المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في الهدي والأضاحي والعقيقة - الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات - جـ ١

[عثمان ابن جامع]

فهرس الكتاب

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌فصل

- ‌تتمة:

- ‌فصل

- ‌تتمة:

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل في نواقض الوضوء

- ‌فصل في أحكام الغسل

- ‌فصل في التيمم

- ‌فصل في إزالة النجاسة الحكمية

- ‌فصل في الحيض

- ‌تنبيه:

- ‌تتمة:

- ‌كتاب الصلاة

- ‌فصل في الأذان

- ‌تنبيه:

- ‌فصل في شروط الصلاة

- ‌تتمة:

- ‌فصل في الأماكن التي لا تصح فيها [الصلاة]

- ‌باب صفة الصلاة وأركانها وواجباتها وما يسن فيها وما يكره وما يتعلق بها

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌فصل

- ‌تنبيه:

- ‌فصل

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌فصل في صلاة التطوع

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌فصل في أوقات النهي

- ‌فصل في صلاة الجماعة وأحكامها وما يبيح تركها وما يتعلق بذلك

- ‌فصل في الإمامة ومعرفة الأولى بها

- ‌فصل في صلاة أهل الأعذار

- ‌فصل في صلاة المريض

- ‌فصل في القصر

- ‌فصل في الجمع

- ‌فصل في صلاة الخوف

- ‌تتمة:

- ‌فصل في صلاة الجمعة

- ‌تتمة:

- ‌خاتمة:

- ‌فصل في صلاة العيدين وأحكامها

- ‌فصل في صلاة الكسوف

- ‌فصل في صلاة الاستسقاء

- ‌كتاب الجنائز

- ‌فصل في غسل الميت

- ‌تتمة:

- ‌تنبيه:

- ‌تكفين الميت

- ‌فصل في الصلاة على الميت

- ‌كتاب الزكاة

- ‌فصل في زكاة الخارج من الأرض

- ‌فصل في زكاة الأثمان

- ‌تتمة:

- ‌فصل زكاة الفطر

- ‌فصل

- ‌تتمة:

- ‌تنبيه:

- ‌كتاب الصيام

- ‌تتمة:

- ‌فصل فيما يفسد الصوم فقط، أو يفسده ويوجب الكفارة، وما يتعلق بذلك

- ‌فصل في صوم التطوع

- ‌تتمة:

- ‌فصل في الاعتكاف

- ‌كتاب الحج

- ‌تتمة:

- ‌فصل في المواقيت

- ‌تنبيه:

- ‌فصل في الفدية وبيان أقسامها وأحكامها

- ‌تتمة:

- ‌تتمة:

- ‌باب آداب دخول مكة وما يتعلق به من طواف وسعي ونحوهما

- ‌فصل في صفة الحج والعمرة وما يتعلق بذلك

- ‌تتمة:

- ‌فائدة:

- ‌فصل (أركان الحج أربعة)

- ‌فصل في الهدي والأضاحي والعقيقة

- ‌فائدة:

- ‌كتاب الجهاد

- ‌تتمة:

- ‌فصل في عقد الذمة

الفصل: ‌فصل في الهدي والأضاحي والعقيقة

‌فصل في الهدي والأضاحي والعقيقة

والعقيقة (والأضحية) بضم الهمزة وكسرها، وتخفيف الياء وتشديدها، واحدة الأضاحي، وهي: ما يذبح من إبل، وبقر، وغنم أهلية، يوم العيد، وتالييه، على ما يأتي تقربًا إلى اللَّه تعالى (1).

وأجمعوا (2) على مشروعيتها، لقوله تعالى:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (3)، قال جع من المفسرين: المراد التضحية بعد صلاة العيد (4). وروي: أنه صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده، وسمى وكبَّر، ووضع رجله على صفاحهما (5). متفق عليه.

وهي (سنة) مؤكدة (يكره تركها لقادر) عليها، نصًّا (6)، على مسلم تام الملك، أو مكاتب بإذن سيده. لحديث الدارقطني عن ابن عباس مرفوعًا:"ثلاث كُتبت عليَّ وهن لكم تطوع: الوتر، والنحر، وركعتا الفجر"(7)، ولحديث:"من أراد أن يضحي فدخل العشر، فلا يأخذ من شعره، ولا بشرته شيئًا"(8). رواه مسلم، فتعليقه على الإرادة، يدل على

(1)" المصباح المنير"(2/ 489) و"المطلع"(ص 204) و"التنقيح المشبع"(ص 110).

