الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِى مِنْ أيَّامِ التَّشْرِيقِ، خُطْبَةً يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا حُكْمَ التَّعْجِيلِ وَالتَّأْخِيرِ، وَتَوْدِيعِهِمْ. فَمَنْ أَحَبَّ أنْ يَتَعَجَّلَ فِى يَوْمَيْنِ، خَرَجَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَإِنْ غَرَبَتْ وَهُوَ بِهَا،
ــ
عنه: صَلَّيْتُ مع رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْن، ومع أبى بَكْرٍ رَكْعَتَيْن، ومع عُمَرَ، وعثمانَ رَكْعَتَيْن صَدْرًا مِن إمارَتِه (1). فإن كان الإِمامُ غيرَ مَرْضِىٍّ صَلَّى المَرْءُ برُفْقَتِه في رَحْلِه.
1319 - مسألة: (ويَخْطُبُ الإِمامُ في اليَوْمِ الثَّانِى مِن أيَّامِ التَّشْرِيقِ، خُطْبَةً يُعَلِّمُهُم فيها حُكْمَ التَّعْجيلِ والتَّأْخِيرِ، وتَوْدِيعِهم)
. وبهذا قال الشافعىُّ وابنُ المُنْذِرِ. وقال أَبو حنيفةَ: لا يُسْتَحَبُّ، قِياسًا على اليَوْمَيْن الآخَرَيْن. ولَنا، ما رُوِى عن رَجُلَيْن مِن بَنِى بَكْرٍ، قالا: رَأيْنا رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ بينَ أواسِطِ أيَّامِ التَّشْرِيقِ، ونحن عندَ راحِلَتِه. رَواه أبو داودَ (2). ولأنَّ بالنَّاسِ حاجَةً إلى أن يُعَلِّمَهم كيفَ يَتَعَجَّلُونَ، وكيفَ يُوَدِّعُونَ، بخلافِ اليَوْمِ الأوَّلِ والثالِثِ.
1320 - مسألة: (فمَن أحَبَّ أن يَتَعَجَّلَ في يَوْمَيْن، خَرَج قبلَ غُرُوبِ الشمسِ، فإن غَرَبَتِ الشمسُ، وهو بمِنًى لزِمَهُ المَبِيتُ
(1) تقدم تخريجه في 5/ 49.
(2)
في: باب أى يوم يخطب بمنى، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 452.
لَزِمَهُ المَبِيتُ وَالرَّمْىُ مِنَ الْغَدِ.
ــ
والرَّمْىُ مِن الغَدِ) أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ مَن أرادَ الخُرُوجَ مِن مِنًى، شاخِصًا عن الحَرَمِ غيرَ مُقِيمٍ بمَكَّةَ، أنَّ له أن يَنْفِرَ بعدَ الزَّوَالِ في اليَوْمِ الثَّانِى مِن أيَّامِ التَّشْرِيقِ، فإن أحَبَّ الإِقامَةَ بمَكَّةَ، فقالَ أحمدُ: لا يُعْجبُنِى لمن نَفَرَ النَّفْرَ الأوَّلَ أن يُقِيمَ بمَكَّةَ. وكان (1) مالكٌ يقولُ في أهْلِ مَكَّةَ: مَن كان له عُذْرٌ، فله أن يَتَعَجَّلَ في يَوْمَيْن، فإن أرادَ التَّخْفِيفَ عن نَفْسِه مِن أمْرِ الحَجِّ، فلا. واحْتَجَّ مَن ذَهَب إلى هذا بقَوْلِ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّه عنه: مَن شاءَ مِن النَّاسِ كُلِّهم أن يَنْفِرَ في النَّفْرِ الأوَّلِ، إلَّا آلَ خُزَيْمَةَ، فلا يَنْفِرُوا إلَّا في النَّفْرِ الآخِرِ. جَعَل أحمدُ، وإسْحاقُ مَعْنَى قولِ عُمَرَ: إلَّا آلَ خُزَيْمَةَ. أى أنَّهُم أهلُ الحَرَمِ. والمَذْهَبُ جَواز النَّفْرِ في النَّفْرِ الأوَّلِ لكلِّ أحَدٍ. وهو قولُ عامَّةِ العُلَماءِ؛ لقولِ اللَّهِ تَعالَى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} (2). قال عَطاءٌ: هى للنَّاسِ عامَّةً. وروَى أبو داودَ وابنُ ماجَه (3)، عن يَحْيَى
(1) في النسخ: «قال» . وانظر المغنى 5/ 331.
