الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا تَعَيَّنَتْ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا وَلَا هِبَتُهَا، إِلَّا أَنْ يُبْدِلَهَا بِخَيْرٍ مِنْهَا.
ــ
ويُثابُ على ما يَتَصَدَّقُ به منها، كما يُثابُ على الصَّدَقَةِ بما لا يَصْلُحُ أن يكونَ هَدْيًا، وكما لو أعْتَقَ عن كَفَّارَتِه عَبْدًا لا يُجْزِئُ في الكَفَّارَةِ، إلَّا أنَّه ههُنا لا يَلْزَمُه بَدَلُها؛ لأنَّ الأُضْحِيَةَ في الأصْلِ غيرُ واجِبَةٍ، ولم يُوجَدْ منه ما يوُجِبُها، فإن زَالَ عَيْبُها المانِعُ مِن الإِجْزاءِ، كبُرْءِ المَرِيضَةِ والعَرْجَاءِ، وزَوالِ الهُزالِ، فقال القاضِى: تُجْزِئُ في قِياسِ المَذْهَبِ. وقال أصحابُ الشافعىِّ: لا تُجْزِئُ؛ لأنَّ الاعْتِبارَ بحالِ إيجابها، ولأنَّ الزِّيَادَةَ فيها كانت للمَسَاكِينِ، كما أنَّها لو نَقَصَتْ بعدَ إيجابِها، كان عليهم، ولا يَمْنَعُ كَوْنَها أُضْحِيَةً. ولَنا، أنَّها أُضْحِيَةٌ يُجْزِئُ مثلُها، فأجْزَأتْ، كما لو لم يُوجِبْها إلَّا بعدَ زَوالِ عَيْبِها.
1354 - مسألة: (وإذا تَعَيَّنَتْ لم يَجُزْ بَيْعُها ولا هِبَتُها، إلَّا أن يُبْدِلَها
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَجُوزُ أَيْضًا.
ــ
بخَيْرٍ منها. وقال أبو الخَطّابِ: لا يَجُوزُ أيْضًا) إذَا تَعَيَّنَتْ لم يَجُزْ بَيْعُها ولا هِبَتُها. وقال القاضى: يَجُوزُ أن يَبِيعَها ويَشْتَرِىَ خَيْرًا منها. نَصَّ عليه أحمدُ. وهو قولُ عَطاءٍ، ومُجاهِدٍ، وأبى حنيفةَ؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم ساقَ في حَجَّتِه مائَةَ بَدَنَةٍ، وقَدِمَ علىٌّ مِن اليَمَنِ فأشْرَكَهُ في بُدْنِه. رَواه مسلمٌ (1). والاشْتِرَاكُ نَوْعٌ مِن البَيْع أو الهِبَةِ، ولأنَّه يَجُوزُ إبْدَالُها بخَيْرٍ منها، والإِبدَالُ نَوْعٌ مِن البَيْع. ولَنا، أنَّه قد تَعَيَّنَ ذَبْحُها، فلم يَجُزْ بَيْعُها، كما لو نَذَر ذَبْحَها بعَيْنِها، ولأنَّه جَعَلَها للَّهِ، فلم يَجُزْ بَيْعُها، كالوَقْفِ، وإنَّما جَازَ إبْدالُها بجِنْسِها؛ لأنَّه لم يَزُلِ الحَقُّ فيها عن جِنْسِها، وإنَّما انْتَقَلَ إلى خَيْرٍ
(1) تقدم تخريجه في حديث جابر الطويل في 8/ 363.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
منها، فكان في المَعْنَى ضَمُّ زِيَادَةٍ إليها، وقد جازَ إبْدَالُ المُصْحَفِ، ولم يَجُزْ بَيْعُه. وأمَّا الحَدِيثُ فيَحْتَمِلُ أنَّه أشْرَكَ عَلِيًّا فيها قبلَ إيجابِها، ويَحْتَمِلُ أنَّ إشْرَاكَه فيها بمَعْنَى أنَّ عَلِيًّا جاءَ ببُدْنٍ، فاشْتَرَكَا في الجَمِيع، فكان بمَعْنَى الإِبدَالِ، لا بمَعْنَى البَيْع. ويَجُوزُ أن تَكُونَ الشَّرِكَة في ثَوابِها وأجْرِها. فأمَّا إبْدَالُها بخَيْرٍ منها، فقد نَصَّ أحمدُ على جَوازِه. وهو اختِيارُ الخِرَقِىِّ. وبه قال عَطاءٌ، ومُجاهِدٌ، وعِكْرِمَةُ، وأبو حنيفةَ، ومالكٌ، ومحمدُ بنُ الحسنِ. واخْتَارَ أبو الخَطّابِ أنَّه لا يَجُوزُ؛ لأنَّ أحمدَ نَصَّ في الهَدْى إذا عَطِبَ، أنَّه يُجْزِئُ عنه، وفى الأُضْحِيَةِ إذا هَلَكَت، أو (1) ذَبَحَها فسُرِقَتْ، لا بَدَلَ عليه، ولو كان مِلْكُه ما زالَ عنها، لَزِمَه بَدَلُها في هذه المَسائِلِ، ولِما ذَكَرْنا في عَدَمِ جَوازِ بَيْعِها. وهذا
(1) في م: «و» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَذْهَبُ أبى يُوسُفَ، والشافعىِّ، وأبى ثَوْرٍ. ولأنَّه زالَ مِلْكُهْ عنها للَّهِ تعالى، فلم يَجُزْ إبْدَالُها، كالوَقْفِ. ولَنا، ما ذَكَرْنا مِن حَدِيثِ علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وقد تَأوَّلْنَاه على مَعْنَى الإِبْدَالِ، وَيَتَعَيَّنُ حَمْله عليه؛ لاتِّفاقِنا على تَحْرِيمِ بَيْعِها وهِبَتِها، ولأنَّه عَدَل عن العَيْنِ إلى خَيْرٍ منها مِن جِنْسِها، فجازَ، كما لو أخْرَجَ عن بِنْتِ لَبُونٍ حِقَّةً في الزَّكاةِ، ولأنَّ النُّذُورَ مَحْمُولَةٌ على أُصُولِها في الفُرُوضِ، وفى الفُرُوضِ يَجُوزُ إخْرَاجُ البَدَلِ في الزَّكاةِ، فكذلك في النُّذُورِ. وقولُه: قد زال مِلْكُه. مَمْنُوعٌ، بل تَعَلَّقَ بها حَقُّ اللَّهِ تعالى مع بَقاءِ مِلْكِه عليها، بِدَلِيلِ أنَّه لو غَيَّرَ الواجِبَ في ذِمَّتِه، فعَطِبَ أو تَعَيَّبَ، كان له اسْتِرْجَاعُه، ولو زَالَ مِلْكُه عنه لم يَعُدْ إليه، كالوَقْفِ، والفَرْقُ بينَ الإِبدَالِ والبَيْعِ، أنَّ الإبدَالَ لا يُزِيلُ الحَقَّ المُتَعَلِّقَ بها مِن جِنْسِها، والبدَلُ قائِمٌ مَقامَها، فكَأنَّها لم تَزُلْ في المَعْنَى. وقولُه: إلَّا أن يُبْدِلَها بخَيْرٍ منها. يَدُلُّ على أنَّه لا يجوزُ بدُونِها؛ لأنَّه تَفْوِيتُ جُزْءٍ منها، فلم يَجُزْ، كإتْلافِه. وهذا لا خِلافَ فيه، ويَدُلُّ على أنَّه لا يَجُوزُ إبْدالُها بمِثْلِها، لعَدَمِ الفائِدَةِ فيه. وقال القاضى: في إبْدالِها بمِثْلِها احْتِمالانِ؛