(2)

في "الشرح الكبير"(9/ 331).

(3)

سورة الكوثر، الآية:2.

(4)

أخرج ابن جرير الطبري في "التفسير"(30/ 326، 327) ذلك عن عكرمة، والربيع، وعطاء، وقتادة.

(5)

البخاري، في الأضاحي، باب التكبير عند الذبح (6/ 238) ومسلم، في الأضاحي (3/ 1556) من حديث أنس رضي الله عنه.

(6)

"الإنصاف"(9/ 419).

(7)

تقدم في الوتر (ص 244).

(8)

مسلم، الأضاحي (3/ 1565) عن أم سلمة.

ص: 624

عدم وجوبه، وما استدل به على الوجوب (1) ضعفه أصحاب الحديث، ثم يحمل على تأكد الاستحباب، كحديث:"غسل الجمعة واجب على كل محتلم"(2).

والتضحية عن ميت أفضل منها عن حي، لعجزه، واحتياجه للثواب، ويعمل بها كأضحية عن حي، وتجب الأضحية بنذر، لحديث:

(1) وهي الرواية الثانية عن الإمام أحمد وشرط وجوبها أن تكون مع الغنى.

والوجوب مذهب أبي حنيفة.

وعدم الوجوب هو مذهب الجمهور: المالكية، والشافعية، والحنابلة. ومن أطلق من المالكية أنها واجبة، فإن مراده شدَّة تأكدها، كما أفاده القاضي عبد الوهاب.

واستدل من قال بالوجوب بحديث أبي هريرة: "من وجد سعة فلم يضحِّ فلا يقربن مصلانا" رواه ابن ماجه، وقال البوصيري في "الزوائد": في إسناده عبد اللَّه بن عياش، وهو وابنه روى له مسلم، فإنما أخرج له في المتابعات والشواهد. وقد ضعفه أبو داود والنسائي. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال ابن يونس: منكر الحديث. وذكره ابن حبان في الثقات. اهـ "سنن ابن ماجه"(2/ 1044)

وذكره البيهقي في "الخلافيات" من وجه آخر عن أبي هريرة من قوله، قال: وهو الصواب. اهـ

واستدلوا -أيضًا- بحديث مخنف بن سليم مرفوعًا: "أيها الناس على كل أهل بيت في كل عام أضحية وعتيرة" أخرجه أصحاب السنن. قال الترمذي (4/ 99): حسن غريب ولا نعرف هذا الحديث إلا من هذا الوجه من حديث ابن عون. اهـ

والصواب قول الجمهور، لوضوح دلالة حديث أم سلمة. وما ذكره الموجبون منازع في صحته، منازع في دلالته.

ينظر: "تحفة الفقهاء"(3/ 113) و"رد المحتار"(9/ 454) و"الإشراف" للقاضي عبد الوهاب (2/ 957) و"بداية المجتهد"(2/ 526) و"مختصر خلافيات البيهقي"(5/ 79) و"الشرح الكبير" مع الإنصاف (9/ 419).

(2)

البخاري، في الجمعة، باب فضل الغسل يوم الجمعة (1/ 212) ومسلم، في الجمعة (2/ 580، 581).

ص: 625

"من نذر أن يطيع اللَّه فليطعه"(1).

وذبحها، وعقيقة، أفضل من الصدقة بثمنها، نصًّا (2)، لحديث:"ما عمك ابن آدم يوم النحر عملًا أحب إلى اللَّه من إراقة دم، وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من اللَّه سبحانه عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض"(3). رواه ابن ماجه. وقد ضحى النبي صلى الله عليه وسلم، وأهدى الهدايا، والخلفاء بعده، ولو كان الصدقة بالثمن أفضل لم يعدلوا عنه.

(ووقت الذبح) لأضحية، وهدي، ونذر، وتطوع، وقران، من (بعد) أسبق (صلاة عيد) بالبلد الذي يصلى به، ولو قبل خطبة (أو) من بعد (قدرها) أي الصلاة، لمن لم يصل، كأهل البوادي من أصحاب الطُّنُب (4) ونحوهم، وإن فاتت الصلاة بالزوال، ذبح بعده (إلى آخر ثاني) أيام (التشريق) قال الإمام أحمد: أيام النحر ثلاثة، عن غير واحد من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (5).