(2)
سورة البقرة 203.
(3)
أخرجه أبو داود، في: باب من لم يدرك عرفة، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 451، 452. وابن ماجه، في: باب من أتى عرفة. . .، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1003.
كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 4/ 309، 310، 335.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابن يَعْمُرَ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قال:«أَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةٌ فَمَنْ تَعَجّلَ [فِى يَوْمَيْنِ] (1) فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ، وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ» . قال ابنُ عُيَيْنَةَ: هذا أجْودُ حَدِيثٍ رَواه سُفْيانُ. وقال وَكِيعٌ: هذا الحَدِيثُ أُمُّ المَنَاسِكِ، وفيه زِيادَةٌ أنا اخْتَصَرْتُه. ولأنَّه دَفْعٌ مِن مَكانٍ، فاسْتَوَى فيه أهْلُ مَكَّةَ وغيرُهم، كالدَّفْعِ مِن عَرَفَةَ ومُزْدَلِفَةَ. وكَلامُ أحمدَ في هذا أرادَ به الاسْتِحْبابَ، مُوَافَقَةً لقَوْلِ عُمَرَ. فمَن أحَبَّ التَّعْجِيلَ في النَّفْرِ الأوَّلِ، خَرَج قبلَ غُرُوبِ الشمسِ، فإن غَرَبَتْ قبلَ خُرُوجِه مِن مِنًى، لم يَنْفِرْ، سَواءٌ كان ارْتَحَل أو لم يَرْتَحِلْ. هذا قولُ ابنِ عُمَرَ، وجابِرٍ، وعَطاءٍ، وطاوُسٍ، ومُجاهِدٍ، ومالكٍ، والثَّوْرِىِّ، والشافعىِّ، وإسحاقَ، وابنِ المُنْذِرِ. وقال أبو حنيفةَ: له أن يَنْفِرَ ما لم يَطْلُعْ فَجْرُ اليَوْمِ الثالِثِ؛ لأنَّه لم يَدْخُلْ وَقْتُ رَمْى اليومِ الآخِرِ، فجازَ له النَّفْرُ، كما قبلَ الغُرُوبِ. ولَنا، قولُه سُبْحَانه:{فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} . واليومُ اسْمٌ للنَّهارِ، فمَن أدْرَكَه اللَّيْلُ فما تَعَجَّلَ في يَوْمَيْن. قال ابنُ المُنْذِرِ: ثَبَت عن عُمَرَ، رَضِىَ اللَّه عنه، أنَّه قال: مَن أدْرَكَه المَسَاءُ في اليَوْمِ الثَّانِى، فَلْيُقِمْ إلى
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الغدِ حتى يَنْفِرَ مع النّاسِ (1). وما قاسُوا عليه لا يُشْبِهُ ما نحن فيه، فإنَّه تَعَجَّلَ في يَوْمَيْن.
