الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَمَانِينَ وَأَيَّامُ الْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ أَوْ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَابُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ فِي الِاسْتِصْنَاعِ وَالِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْعَمَلِ]
(الْبَابُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ فِي الِاسْتِصْنَاعِ وَالِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْعَمَلِ) يَجُوزُ الِاسْتِصْنَاعُ اسْتِحْسَانًا لِتَعَامُلِ النَّاسِ وَتَعَارُفِهِمْ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَالِاسْتِصْنَاعُ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ وَالْعَمَلُ مِنْ الصَّانِعِ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ مِنْ الْمُسْتَصْنِعِ لَا مِنْ الصَّانِعِ فَإِنَّهُ يَكُونُ إجَارَةً وَلَا يَكُونُ اسْتِصْنَاعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي تَجْنِيسِ خُوَاهَرْ زَادَهْ الِاسْتِصْنَاعُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا وَيَسْتَصْنِعَ الْبَائِعَ فِيهِ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْأَدِيمَ وَيَأْمُرَ الْبَائِعَ أَنْ يَتَّخِذَ لَهُ خُفًّا يَصِفُ لَهُ قَدْرَهُ وَعَمَلَهُ فَهَذَا جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِصْنَاعِهِ مِثْلُ آنِيَةِ الزُّجَاجِ وَالنُّحَاسِ وَالْخَشَبِ وَالْقِدْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْقَلَنْسُوَةِ وَأَشْبَاهِهَا إذَا بَيَّنَ صِفَتَهُ وَقَدْرَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَالِاسْتِصْنَاعُ بَيْعٌ هُوَ الْأَصَحُّ وَالْمُسْتَصْنِعُ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ وَلَا خِيَارَ لِلصَّانِعِ هَكَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
ثُمَّ إذَا رَضِيَهُ الْمُسْتَصْنِعُ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بَعْدَ ذَلِكَ وَلِلصَّانِعِ أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْضَاهُ الْمُسْتَصْنِعُ. كَذَا فِي التَّهْذِيبِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ إلَى حَائِكٍ فِي ثَوْبٍ مِنْ قُطْنٍ يَنْسِجُهُ لَهُ وَسَمَّى طُولَهُ وَعَرْضَهُ وَجِنْسَهُ وَرُقْعَتَهُ وَالْغَزْلُ مِنْ الْحَائِكِ حَتَّى كَانَ اسْتِصْنَاعًا فَالْقِيَاسُ أَنْ يَجُوزَ وَلَكِنْ اسْتَحْسَنَ وَقَالَ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ ضَرَبَ لِذَلِكَ أَجَلًا يَصِيرُ سَلَمًا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ مِنْ شَرْحِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الِاسْتِصْنَاعَ فِيمَا لِلنَّاسِ فِيهِ تَعَامُلٌ يَصِيرُ سَلَمًا بِضَرْبِ الْأَجَلِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَصِيرُ سَلَمًا وَفِيمَا لَا تَعَامُلَ لِلنَّاسِ فِيهِ يَصِيرُ سَلَمًا بِضَرْبِ الْأَجَلِ بِالْإِجْمَاعِ وَفِي الْقُدُورِيِّ، وَإِنْ ضَرَبَ فِي الِاسْتِصْنَاعِ أَجَلًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السَّلَمِ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى قَبْضِ الْبَدَلِ فِي الْمَجْلِسِ وَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ بِسَلَمٍ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ مَا لِلنَّاسِ فِيهِ تَعَامُلٌ وَبَيْنَ مَا لَا تَعَامُلَ لَهُمْ فِيهِ فَذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْبُيُوعِ أَنَّ فِيمَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ يَصِيرُ الِاسْتِصْنَاعُ سَلَمًا بِضَرْبِ الْأَجَلِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى آخَرَ مَنَوَيْنِ مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ لِيَضُمَّ إلَيْهِ مَنَوَيْنِ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَيَنْسِجَهُ وَيَرْفَعُ أَجْرَ النَّسْجِ وَالْفَاضِلُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً مِنْ الرِّبْحِ إنْ لَمْ يَخْلِطْ وَنَسَجَ كُلَّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدًا يَأْخُذُ أَجْرَ مِثْلِهِ وَالْبَاقِي لِرَبِّ الْإِبْرَيْسَمِ، وَإِنْ خَلَطَ وَنَسَجَ الْكُلَّ فَجَمِيعُ ذَلِكَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً كَمَا شَرَطَ وَلَا يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ عَمِلَ فِي مَحَلٍّ مُشْتَرَكٍ. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.
