الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإذَا فَرَغَ مِنَ الْوَدَاعِ، وَقَفَ فِى الْمُلْتَزَمِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ،
ــ
يومَ النَّحْرِ. قال: «فَلْتَنْفِرْ إذًا» (1). ولم يَأْمُرْها بفِدْيَةٍ ولا غيرِها. وفى حدِيثِ ابنِ عباسٍ: إلَّا أنَّه خَفَّفَ عن المَرْأةِ الحائِضِ (2). وحُكْمُ النُّفَسَاءِ حُكْمُ الحائِضِ؛ لأنَّ أحْكامَ النِّفاسِ أحْكامُ الحَيْضِ، فيما يَجِب ويَسْقُطُ.
فصل: إذا نَفَرَتِ الحائِضُ بغيرِ وَداعٍ، فطَهُرَتْ قبلَ مُفارَقَةِ البُنْيَانِ، رَجَعَتْ فاغْتَسَلَتْ ووَدَّعَتْ؛ لأنَّها في حُكْمِ الإِقامَةِ [بدَلِيلِ أنَّها](3) لا تَسْتَبِيحُ الرُّخَصَ. فإن لم تُمَكِنْها الإِقامَةُ فمَضَتْ، أو مَضَتْ لغيرِ عُذْرٍ، فعليها دَمٌ. فأمَّا إن فارَقَتِ البُنْيَانَ، لم يَجِبْ عليها الرُّجُوعُ؛ لخُرُوجِها عن حُكْمِ الحاضِرِ. فإن قيلَ: فلِمَ لا يَجِبُ الرُّجُوعُ ما دَامَتْ قَرِيبَةً، كالخارِجِ لغيرِ عُذْرٍ؟ قُلْنا: هناك تَرَكَ واجِبًا، فلم يَسْقُطْ بخُرُوجِه حتى يَصِيرَ إلى مَسافَةِ القَصْرِ؛ لأنَّه يكونُ إنْشاءَ سَفَرٍ طَوِيلٍ غيرِ الأوَّلِ، وههُنا لم يَكُنْ واجِبًا، ولا يَثْبُتُ وُجُوبُه ابْتِداءً إلَّا في حَقِّ مَن كان مُقِيمًا.
1325 - مسألة: (فإذا فَرَغ مِن الوَداعِ، وَقَف في المُلْتَزَمِ بينَ الرُّكْنِ والبابِ)
يُسْتَحَبُّ أن يَقِفَ المُوَدِّعُ في المُلتَزَمِ، وهو ما بين الحَجَرِ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 226.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 258.
(3)
في م: «لأنها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأسْوَدِ وبابِ الكَعْبَةِ، فيَلْتَزِمَه، ويُلْصِقَ به صَدْرَه ووَجْهَه، ويَدْعُوَ اللَّهَ عز وجل؛ لِما روَى أبو داودَ (1) عن عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ عن أبيه، قال: طُفْتُ مع عبدِ اللَّهِ، فلمّا جاءَ دُبُرَ الكَعْبَةِ، قُلْتُ: ألا تَتَعَوَّذُ. قال: نَعُوذُ باللَّهِ مِن النّارِ. ثم مَضى حتى اسْتَلَمَ الحَجَرَ، فقامَ بينَ الرُّكْنِ والبابِ، فوضَعَ صَدْرَه ووَجْهَه وذِرَاعَيْه وكَفَّيْه هكذا، وبَسَطَها بَسْطًا، وقال: هكذا رَأيْتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُه. وعن عبدِ الرَّحْمنِ بنِ صَفْوانَ، قال: لمّا فَتَح رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ انْطَلَقْتُ فرَأْيتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قد خَرَج مِن الكَعْبَةِ هو وأصحابُه، وقد اسْتَلَمُوا الرُّكْنَ مِن البابِ إلى الحَطِيمِ، ووَضَعُوا خُدُودَهم على البَيْتِ، ورسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَطَهم. رَواه أبو داودَ (2). وقال منصورٌ: سَأَلْتُ مُجاهِدًا إذا أرَدْتُ الوَدَاعَ،
(1) في: باب الملتزم، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 438.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب الملتزم، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 987.
