الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَالْعَقِيقَةُ سنَّةٌ مُؤكَّدَةٌ.
ــ
قَرِيبٌ، فيَكْفِى فيه أدْنَى دَلِيلٍ، وخَبَرُنا دَلِيلٌ قَوِىٌّ، فكانَ أوْلَى بالتَّخْصِيصِ، ولأنَّ عائشةَ تُخْبِرُ عن فِعْلِه، وأمَّ سَلَمَةَ تُخْبِرُ عن قَوْلِه،
والقَوْلُ يُقَدَّمُ على الفِعْلِ؛ لاحْتِمالِ أن يكونَ فِعْلُه خَاصًّا له. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه يَتْرُكُ قَطْعَ الشَّعَرِ وتَقْلِيمَ الأظْفَارِ، فإن فَعَل اسْتَغْفَرَ اللَّهَ. ولا فِدْيَةَ عليه إجْمَاعًا، سَواءٌ فَعَلَه عَمْدًا أو ناسِيًا.
فصل: قال ابنُ أبى مُوسَى: يُسْتَحَبُّ أن يَحْلِقَ رَأسَه عَقِيبَ الذَّبْحِ. ولم يَذْكُرْ له وَجْهًا، واللَّهُ أعْلَمُ، ولَعَلَّه لَمَّا كان مَمْنُوعًا منه قبلَ الذَّبْحِ، اسْتُحِبَّ له ذلك، كالمُحْرِم.
(فصل): قال، رَضِىَ اللَّهُ عنه:(والعَقِيقَة سُنَّةٌ مَؤَكَّدَةٌ) العَقِيقَةُ: الذَّبِيحَةُ التى تُذْبَحُ عن المَوْلُودِ. وقيلَ: هى الطَّعامُ الذى يُصْنَعُ ويُدْعَى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إليه مِن أجْلِ المَوْلُودِ. قال أبو عُبَيْدٍ (1): العَقِيقَةُ الشَّعَر الذى على المَوْلُودِ، وجَمْعُها عَقَائِقُ، ثم إنَّ العَرَبَ سَمَّتِ الذَّبِيحَةَ عندَ حَلْق شَعَرِ المَوْلُودِ عَقِيقَةً على عادَتِهم في تَسْمِيَةِ الشئِ باسْمِ سَبَبِه أو ما يُجاوِرُه، ثم اشْتُهِرَ ذلك حتى صارَ مِن الأسْماءِ العُرْفِيَّةِ، بحيثُ لا يُفْهَمُ مِن العَقِيقَةِ عندَ الإطْلاقِ إلَّا الذَّبِيحَةُ. وقال ابنُ عبدِ البَرِّ: أنْكَرَ أحمدُ هذا التَّفْسِيرَ، وقال: إنَّما العَقِيقَةُ الذَّبْحُ نَفْسُه. ووَجْهُه أنَّ أصْلَ العَقِّ القَطْعُ، ومنه عَقَّ وَالِدَيْه، إذا قَطَعَهما. والذَّبْحُ قَطْعُ الحُلْقُومِ والمَرِئِ والوَدَجَيْنِ. والعَقِيقَةُ سُنَّةٌ في قولِ عامَّةِ أهْلِ العلمِ؛ منهم ابنُ عباسٍ، وابنُ عُمَرَ، وعائشةُ، وفُقَهاءُ التَّابِعِينَ، وأئِمَّةُ الأمْصَارِ. وقال أصحابُ الرَّأْى: ليست سُنَّةً، وهى مِن أمْرِ الجاهِليَّة؛ لِما رُوِى أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن العَقِيقَةِ، فقال:«إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْعُقُوقَ» (2). فكأنَّه كَرِهَ الاسْمَ، وقال:«مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ، فَأحب أنْ يَنْسُكَ عَنْهُ، فَلْيَفْعَلْ» . رَواه مالكٌ في «المُوَطَّإِ» (3). وقال الحسنُ، وداودُ: هى واجِبَةً. ورُوِىَ عن بُرَيْدَةَ، أنَّ الناسَ يُعْرَضُونَ عليها كما يُعْرَضُونَ على الصَّلواتِ الخَمْسِ؛ لِما
(1) في: غريب الحديث 2/ 284، 285.
(2)
أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 2/ 182.
(3)
في: باب ما جاء في العقيقة، من كتاب العقيقة. الموطأ 2/ 500.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في العقيقة، من كتاب الأضاحى. سنن أبى داود 2/ 96. والنسائى، في: باب أخبرنا أحمد بن سليمان. . .، من كتاب العقيقة. المجتبى 7/ 145. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 182، 183، 194، 5/ 369، 430.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
روى سَمُرَةُ (1) بنُ جُنْدُبٍ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنه قال:«كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بعَقِيقَتِهِ، تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ، ويُسَمَّى، وَيُحْلَقُ رَأسُهُ» (2). وعن أَبي هُرَيْرَةَ مثلُه (3). قال أحمدُ: إسْنادُه جَيِّدٌ. وروَى حَدِيثَ سَمُرَةَ الأثْرَمُ، وأبو داودَ. وعن عائشةَ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَهُم عن الغُلامِ بشَاتَيْن مكافِئَتَيْن، وعن الجارِيَة بشاةٍ (4). وظاهِرُ الأمْرِ الوُجُوبُ. ولَنا على أنها مُسْتَحَبَّة، هذه الأحادِيثُ، وعن أُمِّ كُرْزٍ الكَعْبِيَّةِ، قالت: سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَة شَاةٌ» . وفى لَفْظٍ: «عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مِثْلَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَة شَاةٌ» . رَواه أبو داودَ (5). وقد دَلَّ على اسْتِحْبابِها الإِجْماعُ. قال أبو الزِّنادِ: مِن
(1) في النسخ: «سلمة» خطأ.
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب في العقيقة، من كتاب الأضاحى. سنن أبى داود 2/ 95. والترمذى، في: باب في العقيقة، من أبواب الأضحية. عارضة الأحوذى 6/ 319. والنسائى، في: باب متى يعق؟، من كتاب العقيقة. المجتبى 17/ 147. وابن ماجه، في: باب في العقيقة، من كتاب الذبائح. سنن ابن ماجه 12/ 1057. والدارمى، في: باب السنة في العقيقة، من كتاب الأضاحى. سنن الدارمى 2/ 81. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 7، 8، 12، 17، 22.
(3)
أخرجه بنحوه البيهقى، في: باب ما يعق عن الغلام وما يعق عن الجارية، من كتاب الضحايا. السنن الكبرى 9/ 302. وانظر: باب ما جاء في العقيقة، من أبواب الأضحية. عارضة الأحوذى 6/ 314.
(4)
حديث عائشة، أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في العقيقة، من أبواب الأضحية. عارضة الأحوذى 6/ 314. وابن ماجه، في: باب العقيقة، من كتاب الذبائح. سنن ابن ماجه 2/ 1056. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 31، 158، 251.
(5)
في: باب في العقيقة، من كتاب الأضاحى. سنن أبى داود 2/ 95.
كما أخرجه النسائى، في: باب العقيقة عن الجارية، وباب العقيقة عن الغلام، من كتاب العقيقة. المجتبى =