رَجُلٌ سَلَّمَ غَزْلًا إلَى حَائِكٍ لِيَنْسِجَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَزِيدَ فِي الْغَزْلِ رَطْلًا مِنْ عِنْدِهِ وَقَالَ أَقْرِضْنِي رَطْلًا مِنْ غَزْلِكَ عَلَى أَنْ أُعْطِيَك مِثْلَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْسِجَ مِنْهُ ثَوْبًا عَلَى صِفَةٍ مَعْلُومَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا سَوَاءٌ كَانَ الِاسْتِقْرَاضُ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ قَالَ زِدْنِي رَطْلًا مِنْ غَزْلِكَ عَلَى أَنْ أُعْطِيَكَ غَزْلًا مِثْلَ غَزْلِك فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَيَكُونُ قَرْضًا، وَإِنْ قَالَ زِدْنِي غَزْلًا وَسَكَتَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا وَيَكُونُ قَرْضًا ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ جَازَتْ الْإِجَارَةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَإِنْ كَانَ مَشْرُوطًا فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ الَّذِي ذَكَرْنَا فَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ رَبِّ الثَّوْبِ وَبَيْنَ الْحَائِكِ بَعْدَمَا فَرَغَ الْحَائِكُ مِنْ الْعَمَلِ وَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ لَمْ تَزِدْ فِيهِ شَيْئًا وَقَالَ الْحَائِكُ لَا بَلْ زِدْتُ وَالثَّوْبُ مُسْتَهْلَكٌ بِأَنْ بَاعَ صَاحِبُهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ وَزْنَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّ الْحَائِكَ زَادَ فِي الْغَزْلِ وَعَلَى الْحَائِكِ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ نَكَلَ رَبُّ الثَّوْبِ عَنْ الْيَمِينِ يَثْبُتُ مَا ادَّعَاهُ الْحَائِكُ فَيَلْزَمُ رَبَّ الثَّوْبِ ذَلِكَ، وَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ عَمَّا ادَّعَاهُ الْحَائِكُ فَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ قَائِمًا سَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ قَالَ زِدْ رَطْلًا مِنْ غَزْلِك عَلَى أَنْ أُعْطِيَك ثَمَنَ الْغَزْلَ وَأَجْرُ عَمَلِك كَذَا دِرْهَمًا فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ وَإِذَا جَازَ هَذَا فَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الثَّوْبِ فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ لَمْ تَزِدْ فِيهِ شَيْئًا وَقَالَ الْحَائِكُ زِدْت فِيهِ مَا أَمَرْتنِي أَيْضًا فَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا ذَكَرَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ ثَبَتَتْ الزِّيَادَةُ وَكَانَ عَلَيْهِ جَمِيعُ
مَا سَمَّى لِلْحَائِكِ بَعْضُهُ بِإِزَاءِ الْعَمَلِ وَبَعْضُهُ بِإِزَاءِ ثَمَنِ الْغَزْلِ، وَإِنْ حَلَفَ لَمْ تَثْبُتْ الزِّيَادَةُ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يَطْرَحُ عَنْهُ ثَمَنَ الْغَزْلِ وَيَلْزَمُهُ أَجْرُ الثَّوْبِ وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ وَهُوَ أَنْ يُقْسِمَ الْمُسَمِّي عَلَى أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا أَمَرَ بِهِ وَذَلِكَ عَمَلُهُ فِي مَنٍّ وَنِصْفٍ وَعَلَى قِيمَةِ الْغَزْلِ الْمَشْرُوطِ عَلَى الْحَائِكِ لِأَنَّهُ قَبِلَ الْمُسَمَّى بِالْغَزْلِ وَبِالْعَمَلِ فِي مَنٍّ وَنِصْفٍ لِأَنَّ مَنًّا مِنْ الْغَزْلِ أَعْطَاهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَنَصَّفَ مَنٍّ اشْتَرَطَ مِنْهُ فَيَطْرَحُ عَنْهُ ثَمَنَهُ وَمَا أَصَابَ الْعَمَلُ وَهُوَ أَجْرُ الثَّوْبِ يَلْزَمُهُ حَتَّى أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى مَثَلًا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ بِإِزَاءِ الْغَزْلِ وَبِإِزَاءِ الْعَمَلِ وَقِيمَةُ الْغَزْلِ دِرْهَمٌ وَأَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا أُمِرَ بِهِ دِرْهَمَانِ مِنْ الْمُسَمَّى يَطْرَحُ عَنْهُ دِرْهَمَ ثَمَنِ الْغَزْلِ فَيُقَسِّمُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُسَمَّى عَلَى أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا عَمِلَ وَفِيمَا لَمْ يَعْمَلْ وَيَطْرَحُ عَنْهُ حِصَّةَ أَجْرِ مِثْلِ الْعَمَلِ فِي الزِّيَادَةِ وَكَيْفَ يَتَعَرَّفُ حِصَّةَ مَا لَمْ يَعْمَلْ فِي الزِّيَادَةِ مِنْ الْأَجْرِ مِمَّا عَمِلَ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ قَالَ بَعْضُهُمْ يَتَعَرَّفُ بِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ إنْ كَانَ مَا دَفَعَ إلَيْهِ مَنًّا مِنْ غَزْلٍ وَمَا شَرَطَ عَلَيْهِ نِصْفَ مَنٍّ يُقَسِّمُ الْبَاقِيَ مِنْ الْمُسَمَّى بَعْدَ ثَمَنِ الْغَزْلِ وَذَلِكَ دِرْهَمَانِ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ بِإِزَاءِ مَا عَمَلِ وَثُلُثُهُ بِإِزَاءِ مَا لَمْ يَعْمَلْ فَيَطْرَحُ عَنْهُ الثُّلُثَ وَلَا يَعْتَبِرُ السُّهُولَةَ وَالصُّعُوبَةَ فِي الْعَمَلِ بِسَبَبِ صِغَرِ الثَّوْبِ وَكِبَرِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَتَعَرَّفُ قَدْرَ السَّاقِطِ مِنْ الْقَائِمِ بِاعْتِبَارِ السُّهُولَةِ وَالصُّعُوبَةِ فِي الْعَمَلِ بِسَبَبِ صِغَرِ الثَّوْبِ وَكِبَرِهِ وَهَذَا لِأَنَّ الْعَمَلَ قَدْ يَسْهُلُ عَلَى الْحَائِكِ بِطُولِ الثَّوْبِ وَيَصْعُبُ بِصِغَرِهِ فَإِنَّهُ مَتَى قَصُرَ يَحْتَاجُ إلَى الْوَصْلِ وَإِلَى عَمَلِ الدَّقِيقِ مِرَارًا وَمَتَى طَالَ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً وَهَذَا التَّفَاوُتُ مُعْتَبَرٌ فِيمَا بَيْنَ الْعَمَلَةِ مِنْ هَذِهِ الصِّنَاعَةِ فِي زِيَادَةِ الْأَجْرِ بِسَبَبِ صِغَرِ الثَّوْبِ وَنُقْصَانِهِ بِسَبَبِ الْكِبَرِ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِهِمَا وَإِذَا وَجَبَ اعْتِبَارُهُمَا يَجِبُ أَنْ يُقَسِّمَ الْبَاقِيَ مِنْ الْمُسَمَّى وَذَلِكَ دِرْهَمَانِ عَلَى أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي مَنٍّ وَأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي مَنٍّ وَنِصْفٍ فَإِنْ كَانَ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي مَنٍّ وَنِصْفٍ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفًا وَفِي مَنٍّ دِرْهَمَيْنِ يَكُونُ بِإِزَاءِ الزِّيَادَةِ نِصْفُ دِرْهَمٍ فَيَطْرَحُ مِنْ دِرْهَمَيْنِ نِصْفَ دِرْهَمٍ حِصَّةَ مَا لَمْ يَعْمَلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقَصِيرِ وَالطَّوِيلِ بِذِرَاعٍ أَوْ ذِرَاعَيْنِ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ لِهَذَا التَّفَاوُتِ عِبْرَةٌ فِي زِيَادَةِ الْأَجْرِ وَنُقْصَانِهِ ثُمَّ مَاذَا يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ أَوْ الْمُسَمَّى فَعَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ أَجْرُ الْمِثْلِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُسَمَّى وَعَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ إنْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِالْعَيْبِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُسَمَّى كَمَا قُلْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَسَائِلِ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ الْأَجْرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُطْلَقًا وَلَمْ يَقُلْ الْمُسَمَّى فَيَجِبُ تَخْرِيجُهَا عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَأَمَّا إذَا كَانَ قَائِمًا إنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ مِقْدَارَ مَا دَفَعَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْغَزْلِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا كَانَ هَالِكًا مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ إلَّا فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّهُ مَتَى حَلَفَ وَلَمْ تَثْبُتْ الزِّيَادَةُ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ الثَّوْبَ عَلَيْهِ وَيُضَمِّنَهُ غَزْلًا مِثْلَ غَزْلِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الثَّوْبُ قَائِمًا وَقَدْ عَرَفَ مِقْدَارَ مَا دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ الْغَزْلِ فَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ مَا دَفَعَ إلَيْهِ مَنٌّ فَإِنَّهُ يُوزَنُ الثَّوْبُ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ وُزِنَ فَإِذَا هُوَ مَنٌّ وَاحِدٌ لَمْ تَثْبُتْ الزِّيَادَةُ بِيَقِينٍ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الثَّوْبِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ مَنَوَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْحَائِكِ إنْ لَمْ يَدَّعِ رَبُّ الثَّوْبِ أَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ الدَّقِيقِ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ الدَّقِيقِ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَرَى أَهْلُ الْبَصَرِ مِنْ تِلْكَ الصِّنَاعَةِ فَإِنْ قَالُوا قَدْ يَزِيدُ الدَّقِيقُ مِثْلَ هَذَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الثَّوْبِ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ قَالُوا الدَّقِيقُ لَا يَزِيدُ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ صَارَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لِلْحَائِكِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لَكِنْ مَعَ الْيَمِينِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ دَفَعَ سِمْسِمًا وَقَالَ أَقْشِرْهُ وَرُبَّهُ بِبَنَفْسَجٍ وَلَك دِرْهَمٌ كَانَ فَاسِدًا لِأَنَّ الْبَنَفْسَجَ مَجْهُولٌ قَدْرُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ فَيَكُونُ الْعَمَلُ مَجْهُولًا فَإِنْ كَانَ قَدْرُ الْبَنَفْسَجِ مَعْلُومًا عِنْدَ التُّجَّارِ جَازَ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ كَالْمَشْرُوطِ بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى صَبَّاغٍ لِيَصْبُغَهُ بِعُصْفُرٍ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَ الْعُصْفُرِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا دَفَعَ حَدِيدًا إلَى حَدَّادٍ لِيَصْنَعَهُ عَيْنًا سَمَّاهُ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَجَاءَ بِهِ الْحَدَّادُ عَلَى مَا أَمَرَ بِهِ صَاحِبُ الْحَدِيدِ فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لِصَاحِبِ الْحَدِيدِ وَيُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ وَلَوْ خَالَفَهُ فِيمَا أَمَرَ بِهِ فَإِنْ خَالَفَهُ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسِ بِأَنْ أَمَرَهُ أَنْ يَصْنَع مِنْهُ قَدُومًا فَصَنَعَ لَهُ مَرًّا ضَمِنَ لَهُ حَدِيدًا مِثْلَ حَدِيدِهِ وَالْإِنَاءُ لَهُ وَلَا خِيَارَ لِصَاحِبِ الْحَدِيدِ وَإِنْ خَالَفَهُ مِنْ حَيْثُ الْوَصْفِ بِأَنْ أَمَرَهُ أَنْ يَصْنَعَ لَهُ قَدُومًا يَصْلُحُ