(2)
في: باب الملتزم، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 438.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية، في «مجموع الفتاوى» 26/ 142 - 143: وإن أحب أن يأتى الملتزم، وهو ما بين الحجر الأسود والباب، فيضع عليه صدره ووجهه وذراعيه كفيه، ويدعو، ويسأل اللَّه تعالى حاجته، =
فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَذَا بَيْتُكَ، وَأنَا عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ، حَمَلْتَنِى عَلَى مَا سَخَّرْتَ لِى مِنْ خَلْقِكَ، وَسَيَّرْتَنِى فِى بِلَادِكَ، حَتَّى بَلَّغْتَنِى بِنِعْمَتِكَ إِلَى بَيْتِكَ، وَأعَنْتَنِى عَلَى أدَاءِ نُسُكِى، فَإِنْ كُنْتَ رَضِيتَ عَنِّى، فَازْدَدْ عَنِّى رِضًا، وَإلَّا فَمُنَّ الْآنَ قَبْلَ أَنْ تَنْأَى
ــ
كيفَ أصْنَعُ؟ قال: تَطُوفُ سَبْعًا، وتُصَلِّى رَكْعَتَيْن خَلْفَ المَقامِ، ثم تَأْتِى زَمْزَمَ فتَشْرَبُ منها، ثم تَأْتِى المُلْتَزَمَ، ما بينَ البابِ والحَجَرِ، فتَسْتَلِمُه، ثم تَدْعُو، ثم تَسْأَلُ حاجَتَكَ، ثم تَسْتَلِمُ الحَجَرَ، وتَنْصَرِفُ. وقال بعضُ أصحابِنا: يقُولُ في دُعائِه: (اللَّهُمَّ هذا بَيْتُكَ، وأنا عَبْدُكَ، وابنُ عَبْدِكَ، وابنُ أَمَتِكَ، حَمَلْتَنِى على ما سَخَّرْتَ لى مِن خَلْقِك، وسَيَّرْتَنِى في بِلادِكَ، حتى بَلَّغْتَنِى بنِعْمَتِكَ إلى بَيْتِكَ، وأعَنْتَنِى على أداءِ نُسُكِى، فإن كُنْتَ رَضِيتَ عَنِّى، فازْدَدْ عَنِّى رِضًا، وإلَّا فمُنَّ الآنَ قبلَ
= فعل ذلك، وله أن يفعل ذلك قبل طواف الوداع؛ فإن هذا الالتزام لا فرق بين أن يكون حال الوداع أو غيره، والصحابة كانوا يفعلون ذلك حين يدخلون مكة. إلى أن قال: ولو وقف عند الباب، ودعا هناك من غير التزام للبيت، لكان حسنا.
وقال ابن القيم، في «زاد المعاد» 5/ 298: وأما المسألة الثانية، وهى وقوفه في الملتزم، فالذى روى عنه أنه فعله يوم الفتح. وذكر حديث عبد الرحمن بن صفوان، ثم ذكر فعل ابن عمر، وقال: فهذا يحتمل أن يكون في وقت الوداع، وأن يكون في غيره، ولكن قال مجاهد والشافعى بعده وغيرهما: إنه يستحب أن يقف في الملتزم بعد طواف الوداع، ويدعو. انتهى.
عَنْ بَيْتِكَ دَارِى، فَهَذَا أَوَانُ انْصِرَافِى إِنْ أَذنْتَ لِى، غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِكَ وَلَا بِبَيْتِكَ، وَلَا رَاغِبٍ عَنْكَ وَلَا عَنْ بَيْتِكَ، اللَّهُمَّ فَأَصحِبْنِى الْعَافِيَةَ فِى بَدَنِى، وَالصِّحَّةَ فِى جسْمِى، وَالْعِصْمَةَ فِى دِينِى، وَأَحسِنْ مُنْقَلَبِى، وَارْزُقْنِى طَاعَتَكَ مَا أَبقَيْتَنِى، وَاجمَعْ لِى بَيْنَ خَيْرَىِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ.
ــ
أن تَنْأَى عن بَيْتِك دارِى، فهذا أوانُ انْصِرَافِى إن أَذِنْتَ لى، غيرَ مُسْتَبْدِلٍ بك ولا ببَيْتِكَ، ولا راغِبٍ عنك ولا عن بَيْتِكَ، اللَّهُمَّ فأصْحِبْنِى العافِيَةَ في بَدَنِى، والصَّحَّةَ في جسْمِى، والعِصْمَةَ في دِينى، وأحْسِنْ مُنْقَلَبِى، وارْزُقْنِى طَاعَتَك) أبَدًا (ما أبْقَيْتَنِى، واجْمَعْ لى بين خَيْرَىِ (1) الدُّنْيَا والآخِرَةِ، إنَّكَ على كلِّ شئٍ قَدِيرٌ). وعن طَاوُسٍ قال: رَأيْتُ أَعْرابِيًّا أتَى المُلْتَزَمَ، فَتَعَلَّقَ بأسْتَارِ الكَعْبَةِ، فقال: بك أعُوذُ، وبك ألُوذُ، اللَّهُمَّ فاجْعَلْ لى في اللَّهَفِ إلى جُودِكَ والرِّضَا. بضَمانِكَ مَنْدُوحًا عن مَنْعِ البَاخِلِينَ، وغِنًى عَمَّا في أيْدِى المُسْتَأْثِرِينَ، اللَّهُمَّ فَرَجَك القَرِيبَ، وَمْعُروفَكَ التّامَّ، وعادَتَك الحَسَنَةَ. ثم أضَلَّنِى في الناسِ، فألْفَيْتُه بعَرَفَاتٍ قائِمًا، وهو يقولُ: اللَّهُمَّ إن كُنْتَ لم تَقْبَلْ حَجَّتِى وتَعَبِى ونَصَبِى، فلا تَحْرِمْنِى أجْرَ المُصابِ على مُصِيبَتِه، فلا أعْلَمُ أعْظَمَ مُصِيبَةً مِمَّن وَرَدَ
(1) في الأصل: «خير» .
وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ، وَيُصَلِّى عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم،
ــ
حَوْضَكَ، وانْصَرَفَ مَحْرُومًا مِن وَجْهِ رَغْبَتِك (1). وقال آخَرُ: يا خَيْرَ مَوْفُودٍ إليه، قد ضَعُفَتْ قوَّتِى، وذَهَبَتْ مُنَّتِى (2)، وأتَيْتُ إليك بذُنُوبٍ لا تَسَعُها البِحارُ، أسْتَجِيرُ برِضاكَ مِن سَخَطِكَ، وبعفْوِكَ مِن عُقُوبَتِك، رَبِّ ارْحَمْ مَن شَمِلَتْه الخَطَايَا، وغَمَرَتْه الذُّنُوبُ، وظَهَرَتْ منه العُيُوبُ، ارْحَمْ أسِيرَ ضُرٍّ، وطَرِيدَ فقرٍ، أسْألَك أن تَهَبَ لى عظيمَ جُرْمِى، يا مُسْتَزادًا مِن نِعَمِه، ومُسْتَعاذًا مِن نِقَمِه، ارْحَمْ صوتَ حزينٍ دَعاك بزَفيرٍ وشَهِيقٍ، اللَّهُمَّ إن كُنْتُ بَسَطْتُ إلَيْكَ يَدَىَّ دَاعِيًا، فطَالَمَا كَفَيْتَنِى ساهِيًا، فنِعْمَتُكَ التى تَظَاهَرَتْ عَلىَّ عندَ الغَفْلَةِ، لا أيْأَسُ منها عندَ التَّوْبَةِ، فلا تَقْطَعْ رَجَائِى مِنْكَ لِما قَدَّمْتُ مِن اقْتِرَافٍ، وهَبْ لىَ الإِصْلاحَ في الوَلَدِ، والأمْنَ في البَلَدِ، والعَافِيةَ في الجَسَدِ، إنَّكَ سَمِيعٌ مُجِيبٌ، اللَّهُمَّ إنَّ لكَ علىَّ حُقُوقًا، فتَصَدَّقْ بها علىَّ، وللنَّاس قِبَلى تَبِعَاتٍ، فتَحَمَّلْها عَنِّى، وقد أوْجَبْتَ لكلِّ ضَيْفٍ قِرًى، وأنا ضَيْفُكَ اللَّيْلَةَ، فاجْعَلْ قِرَاىَ الجَنَّةَ، اللَّهُمَّ إنَّ سائِلَك عندَ بابِكَ، مَن (3) ذَهَبَتْ أيَّامُه، وبَقِيَتْ آثامُه، وانْقَطَعَتْ شَهْوَتُه، وبَقِيَتْ تَبِعَتُه، فارْضَ عنه، وإن لم تَرْضَ عنه فاعْفُ عنه، فقد يَعْفُو السِّيِّدُ عن عَبْدِه، وهو غيرُ راض عنه. ثم يُصَلِّى على
(1) قوله: «من وجه رغبتك» كذا في الأصل، والمعنى غير واضح، والأصل في الدعاء أن يكون بالألفاظ الواردة والمشروعة.
(2)
المنة: القوة.
(3)
سقط من: الأصل.
إِلَّا أنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا كَانَتْ حَائِضًا، لَمْ تَدْخُلِ الْمَسْجِدَ، بَلْ وَقَفَتْ عَلَى بَابِهِ فَدَعَتْ بِذَلِك.
ــ
النبىِّ صلى الله عليه وسلم (إلَّا أنَّ المَرْأةَ إذا كانت حائِضًا) أو نُفَساءَ (لم تَدْخُلِ المَسْجِدَ، ووَقَفتْ على بابِه فدَعَتْ بذلك).