وذبح أضحية، وهدي، في يوم العيد أفضل، ثم الذي يليه، ويجزئ ذبح في ليلتهما. قال في "الإقناع"(6) مع الكراهة. فإن فات الوقت، قضى الواجب، وفعل به كالمذبوح في وقته، فلا يسقط الذبح بفوات وقته، كما لو

(1) البخاري، في الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة (7/ 233) عن عائشة.

(2)

"الفروع"(3/ 554).

(3)

ابن ماجه، في الأضاحي، باب ثواب الأضحية (2/ 1045) عن عائشة، وأخرجه -أيضًا- الترمذي، في الأضاحي، باب ما جاء في فضل الأضحية (4/ 70) وقال: حسن غريب.

(4)

الطُّنُب: بضمتين: حبل الخباء، "مختار الصحاح"(ص 398).

(5)

وفي رواية قال: عن خمسة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أي عمر، وعلي، وابن عمر، وابن عباس، وأبي هريرة. اهـ "الشرح الكبير"(9/ 367) و"شرح المنتهى"(2/ 80).

(6)

(2/ 45).

ص: 626

ذبحها في وقتها، ولم يفرقها حتى خرج، ويسقط التطوع بخروج وقته، لأنه سنة فات محلها.

(ولا يعطى جازرٌ أجرته منها) لحديث "لا تعط في جزارتها شيئًا منها"(1)، قال أحمد: إسناده جيد (2). ويعطيه منها هدية، وصدقة، لمفهوم الحديث، ولأنه في ذلك كغيره، بل هو أولى، لأنه باشرها، وتاقت إليها نفسه.

(ولا يباع جلدها، ولا شيء منها) ويحرم ذلك (بل ينتفع به) أو يتصدق به، لأنه جزء منها، أو تبع له، فجاز الانتفاع به، والصدقة، كاللحم، وإن سُرق مذبوح من أضحية أو هدي مطلقًا، فلا شيء فيه، إلا بتعد، أو تفريط، كأمانة.

ومن اشتبهت عليه أضحيته بأضحية غيره، فذبحها عن نفسه، فبانت للغير، أجزأت عن مالكها، إن لم يفرق لحمها، لعدم افتقار آلة الذبح إلى نية، كغسل النجاسة، فإن فرق اللحم، ضمن، لأن الإتلاف يستوي فيه العمد وغيره، وإن نواها لنفسه، مع علمه أنها للغير، لم تُجز مالكها، سواء فرق الذابح اللحم أو لا، ويضمن الذابح قيمتها، إن فرق لحمها، وأرش الذبح، إن لم يفرقه.

ومن ذبح أضحية أو هديًا معينين، في وقتهما، بغير إذن ربهما، أو وليه، ونوى عنه، أو أطلق، أجزأت، ولا ضمان، لأنها وقعت موقعها بذبحها في وقتها، فلم يضمن ذابحها، ولأن الذبح إراقة دم تعين إراقته لحق اللَّه تعالى، فلم يضمن مريقه، كقاتل المرتد، بغير إذن الإمام.

(وأفضل هدي وأضحية: إبل، ثم بقر، ثم غنم) إن أخرج كاملة،

(1) البخاري، في الحج، باب لا يعطى الجزار، وباب يتصدق بجلود الهدي، وباب يتصدق بجلال البدن (2/ 186) ومسلم، في الحج (2/ 954) عن علي رضي الله عنه.

(2)

"شرح منتهى الإرادات"(2/ 82).

ص: 627

لحديث أبي هريرة مرفوعًا: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة. . . "(1) الحديث، والأفضل من كل جنس أسمن، فأغلى ثمنًا، لقوله تعالى:{وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32)} (2)، قال ابن عباس: تعظيمها استسمانها (3). فالأملح وهو الأبيض، أو ما فيه بياض وسواد، وبياضه أكثر من سواده (4). لما روي عن مولاة أبي ورقة بن سعيد قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "دم عفراء أزكى عند اللَّه من دم سوداوين"(5). رواه أحمد بمعناه، ولأنه لون أضحية النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أصفر، ثم أسود. قال الإمام أحمد: يعجبني البياض، وقال: وأكره السواد (6).

