الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(صِفَتُهَا) فَهِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ إذَا كَانَتْ صَحِيحَةً عَارِيَّةً عَنْ خِيَارِ الشَّرْطِ وَالْعَيْبِ وَالرُّؤْيَةِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَمَا صَلَحَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ كَالنُّقُودِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ صَلَحَ أَنْ يَكُونَ أُجْرَةً فِي الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَصْلُحُ ثَمَنًا صَلَحَ أُجْرَةً أَيْضًا كَالْأَعْيَانِ مِثْلِ الْعَبِيدِ وَالثِّيَابِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
إنْ كَانَ الْأَجْرُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْقَدْرِ أَنَّهُ كَذَا وَبَيَانِ الصِّفَةِ أَنَّهُ جَيِّدٌ أَوْ رَدِيءٌ وَيَقَعُ عَلَى نَقْدِ الْبَلَدِ إنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدٌ وَاحِدٌ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ فَإِنْ كَانَتْ فِي الرَّوَاجِ عَلَى السَّوَاءِ وَلَا فَضْلَ لِلْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ فَالْعَقْدُ جَائِزٌ وَيُعْطِي الْمُسْتَأْجِرُ أَيَّ النُّقُودِ شَاءَ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مَجْهُولَةً؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْجَهَالَةَ لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ، وَإِنْ كَانَتْ النُّقُودُ فِي الرَّوَاجِ عَلَى السَّوَاءِ وَلِلْبَعْضِ صَرْفٌ عَلَى الْبَعْضِ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَرْوَجَ فَالْعَقْدُ جَائِزٌ وَيَنْصَرِفُ إلَى الْأَرْوَجِ، وَإِنْ كَانَ لِلْآخَرِ فَضْلٌ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْعُرْفِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ كَانَ الْأَجْرُ كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا أَوْ عَدَدِيًّا مُتَقَارِبًا يُشْتَرَطُ فِيهِ بَيَانُ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ، وَإِنْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ بَيَانُ مَوْضِعِ الْإِيفَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يُشْتَرَطُ، وَإِذَا كَانَ لِلْأُجْرَةِ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَ الْإِيفَاءِ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَعِنْدَهُمَا لَا تَفْسُدُ وَيَدْفَعُ حَيْثُ الْأَرْضُ وَالدَّارُ وَفِي الْحُمُولَةِ حَيْثُمَا وَجَبَ لَهُ، يَعْنِي: كُلَّمَا حَمَلَ مِنْ الْمَسَافَةِ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَفِي الْعَمَلِ حَيْثُ يُوفِيهِ الْعَمَلُ فَإِنْ طَالَبَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَمْ يُكَلَّفْ بَلْ يَسْتَوْثِقْ مِنْهُ لِيُوفِيَهُ فِي مَوْضِعِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ أَخَذَ بِهِ حَيْثُ شَاءَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَا يُحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْأَجَلِ فَإِنْ بَيَّنَ صَارَ مُؤَجَّلًا كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَتْ عُرُوضًا أَوْ ثِيَابًا يُشْتَرَطُ فِيهِ بَيَانُ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَالْأَجَلِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ إلَّا سَلَمًا فَيُرَاعَى فِيهَا شَرَائِطُ السَّلَمِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْعَبِيدِ وَالْجَوَارِي وَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ أَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً مُشَارًا إلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَنْفَعَةً فَهِيَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ إنْ كَانَتْ مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ كَالسُّكْنَى بِالرُّكُوبِ وَالزِّرَاعَةِ بِاللُّبْسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَالْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ، وَكَذَلِكَ مَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا بِخِدْمَةِ عَبْدٍ فَهُوَ جَائِزٌ، وَأَمَّا إذَا قُوبِلَتْ بِجِنْسِهَا كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا بِسُكْنَى دَارٍ أُخْرَى أَوْ رُكُوبِ دَابَّةٍ بِرُكُوبِ دَابَّةٍ أُخْرَى أَوْ زِرَاعَةِ أَرْضٍ بِزِرَاعَةِ أَرْضٍ أُخْرَى فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ بِانْفِرَادِهِ يُحَرِّمُ النَّسَاءَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ فَلْسًا فَغَلَا أَوْ رَخُصَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِلْآجِرِ الْفَلْسُ لَا غَيْرُ، وَإِنْ كَسَدَ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِمَّا يَنْقَطِعُ إذَا اسْتَأْجَرَ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَجَعَلَ أَجَلَهُ قَبْلَ انْقِطَاعِهِ فَهُوَ مِثْلُ الْفَلْسِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا يَخْدُمُهُ شَهْرًا بِخِدْمَةِ أَمَتِهِ فَهَذَا فَاسِدٌ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ أَعْطَى الْبَقَرَ وَأَخَذَ الْحِمَارَ جَازَ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا خَيْرَ فِي مُعَاوَضَةِ الثِّيرَانِ بِالثِّيرَانِ لِلْأَكْدَاسِ؛ لِأَنَّهَا اسْتِبْدَالُ مَنْفَعَةٍ بِمَنْفَعَةٍ مِنْ جِنْسِهَا ثُمَّ إذَا قُوبِلَتْ الْمَنْفَعَةُ بِمَنْفَعَةٍ كَانَتْ مِنْ جِنْسِهَا حَتَّى فَسَدَ الْعَقْدُ وَاسْتَوْفَى الْآجِرُ الْمَنْفَعَةَ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلَوْ كَانَ عَبْدٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَتَهَايَآ فَخَدَمَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يَخْدُمْ الْآخَرَ فَلَا أَجْرَ لَهُ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي جَامِعِهِ إذَا كَانَ عَبْدٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ آجَرَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ لِيَخِيطَ مَعَهُ شَهْرًا عَلَى أَنْ يَصُوغَ نَصِيبَهُ مَعَ هَذَا شَهْرًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِي الْعَمَلَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ إذَا كَانَا فِي عَبْدَيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَابُ الثَّانِي مَتَى تَجِبُ الْأُجْرَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْمِلْكِ وَغَيْرِهِ]
(الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ أَنَّهُ مَتَى تَجِبُ الْأُجْرَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْمِلْكِ وَغَيْرِهِ) الْأَجْرُ لَا يُمْلَكُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ بِهِ عِنْدَنَا عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا، كَذَا فِي الْكَافِي، وَهَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
فِي الْجَامِعِ فِي كِتَابِ التَّحَرِّي، وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.
ثُمَّ الْأُجْرَةُ تُسْتَحَقُّ بِأَحَدِ مَعَانٍ ثَلَاثَةٍ إمَّا بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ أَوْ بِالتَّعْجِيلِ أَوْ بِاسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَإِذَا وُجِدَ أَحَدُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهَا، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَكَمَا يَجِبُ الْأَجْرُ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ يَجِبُ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً حَتَّى إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ دَارًا أَوْ حَانُوتًا مُدَّةً مَعْلُومَةً وَلَمْ يَسْكُنْ فِيهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ ذَلِكَ تَجِبُ الْأُجْرَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فَإِنْ عَرَضَ فِي الْمُدَّةِ مَا يَمْنَعُ الِانْتِفَاعَ كَمَا إذَا غُصِبَتْ الدَّارُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ غَرِقَتْ الْأَرْضُ الْمُسْتَأْجَرَةُ أَوْ انْقَطَعَ عَنْهَا الشِّرْبُ أَوْ مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ أَبَقَ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ بِقَدْرِ ذَلِكَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ؟ قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: تَنْفَسِخُ، وَقَالَ الْقَاضِي فَخْرُ الدِّينِ فِي فَتَاوَاهُ وَالْفَضْلِيُّ لَا تُنْتَقَضُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ آجَرَ دَارًا وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ فَارِغَةً إلَّا بَيْتًا مَشْغُولًا بِمَتَاعِ الْآجِرِ أَوْ سَلَّمَ إلَيْهِ جَمِيعَ الدَّارِ ثُمَّ انْتَزَعَ بَيْتًا مِنْهَا مِنْ يَدِهِ رُفِعَ مِنْ الْأُجْرَةِ بِحِصَّةِ الْبَيْتِ وَيُشْتَرَطُ التَّمَكُّنُ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي وَرَدَ عَلَيْهَا الْعَقْدُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ الْعَقْدُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ أَصْلًا أَوْ تَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ فِي الْمُدَّةِ فِي غَيْرِ الْمَكَانِ الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ الْعَقْدُ أَوْ تَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ الْعَقْدُ خَارِجَ الْمُدَّةِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ حَتَّى إنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً يَوْمًا لِأَجْلِ الرُّكُوبِ فَحَبَسَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فِي مَنْزِلِهِ وَلَمْ يَرْكَبْهَا حَتَّى مَضَى الْيَوْمُ فَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ فِي الْمِصْرِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ الْعَقْدُ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ خَارِجَ الْمِصْرِ إلَى مَكَان مَعْلُومٍ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ إذَا حَبَسَهَا فِي الْمِصْرِ، وَإِنْ ذَهَبَ بِالدَّابَّةِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ فِي الْيَوْمِ وَلَمْ يَرْكَبْ يَجِبُ الْأَجْرُ، وَإِنْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ خَارِجَ الْمِصْرِ بَعْدَ مُضِيِّ الْيَوْمِ بِالدَّابَّةِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ، وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ تَمَكَّنَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ قَالَ لَهُ الْمَالِكُ: دُونَكَ الْمَنْزِلُ فَاسْكُنْهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَفْتَحْ الْبَابَ، وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ الْمُدَّةِ: لَمْ أَسْكُنْهُ، إنْ قَدَرَ عَلَى الْفَتْحِ بِلَا مُؤْنَةٍ يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ وَإِلَّا فَلَا وَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يَحْتَجَّ وَيَقُولَ: هَلَّا كَسَرْتَ الْغَلَقَ وَدَخَلْتَ الْمَنْزِلَ، ثُمَّ الْأُجْرَةُ لَوْ مُعَجَّلَةً طَالَبَهُ بِهَا وَلَهُ حَبْسُ الدَّارِ لِاسْتِيفَائِهَا وَلَوْ مُؤَجَّلَةً لَا مَا لَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ وَلَوْ مُنَجَّمَةً يَجِبُ إذَا مَضَى النَّجْمُ الْوَاحِدُ، وَإِنْ نُقِضَتْ الْإِجَارَةُ بَعْدَ مَا قَبَضَ الْمُؤَجِّرُ الْأَجْرَ حَطَّ مِنْ الْأُجْرَةِ قَدْرَ الْمُسْتَوْفَى مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَرَدَّ الْبَاقِيَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَلِرَبِّ الدَّارِ وَالْأَرْضِ طَلَبُ الْأَجْرِ كُلَّ يَوْمٍ وَلِلْقَصَّارِ وَالْخَبَّازِ وَالْخَيَّاطِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ عَمَلِهِ، وَإِذَا عَمِلَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَمْ يَفْرُغْ مِنْ الْعَمَلِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْأَجْرِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالتَّجْرِيدِ. وَذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ وَشَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِفَخْرِ الْإِسْلَامِ وَقَاضِي خَانْ أَنَّهُ إذَا خَاطَ الْبَعْضَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ يَجِبُ لَهُ الْأَجْرُ بِحِسَابِهِ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
إنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْمِلَهُ إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَحَمَلَهُ بَعْضَ الطَّرِيقِ ثُمَّ طَالَبَهُ بِالْأَجْرِ بِمِقْدَارِ مَا حَمَلَ فَلَهُ ذَلِكَ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ الْأَجْرِ حِصَّتَهُ وَلَكِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي شُرِطَ فَإِذَا حَمَلَ يَسْتَوْفِي جَمِيعَ الْأُجْرَةِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِيَحْمِلَ لَهُ مَحْمُولًا مِنْ مَكَانٍ إلَى مَكَانٍ فَحَمَلَ بَعْضَهُ وَطَلَبَ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَجْرِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْأُجْرَةِ بِمِقْدَارِ مَا حَمَلَ وَيُجْبَرُ عَلَى حَمْلِ الْبَاقِي وَيُعْطِي الْبَاقِيَ مِنْ الْأُجْرَةِ، هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَلَوْ عَجَّلَ الْأُجْرَةَ إلَى رَبِّ الدَّارِ لَا يَمْلِكُ الِاسْتِرْدَادَ وَلَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَيْنًا فَأَعَارَهَا أَوْ أَوْدَعَهَا إلَى رَبِّ الدَّارِ فَهُوَ كَالتَّعْجِيلِ وَلَا يَمْلِكُ الْأُجْرَةَ بِاشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ فِي الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ وَتُمْلَكُ بِالتَّعْجِيلِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
