الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْأَفْضَلُ فِيهِمَا الْإِبِلُ، ثُمَّ الْبَقَرُ، ثُمَّ الْغَنَمُ. وَالذَّكَرُ وَالأنْثَى سَوَاءٌ.
ــ
حَتَّى اكْتَسَى الرَّأْسُ قِنَاعًا أَشْيَبَا
…
أَمْلَحَ لا لذًّا وَلَا مُحَبَّبَا
وأجْمَعَ المُسْلِمُونَ على مَشْرُوعِيَّةِ الأُضْحِيَةِ. ويُسْتَحَبُّ لمَن أتَى مَكَّةَ أن يُهْدِىَ هَدْيًا؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أهْدَى في حَجَّتِه مائَةَ بَدَنَةٍ (1)، وقد كان النبىُّ صلى الله عليه وسلم يَبْعَثُ الهَدْى، ويُقِيمُ بالمَدِينَةِ.
1341 - مسألة: (والأَفْضَلُ فيهما الإِبِلُ، ثم البَقَرُ، ثم الغَنَمُ. والذَّكَرُ والأُنْثَى سَواءٌ)
أفْضَلُ الهَدَايَا والأضَاحِى الإِبِلُ، ثم البَقَرُ، ثم الغَنَمُ، ثم شِرْكٌ في بَدَنةٍ، ثم شِرْكٌ في بَقَرَةٍ. وبه قال أبو حنيفةَ، والشافعىُّ.
(1) تقدم تخريجه في 8/ 363 من حديث جابر الطويل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقال به مالكٌ في الهَدْى. وقال في الأُضْحِيَةِ: الأَفْضَلُ الجَذَعُ، ثم الضَّأْنُ، ثم البَقَرَةُ، ثم البَدَنَةُ؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بكَبْشَيْنِ، ولا يَفْعَلُ إلَّا الأفْضَلَ، ولو عَلِمَ اللَّهُ سُبْحانَه خَيْرًا منه لفَدَى به إسحاقَ. ولَنا، ما روَى أبو هُرَيْرَةَ، رَضِىَ اللَّه عنه، قال: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ فَكَأنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الخَامِسَةِ فَكَأنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً» . مُتَّفَقٌ عليه (1). ولأنَّه ذَبْحٌ يُتَقَرَّبُ به إلى اللَّهِ تَعالَى، فكانتِ البَدَنَةُ فيه أفْضَلَ،
(1) تقدم تخريجه في 5/ 276.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كالهَدْىِ، ولأنَّها أكثرُ ثَمَنًا ولَحْمًا، وأنْفَعُ للفُقَرَاءِ، ولأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: أىُّ الرِّقابِ أفْضَلُ؟ فقال: «أَغلَاهَا ثَمَنًا، وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا» (1). والإِبِلُ أَغْلَى ثَمَنًا وأَنْفَسُ مِن الغَنَمِ. فأَمَّا التَّضْحِيَةُ بالكَبْشِ، فلأنَّه أفْضَلُ أجْناسِ الغَنَمِ، وكذلك حُصُولُ الفِداء به أفْضَلُ، والشّاةُ أفْضَلُ مِن شِرْكٍ في بَدَنَةٍ؛ لأنَّ إراقَةَ الدَّمِ مَقْصُودٌ في الأُضْحِيَةِ، والمُنْفَرِدُ يَتَقَرَّبُ بإرَاقَتِه كلِّه.
فصل: والذَّكَرُ والأُنْثَى سَواءٌ؛ لأنَّ اللَّهَ تعالى قال: {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} (2). وقال: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (3). ولم يَقُلْ: ذَكَرًا ولا أُنْثَى. ومِمَّن أجَازَ ذُكْرانَ الإِبِلِ في الهَدْى ابنُ المُسيَّبِ، وعُمَرُ بنُ عبدِ العَزِيزِ، ومالكٌ، وعَطاءٌ، والشافعىُّ. وعن ابنِ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عَنهما، قال: ما رَأَيْتُ أحَدًا فاعِلًا ذلك، وأن أَنْحَرَ أُنْثَى أَحَبُّ إلَىَّ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لِمَا ذَكَرْنا مِن النَّصِّ،
(1) تقدم تخريجه في 7/ 133.
(2)
سورة الحج 34.
(3)
سورة الحج 36.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقد ثَبَت أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أهْدَى جَمَلًا لأبى جَهْلٍ، في أنْفِه بُرَةٌ (1) مِن فِضَّةٍ. رَواه أبو داودَ، وابنُ ماجَه (2). ولأنَّه يَجُوزُ ذبْحُ الذَّكَرِ مِن سائِرِ بَهِيمَةِ الأنْعامِ، فكذلك مِن الإِبِلِ، ولأنَّ القَصْدَ اللَّحْمُ، ولَحْمُ الذَّكَرِ أوْفَرُ، ولَحْمُ الأُنْثَى أَرطَبُ، فتَسَاوَيَا. قال أحمدُ: الخَصِىُّ أحَبُّ إلَيْنا مِن النَّعْجَةِ؛ لأنَّ لَحْمَه أوْفَرُ وأطْيَبُ. قال شيخُنا (3): والكَبْشُ في الأُضْحِيَةِ أفْضَلُ النَّعَمِ؛ لأنَّها أُضْحِيَةُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم. وذَكَرَه ابنُ أبى مُوسَى. والضَّأْنُ أفْضَلُ مِن المَعْزِ؛ لأنَّه أطْيَبُ لَحْمًا. وقال القاضى: جَذَعُ الضَّأنِ أفْضَلُ مِن ثَنِىِّ المَعْزِ؛ لذلك، ولِما رُوى أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«نِعْمَ الأُضْحِيَةُ الجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ» (4). حَدِيث غَرِيبٌ. قال شيخُنا (5) رحمه الله: ويَحْتَمِلُ أنَّ الثَّنِىَّ مِنٍ المَعْزِ أفْضَلُ مِن الجَذَعِ؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم، قال:«لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، فإنْ عَسُرَ عَلَيْكُمْ، فَاذْبَحُوا الجَذَعَ مِنَ الضَّأْنِ» رَواه مسلمٌ (6). وهذا يَدُلُّ على فَضْلِ الثَّنِىِّ على الجَذَعِ، لكَوْنِه جَعَل
(1) البرة: الحلقة تجعل في أنف البعير.
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب في الهدى، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 405. وابن ماجه في: باب الهدى من الإناث والذكور، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1035.
(3)
انظر المغنى 13/ 366. ولفظه: والكبش أفضل الغنم.
(4)
أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في الجذع من الضأن. . .، من أبواب الأضاحى. عارضة الأحوذى 6/ 298، 299. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 445.
(5)
في: المغنى 13/ 367.
(6)
تقدم تخريجه في 8/ 447.