الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا تُسَنُّ الْفَرَعَةُ؛ وَهِىَ ذَبْحُ أَوَّلِ وَلَدِ النَّاقَةِ، وَلَا الْعَتِيرَةُ؛ وَهِىَ
ــ
حينَ يُولدُ؛ لِما روَى عبدُ اللَّهِ بنُ رافِعٍ، عن أبيهِ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أذَّنَ في أُذُنِ الحسنِ حينَ وَلَدَتْه فاطِمَةُ (1). وعن عمَرَ بنِ عبدِ العَزِيزِ، أنَّه كان إذا وُلِدَ له موْلُودٌ أخَذَه في خِرْقَةٍ، فأذَّنَ في أذُنِه اليُمْنَى، وأقامَ في اليُسْرَى، وسَماهُ. ورُوِّينا أنَّ رجلًا قال لرجل عندَ الحسنِ يُهَنِّئُه بابْن: ليَهْنِكَ الفارِسُ. فقال الحسنُ: وما يُدْرِيكَ أفارِسٌ هو أو حِمارٌ؟ فقال: كيف نقولُ؟ قال: قُلْ: بُورِكَ لك في المَوْهُوب، وشَكَرْتَ الواهِبَ، وبَلَغَ أشُدَّه، ورُزِقْتَ بِرَّه. ورُوِىَ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنه كان يُحَنِّك أوْلادَ الأنْصارِ بالتَّمْرِ (2). وروَى أنَسٌ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، قال: ذُهِبَ بعبدِ اللَّهِ بنِ أبى طَلْحَةَ إلى رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حينَ وُلِدَ، قال:«هَلْ مَعَكَ تَمْرٌ؟» . فَناوَلْتُه تَمَراتٍ، فلَاكَهُنَّ، ثم فَغَرَ فاهُ، ثم مَجهُ فيه، فجَعَلَ يَتَلمَّظُ. فقال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«[انْظروا إلى] (3) حُبِّ الأنْصَارِ التَّمْرَ» . وسَمَّاه عبدَ اللَّهِ.
1381 - مسألة: (ولا تُسَنُّ الفَرَعَةُ؛ وهى ذَبْحُ أوَّلِ وَلَدِ النَّاقَةِ
،
(1) أخرجه أبو داود، في: باب في الصبى يولد فيؤذن في أذنه، من كتاب الأدب. سنن أبى داود 2/ 621. والترمذى، في: باب الأذان في أذن المولود، من أبواب الأضحية. عارضة الأحوذى 6/ 315. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 9، 391، 392.
(2)
تحنيك الأطفال بالتمر رواه مسلم، في: باب حكم بول الطفل الرضيع. . .، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم 1/ 237. وأبو داود، في: باب في الصبى يولد فيؤذن في أذنه، من كتاب الأدب. سنن أبى داود 2/ 622 والإمام أحمد، في: المسند 6/ 212. وانظر: حديث أنس التالى.
(3)
غير موجود بمصادر التخريج. وانظر: شرح النووى لمسلم 14/ 133. وتقدم في صفحة 439.
ذَبِيحَةُ رَجَبٍ.
ــ
ولا العَتِيرَةُ؛ وهى ذَبِيحَةُ رَجَبٍ) هذا قولُ عُلماءِ الأمْصارِ، سِوَى ابنِ سِيرِينَ، فإنَّه كان يَذْبَحُ العَتِيرَةَ في رَجب، ويَرْوِى فيها شيئًا. والفَرَعَة والفَرَعُ، بفَتْحِ الرّاءِ: أوَّلُ وَلَدِ النّاقَةِ. كانُوا يَذْبَحُونَه لآلِهَتِهم في الجاهِليَّة، فنُهُوا عنها. قال ذلك أبو عَمْرٍو الشَّيْبانِىُّ. وقال أبو عُبَيْدٍ: العَتِيرَةُ هى الرَّجَبِيَّةُ، كان أهْلُ الجاهِليَّة إذا طَلَب أحَدُهم أمْرًا نَذَر أن يَذْبَحَ مِن غَنَمِه شَاةً في رَجَبٍ، هى العَتائِرُ. والصَّحيحُ، إن شاء اللَّهُ تعالى، أنَّهم كانُوا يَذْبَحُونَها في رَجَبٍ مِن غيرِ نَذْرٍ، جَعَلُوا ذلك سُنَّةً فيما بينَهمِ، كالأُضْحِيَةِ في الأَضْحَى، وكان منهم مَن يَنْذُرُها كما قد يَنْذِرُ الأُضْحِيَةَ، بدَلِيلِ قولِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«عَلَى كُلِّ أهْلِ بَيْتٍ أُضْحَاةٌ وَعَتِيرَةٌ» (1). وهذا الذى قالَه النبىُّ صلى الله عليه وسلم في بَدْءِ الإِسْلامِ تَقْرِير لِما كان في الجَاهِليَّة، وهو يَقْتَضِى ثُبُوتَها بغيرِ نَذْرٍ، ثم نُسِخَ بعدُ. ولأنَّ العَتِيرَةَ لو كانتْ هى المَنْذُورَةَ، لم تَكُنْ مَنْسُوخَةً، فإنَّ الإِنْسانَ لو نَذَر ذَبْحَ شاةٍ في أىِّ وَقْتٍ كان، لَزِمَه الوَفاءُ بنَذْرِه. ورُوِىَ عن عائشةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنها، قالت: أمَرَنَا رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بالفَرَعَةِ مِن كلِّ خَمْسِينَ واحِدَةٌ (2). قال
(1) تقدم تخريجه في صفحة 420.
