الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتُجْزِئُ الشَّاةُ عَنْ وَاحِدٍ، وَالْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ، سَوَاءٌ أَرَادَ جَمِيعُهُمُ الْقُرْبَةَ، أَوْ بَعْضُهُمْ وَالْبَاقُونَ اللَّحْمَ.
ــ
1344 - مسألة: (وتُجْزِئُ الشاةُ عن واحِدٍ، والبَدَنَةُ والبَقَرَةُ عن سَبْعَةٍ، سَواءٌ أرادَ جَمِيعُهم القُرْبَةَ، أو بَعْضُهم والباقُون اللَّحْمَ)
أمَّا إجْزاءُ الشَّاةِ عن واحِدٍ، فلا نَعْلَمُ فيه خِلافًا، وقد روَى أبو أيُّوبَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، قال: كان الرجلُ في عَهْدِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُضَحِّى بالشَّاةِ عنه وعن أهْلِ بَيْتِه، فَيَأْكُلُونَ ويُطْعِمُونَ (1). حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وتُجْزِئُ البَدَنَة والبَقَرَةُ عن سَبْعَةٍ. وهذا قولُ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ. رُوِى ذلك عن علىٍّ، وابنِ مسعودٍ، وابنِ عباسٍ، وعائِشَةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم. وبه قال عَطاءٌ، وطاوُسٌ، وسالِمٌ، والحسنُ، وعمرُو بنُ دِينارٍ، والثَّوْرىُّ، والأوْزَاعِىُّ،
(1) أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء أن الشاة الواحدة تجزئ عن أهل البيت، من أبواب الأضاحى. عارضة الأحوذى 6/ 304. وابن ماجه، في: باب من ضحى بشاة عن أهله، من كتاب الأضاحى. سنن ابن ماجه 2/ 1051. والإمام مالك، في: باب الشركة في الضحايا. . .، من كتاب الضحايا. الموطأ 2/ 486.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأْى. وعن ابنِ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، أنَّه قال: لا تُجْزِئُ نَفْسٌ واحِدَةٌ عن سَبْعَةٍ. ونَحْوُه قولُ مالكٍ، إلَّا أن يَذْبَحَ عنه وعن أهْلِ بَيْتِه. قال أحمدُ: ما عَلِمْتُ أنَّ أحَدًا لا يُرَخِّصُ في ذلك إلَّا ابنَ عُمَرَ. وعن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، أنَّ الجَزُورَ عن عَشَرَةٍ، والبَقَرَةَ عن سَبْعَةٍ. وبه قال إسحاقُ؛ لِما روَى رافِعٌ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قَسَم فعَدَلَ عن عَشَرَةٍ مِن الغَنَمِ ببَعِيرٍ. مُتَّفَقٌ عليه (1). وعن ابنِ عباسٍ، قال: كُنَّا مع رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ، فحَضَرَ الأضْحَى، فاشْتَرَكْنَا في الجَزُورِ عن عَشَرَةٍ، والبَقَرَةِ عن سَبْعَةٍ. رَواه ابنُ ماجه (2). ولَنا، ما
(1) أخرجه البخارى، في: باب قسمة الغنيمة، وباب من عدل عشرا، من كتاب الشركة، وفى: باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره، وباب ما يكره من ذبح الإبل والغنم، من كتاب الجهاد، وفى: باب التسمية على الذبيحة. . .، من كتاب الذبائح. صحيح البخارى 3/ 181، 185، 4/ 89، 91، 7/ 118. ومسلم، في: باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم، من كتاب الأضاحى. صحيح مسلم 3/ 1559.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في الذبيحة بالمروة، من كتاب الأضاحى. سنن أبى داود 2/ 92. والترمذى، في: باب ما جاء في كراهية النهبة، من أبواب السير. عارضة الأحوذى 7/ 101. والنسائى، في: باب الإنسية تستوحش، من كتاب الصيد والذبائح. المجتبى 7/ 169. وابن ماجه، في: باب كم تجزئ من الغنم عن البدنة، من كتاب الأضاحى. سنن ابن ماجه 2/ 1048.