(ولا يجزئ) في أضحية ولا هدي واجب (إلا جذع ضأن) وهو ما له ستة أشهر كوامل، لحديث:"يجزئ الجذع من الضأن أضحية"(7). رواه ابن ماجه. والهدي مثلها، ويعرف بنوم الصوف على ظهره، كما نقل عن أهل البادية، (وثنيُّ غيره) أي غير الضأن، وهو الإبل، والبقر، والمعز (فثني إبل ما له خمس سنين) كوامل، سمي بذلك، لأنه ألقى بثنية (و) ثني (بقر) ما له (سنتان) كاملتان، وثني معز ما له سنة كاملة.

(1) البخاري، في الجمعة، باب فضل الجمعة (1/ 212، 213) ومسلم، في الجمعة (2/ 582).

(2)

سورة الحج، الآية:32.

(3)

أخرجه ابن جرير في "التفسير"(17/ 156) وابن أبي حاتم في "التفسير"(8/ 2492).

(4)

"حلية الفقهاء"(ص 203)"القاموس"(ص 310، 311).

(5)

مسند أحمد (2/ 417) ولفظه: دم عفراء أحب إليَّ من دم سوداوين، وأخرجه -أيضًا- الحاكم (4/ 227) وسكت عنه. وحسنه الألباني في "الصحيحة"(4/ 475، 476).

(6)

"الفروع"(3/ 540).

(7)

ابن ماجه، في الأضاحي، باب ما تجزئ من الأضاحي (2/ 1049) عن أم بلال بنت هلال عن أبيها، بلفظ: يجوز.

ص: 628

(وتجزئ الشاة عن واحد) وعن أهل بيته وعياله، نصًّا (1)، لحديث أبي أيوب: كان الرجل في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون، ويطعمون (2).

(و) تجزئ (البدنة والبقرة عن سبعة) روي عن علي، وابن مسعود، وابن عباس، وعائشة (3). لحديث جابر: نحرنا بالحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة (4)، ويعتبر ذبحها عنهم، نصًّا (5)، لحديث:"إنما الأعمال بالنيات"(6) وسواء أرادوا كلهم قربة، أو أراد بعضهم قربة، وبعضهم لحمًا.

وجذع ضأن أفضل من ثني معز، والواحدة من الضأن أو المعز أفضل من سُبع بدنة أو بقرة. وتجزئ جماء (7)، وبتراء (8)، وصمعاء (9)، وخصي، ومرضوض الخصيتين، لأنه صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين موجوءين (10) والوجاء رضُّ

(1)"الفروع"(3/ 541).

(2)

الترمذي، في الأضاحي، باب ما جاء أن الشاة الواحدة تجزئ عن أهل البيت (4/ 91) وابن ماجه، في الأضاحي، باب من ضحى بشاة عن أهله (2/ 1051) قال الترمذي: حسن صحيح. اهـ

(3)

قال البيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 295): وروينا عن علي، وحذيفة، وأبي مسعود الأنصاري، وعائشة رضي الله عنهم أنهم فالوا: البقرة عن سبعة. اهـ وأثر ابن عباس: رواه ابن أبي شيبة (الجزء المفقود ص 95).

(4)

مسلم، في الحج (2/ 955).

(5)

"الفروع"(3/ 541).

(6)

تقدم تخريجه (ص 53).

(7)

التي لم يخلق لها قرن "المطلع"(ص 205) و"طلبة الطلبة"(ص 230).

(8)

بوزن حمراء: المقطوعة الذنب "المطلع"(ص 205).

(9)

صغيرة الأذن "القاموس"(ص 954) ..

(10)

أبو داود، في الضحايا، باب ما يستحب من الضحايا (3/ 231) عن جابر قال: ذبح النبي صلى الله عليه وسلم يوم الذبح كبشين أقرنين أملحين موجئين. وأخرج ابن ماجه، في الأضاحي =

ص: 629

الخصيتين (1)، ولأن الخصاء أذهب عضوًا غير مستطاب، يطيب اللحم بذهابه، ويسمن، فإن قطع ذكره مع ذلك لم يجز، وهو الخصي المجبوب.

ويجزئ من إبل، وبقر، وغنم، ما خلق بغير أذن، أو ذهب نصف أليته فما دونه (2)، وكذا الحامل (ولا تجزئ هزيلة) لا مخ فيها (و) لا (بينة عور) بأن انخسفت عينها، للخبر (3)، (أو) بينة (عرج) لا تطيق مشيًا مع صحيحة، ولا مريضة بينة مرض، وهي التي فسد لحمها، بجرب، أو غيره (ولا ذاهبة الثنايا) من أصلها، وهي: الهتماء (أو) ذهب (أكثر أذنها أو) أكثر (قرنها)، لحديث علي: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يُضحى بأعضب الأذن والقرن. قال قتادة: فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب، فقال: النصف فأكثر. رواه الخمسة (4). ولأن الأكثر كالكل.

