الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيسَنُّ إِشْعَارُ الْبَدَنَةِ، وَهُوَ أنْ يَشُقَّ صَفْحَةَ سَنَامِهَا حَتَّى يَسِيل الدَّمُ، وَيُقَلِّدُهَا، وَيُقَلِّدُ الْغَنَمَ النَّعْلَ وَآذَانَ الْقِرَبِ والْعُرَى.
ــ
ابن عُمَرَ لا يَرَى الهَدْى إلَّا ما عُرِفَ به. ونَحْوُه عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ. وقال مالكٌ: أُحِبُّ للقارِنِ يَسُوقُ هَدْيَه مِنِ حَيْثُ يُحْرِمُ، فإنِ ابْتَاعَه مِن دُونِ ذلك، مِمَّا يَلِى مَكَّةَ، بعدَ أن يقفَه بعَرَفةَ، جازَ. وقال في هَدْى المجامعِ: إن لم يَكُنْ ساقَه فَلْيَشْتَرِه مِن مَكَّةَ، ثم لْيُخْرِجْه إلى الحِلِّ، ولْيَسُقْه إلى مَكَّةَ. ولَنا، أنَّ المُرادَ مِن الهَدْى نَحْرُه وَنَفْعُ المَساكِينِ بلَحمِه، وهذا لا يَقِفُ على شئٍ مِمّا ذَكَرُوه، ولم يَرِدْ بما قالُوه دَلِيلٌ يُوجِبُه، فبَقِىَ على أصْلِه.
1369 - مسألة: (ويُسَنُّ إشْعارُ البَدَنَةِ
(1)، وهو أن يَشُقَّ صَفْحَةَ سَنَامِها حتى يَسِيلَ الدَّمُ، ويُقَلِّدُها، ويُقَلِّدُ الغَنَمَ النَّعْلَ وآذانَ القِرَبِ والعُرَى) يُسَنُّ تَقْلِيدُ الإبِلِ والبَقَرِ، وإشْعارُها، وهو أن يَشُقَّ صَفْحَةَ سَنَامها الأَيْمَنَ حتى يُدْمِيَها، في قَوْلِ أهْلِ العِلْمِ. وقال أبو حنيفةَ:
(1) في م: «البدن» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هذا مُثْلَةٌ غيرُ جائِزٍ؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن تَعْذِيبِ الحَيَوانِ (1). ولأنَّه إيلامٌ، فهو كقَطْع عُضْوٍ منه. وقال مالك: إن كانتِ البَقَرَةُ ذاتَ سَنامٍ، فلا بَأْسَ بإشْعارِها، وإلَّا فلا. ولَنا، ما رَوَتْ عائِشَةُ، رَضِىَ اللَّهُ عنها، قالت: فَتَلْتُ قَلائِدَ هَدْى رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثم أشْعَرَها وقَلَّدَها. مُتَّفَقٌ عليه (2). وفَعَلَه الصَّحَابَةُ، فيَجِبُ تَقْدِيمُه على عُمُومِ ما احْتَجُّوا به، ولأنَّه إيلامٌ لغَرَضٍ صَحِيحٍ، فجازَ، كالكَىِّ، والوَسْمِ، والحِجامَةِ. وفائِدَتُه أن لا تَخْتَلِطَ بغيرِها، وأن يَتَوَقَّاهَا اللِّصُّ، ولا يَحْصُلُ ذلك بالتَّقْلِيدِ بمُفْرَدِه؛ لأنَّه يَحْتَمِل أن يَنْحَلَّ وَيَذْهَبَ. وقِياسُهم يَنْتَقِضُ بالكَىِّ.
(1) أخرجه البخارى، في: باب ما يكره من المثلة والمصبورة، من كتاب الذبائح. صحيح البخارى 7/ 122. ومسلم، في: باب النهى عن صبر البهائم، من كتاب الصيد والذبائح. صحيح مسلم 3/ 1549، 1550. والنسائى، في: باب النهى عن المجثمة، من كتاب الضحايا. المجتبى 7/ 210. والدارمى، في: باب النهى عن مثلة الحيوان، من كتاب الأضاحى. سنن الدارمى 2/ 83. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 43، 103.
(2)
أخرجه البخارى، في: باب من أشعر وقلد بذى الحليفة ثم أحرم، وباب إشعار البدن. . .، من كتاب الحج، وفى: باب الوكالة في البدن. . .، من كتاب الوكالة. صحيح البخارى 2/ 207، 3/ 934. ومسلم، في: باب استحباب بعث الهدى. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 957، 958.
