الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ أَخْطَأَ النَّاسُ، فَوَقَفُوا فِى غَيْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَجْزَأَهُمْ. وَإِنْ أَخْطَأَ بَعْضُهُمْ، فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ.
ــ
ويَسْعَى لعُمْرَتِه، ثم لا يَحِلُّ حتى يَطُوفَ ويَسْعَى لحَجِّه. إلَّا أنَّ سُفْيانَ قال: ويُهَرِيقُ دَمًا. ووَجْهُ الأوَّلِ أنَّه يَجِبُ القَضاءُ على حَسَبِ الأداءِ في صُورَتِه ومَعْناه، فيَجِبُ أن يكونَ ههُنا كذلك، ويَلْزَمُه هَدْيان؛ لقِرانِه وفواتِه. وبه قال مالكٌ، والشافعىُّ. وقيلَ: يَلْزَمُه هَدْىٌ ثالثٌ للقَضاءِ. وليس بشئٍ، فإنَ القَضاءَ لا يَجِبُ له شئٌ، وإنَّما الهَدْىُ الذى في سَنَةِ القَضاءِ للفَواتِ، ولذلك لم يَأْمُرْه الصَّحَابَةُ بأكثرَ مِن هَدْىٍ واحِدٍ. واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ.
1333 - مسألة: (وإن أخْطَأَ الناسُ، فوَقَفُوا في غيرِ يَوْمِ عَرَفَةَ، أجْزَأهم. وإن أخْطَأ بعضُهم، فقد فاتَه الحَجُّ)
إذا أخْطَأ الناسُ، فَوَقَفُوا في غيرِ يَوْمِ عَرَفَةَ، ظنًّا منهم أنَّه يومُ عَرَفَةَ، أجْزَأهم؛ لِما روَى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الدَّرَقُطْنىُّ (1) بإسْنادِه، عن عبدِ العزيزِ بن عبدِ اللَّهِ بنِ جابِرِ بنِ أُسَيْدٍ، قال: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَوْمُ عَرَفَةَ الَّذِى يُعَرِّفُ النَّاسُ فِيهِ» . وقد روَى أبو هُرَيْرَةَ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:«فِطْرُكُمْ (2) يَوْمَ تفْطِرُونَ، وَأضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ» . رَواه الدَّارَقُطْنِىُّ وغيرُه (3). ولأنَّه لا يُؤْمَنُ مثلُ ذلك في القَضاءِ. فإنِ اخْتَلَفُوا، فأصابَ بعضٌ وأخْطَأ بعضٌ، لم يُجْزِئُ مَن أخْطَأ؛ لأنَّهم غيرُ مَعْذُورِينَ في ذلك، وقد ذَكَرْنا حَدِيثَ هَبَّارٍ (4)، حينَ قال لعُمَرَ: ظَنَنْتُ أنَّ اليومَ يَوْمُ عَرَفَةَ، فلم يُعْذَرْ بذلك.
(1) في: كتاب الحج. سنن الدارقطنى 2/ 223، 224.
(2)
في م: «يوم فطركم» .
(3)
في: كتاب الحج. سنن الدارقطنى 2/ 224، 225. وتقدم تخريجه من رواية غيره في 5/ 320.
