دَفَع قبلَ الغُرُوبِ دَمٌ في قَوْلِ أكثرِ العُلَماءِ؛ منهم عَطاءٌ، والثَّوْرِىُّ، والشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأْى، ومَن تَبِعَهم؛ لقَوْلِ ابنِ عباسٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما: مَن تَرَك نُسُكًا فعليه دَمٌ (3). ويُجْزِئُه شاة. وقال ابنُ جُرَيْجٍ: عليه بَدَنَةٌ. ونَحْوُه قولُ الحسنِ. ولَنا، أنَّه واجِبٌ لا يَفْسُدُ الحَجُّ بفَواتِه، فلم يُوجِبْ بَدَنَةً، كالإِحْرامِ مِن المِيقاتِ.
(1) تقدم تخريجه في 8/ 346.
(2)
تقدم تخريجه في 3/ 149.
(3)
تقدم تخريجه في 8/ 125.