الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
و(يجوز المسح على خف ونحوه) كجرموق (1) وجورب (و) على (عمامة ذكرٍ محنكة، أو ذات ذؤابة و) على (خُمُر نساء مدارةٍ تحت حلوقهن) وهو رخصة، وهو أفضل من الغسل، لأنه صلى الله عليه وسلم وأصحابه إنما طلبوا الفضل. وعنه صلى الله عليه وسلم:"إن اللَّه يحب أن يؤخذ برخصة"(2). وفيه مخالفة أهل البدع (3).
والرخصة لغة: السهولة (4). وشرعًا: ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجحٍ. وضدها: العزيمة وهي لغة: القصد المؤكد. وشرعًا: ما ثبت بدليل شرعي خال عن معارض راجح (5). وهما وصفان للحكم الوضعي.
(و) يجوز المسح (على جبيرة) جمعها: جبائر، نحو أخشاب تربط على نحو كسر، سميت بذلك تفاؤلًا بالجبر (لم تجاوز قدر الحاجة) أي: ما تحتاج
(1) الجُرمُوق: ما يُلبس فوق الخف، والجمع: جراميق، مثل عصفور وعصافير. "المصباح المنير"(1/ 97).
(2)
أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 108) عن ابن عمر بلفظ "إن اللَّه يحب أن تؤتى رخصه. . . ". وهو صحيح. ولفظ المؤلف رواه الطبراني في "الأوسط" -كما في "المجمع"(3/ 163) - من حديث عائشة. اهـ
(3)
من أجل ذلك أدخل العلماء مسألة المسح على الخفين في أبواب المعتقد. كما فعل الإمام أحمد في رسالته إلى مسدد، وغيره.
ينظر: "المسائل والرسائل"(2/ 421) و"الاعتقاد" للبيهقي (ص 163) و"شرح الطحاوية"(ص 435) و"عقيدة القحطاني"(ص 284).
(4)
ينظر: "معجم مقاييس اللغة"(2/ 500).
(5)
ينظر: "شرح مختصر الروضة" للطوفي (1/ 457).
إليه في ربطها (إلى حلِّها) والمسح عليها عزيمة لا رخصة، فيجوز بسفر المعصية كالتيمم. (وإن جاوزته) أي قدر الحاجة (أو وضعها على غير طهارة لزم نزعها) ليغسل ما تحتها (فإن خاف الضرر) بنزعها (تيمم) لما زاد عن موضع الحاجة، أو وُضع على غير طهارة (مع مسح موضوعة على طهارة) فيجمع حينئذ بين غسل الصحيح، ومسح قدر الحاجة، والتيمم لما زاد عن موضع الحاجة. أو وضع على غير طهارة.
(ويمسح) على غير جبيرة (مقيم وعاص بسفره من حدث بعد لبس يومًا وليلة و) يمسح (مسافر سفر قصر) مباح، ولو عصى في سفره (ثلاثة أيام بلياليها) من حدثٍ بعد لبس (فإن مسح في سفر ثم أقام أو عَكَسَ) بأن مسح في حضر ثم سافر، (فكمقيم) لا يزيد عن يوم وليلة.
(وشُرط) لصحة مسح الخُفِّ ونحوه (تقدم كمال طهارة) بالماء، لحديث المغيرة بن شعبة قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في سفرٍ، فأفرغت عليه من الإداوة، فغسل وجهه، وغسل ذراعيه، ومسح رأسه، ثم أهويت لأنزع خفيه، فقال:"دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين، فمسح عليهما". متفق عليه (1). وعنه -أيضًا- قال: قلنا: يا رسول اللَّه أيمسح أحدنا على الخفين؟ قال: "نعم إذا أدخلهما وهما طاهرتان". رواه الحميدي (2) في "مسنده"(3).
(1) أخرجه البخاري في الوضوء، باب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان (1/ 59)، ومسلم في الطهارة (1/ 229 - 230).
(2)
هو: أبو بكر عبد اللَّه بن الزبير القرشي الأسدي الحميدي، الإمام العلم الحافظ الفقيه. روى عنه البخاري وغيره. وصنَّف "المسند"، و"الرد على النعمان"، و"التفسير"، توفي بمكة سنة 219 هـ. ينظر:"تذكرة الحفاظ"(2/ 314).
(3)
(3/ 335).
وألحق بالخف باقي الحوائل. (و) شُرط (ستر ممسوح) من نحو خُفٍّ (محلَّ فرض) فلو ظهر منه شيء وجب الغسل، ولم يجز المسح، إذ لا يجمع بين البدل والبدل في محلٍّ واحدٍ. وكما لو غسل إحدى الرجلين فيجب غسل الأخرى، ولو كان الستر بمخرق أو مفتق، وينضم بلبسه، (و) شرط (ثبوته بنفسه) من غير شدٍّ، فإن لم يثبت إلا بشده، لم يجز المسح عليه لفقد شرطه (و) شرط (إمكان مشي به عرفًا) فلا يصح المسح على ما لا يمكن المشي به، (و) شرط (طهارته) أي: الممسوح خفّا كان أو غيره، فلا يصح المسح على نجس العين (و) شرط (إباحته) فلا يصح المسح على نحو مغصوبٍ، وإن خاف بنزعه سقوط أصابعه من نحو بردٍ، لأن المسح رخصة، فلا تباح بالمعصية، كما لا يستبيح المسافر الرخصر بسفر المعصية. وكذا حريرٌ وذهب ونحوه لرجل (1).
(ويجب مسح أكثر دوائر عمامة) لأنها أحد الممسوحين على وجه البدل، فأجزأ مسح بعضه كالخفِّ (وأكثر ظاهر قدم خُفٍّ) ونحوه كجرموق، وجورب جعلا للأكثر كالكُلِّ، ولا يُسَنُّ استيعابه.
(و) يجب مسح (جميع جبيرة) لحديث أبي داود في صاحب الشَّجَّة: "إنما كان يكفيه أن يتيمم، ويعضد، أو يعصب على جرحه خرقة، ويمسح عليها، ويغسل سائر جسده"(2). (وإن ظهر بعض محلِّ فرضٍ أو تمَّت المدة) وهي اليوم والليلة للمقيم، والثلاثة للمسافر سفرًا مباحًا (استأنف الطهارة) لأن طهارته مؤقتة، فبطلت بانتهاء وقتها، كخروج وقت الصلاة في حق المتيمم.
(1) فيجب خلعه، لكونه محرمًا عليه.
(2)
أخرجه أبو داود في "سننه" كتاب الطهارة، باب في المجروح يتيمم (1/ 239 - 240) عن جابر. قال الحافظ في "بلوغ المرام" (ص 28): رواه أبو داود وسنده فيه ضعف، وفيه اختلاف على رواته. اهـ