كما خرجه أبو داود، في: باب من بعث بهديه وأقام، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 407. والنسائى، في: باب تقليد الإبل، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 135. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 78، 224، 238.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويُشْعِرُ البَقَرَةَ، لأنَّها مِن البُدْنِ، فتُشْعَرُ كذَاتِ السَّنَامِ. أمَّا الغَنَمُ فلا يُسَنُّ إشْعارُها؛ لأنَّها ضَعِيفَة، وصُوفُها وشَعَرُها يَسْتُرُ مَوْضِعَ إشْعارِها. إذا ثَبَت هذا، فالسُّنَّةُ الإِشْعارُ في صَفْحَتِها اليُمْنَى. وبهذا قال الشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ. وقال مالِكٌ، وأبو يُوسُفَ: بل يُشْعِرُها في صَفْحَتِها اليُسْرَى. وعن أحمدَ مثلُه؛ لأنَّ ابنَ عُمَرَ فَعَلَه. ولَنا، ما روَى ابنُ عباس، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بذِى الحُلَيْفَةِ، ثم دَعَا ببَدَنَةٍ وأشْعَرَها مِن صَفْحَةِ سَنَامِها الأيْمَنِ، وسَلَتَ الدَّمَ عنها بيَدِه. رَواه مسلمٌ (1). وأمَّا ابنُ عُمَرَ فقد رُوِى عنه كمَذْهَبِنا. رَواه البخارىُّ (2). ثم فِعْلُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم أوْلَى مِن فِعْلِ ابنِ عُمَرَ
(1) في: باب تقليد الهدى. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 912.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في الإشعار، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 406. والنسائى، في: باب أى الشقين يشعر، وباب سلت الدم عن البدن، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 132، 133. والترمذى، في: باب ما جاء في إشعار البدن، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى 4/ 139. وابن ماجه، في: باب إشعار البدن، من كتاب المناسك 2/ 1034. والدارمى، في: باب في الإشعار كيف يشعر، من كتاب المناسك. سنن الدارمى 2/ 65، 66.
(2)
في: باب من أشعر وقلد بذى الحليفة ثم أحرم، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 206.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بغيرِ خِلافٍ، ولأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كان يُعْجِبُه التَّيَمُّنُ في شَأْنِه كُلِّه (1). وإذا ساقَ الهَدْى مِن قِبَلِ المِيقاتِ، استُحِبَّ إشعارُه وتَقْلِيلُده مِن المِيقاتِ؛ لحَدِيث ابنِ عباسٍ. وإن كانت غَنَمًا اسْتُحِبَّ أن يُقَلِّدَها نَعْلًا، أو آذانَ القِرَبِ، أو عِلاقَةَ إداوَةٍ، أو عُرْوَةً. وقال مالكٌ، وأبو حنيفةَ: لا يُسَنُّ تَقْلِيدُ الغَنَمِ؛ لأنَّه لو كان سُنَّةً لنُقِلَ كما نُقِلَ في الإِبِلِ. ولَنا، ما رُوِى أنَّ عائِشَةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنها، قالت: كُنْتُ أفْتِلُ القَلائِدَ للنبىِّ صلى الله عليه وسلم[فيُقَلِّدُ الغَنَمَ ويُقِيمُ في أهْلِه حَلالًا. وفى لَفْظٍ: كُنْتُ أفْتِلُ قَلائِدَ الغَنَمِ للنبىِّ صلى الله عليه وسلم](2). رَواه البخارىُّ (3). ولأنَّه إذا سُنَّ تَقْلِيدُ الإبِلِ مع أنَّه يُمْكِنُ تَعْرِيفُها بالإشْعارِ، فالغَنَمُ أوْلَى. وإن تَرَك التَّقْلِيدَ والإِشْعارَ فلا شئَ عليه؛ لأنَّه غيرُ واجِبٍ.
(1) تقدم تخريجه في 1/ 73.
(2)
سقط من: م.
(3)
في: باب فتل القلائد للبدن البقر، وباب إشعار البدن باب تقليد الغنم، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 207، 208.
كما أخرجه مسلم، في: باب استحباب بعث الهدى إلى الحرم. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 957، 958. وأبو داود، في: باب من بعث بهديه وأقام، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 407. والنسائى، في: باب فتل القلائد، وباب هل يوجب تقليد الهدى إحراما، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 133، 137. وابن ماجه، في: باب تقليد البدن، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1034. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 191، 236.