وَفِي فَتَاوَى آهُو لِآخَرَ (أَيْنَ سبوى سَرَكه رابرتايدروازه بعرج) بِكَذَا فَحَمَلَهَا فَإِذَا هِيَ خَمْرٌ، هَلْ تَجِبُ الْأُجْرَةُ؟ قَالَ: لَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَلِكَ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ خَمْرٌ وَإِلَّا فَلَهُ الْأَجْرُ أَمَّا مَنْ لَهُ أُجْرَةُ أَرْضٍ فَزَرَعَهَا أَوْ لَمْ يَحْصُدْهَا أَوْ لَمْ يُدْرِكْ الزَّرْعَ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ الْأَجْرِ شَيْئًا
حَتَّى مَاتَ، هَلْ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَطْلُبُوا ذَلِكَ مِنْ الْمُتَوَلِّي بِقَدْرِ مَا لَزِمَ لَهُمْ أَفْتَى بِلَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حُلِيًّا يُزَيِّنُ بِهِ عَرُوسَهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَقَبَضَ الْحُلِيَّ وَلَمْ يُزَيِّنْ الْعَرُوسَ، قَالَ: يَلْزَمُ الْأَجْرُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ، قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ اكْتَرَى مَحْمِلًا لِيَرْكَبَهُ إلَى مَكَّةَ فَخَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَمْ يَرْكَبْهُ فَلَا أَجْرَ لَهُ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فِي مَكَانِ الِاسْتِيفَاءِ وَهُوَ ضَامِنٌ لِلْمَحْمِلِ إنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ قَمِيصًا لِيَلْبَسَهُ إلَى مَكَّةَ، وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ الْمَحْمِلَ شَهْرًا لِيَرْكَبَهُ إلَى مَكَّةَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ يُشْتَرَطُ حَقِيقَةُ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ لِوُجُوبِ الْأَجْرِ وَبَعْدَمَا وَجَبَ الِاسْتِيفَاءُ حَقِيقَةً إنَّمَا يَجِبُ الْأَجْرُ إذَا وُجِدَ التَّسْلِيمُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ جِهَةِ الْمُؤَجِّرِ أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ التَّسْلِيمُ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ بَيَانُهُ فِيمَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى آجَرَهُ مِنْ الْبَائِعِ شَهْرًا كَانَتْ الْإِجَارَةُ بَاطِلَةً فَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ الْبَائِعُ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ لَا يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(سُئِلَ) عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَمَّنْ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ شَجَرَةً قَائِمَةً وَتَرَكَهَا فِي مَوْضِعِهَا خَمْسَ سِنِينَ فَازْدَادَتْ الشَّجَرَةُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَقْلَعَهَا، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ: ادْفَعْ إلَيَّ أُجْرَةَ هَذِهِ الْمُدَّةِ، هَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: لَا أَجْرَ لَهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ قَمِيصًا لِيَلْبَسَهُ وَيَذْهَبَ إلَى مَكَانِ كَذَا فَلَبِسَهُ فِي مَنْزِلِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى الْمَكَانِ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا أَجْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ ضَامِنٌ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: عِنْدِي عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ مُقَابِلٌ لِلُّبْسِ لَا بِالذَّهَابِ، قَالَ الْقَاضِي فَخْرُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ لُبْسُ الثَّوْبِ فِي بَيْتِهِ مِثْلَ اللُّبْسِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ فِي الضَّرَرِ بِالثَّوْبِ أَوْ دُونَهُ فَالْجَوَابُ كَمَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِلَّا فَكَمَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، هَكَذَا فِي الْكُبْرَى.
