الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ يَنْزِلُ مِنَ الصَّفَا، وَيَمْشِى حَتَّى يأْتِىَ الْعَلَمَ، فَيَسْعَى سَعْيًا شَدِيدًا إلَى الْعَلَمِ، ثُمَّ يَمْشِى حَتَّىِ يَأْتِىَ الْمَرْوَةَ، فَيَفْعَلُ عَلَيْهَا مِثْلَ مَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا، ثُمَّ يَنْزِلُ، فيَمْشِى في مَوْضِعِ مَشْيِهِ، وَيَسْعَى في مَوْضِعِ سَعْيِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ سَبْعًا، يَحْتَسِبُ بِالذَّهَابِ سَعْيَةً، وَبِالرُّجُوعِ سَعْيَةً، يَفْتَتِحُ بِالصَّفَا، وَيَخْتِمُ بِالْمَرْوَةِ. فَإنْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ، لَمْ يَحْتَسِبْ بِذَلِكَ الشَّوْطِ.
ــ
1275 - مسألة: (ثم يَنْزِلُ، فيَمْشِى حتى يَأْتِىَ العَلَمَ، فيَسْعَى سَعْيًا شَدِيدًا إلى العَلَمِ)
الآخَرِ (ثم يَمْشِى حتى يَأْتِىَ المَرْوَةَ، فيَفْعَلُ عليها كما فَعَل على الصَّفَا، ثم يَنْزِلُ، فيَمْشِى في مَوْضِع مَشْيِه، ويَسْعَى في مَوْضع سَعْيِه، يَفْعَلُ ذلك سَبْعًا، يَحْتَسِبُ بالذَّهَابِ سَعْيَةً، وبالرُّجُوعِ سَعْيَةً، يَفْتَتِحُ بالصَّفَا، ويَختِمُ بالمَرْوَةِ. فإنِ افْتَتَحَ بالمَرْوَةِ، لم يَحْتَسِبْ بذلك الشَّوْطِ) هذا وَصْفُ السَّعْىِ، وهو أن يَنْزِلَ مِن الصَّفَا، فيَمْشِىَ حتى يَأْتِىَ العَلَمَ، أى يُحاذِيَه، وهو المِيلُ الأخْضَرُ في رُكْنِ المَسْجِدِ، فإذا كان منه نحوًا مِن سِتَّةِ أذْرُعٍ، سَعَى سَعْيًا شَدِيدًا حتى يُحاذِىَ العَلَمَ الآخَرَ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهما المِيلانِ الأخْضَرَان بفِناءِ المَسْجِدِ وحِذاءِ دارِ العَبّاسِ، ثم يَتْرُكُ السَّعْىَ فيَمْشِى حتى يَأْتِىَ المَرْوَةَ، فيَرْقَى عليها، ويسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ، ويَدْعُو بمثلِ دُعائِه على الصَّفَا. ومهما دَعَا به فلا بَأْسَ، وليس في الدُّعاءِ شئٌ مُؤَقَّتٌ. ثم يَنْزِلُ فيَمْشِى في مَوْضِع مَشْيِه، ويَسْعَى في مَوْضِع سَعْيِه، ويُكْثِرُ مِن الدُّعاءِ والذِّكْرِ فيما بينَ ذلك. قال أبو عبدِ اللهِ: كان ابنُ مسعودٍ إذا سَعَى بينَ الصَّفَا والمَرْوَةِ قال: رَبِّ اغْفِرْ وارْحَمْ، واعْفُ (1) عَمَّا تَعْلَمُ، وأنْتَ الأعَزُّ الأكْرَمُ. وقال النبىُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا جُعِلَ رَمْىُ الجِمَارِ، وَالسَّعْىُ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ؛ لإِقامَةِ ذِكْرِ اللهِ عز وجل» (2). قال التِّرْمِذِىُّ: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. ولا يَزالُ حتى يُكْمِلَ سَبْعَةَ أشْواطٍ، يَحْتَسِبُ بالذَّهابِ سَعْيَةً، وبالرُّجُوعِ سَعْيَةً. وحُكِىَ عن ابنِ جَرِيرٍ، وبعضِ الشافعيةِ، أنَّهم قالُوا: ذَهابُه ورُجُوعُه سَعْيَةٌ. وهذا غَلَطٌ؛ لأنَّ جابِرًا قال في صِفَةِ حَجِّ النبىِّ صلى الله عليه وسلم: ثم نَزَل إلى المَرْوةِ، حتى
(1) في م: «وتجاوز» .
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 98.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إذا انْصَبَّتْ (1) قَدَماه، رَمَل في بَطنِ الوَادِى، حتى إذا صَعِدَتا مَشَى، حتى إذا أُتِى المَرْوَةَ فَعَل على المَرْوَةِ كما فَعَلى على الصَّفَا، فلمّا كان آخِرُ طَوافِه على المَرْوَةِ قال:«لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ، لَم أَسُقِ الهَدْىَ، وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً» . وهذا يَقْتَضِى أنَّه آخِرُ طَوافِه، ولو كان على ما ذَكَرُوه، كان آخِرُه عندَ الصَّفَا، في المَوْضِعِ الذى بَدَأ منه، ولأنَّه في كُلِّ مَرَّةٍ طائِفٌ بهما، فاحْتَسَبَ بذلك مَرَّةً، كما إذا طافَ بجَمِيعِ البَيْتِ، احْتَسَبَ به مَرَّةً.
فصل: ويَفْتَتِحُ بالصَّفَا، ويَخْتِمُ بالمَرْوَةِ؛ لأنَّ الترتِيبَ شَرْطٌ في السَّعْىِ كذلك، فإن بَدَأَ بالمَرْوَةِ لم يَحْتَسِبْ بذلك الشَّوْطِ، فإذا صارَ إلى الصَّفَا اعْتَدَّ بما يَأْتِى به بعدَ ذلك؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم بَدَأ بالصَّفَا، وقال:«نَبْدَأُ بِمَا بَدَأ اللهُ بهِ» . وهذا قَوْلُ الحسنِ، ومالكٍ، والشافعيِّ، والأوْزَاعِيِّ، وأصحابِ الرَّأْىِ. وعن ابنِ عباسٍ، أنَّه قال: قال اللهُ تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} . فبَدَأ بالصَّفَا، وقال: اتَّبِعُوا القُرْآنَ، فما بَدَأ اللهُ به، فابْدَءُوا به.
(1) في النسخ: «انفضت» . والمثبت من صحيح مسلم، وكذلك في سنن ابن ماجه.