(4)
تقدم في صفحة 306.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن كان عَبْدًا لم يَلْزَمْه الهَدْىُ؛ لأنَّه عاجِزٌ عنه، بكَوْنِه لا مالَ له، فهو كالمُعْسِرِ، ويَجِبُ عليه الصَّوْمُ بدلَ الهَدْى. فإن أذِنَ له سَيِّدُه في الهَدْى، لم يَكُنْ له أن يُهْدِىَ في ظاهِرِ كلامِ الخِرَقِىِّ، ولا يُجْزِئُه إلَّا الصِّيامُ. هذا قولُ الثَّوْرِىِّ، وأصحابِ الرَّأْى، والشافعىِّ. حَكاه ابنُ المُنْذِرِ عنهم في الصَّيْدِ. وعلى قِياسِ هذا كلُّ دَمٍ لَزِمَه في الإِحْرامِ، لا يُجْزِئُه عنه إلَّا الصِّيَامُ. وقال غيرُ الخِرَقِىِّ مِن أصحابِنا: إن مَلَّكَه السَّيِّدُ هَدْيًا، وأذِنَ له في ذَبْحِه، خُرِّجَ على الرِّوَايَتَيْن في مِلْكِ العَبْدِ بالتَّمْلِيكِ. فإن قُلْنا: يَمْلِكُ. لَزِمَه الهَدْىُ، وأجْزَأ عنه؛ لأنَّه قادِرٌ عليه، مالكٌ له، أشْبَهَ الحُرَّ. وإن قُلْنا: لا يَمْلِكُ. لم يُجْزِئْه إلَّا الصِّيامُ؛ لأنَّه ليس بمالكٍ، ولا سَبِيلَ له إلى المِلْكِ، فهو كالمُعْسِرِ. وإذا صامَ فإنَّه يَصُومُ عن كلِّ مُا مِن قِيمَةِ الشاةِ يَوْمًا. ذَكَرَه الخِرَقِىُّ. ويَنْبَغِى أن يُخَرَّجَ فيه مِن الخِلافِ ما ذَكَرْناه في الصَّيْدِ. فإن بَقِىَ مِن قِيمَتِها دُونَ المُدِّ، صامَ عنه يَوْمًا؛ لأنَّ الصَّومَ لا يَتَبَعَّضُ، فيَجِبُ تَكْمِلَتُه. قال شيخُنا (1):
(1) في: المغنى 5/ 430.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والأَوْلَى أن يكونَ الواجِبُ مِن الصَّوْمِ عَشَرَةَ أيَّامٍ، كصَوْمِ المُتْعَةِ، كما جاءَ في حَدِيثِ عُمَرَ، أنَّه قال لهَبَّارِ بن الأسْوَدِ: فإن وَجَدْتَ سَعَةً فأهْدِ، فإن لم تَجِدْ سَعَةً، فصُمْ ثَلَاثَّةَ أيَّامٍ في الحَجِّ، وسَبْعَةً إذا رَجَعْتَ، إن شاءَ اللَّه. وروَى الشافعىُّ (1)، عن ابنِ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، مثلَ ذلك. وأحمدُ ذَهَب إلى حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّه عنه، واحْتَجَّ به. ولأنَّه صَوْمٌ وَجَب لحِلِّه مِن إحْرامِه قبلَ إتمامِه، فكان عَشَرَةَ أيَّامٍ، كصَوْمِ المُحْصَرِ. والمُعْسِرُ في الصَّوْمِ كالعَبْدِ، ولذلك قال عُمَرُ، رَضِى اللَّه عنه، لهَبَّارٍ: إن وَجَدْتَ سَعَةً فأهْدِ، وإن لم تَجِدْ فصُمْ. ويُعْتَبَرُ اليَسارُ والإِعْسَارُ في زَمَنِ الوُجُوبِ، وهو في سَنَةِ القَضاءِ إن قُلْنا بوُجُوبِه، أو في سنَةِ الفَواتِ إن قُلْنَا: لا يَجِبُ القَضاءُ. وقال الخِرَقِىُّ في العَبْدِ: ثم يُقَصِّرُ، ويَحِلُّ. يُرِيدُ أنَّ العَبْدَ لا يَحْلِقُ؛ لأنَّ الحَلْقَ يُزِيلُ الشَّعَرَ الذى يَزِيدُ في قِيمَتِه ومَالِيَّتِه، وهو مِلْكٌ لسَيِّدِه، ولم يَتَعَيَّن إزالَتُه، فلم يَكُنْ له ذلك، كغيرِ حالَةِ الإِحْرامِ. فإن أذِنَ له سَيِّدُه فيه، جازَ؛ لأنَّ المَنْعَ منه لحَقِّه.
(1) تقدم تخريجه في صفحة 301.