فصل: قال بعضُ أصحابِنا: يُسْتَحَبُّ لمَن نَفَر أن يَأْتِىَ المُحَصَّبَ، وهو الأَبْطَحُ، وحَدُّه ما بينَ الجَبَلَيْن إلى المَقْبَرَةِ، فيُصَلِّىَ به الظُّهْرَ والعصرَ والمَغْرِبَ والعِشاءَ، ثم يَهْجَعَ يَسِيرًا، ثم يَدْخُلَ مَكَّةَ. وكان ابنُ عُمَرَ يَرَى التَّحْصِيبَ سُنَّةً. قال ابنُ المُنْذِرِ: كان ابنُ عُمَرَ يُصَلِّى بالمُحَصَّب الظُّهْرَ والعَصرَ والمَغْرِبَ والعِشاءَ، وكان كَثِيرَ الاتِّبَاعِ لسُنَّةِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وكان طاوُسٌ يُحَصِّبُ في شِعْبِ الخُوزِ (2). وكان ابنُ عباسٍ، وعائشةُ، لا يَرَيان ذلك سُنَّةً، قال ابنُ عباسٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما: التَّحْصِيبُ ليس بشئٍ، إنَّما هو مَنْزِلٌ نَزَله رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وعن عائشةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنها، أنَّ نُزُولَ الأَبْطَحِ ليسَ بسُنَّةٍ، إنَّما نَزَلَه رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ليكونَ أسْمَحَ لخُرُوجِه إذا خَرَج. مُتَّفَقٌ عليهما (3). ومَن اسْتَحَبَّ ذلك فلاتِّباعِ رسولِ اللَّهِ
(1) أخرجه البيهقى في: باب من غربت له الشمس. . .، من كتاب الحج. السنن الكبرى 5/ 152. قال البيهقى: روى مرفوعًا، ورفعه ضعيف.
(2)
في م: «الجور» وفى الأصل غير منقوطة. وانظر المغنى 5/ 335.
وشعب الخوز بمكة، سمى بهذا الاسم، لأن نافع بن الخوزى نزله، وكان أول من بنى فيه. معجم البلدان 3/ 295.
(3)
أخرجهما البخارى، في: باب المحصب، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 222. ومسلم، في: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صلى الله عليه وسلم، فإنَّه كان يَنْزِلُه. قال نافِعٌ: كان ابنُ عُمَرَ يُصَلِّى بها الظُّهْرَ والعَصْرَ والمَغْرِب والعِشَاءَ، ويَهْجَعُ هَجْعَةً، ويَذْكُرُ ذلك عن رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. مُتَّفَقٌ عليه (1). وقال ابنُ عُمَرَ: كان رسولُ اللَّهِ وأبو بَكْرٍ وعُمَرُ وعثمانُ يَنْزِلُونَ الأبطَحَ. قال التِّرْمِذِىُّ (2): هذا حَدِيثٌ حَسنٌ غَرِيبٌ. ولا خِلافَ أنَّه لا يَجِبُ، ولا شئَ على تارِكِه.
فصل: ويُسْتَحَبُّ لمَن حَجَّ أن يَدْخُلَ البَيْتَ، وقد ذَكَرْناه، ولا يَدْخُلُه بنَعْلَيْه ولا خُفَّيْه، ولا إلى الحِجْرِ؛ لأنَّه مِن البَيْتِ، ولا يَدْخُلُ الكَعْبَةَ بسِلاحٍ. قال أحمدُ: وثِيابُ الكَعْبَةِ إذا نُزِعَتْ يُتَصَدَّقُ بها. وقال (3): إذا أرادَ أن يَسْتَشْفِىَ بشئٍ مِن طِيبِ الكَعْبَةِ، فيَأْتِ بطِيبٍ، مِن عندِه، فيُلْزِقَه على البَيْتِ بحيثُ يَأْخُذُه، ولا يَأْخُذْ مِن طِيبِ البَيْتِ شيئًا. ولا يُخْرِجْ مِن تُرابِ الحَرَمِ، ولا يُدْخِلْ فيه مِن الحِلِّ. كذلك قال ابنُ عُمَرَ،
= باب استحباب النزول بالمحصب. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 952. كما أخرجهما الترمذى، في: باب ما جاء في نزول الأبطح، وباب من نزل الأبطح، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى 4/ 153، 154.
وأخرج الثانى ابن ماجه، في: باب نزول المحصب، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1019.
(1)
أخرجه البخارى، في: باب النزول بذى طوى. . .، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 222. ومسلم، في: باب استحباب النزول بالمحصب. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 951.
كما أخرجه أبو داود، في: باب التحصيب، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 464.
(2)
في: باب ما جاء في نزول الأبطح، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى 4/ 152.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب نزول المحصب، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1020.
(3)
هذا شئ مبتدع، لم يثبت في رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، والشفاء إنَّما يطلب من اللَّه، وبفعل الأسباب المشروعة والمباحة، كالدعاء والرقية بالقرآن والتداوى بالأدوية المباحة. واللَّه أعلم.