ولا تجزئ الجداء، وهي: جافة الضرع. ولا عصماء، وهي: التي

= (2/ 1043، 1044) عن أبي هريرة، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يضحي اشترى كبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موجوءين. . . الحديث. وفي الباب أحاديث عن جماعة من الصحابة. ينظر:"التلخيص الحبير"(4/ 155).

(1)

"القاموس"(ص 70).

(2)

في الأصل: مما دونها. والمثبت من "شرح المنتهى"(2/ 78).

(3)

أبو داود، في الضحايا، باب ما يكره من الضحايا (3/ 235) والترمذي، في الأضاحي، باب ما لا يجوز من الأضاحي (4/ 85) والنسائي، في الضحايا، باب ما نهي عنه من الأضاحي (7/ 214، 215) عن البراء بن عازب مرفوعًا، قال:"لا يضحى بالعرجاء بيَّن ظلعها، ولا بالعوراء بين عورها، ولا بالمريضة بين مرضها، ولا بالعجفاء التي لا تنقي". قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

ينظر: "التلخيص الحبير"(4/ 154).

(4)

أبو داود، في الضحايا، باب ما يكره من الضحايا (3/ 238، 239) والترمذي، في الأضاحي (4/ 90) والنسائي، في الأضاحي، العضباء (7/ 217) وابن ماجه، في الأضاحي، باب ما يكره أن يضحى به (2/ 1051).

قال أبو داود عقبه: جُريٌّ سدوسيٌّ بصري لم يحدث عنه إلا قتادة. اهـ

ص: 630

انكسر غلاف قرنها. وتكره معيبة إذن بخرق، أو شق، أو قطع لنصف فأقل. لحديث علي: أمرنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين، والأذن، وأن لا نضحي بمقابلة، ولا مدابرة، ولا خرقاء، ولا شرقاء. قال زهير: قلت لأبي إسحاق: ما المقابلة؟ قال: يقطع من طرف الأذن، قلت: فما المدابرة؟ قال: يقطع من مؤخر الأذن، قلت: فما الخرقاء؟ قال: تشق الأذن، قلت: فما الشرقاء؛ قال: تشق إذنها للسِّمة" (1). رواه أبو داود. وهذا نهي تنزيه، فيحصل الإجزاء بها، لأن اشتراط السلامة من ذلك يشق، ولا يكاد يوجد سالم من ذلك كله.

(والسنة نحر إبل قائمةً معقولةً يدها اليسرى) بأن يطعنها بنحو حربة في الوهدة، وهي ما بين أصل العنق والصدر. لحديث زياد بن جبير، قال: رأيت ابن عمر أتى رجلًا أناخ بدنة لينحرها، فقال: ابعثها قائمة، مقيدة، سنة محمد صلى الله عليه وسلم" (2). متفق عليه. وروى أبو داود عن عبد الرحمن بن سابط: أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليسرى، قائمة على ما بقي منها من قوائمها (3)، ويؤيده {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} (4)، لكن إذا خشي أن تنفر أناخها.

(و) السنة (ذبح غيرها) أي غير الإبل، وهي: البقر والغنم علي جنبها الأيسر، موجهة إلى القبلة، لقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} (5)،

(1) أبو داود، باب ما يكره من الضحايا (3/ 237، 238) وفيه: فلت: فما الشرقاء؟ قال: تشق الأذن، قلت: فما الخرقاء؟ قال: تخرق أذنها للسمة.

وينظر: المصادر السابقة في الحديث المتقدم، فإنها قد خرجت هذا الحديث. قال البخاري في "التاريخ الكبير" (4/ 230): لم يثبت رفعه. اهـ

(2)

البخاري، في الحج، باب نحر الإبل مقيدة (2/ 185) ومسلم، في الحج (2/ 956).

(3)

أبو داود، المناسك، باب كيف تنحر البدن (2/ 371).

(4)

سورة الحج، الآية:36.

(5)

سورة البقرة، الآية:67.

ص: 631

ولحديث: "ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده"(1).