(2)
أخرجه البيهقى، في باب ما جاء في الفرع والعتيرة، من كتاب الضحايا. السنن الكبرى 9/ 312.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابنُ المُنْذِرِ: هذا حَدِيثٌ ثابتٌ. ولَنا، على أنَّها لا تُسَنُّ، ما روَى أبوِ هُرَيْرةَ، رَضِىَ اللَّه عنه، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم، قال:«لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ» . مُتَّفَقٌ عليه (1). وهذا الحَدِيثُ مُتَأخِّرٌ على الأمْر بها، فيكونُ ناسِخًا، ودَلِيلُ تَأخُّرِه أمْرَانِ؛ أحَدُهُما، أنَّ رَاوِيَه أبو هُرَيْرَةَ، وهو مُتَأَخِّرُ الإِسْلامِ، فإنَّ إسْلَامَه في سَنَةِ فَتْحِ خَيْبَرَ، وهى السَّنَةُ السابِعَةُ مِن الهِجْرَةِ. والثانِى، أنَّ الفَرَعَ والعَتِيرَةَ كان فِعْلُها أمْرًا مُتَقَدِّمًا على الإِسْلامِ، فالظّاهِرُ بَقاؤُهم عليه إلى حينِ نَسْخِه، واسْتِمْرارُ النَّسْخِ مِن غيرِ رَفْعٍ له، ولو قَدَّرْنَا تَقَدُّمَ النَّهْى عن الأمْرِ بها، لكانت قد نُسِخَتْ، ثم نُسِخَ ناسِخُها، وهذا خِلافُ الظاهِرِ. إذا ثَبَت هذا، فإنَّ المُرادَ بالخَبَرِ نَفْىُ كَوْنِها سُنَّةً، لا تَحْرِيمُ فِعلِها، ولا كَرَاهَتُه، فلو ذَبَحَ إنْسانٌ ذَبِيحَةً في رَجَبٍ، أو ذَبَح وَلَدَ الناقةِ؛ لحاجَتِه إلى ذلك، أو للصَّدَقَةِ به وإطْعامِه، لم يَكُنْ ذلك مَكْرُوهًا. واللَّه تَعالى أعلمُ.
(1) أخرجه البخارى، في: باب الفرع والعتيرة، من كتاب العقيقة. صحيح البخارى 7/ 110. ومسلم، في: باب الفرع والعتيرة، من كتاب الأضاحى. صحيح مسلم 3/ 1564.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في العتيرة، من كتاب الأضاحى. سنن أبى داود 2/ 94. والترمذى، في: باب ما جاء في الفرع والعتيرة، من أبواب الأضحية. عارضة الأحوذى 6/ 312. والنسائى، في: باب أخبرنا إسحاق بن إبراهيم. . .، من كتاب الفرع. المجتبى 7/ 147. وابن ماجه، في: باب الفرعة والعتيرة، من كتاب الذبائح. سنن ابن ماجه 2/ 1058. والدارمى، في: باب الفرع والعتيرة، من كتاب الأضاحى. سنن الدارمى 2/ 80، والإمام أحمد، في: المسند 2/ 239، 279، 490.