(2)
في: باب عن كم تجزئ البدنة والبقرة؟ من كتاب الأضاحى. سنن ابن ماجه 2/ 1047.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في البقر والجزور، عن كم تجزئ؟، من كتاب الأضاحى. سنن أبى داود 2/ 89. والترمذى، في: باب ما جاء في الاشتراك في البدنة والبقرة، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى 4/ 138.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
روَى جابِرٌ، قال: نَحَرْنَا بالحُدَيْبِيَةِ مع النبىِّ صلى الله عليه وسلم البَدَنَةَ عن سَبْعَةٍ، والبَقَرَةَ عن سَبْعَةٍ (1). وقال أيضًا: كنّا نَتَمَتَّعُ مع رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَذْبَحُ البَقَرَةَ عن سَبْعَةٍ، نَشْتَرِكُ فيها. رَواه مسلمٌ (2). وهذا أصَحُّ مِن حَدِيثهم. وأمّا حَدِيثُ رَافعٍ، فهو في القِسْمَةِ، لا في الأُضْحِيَةِ. إذا ثَبَت هذا، فسَواءٌ كان المشْتَرِكُونَ مِن أهْلِ بَيْتٍ، أو لم يَكُونوا، مُتَطَوِّعِينَ أو مُفْتَرِضِينَ، أو كان بَعْضهم يُرِيدُ القُرْبَةَ، وبعضُهم يُرِيدُ اللَّحْمَ. وقال أبو حنيفةَ: يَجُوزُ إذا كانُوا كلُّهم مُتَقَرِّبينَ، ولا يَجُوز إذا لم يُرِدْ بعضهم القُرْبَةَ. ولَنا، أنَّ الجُزْءَ المُجْزِئُ لا يَنقُصُ بإرَادَةِ الشَّرِيكِ غيرَ القُرْبَةِ، فجازَ، كما لو اخْتَلَفَت جهاتُ القُرَبِ، فأرادَ بَعْضهم المُتْعَةَ، والآخَرُ القِرانَ، ولأنَّ كُلَّ إنْسَانٍ إنَّما يُجْزِئُ عنه نَصِيبُه، فلا يَضُرُّه نِيَّةُ غَيْرِه في نَصِيبه. ويَجُوزُ أن يَقْتَسِمُوا
(1) أخرجه مسلم، في: باب الاشتراك في الهدى،. . . من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 955. وأبو داود، في: باب في البقر والجزور، عن كم تجزئ؟، من كتاب الأضاحى. سنن أبى داود 2/ 89. والترمذى، في: باب ما جاء في الاشتراك في البدنة والبقرة، من أبواب الحج، وفى: باب ما جاء في الاشتراك في الضحية، من أبواب الأضاحى. عارضة الأحوذى 4/ 136، 137، 6/ 302. وابن ماجه، في: باب عن كم تجزئ البدنة والبقرة، من كتاب الأضاحى. سنن ابن ماجه 2/ 1047. والدارمى، في: باب البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة، من كتاب الأضاحى. سنن الدارمى 2/ 78. والإمام مالك، في: باب الشركة في الضحايا،. . .، من كتاب الضحايا. الموطأ 2/ 486. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 293، 294، 316، 353، 396.
(2)
في: الباب السابق. صحيح مسلم 2/ 956.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اللَّحْمَ؛ لأنَّ القِسْمَةَ إفْرازُ (1) حَقٍّ، وليست بَيْعًا. ومَنَعَ منه أصْحابُ الشافعىِّ في وَجْهٍ، بناءً على أنَّ القِسْمَةَ بَيْعٌ، وبَيْعُ لَحْمِ الهَدْى والأُضْحِيَةِ غيرُ جائِزٍ. ولَنا، أنَّ أمْرَ النبىِّ صلى الله عليه وسلم بالاشْتِراكِ، مع أنَّ سُنَّةَ الهَدْى والأُضْحِيَةِ الأكْلُ منها، دَلِيلٌ على تَجْوِيزِ القِسْمَةِ، إذ به يُتَمَكَّنُ مِنْ الأكْلِ، وكذلك الصَّدَقَةُ والهَدِيَّة.
فصل: ولا بَأْسَ أن يَذْبَحَ الرجلُ عن أهْلِ بَيْتِه شاةً واحِدَةً، أو بَدَنَةً، أو بَقَرَةً، يُضَحِّى بها. نَصَّ عليه أحمدُ. وبه قال مالكٌ، واللَّيْثُ، والأوْزَاعِىُّ، وإسحاقُ. ورُوِىَ ذلك عن ابنِ عُمَرَ، وأبى هُرَيْرَةَ. قال صالِحٌ: قُلْتُ لأبى: يُضَحِّى بالشَّاةِ عن أهْلِ البَيْتِ؟ قال: نعم، لا بَأْسَ، قد ذَبَحَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم كَبْشَيْن، قال:«بِسْمِ اللَّهِ، هَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِه» . وقَرَّبَ الآخَرَ، وقال:«اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ، عَمَّنْ وَحَّدَكَ مِنْ أُمَّتِى» (2). وحُكِىَ عن أبى هُرَيْرَةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه كان يُضَحِّى
(1) في الأصل: «إقرار» .
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب ما يستحب من الضحايا، من كتاب الأضاحى. سنن أبى داود 2/ 86. وابن ماجه، في: باب أضاحى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، من كتاب الأضاحى. سنن ابن ماجه 2/ 1043. والدارمى، في: باب السنة في الأضحية، من كتاب الأضاحى. سنن الدارمى 2/ 75، 766. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 375.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالشَّاةِ، فتَجِئُ ابْنَتُه، فتَقُولُ: عَنِّى؟ فيقُولُ: وعنك. وكَرِهَ ذلك الثَّوْرِىُّ، وأبَو حنيفةَ؛ لأنَّ الشاةَ لا تُجْزِئُ عن أكْثَرَ مِن واحِدٍ، فإذا اشْتَرَكَ فيها اثْنانِ لم تُجْزِئ عنهما، كالأجْنَبِيَّيْن. ولَنا، الحَدِيثُ الذى ذَكَرَه أحمدُ، وروَى جابِرٌ، قال: ذَبَح رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يومَ الذَّبْحِ كَبْشَيْن أقْرَنَيْن أمْلَحَيْن مَوْجُوءَيْنِ (1)، فلَمَّا وَجَّهَهُما، قال:«وَجَّهْتُ وَجْهِىَ للَّذِى فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، عَلَى مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ حَنِيفًا، وَمَا أنَا مِنَ المُشْرِكِينَ، إنَّ صَلَاِتى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى للَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ، وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ، عَن مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِه، بِسْمِ اللَّهِ، واللَّهُ أكْبَرُ» . ثم ذَبَح. رَواه أبو داودَ (2). وقد ذَكَرْنا حَدِيثَ أبى أيُّوبَ في أوَّلِ المسألةِ.
(1) موجوءين: خصيين.
(2)
انظر التخريج السابق.