ويجوز نحر ما يذبح، وذبح ما ينحر، ويحل، لأنه لم يجاوز محل الذبح، ولعموم حديث:"ما أنهر الدم، وذكر اسم اللَّه عليه، فكل"(2)، ويسمي وجوبًا، حين يحرك يده بالفعل، وتسقط سهوًا (فيقول: بسم اللَّه) ويكبِّر ندبًا، ويقول:(اللهم هذا منك ولك) ولحديث ابن عمر مرفوعًا: "ذبح يوم العيد كبشين" ثم قال حين وجههما: "وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للَّه رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين، بسم اللَّه، اللَّه أكبر، اللهم هذا منك ولك"(3). رواه أبو داود.

ولا بأس بقول الذابح: اللهم تقبل من فلان، لحديث تقبَّل من محمد، وآل محمد، وأمة محمد، ثم ضحى (4). رواه مسلم، ومن كون ذابح مسلمًا، لأنها قربة، ينبغي أن لا يليها غير أهلها، فإن استناب فيها ذميًّا، أجزأت مع الكراهة.

وتولي مضح بنفسه أفضل، نصًّا (5)، للأخبار (6)، ويحضر إن وكَّل، لحديث ابن عباس الطويل "واحْضرُوها إذا ذبحتم، فإنه يغفر لكم عند أول

(1) أخرجه البخاري، في الأضاحي، باب التكبير عند الذبح (6/ 238) ومسلم، في الأضاحي (3/ 1556).

(2)

البخاري، في الذبائح، والصيد باب ما أنهر الدم من القصب والمروة والحديد (6/ 226) ومسلم، في الأضاحي (3/ 1558) عن رافع بن خديج.

(3)

أبو داود، الضحايا، باب ما يستحب من الضحايا (3/ 231) عن جابر بن عبد اللَّه، وليس عن ابن عمر، وأخرجه -أيضًا- عن جابر، ابن ماجه، في الأضاحي، باب أضاحي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (2/ 1043).

(4)

مسلم، في الأضاحي (2/ 1557).

(5)

"شرح منتهى الإرادات"(2/ 80).

(6)

كحديث أنس: أنه صلى الله عليه وسلم ذبحهما بيده. متفق عليه. وتقدم (ص 575).

ص: 632

قطرة من دمها" (1).

(وسن أن يأكل) من أضحيته (ويهدي ويتصدق أثلاثًا) أي: يأكل مع أهل بيته ثلثًا، ويهدي ثلثًا، ويتصدق بثلث (مطلقًا) حتى من أضحية واجبة، أو موصى بها على يديه، وحتى الإهداء لكافر من أضحية تطوع. قال الإمام أحمد (2): نحن نذهب إلى حديث عبد اللَّه: يأكل الثلث، ويعطي من أراد الثلث، ويتصدق بالثلث على المساكين. قال علقمة (3): بعث معي عبد اللَّه بهدية، فأمرني أن آكل ثلثًا، وأن أرسل إلى أخيه بالثلث، وأن أتصدق بثلث. وهو قول ابن مسعود، ولقوله تعالى:{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} (4)، والقانع: السائل. والمعتر: الذي يعتريك (5)، أي: يتعرض لك لتطعمه، ولا يسأل، فذكر ثلاثة فينبغي أن تقسم بينهم أثلاثًا، ولا يجب الأكل منها.

وإذا ضحى ولي اليتيم عنه فلا يهدي منها، ولا يتصدق بشيء، ويوفرها له، لأنه ممنوع من التبرع من ماله.

(و) سن (الحلق بعدهما) أي بعد ذبح أضحية. قال أحمد (6): على ما فعل ابن عمر، تعظيمًا لذلك اليوم. ولأنه كان ممنوعًا من ذلك قبل أن يضحي، فاستحب لذلك بعده، كالمحرم.

(1) لم أجد من خرجه عن ابن عباس. وإنما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: يا فاطمة، قومي فاشهدي أضحيتك فإنه يغفر لك بأول قطرة تقطر من دمها كل ذنب عملته. أخرجه الحاكم (4/ 222) والبيهقي (5/ 239، 9/ 283) عن عمران بن حصين. ورواه عبد الرزاق (4/ 388) عن الزهري مرسلًا.

(2)

"الشرح الكبير"(9/ 422، 423).

(3)

ترجمة علقمة.

(4)

سورة الحج، الآية:36.

(5)

"المصباح المنير"(2/ 710).

(6)

"شرح منتهى الإرادات"(2/ 88).

ص: 633