لِلنَّجَّارِ فَصَنَعَ لَهُ قَدُومًا يَصْلُحُ لِكَسْرِ الْحَطَبِ فَصَاحِبُ الْحَدِيدِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ حَدِيدًا مِثْلَ حَدِيدِهِ وَتَرَكَ الْقَدُومَ عَلَيْهِ وَلَا أَجْرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْقَدُومَ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ مَا سَلَّمَهُ إلَى كُلِّ صَانِعٍ لِيَصْنَعَ مِنْهُ شَيْئًا سَمَّاهُ كَالْجِلْدِ يُسَلِّمُهُ إلَى إسْكَافٍ لِيَصْنَعَهُ خُفَّيْنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَسُئِلَ عَمَّنْ دَفَعَ إلَى سَرَّاجٍ بَعْضَ آلَاتِ السَّرْجِ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَتَّخِذَ سَرْجًا بِهَذِهِ الْآلَاتِ وَبِآلَاتٍ أُخَرَ يَحْتَاجُ إلَيْهَا لِإِتْمَامِ السَّرْجِ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ أُجْرَةَ عَمَلِهِ وَثَمَنَ مَا جَعَلَهُ فِي سَرْجِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَفَعَلَ السَّرَّاجُ ذَلِكَ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّ أُجْرَةَ عَمَلِهِ وَقِيمَةُ الْآلَاتِ ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا فَرَضِيَ الْآمِرُ بِذَلِكَ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ هَذَا فَنَقَدَ خَمْسَةً مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ اسْتَوْلَى بَعْضُ أَعْوَانِ السُّلْطَانِ وَالْأَتْرَاكِ عَلَى ذَلِكَ السَّرْجِ وَغَيَّبَهُ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ هَلْ لِلْآمِرِ أَنْ يُضَمِّنَ السَّرَّاجَ قِيمَةَ سَرْجِهِ فَقَالَ: لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا دَفَعَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْعَمَلَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ إلَيْهِ وَالْآلَاتِ مُسَلَّمَةٌ إلَيْهِ قَالَ وَمَعَ هَذَا إذَا فَرَغَ مِنْ السَّرْجِ فَاتَّصَلَتْ الْآلَاتُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَاتَّفَقَا وَتَرَاضَيَا عَلَى مَالٍ يُعْطِيهِ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ هُوَ كَابْتِدَاءِ بَيْعٍ فَيَجُوزُ. كَذَا فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ.
وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ جِلْدًا إلَى الْإِسْكَافِ وَاسْتَأْجَرَهُ بِأَجْرٍ مُسَمًّى عَلَى أَنْ يَخْرِزَ لَهُ خُفَّيْنِ وَسَمَّى لَهُ الْمِقْدَارَ وَالصِّفَةَ عَلَى أَنْ يُنَعِّلَهُ الْإِسْكَافُ وَيُبَطِّنَهُ مِنْ عِنْدِهِ وَوَصَفَ لَهُ الْبِطَانَةَ وَالنَّعْلَ فَهُوَ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى خَيَّاطٍ لِيُخَيِّطَ لَهُ جُبَّةً عَلَى أَنْ يَحْشُوَهُ وَيُبَطِّنَهُ مِنْ عِنْدِهِ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَسْأَلَةَ الْجُبَّةِ فِي الْأَصْلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَفِي الْمُنْتَقَى ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَسْأَلَةَ رَجُلٍ دَفَعَ إلَى خَيَّاطٍ ظِهَارَةً وَقَالَ بَطِّنْهَا لِي مِنْ عِنْدِك فَهُوَ جَائِزٌ وَقَاسَهُ عَلَى مَا إذَا اشْتَرَى خُفًّا وَقَالَ لِلْبَائِعِ أَنْعِلْهُ بِنَعْلٍ مِنْ عِنْدِك فَصَارَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ بِطَانَةً وَقَالَ ظَهِّرْهَا لِي مِنْ عِنْدِك فَهُوَ فَاسِدٌ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَوَّزَ هَذَا التَّصَرُّفَ، وَإِنْ لَمْ يُرِ صَاحِبَ الْجِلْدِ النَّعْلَ وَالْبِطَانَةَ وَصَرَفَهُ إلَى نَعْلٍ وَبِطَانَةٍ يَلِيقَانِ بِذَلِكَ الْخُفِّ وَكَذَا إذَا أَمَرَ الرَّجُلُ إسْكَافًا أَنْ يَخْرِزَ عَلَى خُفَّيْهِ وَمُكَعَّبَيْهِ أَرْبَعَ قِطَعٍ مِنْ صَرْمٍ بِكَذَا وَلَمْ يَرَ الرَّجُلُ الْقِطَعَ فَهُوَ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا.
