الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ يَبِيتُ بِهَا، فَإِنْ دَفَعَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ، فَعَلَيْهِ دَم، وَإنْ دَفَعَ بَعْدَهُ، فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ، وَإنْ وَافَاهَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ، وَإنْ جَاءَ بَعْدَ الْفَجْرِ، فَعَلَيْهِ دَمٌ. وَحَدُّ الْمُزْدَلِفَةِ مَا بَينَ الْمَأْزِمَيْنِ وَوَادِى مُحَسِّرٍ.
ــ
جَمْعٍ جازَ مع الإِمامِ جازَ مُنْفَرِدًا، كالجَمْعِ بينَ العِشاءَيْن بجَمْعٍ. قَوْلُهم: إنَّما جازَ الجَمْعُ في الجماعَةِ. لا يَصِحُّ؛ لأنَّهم قد سَلَّمُوا أنَّ الإِمامَ يَجْمَعُ، وإن كان مُنْفَرِدًا.
1294 - مسألة: (ثم يَبِيتُ بها، فإن دَفَع قبلَ نِصْفِ اللَّيْلِ، فعليه دَمٌ، وإن دَفَع بعدَه، فلا شئَ عليه، وإن وافَاها بعدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، فلا شئَ عليه، وإن جاءَ بعدَ الفَجْرِ، فعليه دَمٌ. وحَدُّ المُزْدَلِفَةِ ما بَيْنَ المَأْزِمَيْنِ ووادِى مُحَسِّرٍ)
وجُمْلَةُ ذلك أنَّ المَبِيتَ بمُزدَلِفَةَ واجِبٌ، مَن تَرَكَه فعليه دَمٌ. هذا قولُ عَطاءٍ ، والزُّهْرِىِّ، وقَتادَةَ، والثَّوْرِىِّ، والشافعىِّ، وإسحاقَ، وأبى عُبَيْدٍ، وأصحابِ الرَّأْى؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم باتَ بها، وقال:«خُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ» . وقال عَلْقَمَةُ، والنَّخَعِىُّ، والشَّعْبِىُّ: مَن فاتَه جَمْعٌ، فاتَه الحَجُّ؛ لقَوْلِه تَعالَى:{فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} (1). وقولِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ شَهِدَ صَلَاتَنا هَذِهِ، وَوَقف مَعَنَا حَتَّى نَدْفَعَ، وَقَدْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ
(1) سورة البقرة 198.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذَلِكَ، لَيْلًا أوْ نَهَارًا، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ، وَقَضَى تَفَثَهُ» (1). ولَنا، قولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«الْحَجُّ عَرَفَةُ، فَمَنْ جَاءَ قَبْلَ لَيْلَةِ جَمْعٍ، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ» (2). يَعْنِى مَن جاءَ عَرَفَةَ. وما احْتَجُّوا به مِن الآية والخَبَرِ، فالمَنْطُوقُ فيهما ليس برُكْنٍ في الحَجِّ إجْماعًا، فإنَّه لو باتَ بجَمْعٍ، ولم يَذْكُرِ اللَّهَ تعالى، ولم يَشْهَدِ الصلاةَ، صَحَّ حَجُّه، فما هو من ضَرُوَرةِ ذلك أوْلَى، ولأنَّ المَبِيتَ ليس مِن ضَرُوِرَةِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعالَى بها، وكذلكْ شُهُودُ صلاةِ الفَجْرِ، فإنَّه لو أفاضَ مِن عَرَفةَ في (3) آخِرِ لَيْلَةِ النَّحْرِ، أمْكَنَه ذلك، فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ ذلك على الإِيجابِ، أو الفَضِيلَةِ و (4) الاسْتِحْبابِ.
فصل: وليس له الدَّفْعُ قبلَ نِصْفِ اللَّيْلِ، فإن فَعَل، فعليه دَمٌ، وإن دَفَع بعدَه، فلا شئَ عليه. وبه قال الشافعىُّ. وقال مالكٌ: إن مَرَّ بها فلم يَنْزِلْ، فعليه دَمٌ، وإن نَزَل فلا دَمَ عليه متى ما دَفَع. ولَنا، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم باتَ بها، وقال:«خُذُوا (5) عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ» . وإنَّما أُبِيحَ الدَّفْعُ بعدَ نِصْفِ اللَّيْلِ بما وَرَد مِن الرُّخْصَةِ فيه، فرَوَى ابنُ عباسٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، قال: كُنْتُ في مَن قَدَّمَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم في ضَعَفَةِ أهْلِه مِن مُزْدَلِفَةَ إلى
(1) تقدم تخريجه في 8/ 346.
(2)
تقدم تخريجه في 8/ 181.
(3)
سقط من: م.
(4)
في م: «أو» .
