الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِذَا بَلَغ مُحَسِّرًا، أَسْرَعَ قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ. وَيَأْخُذُ حَصَى الْجِمَارِ مِنْ طَرِيقِهِ، أوْ مِنْ
ــ
1297 - مسألة: (فإذا بَلَغ مُحَسِّرًا، أسْرَعَ قَدْرَ رَمْيَةٍ بحَجَرٍ)
يُسْتَحَبُّ الإِسْراعُ في وادِى مُحَسِّرٍ، وهو ما بينَ المُزْدَلِفَةِ ومِنًى، فإن كان ماشِيًا أسْرَعَ، وإن كان راكِبًا حَرَّكَ دَابَّتَه؛ لأنَّ جابِرًا قال في صِفَةِ حَجِّ النبىِّ صلى الله عليه وسلم: إنَّه لَمَّا أتُى بَطنَ مُحَسِّرٍ حَرَّكَ قَلِيلًا. ويُرْوَى أنَّ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، لمَّا أتَى مُحَسرًا أسْرَعَ، وقال:
إلَيْكَ تَعْدُو قَلِقًا وَضمِينُها (1)
مُخالِفًا دِينَ النَّصَارَى دِينُها
مُعْتَرِضًا في بَطْنِهَا جَنِينُهَا
وذلك قَدْرُ رَمْيَةٍ بحَجَرٍ، ويكونُ مُلَبِّيًا في طَرِيقه، فإنَّ الفَضْلَ بنَ عباسٍ روَى أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم لم يَزَلْ يُلَبِّى حتى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ. مُتَّفَقٌ عليه (2). ولأنَّ التَّلْبِيَةَ مِن شِعارِ الحَجِّ، فلا تُقْطَعُ إلَّا بالشُّرُوعِ في الإِحْلالِ، وأوَّلُه رَمْىُ جَمْرَةِ العَقَبَةِ.
1298 - مسألة: (ثم يَأْخُذُ حَصَى الجِمارِ مِن طَرِيقه، أو مِن
= الوقوف بعرفة، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 207. والدارمى، في: باب الوضع في وادى محسر، من كتاب المناسك. سنن الدارمى 2/ 60. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 269، 277.
(1)
الرجز في اللسان (وض ن) 13/ 450.
والوضين: بطان منسوج بعضه على بعض يشد به الرحل على البعير.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 175.
مُزْدَلِفَةَ، وَمِنْ حَيْثُ أَخَذَهُ، جَازَ. وَيَكُونُ أَكْبَرَ مِنَ الْحِمَّصِ وَدُونَ الْبُنْدُقِ،
ــ
مُزْدَلِفَةَ، ومِن حيث أخَذَه، جازَ. ويكونُ أكْبَرَ مِن الحِمَّصِ ودُونَ البُنْدُقِ) إنَّما يُسْتَحَبُّ أخْذُ حَصَى الجِمارِ قبلَ أن يَصِلَ مِنًى؛ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ عندَ قُدُومِه بشئٍ قبلَ الرَّمْىِ؛ لأنَّها تَحِيَّة له، كما أنَّ الطَّوافَ تَحِيَّة المَسْجِدِ، فلا يَبْدَأُ بشئٍ قبلَه. وكان ابنُ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّه عنه، يَأْخُذُ حَصَى الجِمارِ مِن جَمْعٍ. وفَعَله سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ، وقال: كانُوا يَتَزَوَّدُونَ الحَصَى مِن جَمْعٍ. واسْتَحَبَّه الشافعىُّ. وقال أحمدُ: خُذِ الحَصَى من حيثُ شِئْتَ. اخْتارَه عَطاءٌ، وابنُ المُنْذِرِ. وهو أصَحُّ، إن شاءَ اللَّهُ تعالى؛ لأنَّ ابنَ عباسٍ، قال: قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم غداةَ العَقَبَةِ، وهو على ناقَتِه:«الْقُطْ لِى حَصًى» . فلَقَطْتُ له سَبعَ حَصَياتٍ مِن حَصَى الخَذْفِ، فجَعَلَ يَقْبِضُهُنَّ في كَفِّه، ويقولُ:«أمْثَالَ هَؤُلَاءِ فَارْمُوا» . ثم قال: «أَيُّهَا النَّاسُ، إيَّاكُمْ وَالغُلُوَّ فِى الدِّينِ، فَإنَّمَا أهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الغُلُوُّ فِى الدِّينِ» . رَواه ابنُ ماجه (1). وكان ذلك بمِنًى، ولا خِلافَ أنَّه يُجْزِئُه أخْذُه مِن حيث كان. والْتِقاطُه أوْلَى مِن تَكْسِيرِه؛ لهذا الخَبَرِ،
(1) في: باب قدر حصى الرمى، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1008.
كما أخرجه النسائى، في: باب التقاط الحصى، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 218. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 218، 347.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولأنَّه لا يُؤْمَنُ في تَكْسِيرِه أن يَطِيرَ إلى وَجْهِه شئٌ يُؤْذِيه. ويُسْتَحَبُّ أن يكونَ كحَصَى الخَذْفِ؛ للخَبَرِ، ولقولِ جابِرٍ في حَدِيثه (1): كُلُّ حَصَاةٍ منها مِثْلُ حَصَى الخَذْفِ. وروَى سُليمانُ بنُ عَمْرِو بنِ الأحْوَصِ، عن أُمِّه، قالت: قال النبىُّ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إذَا رَمَيْتُمُ الجَمْرَةَ فَارْمُوا بمِثْلِ حَصَى الخَذْفِ» . رَواه أبو داودَ (2). قال الأثْرَمُ: يَكُونُ أكْبَرَ مِن الحِمَّصِ ودُونَ البُنْدُقِ. وكان ابنُ عُمَرَ يَرْمِى بمِثْلِ بَعْرِ الغَنَمِ. فإن رَمَى بحَجَرٍ كَبِيرٍ، فقال أصحابُنا: يُجْزِئُه، مع تَرْكِ السُّنَّةِ؛ لأنَّه قد رَمَى بحَجَرٍ. وكذلك الحُكْمُ في الصَّغِيرِ. ورُوِىَ عن أحمدَ، أنَّه قال: لا يَجُوزُ حتى يَأْتِىَ بالحَصَى على ما فَعَل النبىُّ صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّه أمَرَ بهذا القَدْرِ، ونَهَى عن تَجاوُزِه، والأمْرُ يَقْتَضِى الوُجُوبَ، والنَّهْىُ يَقْتَضِى فَسادَ المَنْهِىِّ عنه.
فصل: واخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ عن أحمدَ في اسْتِحْبابِ غَسْلِهَ، فرُوِىَ عنه أنَّه مُسْتَحَبٌّ. ذَكَرَه الخِرَقِىُّ. لأنَّه رُوِى عن ابنِ عُمَرَ، وكان طاوُسٌ
(1) تقدم تخريجه في 8/ 363.
(2)
في: باب في رمى الجمار، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 455.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب قدر حصى الرمى، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1008. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 503، 6/ 379.