وَكَذَا تَرْقِيعُ الْخِرَقِ فِي الْخِفَافِ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَى الْإِسْكَافُ الرِّقَاعَ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ شَرَطَ الْإِرَاءَةَ فِي النَّعْلِ وَهَكَذَا فِي الْقِطَعِ الْأَرْبَعِ وَهَكَذَا فِي تَرْقِيعِ الْخِرَقِ فَإِذًا فِيهِ رِوَايَتَانِ وَإِذَا جَازَتْ هَذِهِ الْإِجَارَةُ اسْتِحْسَانًا فَإِذَا عَمِلَ الْإِسْكَافُ وَأَتَى بِهِ إنْ كَانَ عَمَلُهُ صَالِحًا مُقَارِبًا لَا فَسَادَ فِيهِ أُجْبِرَ صَاحِبُ الْجِلْدِ عَلَى الْقَبُولِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ فَقَدْ اعْتَبَرَ الْمُقَارَبَةَ لِلُّزُومِ لَا حَقِيقَةِ الْمُوَافَقَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْجِلْدِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ لَا فِي حَقِّ الْعَمَلِ وَلَا فِي حَقِّ النَّعْلِ هَذَا إذَا عَمِلَ عَمَلًا مُقَارِبًا صَالِحًا فَأَمَّا إذَا أَفْسَدَ بِأَنْ خَالَفَ فِي صِفَةِ مَا أُمِرَ بِهِ ذَكَرَ أَنَّ صَاحِبَ الْجِلْدِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ الْخُفَّ عَلَيْهِ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ جِلْدِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْخُفَّ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ فَإِنْ تَرَكَ الْخُفَّ عَلَيْهِ وَضَمَّنَهُ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَخَذَ الْخُفَّ فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي خَرْزِ الْخُفِّ غَيْرِ مُنَعَّلٍ.
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُعْطِيهِ قِيمَةَ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ وَمَعْرِفَةُ قِيمَةِ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى قِيمَةِ الْخُفِّ مُخَرَّزًا غَيْرَ مُنَعَّلٍ وَإِلَى قِيمَتِهِ مُنَعَّلًا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ غَيْرَ مُنَعَّلٍ عَشَرَةً وَقِيمَتُهُ مَنْعَلًا اثْنَيْ عَشَرَ عَلِمَ أَنَّ قِيمَةَ مَا زَادَ فِيهِ دِرْهَمَانِ فَيَكُونُ دِرْهَمَانِ قَدْرَ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي خَرْزِ الْخُفِّ غَيْرَ مُنَعَّلٍ فَإِنْ كَانَ ثَلَاثَةً مَثَلًا يُضَمُّ إلَى قِيمَةِ مَا زَادَ فَيَصِيرُ خَمْسَةً ثُمَّ يُقَابِلُ الْمُسَمَّى فَإِنْ كَانَ خَمْسَةً مِثْلَ الْمُسَمَّى أَوْ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى فَلِلْإِسْكَافِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ بِأَنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَرْبَعَةً فَإِنَّهُ يُعْطِي لَهُ أَرْبَعَةً وَإِذَا اعْتَبَرَ قِيمَةَ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ لَا يَعْتَبِرُ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي خَرْزِ النَّعْلِ وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَا إذَا دَفَعَ خُفًّا مُخَرَّزًا إلَى إسْكَافٍ لِيُنَعِّلَهُ بِنَعْلٍ مِنْ عِنْدِهِ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ حَتَّى جَازَتْ الْإِجَارَةُ اسْتِحْسَانًا لِلتَّعَامُلِ فَنَعَّلَهُ بِنَعْلٍ لَا يُنَعَّلُ بِهِ حَتَّى أَفْسَدَ الْخُفَّ بِذَلِكَ وَثَبَتَ لِصَاحِبِ الْخُفِّ الْخِيَارُ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاخْتَارَ الْأَخْذَ فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ وَقِيمَةَ مَا اتَّصَلَ بِهِ مِنْ النَّعْلِ مُزَايَلًا غَيْرَ مُخَرَّزٍ لَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى وَهُنَا أَوْجَبَ مَعَ أَجْرِ الْمِثْلِ قِيمَةَ مَا زَادَ الْعَمَلَ فِيهِ وَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ قِيمَةَ النَّعْلِ وَالْبِطَانَةِ مُزَايَلًا غَيْرَ مُخَرَّزٍ وَالْمُتَّصِلُ بِخُفِّهِ لِلْإِسْكَافِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَيْنُ مَالٍ
وَعَمَلٍ ثُمَّ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ أَوْجَبَ قِيمَةَ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ.