الْقَصَّارُ إذَا أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ ثَوْبُ هَذَا الرَّجُلِ ثُمَّ أَقَرَّ وَقَدْ قَصَّرَهُ قَبْلَ الْجُحُودِ، قَالَ: لَهُ الْأَجْرُ، وَإِنْ قَصَّرَ بَعْدَ الْجُحُودِ لَا أَجْرَ لَهُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَفِي الصَّبَّاغِ إنْ صَبَغَ قَبْلَ الْجُحُودِ فَالْأَجْرُ لَازِمٌ، وَإِنْ صَبَغَ بَعْدَ الْجُحُودِ فَرَبُّ الثَّوْبِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَأَعْطَاهُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّوْبَ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ، وَفِي النَّسَّاجِ إنْ نَسَجَ قَبْلَ الْجُحُودِ الْأَجْرُ لَازِمٌ وَبَعْدَ الْجُحُودِ الثَّوْبُ لِلنَّسَّاجِ وَعَلَيْهِ غَزْلُ مِثْلِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً ثُمَّ أَنْكَرَ فِي نِصْفِ الطَّرِيقِ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ قَبْلَ الْإِنْكَارِ وَلَا يَلْزَمُ بَعْدَ الْإِنْكَارِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْأَجْرُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ الدَّابَّةَ فِي نِصْفِ الطَّرِيقِ فَتَبْقَى فِي يَدِهِ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا سَنَةً وَقَبَضَهُ فَلَمَّا مَضَى نِصْفُ السَّنَةِ جَحَدَ الْإِجَارَةَ وَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ الْجُحُودِ أَلْفَانِ فَمَضَتْ السَّنَةُ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ، رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ عَلَيْهِ الْأَجْرَ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْعَبْدِ بَعْدَ سَنَةٍ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. قَالَ هِشَامٌ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا، كَيْفَ اجْتَمَعَ الْأَجْرُ وَالضَّمَانُ؟ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَمْ يَجْتَمِعَا، وَفَسَّرَ هِشَامٌ ذَلِكَ، فَقَالَ: الْأَجْرُ وَجَبَ لِاسْتِعْمَالِهِ الْعَبْدَ فِي السَّنَةِ، وَالضَّمَانُ وَجَبَ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ؛ لِأَنَّ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ الْعَبْدِ عَلَى الْمَالِكِ وَلَمْ يَرُدَّ فَوَجَبَ الضَّمَانُ فَاخْتَلَفَ سَبَبُ وُجُوبِهِمَا وَاخْتَلَفَ الزَّمَانُ وَكَيْفَ يَظْهَرُ الِاجْتِمَاعُ، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله يَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَهُ الْأَجْرُ قَبْلَ الْإِنْكَارِ وَيَسْقُطَ عَنْهُ بَعْدَ الْإِنْكَارِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
كُلُّ صَانِعٍ لَيْسَ لِصُنْعِهِ أَثَرٌ قَائِمٌ فِي الْعَيْنِ كَالْحَمَّالِ وَالْمَلَّاحِ وَالْغَسَّالِ لَا يَكُونُ لَهُ حَبْسُ الْعَيْنِ بِالْأَجْرِ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَمَنْ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ يَحْبِسُ الْعَيْنَ بِالْأُجْرَةِ إلَّا إذَا كَانَتْ مُؤَجَّلَةً وَلِلنَّسَّاجِ وَمَنْ حَلَقَ الشَّعْرَ وَكَسَّرَ الْحَطَبَ وَكُلُّ مَنْ صَارَتْ الْعَيْنُ بِعَمَلِهِ شَيْئًا آخَرَ بِحَيْثُ لَوْ فَعَلَهُ الْغَاصِبُ زَالَ مِلْكُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَهُ حَبْسُ الْعَيْنِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا عَمِلَ فِي دُكَّانِهِ، وَلَوْ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَمْلِكُ الْحَبْسَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَأَمَّا الْقَصَّارُ إذَا قَصَّرَ الثَّوْبَ فَإِنْ ظَهَرَ أَثَرُ عَمَلِهِ فِي الثَّوْبِ بِاسْتِعْمَالِ النَّشَاسْتَجِ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ إلَّا إزَالَةُ