(5)
في م: «لتأخذوا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِنًى. مُتَّفَقٌ عليه (1). وعن عائشةَ، رَضِىَ اللَّه عنها، قالت: أرْسَلَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بِأُمِّ سَلَمَة لَيْلَةَ النَّحْرِ، فرَمَتِ الجَمْرَةَ قبلَ الفَجْرِ، ثم مَضَتْ فأفاضَتْ. رَواه أبو داودَ (2). فمَن دَفَع مِن مُزْدَلِفَةَ قبلَ نِصْفِ اللَّيْلِ، ولم يَعُدْ في اللَّيْلِ، فعليه دَمٌ، وإن عادَ، فلا دَمَ، كالذى دَفع مِن عَرَفَةَ نَهارًا، ثم عادَ نَهارًا.
فصل: ويَجِبُ الدَّمُ على مَن دَفَع قبلَ نِصْفِ اللَّيْلِ ولم يَرْجِعْ في اللَّيْلِ، وعلى مَن تَرَك المَبِيتَ بمِنًى، سَواءٌ فَعَل ذلك عامِدًا أو ساهِيًا، عالِمًا (3) أو جاهِلًا؛ لأنَّه تَرَك نُسُكًا، والنِّسْيانُ أثره في جَعْلِ المَوْجُودِ كالمَعْدُومِ، لا في جَعْلِ المَعْدُومِ كالمَوْجُودِ، إلَّا أنه رُخِّصَ لأهْلِ السِّقايَة والرِّعاءِ في تَرْكِ البَيْتُوتَةِ؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ للرُّعاةِ في تَرْكِ البَيْتُوتَةِ (4).
(1) أخرجه البخارى، في: باب من قدم ضعفة أهله بليل. . . . ، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 202. ومسلم، في: باب استحباب تقديم دفع الضعفة. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 941.
كما أخرجه أبو داود، في: باب التعجيل من جمع، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 450. وابن ماجه، في: باب من تقدم من جمع. . .، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1007. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 221، 222.
(2)
في: باب التعجيل من جمع، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 450.
(3)
سقط من: م.
(4)
أخرجه أبو داود، في: باب في رمى الجمار، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 456، 457. والترمذى، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وفى حَدِيثِ عَدِىٍّ (1). وأرْخَصَ للعباسِ في تَرْكِ المَبِيتِ لأجْلِ سِقَايتِه (2). ولأنَّ عليهم مَشَقَّةً في المَبِيتِ؛ لحاجَتِهم إلى حِفْظِ مَواشِيهم، وسَقْى الحاجِّ، فكان لهم تَركُ المَبِيتِ، كلَيَالِى مِنًى. ورُوِىَ عن أحمدَ، أنَّ المَبِيت بمُزْدَلِفَةَ غيرُ واجِبٍ. والمَذْهَبُ الأوَّلُ.
فصل: فإن وَافَاها بعدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، فلا شئَ عليه؛ لأنَّه لم يُدْرِكْ جُزْءًا مِن النِّصْفِ الأوَّلِ، فلم يَتَعَلَّقْ به حُكْمُه، كمَن أدْرَكَ اللَّيْلَ بعَرَفَاتٍ دُونَ النَّهارِ. وإن جاءَ بعدَ الفَجْرِ، فعليه دَم؛ لتَرْكِه الواجِبَ، وهو المَبِيتُ. والمُستحَبُّ الاقْتِداءُ برسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، والمَبِيتُ إلى أن يُصْبِحَ، ثم يقف حتى يُسْفِرَ. ولا بَأْسَ بتَقْدِيمِ الضَّعَفَةِ والنِّساءِ. ومِمَّن كان يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أهْلِه؛ عبدُ الرحمنِ بنُ عَوْفٍ، وعائشةُ. وبه قال عَطاءٌ، والثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ، والشافعىُّ. ولا نَعْلَمُ فيه خِلافًا؛ لأنَّ فيه رِفْقًا بهم، ودَفْعًا لمَشَقَّةِ الزِّحامِ عنهم، والاقْتِداءَ بنَبِيِّهم عليه الصلاة والسلام.
فصل: وللمُزْدَلِفَةِ ثَلَاثةُ أسماءٍ؛ مُزْدَلِفَةُ، وجَمْعٌ، والمَشْعَرُ الحَرامُ.
= في: باب ما جاء في الرخصة للرعاء. . .، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى 4/ 179. والنسائى، في: باب رمى الرعاة، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 221. وابن ماجه، في: باب تأخير رمى الجمار. . .، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1010. والإمام مالك، في: باب الرخصة في رمى الجمار، من كتاب الحج. الموطأ 1/ 408. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 450.
(1)
انظر تخريجه في التخريج السابق.
(2)
سيأتى تخريجه من حديث ابن عمر صفحة 236.