وَفِي الْمَوْضِعِ الْآخَرِ أَوْجَبَ قِيمَةَ النَّعْلِ مُزَايَلًا غَيْرَ مُخَرَّزٍ وَمَنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ مَا ذُكِرَ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ يَكُونُ ذِكْرًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ صَاحِبَ الْخُفِّ إذَا أَرَادَ أَنْ يُعْطِيَهُ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي خَرْزِ الْخُفِّ وَالنَّعْلِ وَالْبِطَانَةِ ثُمَّ قِيمَةَ النَّعْلِ وَالْبِطَانَةِ مُزَايَلًا فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ وَقَالَ فِي مَسْأَلَتِنَا أَمْكَنَ إيجَابُ قِيمَةِ مَا زَادَ فِيهِ النَّعْلَ وَالْبِطَانَةَ وَفِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يُمْكِنْ إيجَابُ قِيمَةِ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا لَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى فَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى فِيمَا يَخُصُّ الْعَمَلَ فَأَمَّا مَا يَخُصُّ النَّعْلَ فَإِنَّهُ يَجِبُ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِأَنَّهُ لَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى فِي حَقِّ النَّعْلِ وَالْعَمَلِ جَمِيعًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكَذَا إذَا دَفَعَ إلَى قَلَانِسِيٍّ قِطْعَةً وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَّخِذَ لَهُ قَلَنْسُوَةً بِبِطَانَةٍ فَهُوَ عَلَى مَا وَصَفْنَا فَإِنْ جَاءَ بِهِ غَيْرَ جَيِّدٍ فَلَا خِيَارَ لَهُ إلَّا إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ الْجَيِّدَ فَيُخَيَّرُ. كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ.
وَإِذَا اسْتَصْنَعَ الرَّجُلُ خُفًّا عِنْدَ إسْكَافٍ فَعَمِلَهُ وَفَرَغَ مِنْهُ فَقَالَ الْمُسْتَصْنِعُ هَذَا لَيْسَ عَلَى الْمِقْدَارِ وَالْخَرْزِ وَالتَّقْطِيعِ الَّذِي أَمَرْتُك بِهِ وَقَالَ الْإِسْكَافُ بَلْ بِهَذَا أَمَرْتنِي وَأَرَادَ الْإِسْكَافُ أَنْ يُحَلِّفَ صَاحِبَ الْمَالِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الصَّبَّاغِ إذَا ادَّعَى أَنَّ مَا صَبَغَ كَانَ بِأَمْرِهِ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَ صَاحِبِ الثَّوْبِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ دَفَعَ إلَى إسْكَافٍ أَدِيمًا لِيَقْطَعَ لَهُ خُفًّا وَيَخْرِزَهُ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ فَدَفَعَهُ إلَى آخَرَ بِدِرْهَمَيْنِ إنْ أَعْطَاهُ وَأَدَّاهُ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ عَمِلَ بَعْضَ الْأَعْمَالِ طَابَتْ لَهُ الزِّيَادَةُ وَإِلَّا يَتَصَدَّقُ بِهَا. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا دَفَعَ خُفَّهُ إلَى رَجُلٍ لَيُنَعِّلَهُ مِنْ عِنْدِهِ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَنَعَّلَهُ بِنَعْلٍ يُنَعَّلُ بِمِثْلِهِ الْخِفَافُ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَيِّدًا وَلَا خِيَارَ لَهُ، وَإِنْ شَرَطَ الْجُودَةَ فَأَتَى بِمَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجَيِّدِ أُجْبِرَ عَلَى قَبُولِهِ وَلَا خِيَارَ لَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ جَيِّدًا فَنَعَّلَهُ بِغَيْرِ جَيِّدٍ فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْخُفِّ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْخُفَّ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ وَقِيمَةَ مَا زَادَ فِيهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