فصل: قال أحمدُ: إذا وَدَّعَ البَيْتَ، يقومُ عندَ البابِ إذا خَرَج ويَدْعُو، فإذا تَلَا لا يَقِفُ ولا يَلْتَفِتُ، فإنِ الْتَفَتَ رَجَع ووَدَّعَ. وروَى حَنْبَلٌ في «المَناسِكِ» عن المُهاجِرِ (1)، قال: قُلْتُ لجابِرٍ بنِ عبدِ اللَّهِ: الرجلُ يَطُوفُ بالبَيْتِ ويُصَلِّى، فإذا انْصَرَفَ خَرَج، ثم اسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فقامَ؟ فقالَ: ما كُنْتُ أحْسَبُ يَصْنَعُ هذا إلَّا اليَهُودُ والنَّصَارَى. قال أبو عبدِ اللَّهِ: أكْرَهُ ذلك. وقولُ أبى عبدِ اللَّهِ: إنِ الْتَفَتَ رَجَع فوَدَّعَ. على سَبِيلِ الاسْتِحْسانِ، إذْ لا نَعْلَمُ لإِيجابِ ذلك عليه دَلِيلًا. وقد قال مُجَاهِدٌ: هذا إذا كِدْتَ تَخْرُجُ مِن بابِ المَسْجِدِ فالْتَفِتْ، ثم انْظُرْ إلى الكَعْبَةِ، ثم قُلْ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْه آخِرَ العَهْدِ.
فصل: فإن خَرَج قبلَ طَوافِ الزِّيارَةِ، رَجَع حَرامًا حتى يَطُوفَ بالبَيْتِ؛ لأنَّه رُكْن لا يَتِمُّ الحَجُّ إلَّا به، ولا يَحِل مِن إحْرامِه حتى يَفْعَلَه، فمتَى لم يَفْعَلْه، لم يَنْفَكَّ إحْرامُه، ورَجَع متى أمْكَنَه مُحْرِمًا، لا يُجْزِئُه غيرُ ذلك. وبذلك قال عَطاءٌ، والثَّوْرِىُّ، ومالكٌ، والشافعىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأْى، وابنُ المُنْذِرِ. وقال الحسنُ:
(1) هو المهاجر بن عكرمة بن عبد الرحمن المخزومى. انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 10/ 322.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَحُجُّ مِن العامِ المُقْبِلِ. وحُكِىَ نَحْوُ ذلك عن عَطاءٍ أيضًا. ولَنا، قولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم حينَ ذُكِرَ له أنَّ صَفِيَّةَ حاضَتْ، قال:«أحَابِسَتُنَا هِىَ؟» قيلَ: إنَّها قد أفاضَتْ يومَ النَّحْرِ. قال: «فَلْتَنْفِرْ إذًا» (1). يَدُلُّ على أنَّ هذا الطَّوافَ لا بُدَّ منه، وأنَّه حابِسٌ لمَن لم يَأْتِ به. فإن نَوَى التَّحَلُّلَ، ورَفَض إحْرامَه، لم يَحِلَّ بذلك؛ لأنَّ الإِحْرامَ لا يُخْرَجُ منه بنِيَّةِ الخُرُوجِ. ومتى رَجَع إلى مَكَّةَ، فَطافَ بالبَيْتِ، حَلَّ بطوافِه؛ لأنَّ الطَّوافَ لا يَفُوتُ وَقْتُه، علىَ ما قَدَّمْنَاه.
فصل: وتَرْكُ بعضِ الطَّوافِ كتَرْكِ الجَمِيعِ فيما ذَكَرْنا. وسَواءٌ تَرَك شَوْطًا أو أقَلَّ أو أكْثَرَ. وهذا قولُ عَطاءٍ، ومالكٍ، والشافعىِّ، وإسحاقَ، وأبى ثَوْرٍ. وقال أصحابُ الرَّأْى: مَن طافَ أرْبَعَةَ أشْواطٍ مِن طَوافِ الزِّيارَةِ وَطَوافِ العُمْرَةِ، وسَعَى بينَ الصَّفَا والمَرْوَةِ، ثم رَجَع إلى الكُوفَةِ، إنَّ سَعْيَه يُجْزِئُه، وعليه دَمٌ لِما تَرَك مِن الطَّوافِ بالبَيْتِ. ولَنا، أنَّ ما أتَى به لا يُجْزِئُه إذا كان بمَكَّةَ، فلم يُجْزِئْه إذا خَرَج منها، كما لو طَافَ دُونَ أرْبَعَةِ أشْواطٍ.
فصل: فإن تَرَك طَوافَ الزِّيارَةِ بعدَ رَمْى جَمْرَةِ العَقَبَةِ، لم يَبْقَ مُحْرِمًا، إلَّا عن النِّساءِ خاصَّةً؛ لأنَّه قد حَصَل له التَّحَلُّلُ الأوَّلُ برَمْى الجَمْرَةِ، فحَلَّ له كلُّ شئٍ إلَّا النِّساءَ، فإن وَطِئَ لم يَفْسُدْ حَجُّه، ولم تَجِبْ عليه بَدَنةٌ، لكنْ عليه دَمٌ، ويُجَدِّدُ إحْرامَه ليَطُوفَ في إحْرامٍ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 226.