قَالَ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْأَجْرِ بِأَنْ قَالَ الْإِسْكَافُ شَرَطْت لِي دِرْهَمًا وَقَالَ رَبُّ الْخُفِّ شَرَطْت لَك دَانِقَيْنِ وَقَدْ خَرَزَهُ عَلَى مَا وَصَفَ لَهُ وَلَمْ يَخْتَلِفَا فِي ذَلِكَ وَأَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْعَامِلِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْجَوَابَ فِيمَا إذَا لَمْ يَقُمْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ وَيَجِبُ أَنْ يُحَكِّمَ فِي ذَلِكَ قِيمَةَ النَّعْلِ مُزَايَلًا وَيَجْعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ قِيمَةُ النَّعْلِ كَمَا فِي الصَّبْغِ فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ النَّعْلِ دِرْهَمًا كَمَا يَدَّعِيهِ الْإِسْكَافُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ النَّعْلِ تَشْهَدُ لِصَاحِبِهِ بِأَنْ كَانَتْ دَانِقَيْنِ كَمَا يَدَّعِيهِ صَاحِبُ الْخُفِّ جَعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ النَّعْلِ لَا تَشْهَدُ لِأَحَدِهِمَا بِأَنْ كَانَتْ نِصْفَ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُحَلِّفُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ هَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْأَجْرِ فَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْأَجْرِ قَالَ صَاحِبُ الْخُفِّ عَمِلْته لِي بِغَيْرِ أَجْرٍ وَقَالَ الْإِسْكَافُ لَا بَلْ عَمِلْته لَك بِأَجْرٍ أَنَّهُ يُحَلِّفُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ فَإِنْ حَلَفَا وَلَمْ يَثْبُتْ وَاحِدٌ مِنْ الْأَجْرَيْنِ ذَكَرَ أَنَّ صَاحِبَ الْخُفِّ يَغْرَمُ قِيمَةَ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ قَالَ وَلَوْ عَمِلَ الْخُفَّ كُلَّهُ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى كَانَ اسْتِصْنَاعًا ثُمَّ اخْتَلَفَا قَبْلَ الْقَبْضِ فِي مِقْدَارِ الْأَجَلِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْإِسْكَافِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
قَالَ لِنَجَّارٍ ابْنِ لِي بَيْتًا فَإِذَا بَنَيْته يُقَوِّمُهُ الْمُقَوِّمُونَ فَمَا يَقُولُونَ نَدْفَعُهُ إلَيْك فَرَضِيَا بِهِ وَبَنَاهُ وَقَوَّمَهُ رَجُلٌ بِاتِّفَاقِهِمَا وَأَبَى الصَّانِعُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ وَحِمْيَرٌ الْوَبَرِيُّ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُقَوِّمِ لَا الْحَكَمِ يَعْنِي فَلَا يَلْزَمُهُ تَقْوِيمُهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى صَائِغٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِضَّةً وَقَالَ زِدْ عَلَيْهَا دِرْهَمَيْنِ يَكُونَانِ قَرْضًا عَلَيَّ وَصُغْهُ قَلْبًا وَأَجْرُك دِرْهَمٌ فَصَاغَهُ وَجَاءَ بِهِ مَحْشُوًّا وَقَالَ زِدْت عَلَيْهَا دِرْهَمَيْنِ وَقَالَ صَاحِبُ الْفِضَّةِ لَمْ تَزِدْ عَلَيْهَا شَيْئًا فَإِنَّهُ يُحَلِّفُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ حَلَفَا يُخَيَّرُ الصَّائِغُ إنْ شَاءَ دَفَعَ الْقَلْبَ إلَيْهِ وَأَخَذَ مِنْهُ خَمْسَةَ دَوَانِقِ دِرْهَمٍ أَجْرَ الْعَشَرَةِ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ إلَيْهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِضَّةً وَأَخَذَ الْقَلْبَ لِأَنَّ الصَّائِغَ يَدَّعِي عَلَى صَاحِبِ الْفِضَّةِ قَرْضَ دِرْهَمَيْنِ وَهُوَ يُنْكِرُ وَصَاحِبُ الْقَلْبِ يَدَّعِي عَلَى الصَّائِغِ اسْتِحْقَاقَ الْقَلْبِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَهُوَ يُنْكِرُ فَيُحَلِّفُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
دَفَعَ مُصْحَفًا إلَى مُذَهِّبٍ لِيُذَهِّبَهُ بِذَهَبٍ مِنْ عِنْدِهِ وَأَرَاهُ الْمُذَهِّبُ أُنْمُوذَجًا مِنْ الْأَعْشَارِ وَالْأَخْمَاسِ وَرُءُوسِ الْآيِ وَأَوَائِلِ السُّوَرِ فَأَمَرَهُ رَبُّ